تاريخ الطوابع في الامارات في مركز بن حويرب للدراسات

block-2 مجلة مدارات ونقوش – العدد 14

 1,503 عدد المشاهدات

 

مدارات ونقوش – دبي

دعا المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، إلى إنشاء متحف للطوابع، كونه يشكِّل جزءاً من منظومة التطوُّر الحضاري والسياحي في الدولة.

واقترح أن تكون منطقة الشندغة التراثية التي تعدُّ أكبر متحف مفتوح في العالم، مقراً لهذا المتحف، إلى جانب سلسلة المتاحف التي تضمها المنطقة، كمتحف آل مكتوم، ومتحف بيت الشعر الذي يجري اليوم العمل على إنجازه، إضافة إلى “ساروق الحديد” و”معبر الحضارات” ومتحف العطور وسواها.

وارتأى بن حويرب، في مداخلة أدلى بها خلال محاضرة “تاريخ الطوابع في الإمارات”، التي نظَّمها مركز جمال بن حويرب للدراسات أخيراً، أن يكون في كل إمارة مقرٌّ لجمعية هواة جمع الطوابع في الدولة.

شارك في الأمسية المستشار والباحث التراثي عبدالله جاسم المطيري، والمهندس خالد علي العميرة، الباحث في الطوابع وتاريخها. بحضور عدد من المهتمين والأدباء، وأعضاء جمعية هواة جمع الطوابع في الدولة، وجمع من الإعلاميين والصحافيين.

قدم المحاضرة الكاتب والإعلامي حسين درويش، كما ذكر نبذة عن جهود المطيري والعميرة، في مسيرة هذه الهواية الحضارية.

الطوابع و”إكسبو 2020″

عبدالله المطيري الذي تطلق عليه الصحافة الإماراتية لقب “جامع التاريخ”، اقترح اعتماد مركز للطوابع والخدمات البريدية في معرض “إكسبو 2020″، في حين قال خالد العميرة: إنَّ أسعار الطوابع تعتمد على الطابع نفسه وتاريخ إصداره وتوافره في الأسواق، فكلّما كان الطابع نادراً، ارتفعت قيمته.

قال المطيري، وهو من أبرز هواة جمع العملات والطوابع: “إنَّ طابع البريد ليس مجرد قصاصة ورق صغيرة، وإنما ذاكرة، بما يحمله من صور وخطوط ورسوم تعريفية بالدولة المُصدرة”. مشيراً إلى أنَّ عملة الدولة تدل على قوتها السياسية والاقتصادية بما تحويه من شعارات ورموز ومعادن نفيسة وصافية.

العملات والطوابع القديمة بالنسبة للمطيري “زينة وخزينة”، نظراً لجمالياتها الفنية في التصميم والخطوط ولارتفاع ثمنها بمضي الوقت.

وتحدث المطيري عن تاريخ تداول الطوابع على مستوى العالم، حيث ظهرت طوابع البريد للمرة الأولى في أوائل القرن الثامن عشر في إنجلترا، وكانت عبارة عن خدمة تتم بين الحكومات وعلى مستوى الهيئات والمعاملات الدبلوماسية.

في العام 1850 تأسَّست أول شركة بريد في العالم تحت اسم «شركة البوسطة الأوروبية»، وظهرت الطوابع في العام 1852، وكانت عبارة عن لصيقة توضع على الرسائل والمراسلات. حمل أول طابع ظهر في العالم اسم «البيني بلاك» وعليه صورة فكتوريا، ملكة إنجلترا آنذاك ، وتوالى بعدها ظهور الطوابع في إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. حرصت هذه الدول على إضافة اسمها على هذه الطوابع باعتبارها من الإصدارات السيادية، في حين فضَّلت بريطانيا وضع شعار ثابت يحمل رأس الملكة.

وقد ظهرت هذه الهواية العريقة في أواخر القرن التاسع عشر في إنجلترا وانتشرت بعد ذلك في أوروبا مع ازدياد عدد الدول التي تستخدم الطوابع البريدية، ثمَّ بدأت تظهر نوادٍ وجمعيات في دول العالم المختلفة لتلبية طلبات الهواة، وازداد الاهتمام بهذه الهواية بشكل لافت في السنوات الأخيرة نتيجة ظهور شبكة الإنترنت، فأصبح من السهل الاطلاع على أحدث الطوابع في العالم وأغربها وأقدمها على اختلاف أنواعها وفئاتها وأشكالها.

الطوابع في الإمارات

وتحدث المطيري عن تاريخ الخدمات البريدية في الإمارات قائلاً: إنَّ مجموعته تضم طوابع البريد التي صدرت منذ نشأة البريد في الإمارات عام 1909، حيث أنشئ أول مكتب بريد في ديرة، مقابل المخزن العماني، وكانت الطوابع تأتي من الهند آنذاك، واعتباراً من العام 1949 أصبحت الهند مسؤولة عن الخدمات البريدية في الإمارات. وكانت قيمة الطوابع تقاس بالروبية، أو البيزة الجديدة “الناية بيزة”، ثم أسندت الخدمات البريدية إلى سلطة التطوير في الإمارات واستمرت حتى 14 يونيو 1963.

خالد علي العميرة يشرح تاريخ البريد في الامارات

وفي الأول من شهر أكتوبر 1966، تمَّ الاتفاق مع حكومة البحرين على إصدار الطوابع البريدية، التي طبعت بقيمة الفلس، ولأول مرة، واستمرت هذه الطوابع بالاستخدام حتى قيام الدولة وطباعة الطوابع الوطنية.

