1,656 عدد المشاهدات
مدارات ونقوش – دبي
أكد المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أنَّ «العربية» لغة علم ومعرفة وابتكار، وأنها بقيت سائدة في هذا المجال ستة قرون، قبل أن تحلَّ مكانها اللغة الإنجليزية، ومنذ قرنين فقط. وقال: إنَّ على المخلصين والمجتهدين من أبناء لغة الضاد، العمل على إعادتها إلى ما كانت عليه، وإنَّ إطلاق دولة الإمارات لمبادرة «بالعربي»، يصبُّ في هذا المجال. وها هم علماؤها يعملون بكل جد واجتهاد لإعادة الاعتبار للغتهم الأم في المحافل الدولية العلمية، وفي مجال الابتكار، ولعلَّ دأبهم على تسجيل إنجازاتهم في مجال «الحمض النووي وما فوقه» باللغة العربية، وإصرارهم على أن تكون لغة أساسية في هذا المجال خير شاهد على ذلك.
وفي أمسية نظَّمها مركز جمال بن حويرب للدراسات بعنوان (اللغة العربية والابتكار «الحمض النووي نموذجاً»)، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أشاد المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بجهود الدكتورة مريم مطر، مؤسسة جمعية الإمارات للأمراض الجينية، والرائد الدكتور راشد حمدان الغافري، رئيس مجلس علماء شرطة دبي ورئيس قسم البيولوجي والحمض النووي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، وأمين سر مجلس دبي لمستقبل أمن المجتمع، كونهما من العلماء العرب الذين يعملون على ترسيخ «العربية» لغةً أساسيَّةً في المؤسَّسات والمحافل العلمية والابتكارية العالمية.
لغة العلوم
بدأت الدكتورة مريم مطر الحديث قائلة: إنَّ اللغة هي التي تمكِّن الكائن البشري من الحديث، وبواسطة اللغة تنتقل المعارف والابتكارات بين الأمم والشعوب. وقد كانت لغتنا العربية، هي السائدة في مجال العلوم والمعرفة والاختراع لقرون عدة.
ثمَّ انتقلت إلى الحديث عن الأمراض الوراثية، مُعَرِّفَةً المرضَ الوراثيَّ بأنه حالة مرضية ناتجة عن خلل أو اضطراب في الجينات أو الكروموسومات في الفرد، بسبب ظروف بيئية ولم يرثه من أحد الوالدين.
ويمكن لبعض هذه الأمراض الانتقال من جيل إلى آخر. مؤكدة أنَّ الإنسان يحمل 46 كروموسوماً، منها 23 من الوالد، و23 من الأم.
وأوضحت أنَّ اكتشاف الأمراض الجينية في الأجنة بصورة مبكرة يقي من الأمراض الوراثية ويشخِّصها، ويحمي من التشوه الجنيني، ويقلِّل من نسبة الخطورة على حياة الأم، كما يساعد على اتخاذ القرار الطبي مبكراً في الإطار الشرعي، وهذا يحمي الأم والطفل.
علم فوق الجينات
وقالت د. مريم: إنَّ علم فوق الجينات علم حديث، لا يتجاوز عمره الخمسين عاماً، لكننا تعمقنا فيه منذ 20 عاماً فقط.
وأشارت إلى أنه تمَّ اكتشاف 202 نوع من الأمراض الوراثية الأولية والتركيز على الأمراض التي يمكن الوقاية، ومنها أمراض الدم الوراثية والسرطان والخرف الوراثي واكتشاف موقع الجينة على الكروموسوم والفحص الجيني قبل الحمل أو أثناء الحمل.. موضحة أنَّ من أهم أسباب الأمراض الوراثية زواج الأقارب والنمط المعيشي والبيئة المحيطة.
وتطرَّقت إلى تفصيل الجينات ودورها في صياغة حياة الإنسان.. مشيرة إلى أنه بفضل الله توصَّل العلماء إلى خريطة شاملة للجينات مكَّنت الأطباء من القدرة على إجراء الفحوصات الدقيقة والمتخصصة في مجال الأمراض للوقاية منها ومعالجتها. كما أوضحت أنَّ للأم دوراً كبيراً في ذلك، وتطرَّقت إلى تكوين الجينات ومسؤولية كل جزء.
الوقاية خير من العلاج
وبيَّنت المحاضرة أهمية إجراء الفحوصات للوقاية منها.. مشيرة إلى أنها ستوفِّر على الدولة ملايين الدراهم التي تكلفها في الرعاية الصحية والعلاج.
وأوضحت أنَّ الجمعية قامت بفحص 33211 مواطناً ومواطنة للأمراض الوراثية الثلاثة الأكثر انتشاراً في الدولة، كما قامت بأخذ 9000 عينة من الحمض النووي، إضافة إلى تدريب 537 طالباً وطالبة في تخصص العلوم الجينية من 17 جامعة حكومية وخاصة في الدولة.
واختتمت الدكتورة مريم حديثها بتقديم عرض عن جمعية الإمارات للأمراض الجينية التي يرأسها ويدعمها معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح. مشيرة إلى أنَّ الجمعية أُنْشِئَت لتكون صدقة جارية على روح القائد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه.
دعم مبادرة بالعربي
وتحدث الرائد الدكتور راشد حمدان الغافري، مؤكداً أنه انتصاراً للغة العربية، ولإعادة الاعتبار لها كلغة علم وابتكار، تمَّ تشكيل مجموعة عمل للمتحدثين باللغة العربية في مجال البصمة الوراثية والجين الوراثي، ونتطلَّع إلى أن تتمكَّن هذه المجموعة من توحيد المصطلحات العلمية في هذه المجالات لنتمكَّن من كتابة أبحاثنا باللغة العربية، بحيث ندفع الآخرين إلى ترجمة أبحاثنا للاستفادة منها، تماماً كما نقوم نحن بترجمة أبحاثهم إلى لغتنا.
