برنامج «سواحل عمان» عندما يكون الإعلام حقداً وجهلاً

مجلة مدارات ونقوش - العدد 30 - 31 هالات

 1,790 عدد المشاهدات

الكاتب : جمال بن حويرب

‪منذ سقوط كرسي حاكم قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عام 1995 على يد ابنه العاق محب الخراب والدمار للوطن العربي، في ذلك اليوم حجزت دولة قطر لنفسها تذكرة ذهابٍ بغير عودة لتنفيذ أجندة شخص عقَّ والده وطرده من أرضه، وألقى بأصحابه وحراسه في أتون السجون، وحالف الشياطين ليبقي كرسيه المسروق، وكأنه هذه الأبيات الرجزية التي تقول:

ربيته حتى إذا تمعدداوآضَ نهداً كالحصان أجرداكان جزائي بالعصا أن أجلدا

‪ولم يكتفِ بذلك وعقوقه لوالده، بل بدأ في مشروعه التخريبي، فقام بتسهيل مهمات أعداء العرب لسقوطهم وتحويلهم إلى أمم فاشلة لينتقم من أعدائه ومن كلِّ من يُكنُّ لهم العداء، ويحقد عليهم لأسباب منها ضآلة حجم بلاده، وقلة عدد شعبه، وضعف حيلته، وعداؤه الغريب للمملكة العربية السعودية بعد حادثة تبادل إطلاق النار الحدودية في منطقة الخفوس عام 1992، فزيَّنت له نفسه طموحاً كبيراً ومشروع فساد عظيم، فهو كما قال المتنبي:

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونهوصدَّق ما يعتاده من توهمِوعادى محبيه بقول عداتهوأصبح في ليلٍ من الشك مظلمِ
 

‪فلم يجد طريقاً أقصر وأسهل وأشد تأثيراً من الإعلام والتحالف مع كلَّ مجرم حاقد، وقد وجد ضالته في ابن عمه مدير الحيل والمؤامرات، فأشار عليه أن يذهب إلى بريطانيا ليشتري من «بي بي سي» قناتها الوليدة الناطقة باللغة العربية، التي كان يموِّلها الأمير الوليد بن طلال، فلما أعلنت أنها ستقوم بمقابلة بعض المعارضين للمملكة العربية السعودية -حماها الله- أعلن الأمير بأنه سيوقف تمويله إذا بثوا المقابلة، لكنهم بثّوها رغم تحذير مموّلها، فأوقفَ الدعم. بعدها أعلنت بي بي سي أنها ستغلق القسم العربي، الذي كان يبث مواده على البي بي سي لساعات معدودة، وذلك في أبريل عام 1994، فأسرع الخطى نحوهم المنقلب على والده، فاشتراها منهم، حتى الطاولات لم يتركها، بل شحنها من لندن، كما أخبرني أحد المحاسبين ممن عمل معهم، وكان هذا اليوم المشؤوم يوم سعادة لهذا الشيخ الذي يحلم بتدمير الشعوب، حيث ضمن أنَّ عقارب وأفاعي الإعلام من عربٍ وأجانب سيكونون تحت ظله وظل إدارته غربان الدمار الشامل للوطن العربي


لقاء مع حمد بن خليفة عندما كان ولياً للعهد مع القسم العربي لـ«بي بي سي» 16 فبراير 1995 التي اشتراها بعد سنة

قناة الكذب

هكذا تكوَّنت قناة الكذب والخيانة والفتنة. ولديَّ مجموعة وثائق عنها سأفرد لها مقالات خاصة لإثبات أنها وجدت في عام 1996 لتثير الفتن والقلاقل والفساد بين العرب، وتدمر أوطانهم؛ لأنها الوحيدة التي لا حدود لها في الكذب والغدر وإثارة الأحقاد والنعرات والغل بين الناس مدعومة حينها من القناة البريطانية؛ فقد قال لي مدير إذاعة بي بي سي عندما زرتهم عام 1998 في بوش هاوس، أي بعد أقل من سنتين من انطلاق قناة الكذب «الجزيرة»: لا داعي لأن تأتي إلينا لطلب أفلام؛ يمكنك طلب ما تشاء من شريكتنا الجزيرة.

