الأديب الإماراتى جمال بن حويرب لـ «الأهرام»: توقف صدور المجلات الأدبية والثقافية أعاق تحصيل المعرفة

مقالات متنوعة

 998 عدد المشاهدات

حوار ــ عطا عبدالعال

أكد الأديب الإماراتى جمال بن حويرب الرئيس التنفيذى لمؤسسة محمد بن راشد للمعرفة أن الدور الريادى لمصر على الصعيد الثقافى لم يغب عربيا،  وإنما الأدوار الثقافية أصبحت مشتركة بين بلدان عربية كثيرة.

وشدد بن حويرب على حاجة العرب الملحة حاليا لتعزيز ونشر وإنتاج الثقافة والمعرفة لمواجهة الحالة المأساوية الحالية التى يعيشها العالم العربى على صعيد العنف والإرهاب والتطرف، ويعتقد بن حويرب أن توقف صدور كثير من المجلات الأدبية والثقافية فى العالم العربى قد أضر بنشر وتحصيل المعرفة، كما يرى أن تعاطى الأديب والفنان مع الأحداث التى يمر بها وطنه يحتاج إلى وقت أطول حتى تأتى النتائج على مستوى الحدث، مشيرا إلى عبثية ما يسمى بـ ( ثورات الربيع العربى) ويؤكد بن حويرب أن مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة قد نجحت فى إطلاق مبادرات ومشاريع ثقافية كبيرة حققت نتائج مبهرا عالميا وعربيا ومنها برنامج دبى للكتابة وتبادل الكتب، وألمح إلى حرص المؤسسة على إنشاء ناد للكتاب مخصص للسيدات فى العالم العربى واختتم حديثه بقوله : لقد صححنا الإحصاءات السابقة عن معدلات القراءة فى الدول العربية وتبين أن معدلات القراءة عند الإنسان العربى تصل إلى 35 ساعة سنويا وأنه لا توجد علاقة بين معدلات القراءة ودخل الفرد .

مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ما الهدف الذى أنشئت من أجله ؟

منذ تأسيسها، عملت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة على إطلاق مبادرات ومشاريع تستهدف المنطقة العربية والعالم ككل، حيث إن نشر المعرفة وتطوير مساراتها هو أحد الأهداف الرئيسة للمؤسَّسة، وإذا ما نظرنا إلى أرض الواقع فسنجد على سبيل المثال وليس الحصر مشروعيْ مؤشر المعرفة العربي، ومؤشر القراءة العربي، وكلاهما نجحا فى رصد واقع القراءة والمعرفة فى المنطقة العربية، وبات من السهل تحديد أوجه القصور فى هذه المجالات فى كل بلدٍ عربي، وكما نعلم فإنَّ التشخيص الصحيح هو نصف العلاج، ومثل هذه المؤشرات تسهم فى توجيه عمليات التطوير نحو الاتجاه الصحيح لمعالجة القصور وبالتالى القدرة على التحسين والتطور.

نهاية العام الماضى أعلنت المؤسسة عن نتائج مؤشرات القراءة فى العالم العربى لعام 2016 ما تعليقك على هذه النتائج فى ضوء المعدلات العالمية للقراءة بين شعوب الدول المتقدمة؟

لا شكَّ أنَّ النتائج التى أظهرها مؤشر القراءة تعتبر جيدة بالنظر إلى الأرقام المغلوطة التى كانت متداولة سابقاً حول معدل القراءة فى العالم العربي، فقد أكَّدت نتائج مؤشر القراءة العربى عدم صحة الأرقام والإحصاءات السابقة حول وضع القراءة فى العالم العربي، والتى كانت ضعيفة التوثيق ولا تتمتَّع بمنهجيَّة صريحة فى آلية طرحها. وأظهرت النتائج أنَّ متوسط عدد ساعات القراءة سنوياً لدى الإنسان العربى يصل إلى 35 ساعة، كما أنَّ متوسط عدد الكتب التى يقرؤها العرب سنوياً يصل إلى 17 كتاباً سواءً تلك المرتبطة بمجال الدراسة والعمل أو خارجها ومقسمة إلى 11 كتاباً باللغة العربية و 6 كتب بلغات أجنبية أخرى. فيما كانت الأرقام السابقة تشير إلى أنَّ الإنسان العربى يقرأ 6 دقائق فقط سنوياً، وهنا نرى حجم الفرق الكبير بين نتائج المؤشر وما كان متداولاً فى السابق. وقد حلَّت لبنان فى المرتبة الأولى فى مؤشر القراءة، وجاءت مصر فى المرتبة الثانية.

وهل ترتبط معدلات القراءة فى الدول بمعدلات دخل الفرد أو بمعدلات الغنى والفقر وبخاصة فى الدول العربية؟

لا أعتقد أن معدلات القراءة ترتبط بشكل مباشربمعدل دخل الفرد، خاصة إذا نظرنا إلى نتائج بعض الدول التى لا تعد دولاً غنية فسنجد أنها من الدول التى حققت نتائج مبشرة فى نسبة القراءة لدى سكانها، كما أنَّ وسائل القراءة أصبحت فى عصرالثورة الرقمية متاحة بمختلف الأشكال والقنوات.