وأكد أنه تمَّ تشكيل 12 مجموعة عمل دولية تسعى إلى توحيد المصطلحات في مجال البصمة الوراثية، إحداها ستكون باللغة العربية، أسَّستها القيادة العامة لشرطة دبي تحت مظلة الجمعية العالمية لخبراء تطبيقات الحمض النووي في المجال الجنائي، وذلك خلال مؤتمر الجمعية الثامن والعشرين الذي عُقِد في جمهورية التشيك، بما يدعم مبادرة الحكومة في تعزيز مكانة اللغة العربية بين لغات العالم من خلال مبادرة «بالعربي» التي تمَّ إطلاقها من قِبَل مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
وقال الغافري: إنَّ إنشاء هذه المبادرة يأتي دعماً لمبادرة «بالعربي»، التي تهدف إلى حث كافة فئات المجتمع من جميع أنحاء العالم على استخدام اللغة العربية، والمحافظة عليها من خلال إبراز جماليتها وسلاسة استخدامها بشكل يومي في شتى مجالات الحياة، كما أنها تأتي في إطار حرص شرطة دبي على الحفاظ على استخدام اللغة العربية في إجراءاتها ومعاملاتها دعماً للهوية الوطنية.
وأوضح الرائد الغافري أنَّ المجموعة تضمُّ خبراء في تطبيقات الحمض النووي من مختلف دول العالم تحت مظلة الجمعية، ما يؤدي إلى تعزيز اللغة العربية في المجالات العلمية المتخصصة كمجال الحمض النووي، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات موحدة للمصطلحات العربية المتخصصة في مجال الحمض النووي.
وبيَّن الرائد الغافري أنَّ المجموعة تضمُّ أكثر من 76 عضواً فعالاً من مختلف الدول العربية، إضافة إلى بعض الجنسيات الأخرى التي تهتم وتتحدث باللغة العربية، مشيراً إلى أنَّ المجموعة تسعى لضم أكبر عدد من الجنسيات بهدف دعم اللغة العربية التي أصبحت إحدى اللغات التي تدعمها الجمعية العالمية لخبراء تطبيقات الحمض النووي في المجال الجنائي بجانب 12 لغة أخرى.
«البصمة الوراثية» بالعربية
وقال الرائد الغافري: إنَّ مجموعة اللغة العربية ستمكِّن الخبراء من عقد اللقاءات التي يتمُّ من خلالها مناقشة آخر المستجدات والتحديات في مجال البصمات الوراثية، والمشاركة في الأبحاث العلمية التي يتمُّ إعدادها على مستوى العالم في ذات المجال. وأضاف أنه يسعى منذ نحو عام إلى وضع كتاب عن علم البصمة الوراثية والجين الوراثي باللغة العربية، لكنه يواجه تحديات كبرى في هذا المجال، وأنه مصمِّمٌ على تلافيها، انتصاراً للغة العربية.
واختتمت الجلسة بحوارات مفيدة شارك فيها كلٌّ من الأديب والكاتب الدكتور شهاب غانم، والباحث التراثي راشد بن هاشم، وآخرون، وأجاب المحاضران عن أسئلة الجمهور. ثمَّ كرَّم المستشار جمال بن حويرب المتحدثيْن، وسلَّم كلاً منهما درع المركز.
المحاضران في سطور
الرائد الدكتور خبير راشد حمدان الغافري
– رئيس مجلس علماء شرطة دبي ورئيس قسم البيولوجي والحمض النووي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، وأمين سر مجلس دبي لمستقبل أمن المجتمع. متخصص في مجال (الجينوم) وحاصل على براءة اختراع من منظمة «ويبو» (WIPO). وهو عضو فعّال في (12) فرقة عمل متنوعة وتضمُّ مجالس إدارة ولجاناً في مجال العلوم الجنائية والأمن البيولوجي والمجتمع. وله العديد من الأبحاث العلمية المحكمة، وعضو هيئة تدريس بجامعة الإمارات وفي أكاديمية شرطة دبي، وأستاذ مساعد في جامعة بوند الأسترالية، وقد نال العديد من الجوائز والأوسمة والميداليات على المستويات المحلي والإقليمي والعالمي. كما أنه خريج برنامج القيادات المؤثرة لعام 2018 وبرنامج قيادات مجتمعية في مركز محمد بن راشد لإعداد القادة.
الدكتورة مـــريـــم مـــطـــر
إحدى رائدات العلوم الجينية في دولة الإمارات والعالم العربي، وواحدة من 20 عالمة مسلمة الأكثر تأثيراً في المجتمع العلمي الدولي بتصنيف المجلس العلمي البريطاني. خريجة برنامج الشيخ محمد بن راشد لإعداد القادة/ الدفعة الثانية. أول إماراتية تشغل منصب وكيل أول وزارة الصحة عام 2006. كما أنها قائد الفريق التنفيذي «خطة دبي 2016-2007» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عام 2007، وأول إماراتية تشغل منصب مدير عام في حكومة دبي بهيئة تنمية المجتمع 2008. شغلت منصب نائب الرئيس في مؤسسة دبي للعطاء منذ تأسيسها ولمدة 11 عاماً، وأسَّست جمعيتين ذواتي النفع العام «جمعية الإمارات لمتلازمة داون»، و«جمعية الإمارات للأمراض الجينية». نشرت بحوثاً ودراسات مع نخبة من أهم العلماء الدوليين وبأفضل المجالات الطبية في العالم، ونالت العديد من الجوائز والألقاب.