 كلما عادت بي الذاكرة إلى تلك القناة البريطانية الإخبارية الناطقة باللغة العربية بتمويل أمير سعودي وبرامجها ومذيعيها الذين لا يزال بعضهم يعمل في قناة مشروع تدمير الوطن العربي «الجزيرة»، وكلما تذكرت تلك الأيام قلت: لو لم يوقِف الأمير دعمه لتلك القناة واستمرت هل سيكون تأثيرها في عقدين ونصف العقد مثل تأثير قناة الفتنة «الجزيرة» في الشباب العربي الساذج؟ هل ستلعب بي بي سي العربية الممولة سعودياً حينذاك كما لعبت الجزيرة منذ 1996م بعقول العرب في ساحة إعلامية خالية من القنوات المنافسة في موضوعها وأسلوبها وحريتها، فهي تهاجم مَن تشاء، وتناقش ما تشاء، وتبثُّ كلَّ ما يفيد مشروعها من النقد المتتابع الممنهج الذي يملأ صدور الشباب غلاً وحقداً على حكّامهم وحكوماتهم والأعراق الإثنية فيما بينها في الدولة الواحدة، وإيقاظ كلِّ فتنة نائمة ممكنة صغيرة أو كبيرة على مدار 24 ساعة في سبعة أيام، وذلك لتدمير الدول العربية دولةً دولةً.

 وهذا ما حصل كما خُطِّطَ له بشرط الابتعاد عن كلِّ ما يمسُّ قطر ومشروعهم التدميري من تحالف مع الإخونجية وشياطين الإنس، للوصول إلى الغاية التي جُلِبَت من أجلها هذه القناة المشؤومة إلى خليجنا العامر بأهله الطيبين. ولكن العمل غير الصالح هو الذي أنتج ابناً عاقاً لأبيه ولأهله في الخليج العربي ولقوميته العربية! في الحقيقة لن يصل القسم العربي في الـ«بي بي سي» لو بقي حينها ولم ينقطع تمويله في عام 1994 إلا إلى أقل من 1٪ من التأثير الضخم، في عقدين ونصف العقد تحكَّمت هذه القناة الشريرة الخبيثة بعقول الشباب المحطَّم الذي يبحث عن شماعة ليعلِّقَ عليها آماله وآلامه.

وقود الفتنة

لا بدَّ أنَّ هناك من اكتشف في التسعينيات أنَّ العالم العربي يمثِّل فيه الشباب نسبة مرتفعة، وقد زادوا أخيراً؛ فعلم أنَّ قلة خبرتهم وضعف حيلتهم وقودٌ لناره التي يريد أن يوقدها تحت الحكومات المشغولة بتأمين لقمة العيش لشعوبها، وغافلة تماماً عمّا يُدبَّر لها من أطراف عدة تقاطعت مصالحهم؛ فكوَّنوا نقطة التقاء لأهدافهم التدميرية، فكانت أساس قناة فتنة تلعب بنفوس الشباب منذ نوفمبر 1996. فمن كان عمره في أول العشرينيات أصبح في الثلاثينيات عام 2011، فقام الشباب حينذاك بثورات مجنونة بقصد إسقاط الأنظمة العربية مصدر سعادة عاق والده في قطر، مع دعم كبير جداً بماله واتصالاته وقناته المشؤومة؛ فنجح في إسقاط الحكومات بتأجيج مباشر من بوق الفتنة «الجزيرة» مع مؤسَّسات حقوق الإنسان، وإدارة أوباما، ولعب شديد متتابع على نفوس السذج من الشباب العربي قليل الخبرة!

منذ عام 1996 لم تسلم دولة ولا شعب من شرور هذه القناة المشؤومة، ولا القطريون أنفسهم؛ فقد جلبت لهم المصائب من كلِّ صوب، وجعلتهم دولة منبوذة بين العرب. وقد عملت «الجزيرة» بكل مكر ودهاء بإنتاج برامج غريبة مؤثرة سلباً في الشباب العربي، وأدخلتهم في بحر من الإحباط الذي لا خلاص له إلا بالتغيير، وقد اكتمل عقد هذه المخطَّطات الشريرة بانتقال عزمي بشارة من الكنيست الإسرائيلي  إلى قطر عام 2007، وتحالفه مع أميرها العاق وابن عمه صاحب الحيل، فانتقلت «الجزيرة» إلى مستوى جديد من الخبث والتنظير، وبدأ عزمي بشارة بتأسيس فكرة أكاديمية التغيير بفكر حاقد خبيث لم أرَ شبيهاً له، وقد تمَّ تسريب بعض الفيديوهات من لقاءات الجزيرة يظهر فيها بشارة وهو يوجّه فيها المقدم ماذا يقول له؟ وماذا سيرد عليه؟