بعد مرور أكثر من 3 سنوات على انطلاق برنامج دبى الدولى للكتابة من أجل تمكين الشبان العرب الموهوبين فى الكتابة العلمية والأدبية من الوصول للعالمية.. ما هى النتائج التى تحققت على أرض الواقع ؟

لقد حقَّق برنامج دبى الدولى للكتابة بفئتيه الكتابة وتبادل الكُتَّاب نتائج مبهرة منذ إنطلاقه ونجح فى تقديم برامج تدريبية وورش عمل غنية ومركزة فى مجالات الكتابة المختلفة، بهدف دعم وصقل المواهب العربية وغير العربية واطلاق العنان لها، وإيصال نتاجاتها إلى جميع أنحاء العالم.

أهتمت مؤسستكم بإنشاء أول نادٍ ثقافى من نوعه فى العالم العربى للسيدات تحت عنوان إستراحة سيدات، كيف يمكن للسيدات فى الدول العربية الإستفادة من برامج هذا النادي؟

مبادرة «إستراحة سيدات» هى عبارة عن نادى كتاب مخصَّص للسيدات فى دولة الإمارات والعالم العربي، يهتم بنشر الثقافة والمعرفة لديهن، من خلال تعزيز ثقافة وعادة القراءة لدى المرأة العربية بإختلاف ظروفها اليومية أوعمرها. وتهدف المبادرة إلى تحفيزالعضوات الكاتبات، ومَن لديهن ملكة الكتابة على إنتاج أعمال مميزة، وعقد ورش تدريبية فى الكتابة الإبداعية. وتعتمد ( إستراحة سيدات ) على الترويج لنشاطاتها من خلال تسخير كافة وسائل وقنوات التواصل الإجتماعي، وبالتالى يمكن لأى سيدة فى العالم أن تنضم إلى جلسات «استراحة سيدات».

كيف يمكن للثقافة أن تصبح سلاحاً فى مواجهة الإرهاب؟

للثقافة دور مهم ومحورى فى مواجهة الإرهاب، ولعله الدور الأهم عبر نشر قيم الوسطية والتعايش مع الآخرين من خلال إصلاح الخطاب الدينى والترويج للصورة الإيجابية والتعاليم السمحة للدين الإسلامي، إلى جانب دعم المؤسَّسات الدينية الوسطية التى تسعى إلى إبراز الدور الحضارى للدين الإسلامى ودعوته الدائمة إلى التعايش السلمى بين الحضارات والشعوب، وبناء علاقات قائمة على مبادئ الإنسانية والتسامح.

كيف باتت العلاقة الآن بين الشاعر ووطنه على صعيد الشعر وبخاصة فى البلدان التى شهدت أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربى وتداعياتها؟

بعيداً عن مسمى «الربيع العربي» الملتبس، والذى يحيل إلى تفسيرات متعددة ومتناقضة الأهداف والغايات، وما آل إليه هذا الحراك من كوارث لحقت بالمجتمعات العربية، فإن علاقة الشاعر بوطنه غير قابلة للتقلبات أو التغيير بسبب حدثٍ هنا أوهناك.

غياب وتوقف صدور الكثير من المجلات الأدبية والثقافية فى مصر وبعض الدول العربية منذ نشوب حرب الخليج الأولى حتى الآن كيف كانت أضراره بالحركة الثقافية فى الوطن العربي؟

هذا سؤال مهم، لأننا نذكر فى مرحلة من المراحل كيف لعبت المطبوعات الأدبية والثقافية دوراً مهماً وكبيراً فى تشكيل عقول ووجدان أجيال، ومنها مجلة العربي، وغيرها من المطبوعات التى كانت تصل الوطن العربى كله من الكويت على سبيل المثال، ومنها المسرح العالمى وعالم الفكر وعالم المعرفة، وفى مصر مجلة القاهرة وقبلها سلسلة روايات الهلال، ومجلة الشعر، وغيرها الكثير،هذه المطبوعات لا تزال حاضرة فى ذاكرة أجيال عربية تدين لها بالمعارف التى حصلت عليها منها، ولذلك فإن تراجع هذه المطبوعات وغيابها أثر تأثيراً كبيراً سلبيا فى انتشار المعرفة وتحصيلها، ولكننا الآن أمام وسائل عصرية تعوض هذه الغياب الورقى، وأعنى به الإنترنت، والمواقع الثقافية والمعرفية الجادة والرصينة، وعلى المؤسَّسات الثقافية والعلمية والتاريخية أن تستغلَّ هذا الفضاء الإلكترونى فى نشر المعرفة، وتنوير الشباب خاصة بقيم التعلم والتثقف والسلام والتعايش مع الآخر، فالثقافة هى الملاذ لمواجهة قوى الظلام والعنف.

صحيفة الأهرام

تاريخ النشر: 16‏/07‏/2017