مدير المؤامرات

مما يدلُّ دون شكٍّ أنَّ بشارة صار يدير مؤامرات هذه القناة الماكرة، ثمَّ خرج بشارة وهو ينظِّر طيلة الوقت للربيع المشؤوم، مما يعرِّفنا عن دوره الخطير في تلك الأحداث التي تهاوت أثناءها حكومات عربية، وأُهْدِرَت دماءٌ بريئةٌ كثيرة، وهو وإن لم يكن دوره محورياً في هذه الأحداث، فهو يقيناً كان من موقدي هذه الفتن المدمرة في وطننا العربي منذ خروجه من وطنه، أعان في تدمير الوطن العربي، وأسهم في زيادة أعداد اللاجئين إلى أكثر من 10 ملايين لاجئ عربي، وهو مستمر لم يتوقَّف ولا يهدأ هو وحليفه العاق وآلاتهم الشريرة حتى ظهر من لا يمكن للشياطين في قطر  الوقوف أمامهما؛ المحمدان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي  وأخوه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، حفظهما الله وسدَّد خطاهما، آمين.

عندما عرض برنامج «سواحل عمان» الذي بثته قناة الكذب «الجزيرة»، قرأت تغريدة لأحد الإخوة العمانيين يقول فيها عن هذا البرنامج: قالت العرب: «ليس حباً في علي ولكن كرهاً في معاوية». الإمبراطورية العمانية عظيمة وشامخة وتبقى خالدة، ولكن لسنا بحاجة إلى هذه البرامج التي تزرع الفتنة، ستبقى العلاقات العُمانية الإماراتية قائمة ومتأصلة. 

كلام هذا الأخ العماني المثقف يمثّل حقيقة معظم الشعب العماني الكريم الذي يعرفنا ونعرفه، ونحن وهم حلف منذ غابر الزمن، لم ولن يتغيّر، ونفتخر جميعاً بأننا نعيش كلُّنا في إقليم عمان التاريخي، ولا نستحي من ذلك، وكانت منطقتنا أيضاً تسمى إقليم البحرين حسب التنظيمات الإدارية القديمة. 

فقد قامت في هذا الإقليم حضارات ودول منذ آلاف السنين، حتى جاء العصر الحديث، وتمَّ إنشاء سلطنة عمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، عندما كان يحكمها العقّال الكرام، ومشيخة البحرين التي أصبحت مملكة بعد استفتاء عام 2001؛ فهذه أيضاً يشملها مسمّى سواحل عمان. وفي عام 1820 عندما تمَّ توقيع المعاهدة العامة مع الإنجليز وقعت مع مشيخات الإمارات مشيخة البحرين بسبب الموقع الجغرافي الواحد، ولتشابه القبائل من عمان إلى البحرين. أما قطر، وإن قطنتها نفس القبائل، فلم تكن مشيخة حينها، بل تابعة لآل خليفة وبعضها تابع لآل نهيان.

خريطة تاريخية وُظِّفَت لأغراض خبيثة

جهل بالتاريخ

 من هنا نقول لقناة التزوير «الجزيرة» نحن دولة الإمارات العربية المتحدة، ولسنا ساحل عمان، وعمان الشقيقة هي سلطنة عمان وليست إمبراطورية، وأنت قناة تابعة لدولة ولم تعودي قرية صغيرة تابعة للبحرين، وشيوخك ومموّلوك أصبحوا شيوخاً وحكّاماً، وكانوا تبعاً للشيوخ قبل 141 سنة، وهم آخر مشيخة تكوّنت من مشيخات الخليج العربي بقوة الأتراك عندما عينوا جد العائلة قائمقام للدولة العثمانية، وقد فتحوا لهم صندوق الأموال، ثم لما وجد نفسه أنه يستطيع الانفصال انقلب عليهم وحاربهم، واستعان بالإنجليز عليهم وغدر بهم بعد أن أعانوه بالعسكر والسفن الحربية، فتسمية قناة التزوير «الجزيرة» برنامجها بسواحل عمان ازدراء وتنقيص من مكانة عمان ودورها العظيم خلال القرون الماضية، أما تركيزها على دولة الإمارات فهو جهل شديد بحقيقة التاريخ، وتكوّن المشيخات في الإمارات وسائر الخليج العربي، ولا عجب في ذلك لأن الجزيرة لم تنتج هذا البرنامج حباً في عمان، ولكن كرهاً وحقداً على دولة الإمارات التي أوقفتهم عند حدودهم هي والمملكة العربية السعودية، وأخذنا على يد العاق لكيلا يُغرق سفينة مجلس التعاون الخليجي، ولهذا لا يعرف العاق لأبيه ولأهله ولقوميته إلا توجيه أجهزته الإعلانية والإعلامية من مطبوع ومسموع ومرئي ضد السعودية والإمارات في سلسلة مترابطة من التزوير التاريخي والمهني والكذب على الجهّال.

 ولكن نحمد الله تعالى أنَّ أهلنا في سلطنة عمان أذكى من جزيرة الكذب بألف مرة، ولا تنطلي عليهم حيلها، وهم عانوا كثيراً منها ومن بثّها الفتن في عمان، بدعمها الأفكار الهدّامة، وتغذيتها في نفوس بعض الشباب قليل الخبرة، ولكن سرعان ما اكتشفوها بعد ذلك، وأصبحت العجوز الشمطاء الطرطبة «الجزيرة» عارية أمامهم.

مونتاج مؤدلج

وإن تسألني: ما بال المتحدثين في هذا البرنامج من أهلنا في عمان؟! فسأجيب: إذا كنت تعرف كيف يتم إنتاج البرامج فستعرف أنَّ في غرفة ما يسمّى «المونتاج» يتم حذف ما لا يراد من كلامهم، والإبقاء على ما يخدم رسالة البرنامج وفكرته، وإن كان برنامجاً خبيثاً مؤدلجاً مثل برنامج «سواحل عمان» فهذا سيكون مثل قول أبي نواس في أحد أبياته المنحرفة:

ما قال ربك ويلٌ للألى سكروا
وإنما قال ويلٌ للمصلينا

فهذا الحذف الذي يخدم مكرهم، ونحن لم نسمع جميع ما قاله هؤلاء الإخوة الذين أعرف بعضهم وارتباطهم ومودتهم للإمارات، فهذا مما لا شكَّ فيه. ولكن أعلم يقيناً بأنَّ كلامهم تمَّ بتره وتركيبه ناقصاً لتصل قناة التزوير لهدفها المضحك.

وإن سألت: هل هناك برامج أخرى بنفس الاسم؟ فالجواب: نعم، هناك برنامج آخر أنتجته الجزيرة عام 2014 باسم «سواحل عمان». 

لعل سائلاً يسأل: هل أزعجك هذا البرنامج المسمّى «سواحل عمان» حتى تكتب فيه كلَّ هذه المقالات، وأنت تعلم أنه من إنتاج قناة الكذب «الجزيرة»؟! وأقول له:

لا تهمني قناة الجزيرة ولا برامجها المزيفة وأخبارها الموجهة الممزوجة بالكذب الكثير والصدق القليل، ولكن ما جعلني أكتب ما كتبت هو وجود عدد من إخوتنا الباحثين العمانيين الذين أخذت منهم القناة ما تريد من حديثهم، وحذفت ما لا تريد، كما هي عادة القناة، ولا غرابة فيما تفعل وتزوّر، وإن فعلت غير ذلك فهناك نحتاج أن نأخذ إدارتها إلى المستشفى لفحص قواهم العقلية؛ لأنهم جُبلوا على المكر والخديعة والكذب وإثارة الفتن بين الناس والصيد في الماء الكدر منذ تأسيسهم عام 1996.

وكنت أحب مشاهدة «الجزيرة الوثائقية»، خاصة أنَّ من يشرف عليها هو عبد القادر الأرناؤوط، وقد عمل معي في بداية الألفية، وأعرف إخلاصه في العمل، ولكن عاد إلى الجزيرة وتولى بعض المهمات الإنتاجية فيها، منها إشرافه على حلقات هيكل وغيرها، هذا وقد جذبني برنامج «سواحل عمان» عام 2014 الذي أظهر المهارة العمانية في الرحلات البحرية للتجارة منذ العصور الأولى إلى العصر الحديث، ولم يتحدثوا عن دولة الإمارات، إنما كان حديثهم عن مناطق عمان وسواحل إفريقيا التي خضعت لهم مدة من الزمن، وكان برنامجاً جميلاً فيه كثير من المعلومات، وإن كنت أخذت عليهم بعض الأخطاء التاريخية، لكن ذلك لا يغض من جمال البرنامج، حتى جاءت سنة 2020 وبدأ بإنتاج فيلم جديد باسم «سواحل عمان» أيضاً، فلما بثته القناة وشاهدته وجدته أبعد ما يكون عن العلم والتوثيق، وإنما هو حلقة وثائقية لمهاجمة دولة الإمارات بأمر من الابن العاق لوالده وجيرانه وقوميته العربية، وعلى هذا فإنَّ فيلم سواحل عمان له نسختان؛ نسخة علمية مفيدة، ونسخة جديدة أنتجت من أَجل هدف سياسي خبيث لإذكاء مشاعر الحقد والضغينة، وإدخال من لا علم له في وهم كبير.


  شعار قناة الفتنة الوثائقية

أخطاء ومغالطات

«سواحل عمان» الجديد ملأه كاتبه ومخرجه بالأخطاء والمغالطات، ويظن أنَّ أهلنا في عمان من أصحاب المعرفة والعلم ستخدعهم ملامحه العمانية، ولكن هيهات هيهات؛ فقد امتلأ «تويتر» بالردود على البرنامج، مما يدل على معرفة ودراية، وهذا ما أثلج صدورنا والحمد لله.

هذا وسأجمل لكم بعض الأخطاء التي وقع فيها البرنامج بالتعاون مع د. حمادة هجرس فأقول:

•فيلم «سواحل عمان» لم يُشِر إلى قطر، وهي جزء لا يتجزأ من سواحل عمان، وإنما كان البرنامج موجهاً إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين فقط.

•المتحدثون الأجانب معرفتهم قليلة بتاريخ الإمارات، وأكثر معرفتهم بمرحلة حكم قابوس، وآخر سياسي أتى بالمضحكات من جهله.

•تغاضى الفيلم عن استضافة متخصصين من الدول التي أشير إليها كدولة الإمارات العربية المتحدة ودول شرق إفريقيا، وهو ما نعده تحيزاً لفكرة معينة سيطرت على البرنامج، حاولت «الجزيرة» من خلالها ترسيخها عبر تكرارها بطريقة سمجة.

•لم يُشِر الفيلم إلى انقسام السلطنة في أعقاب انهيار دولة اليعاربة عام 1741م، وانتقال الإمامة إلى أسرة السادة من آل بو سعيد، والتي شهدت انقساماً حاداً؛ فاحتفظ أحدهم بلقب الإمام واستقر في الأراضي العمانية الداخلية بعيداً عن الساحل، وعرف بإمامة  عمان، بينما استقرَّ الآخر في الساحل واتخذ من مسقط عاصمة لدولته، وعرف بسلطنة مسقط، وشهدت عمان منذ ذلك التاريخ صراعاً دموياً لم ينته إلا بوصول السلطان قابوس -رحمه الله – للحكم عام 1970م، ووحد عمان، وأصدر مرسوماً يقضي بتغيير اسم الدولة من سلطنة مسقط وعمان  إلى سلطنة عمان.

•على الرغم من أنَّ الفيلم معنون بسواحل عمان، فإنه لم يوثِّق تاريخ عمان قبل القرن 16م، بل وجَّه أسهمه نحو دولة الإمارات العربية المتحدة ليثبت أنها تابعة لسلطنة عمان، مع أنَّ التاريخ يصد هذه السهام الطائشة، مما يجعلنا متأكدين من نظرية أنَّ الفيلم سار في خط واحد، وهو إثارة الفتنة فقط.

•ذكرت قبيلة القواسم في فيلم «سواحل عمان» 25 مرة، وذكرت قبيلة بني ياس 5 مرات، وذكرت الفجيرة 10 مرات، وذكرت دبي مرة واحدة وغيرها من مناطق دولة الإمارات، مما يدلُّ على اتجاه البرنامج الخطأ ونيته سيئة الباطن؛ فقناة الكذب الجزيرة لا تحب عمان، بدليل أنها أهملت أهم تاريخها، ولكن تكره الإمارات، ولهذا وقعت في حفر الجهل والتخبط.

استخدام رسالة أثبت العلماء عدم صحتها
استخدام وثائق بريطانية مقتطعة لخدمة أهداف القناة الشريرة

مما سبق يتضح أنه، وعلى الرغم من أنَّ عنوان البرنامج الوثائقي هو «سواحل عمان» فإنَّ الهدف الخفي وراءه هو محاولة إيهام المشاهد أنَّ الإمارات العربية المتحدة كانت جزءاً من سلطنة عمان حتى سبعينيات القرن العشرين، وهذا منافٍ تماماً للتاريخ والوقائع، حيث قام الفيلم بتأويل الأحداث التاريخية تأويلاً جنونياً يخدم أهدافه الخبيثة الداعية للفتنة، وقد فشلوا لأنَّ التاريخ والناس والحقيقة تأبى ذلك، وقد ذهبت أموالهم هدراً.

وكان البرنامج جميلاً فيه سرد للسواحل العمانية بطريقة محترفة ومعلومات مفيدة، ولم يتطرَّق إلى الإمارات، وكل خريطة تمَّ استخدامها لم يكن بها تهجُّم على دولة الإمارات، بل حديث تاريخي عن القوة البحرية العمانية وطرق تجارتها والمهارات العمانية في البحار.