الخدمات البريدية

يضيف المطيري: أمّا بالنسبة للخدمات البريدية فقد مرّت بمراحل عدة، في البداية كان البريد يتبع للحكومة البريطانية في الهند وكانت دبي تستخدم الطوابع الهندية إلى أن استقلت الهند عام 1947، وفي عام 1948 أُلحق بريد دبي ببريد كراتشي في باكستان لمدة عام، ثمَّ أُلحق بريد دبي بالبريد البريطاني في لندن عام 1949 وصدرت الطوابع البريطانية المرشحة بالعملة المحلية وهي الروبية آنذاك.

وفي عام 1961 قرَّر مجلس التطوير التابع للإمارات المتصالحة إصدار طوابع خاصة بالإمارات الأعضاء، ولم تستخدم إلا في دبي، كون الإمارات المتصالحة لم يكن فيها مكاتب بريد وهي تحمل اسم الإمارات المتصالحة. وتتألف من 11 طابعاً، بينها سبعة تحمل رسم سبع نخلات كرمز للإمارات السبع، والأربعة الأخرى تحمل رسماً لسفينة شراعية، وفي عام 1963 أُلحق البريد بالحكومة المحلية في دبي، وأصبحت دبي مسؤولة عن إدارة البريد وصدرت أول مجموعة لحكومة دبي في العام ذاته. وأما في عام 1972 فأُلحق بريد دبي بالبريد الاتحادي.

واستطرد: أما إمارة أبوظبي فقد أصدرت طوابعها في 1964، وتحمل معالم الإمارة، وصورة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه.

وتحدث المطيري عن إصدار إمارة الشارقة لطوابعها بالعملة الهندية المتداولة آنذاك، لكن بعد وقف التداول بالريال السعودي والعملة البحرينية، وشحت الشارقة طوابعها بـ”القرش”، رغم أنه لم يستخدم في الإمارات.

ثمَّ تطرَّق إلى إصدار بقية الإمارات لطوابعها، مؤكداً أنَّ تطوُّر النفوذ من خلال الطوابع، أوجد هجيناً من العملات، تم استخدامها على الطوابع.

المطيري يقترح اعتماد مركز للطوابع في اكسبو

العميرة مرجع مهم

من جهته، تحدَّث مهندس الاتصالات الإماراتي خالد بن علي العميرة الذي أصبح مرجعاً مهماً للحصول على المعلومات الخاصة بالتاريخ البريدي والطوابع والأختام والمظاريف البريدية للدولة، وأرشيفاً بل موسوعة وطنية يعتد بها، بإسهاب عن تاريخ البريد في الإمارات بشكل عام، وفي دبي على وجه الخصوص، بمناسبة مرور 100 عام على افتتاح أول مكتب بريد في الإمارات، والذي تمَّ في دبي بتاريخ 19 أغسطس عام 1909، لافتاً إلى أنَّ التاريخ البريدي في الدولة مرَّ بحقب عدة وطرأت عليه تغييرات كثيرة حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم، أمَّا التاريخ البريدي لدبي فقد مرَّ بخمس مراحل، بحسب قوله:

– أولاً: إدارة البريد الهندي لمكتب بريد دبي، والتي بدأت منذ 19 أغسطس عام 1909، عند افتتاح أول مكتب بريد في الدولة.

– ثانياً: الإدارة الباكستانية لمكتب بريد دبي، والتي بدأت في 15 أغسطس 1947 واستمرت لغاية 31 مارس 1948، وهي فترة صغيرة نسبياً، ولذلك فالمواد التي استعملت آنذاك كانت مواد باكستانية (طوابع وقرطاسية هندية طبع عليها كلمة باكستان) والموجود منها قليل ونادر.

– ثالثاً: فترة الإدارة البريطانية، واستمرت من 1 إبريل 1948 وانتهت في 14 يونيو 1963، وتميزت هذه المرحلة بإصدار طوابع خاصة تحمل اسم «الإمارات المتصالحة» بتاريخ 7 يناير 1961 وكان الغرض من ذلك استعمالها في جميع الإمارات، غير أنها لم تستعمل في جميع المناطق بسبب عدم وجود مكاتب بريدية أخرى في الدولة. وتقسم هذه الفترة إلى ثلاثة أطوار هي:

*طوابع الملك جورج السادس

*طوابع الملكة إليزابيث

*طوابع الإمارات المتصالحة

– رابعاً: إدارة بريد دبي، أي الإدارة المحلية المستقلة، وبدأت بتاريخ 15 يونيو عام 1963 واستمرت لغاية نهاية يوليو من سنة 1972.

– خامساً: مرحلة الإدارة الاتحادية، وتقسم إلى مراحل أو فترات، حيث سميت أولاً الإدارة الاتحادية، ثمَّ أصبحت الهيئة العامة للبريد ثمَّ أخيراً مؤسسة بريد الإمارات. وحول تاريخ البريد في أبوظبي تحدث العميرة، موضحاً أنَّ الإمارة كانت قبل افتتاح مكتب بريد في دبي تعتمد في نقل بريدها على ثلاث مناطق رئيسة، وهي: لنجة، ومسقط والبحرين، وبعد افتتاح مكتب بريد دبي أصبحت منفذاً جديداً لإرسال بريد أبوظبي، وهو منفذ أقرب جغرافياً وأكثر سهولة.
وقد استعملت إمارة أبوظبي، مثل غيرها من الإمارات الطوابع البريطانية، وكان التجار والبنوك قبل وجود مكتب بريد في أبوظبي يقومون بمهمة إضافية إلى جانب مهماتهم الأساسية وهي نقل الرسائل إلى مكاتب البريد القريبة.

جهود شخصية
المعلومات الوفيرة لدى العميرة حول تاريخ البريد الإماراتي لم تأتِ من فراغ، وإنما جاءت من خلال بحث متعمق في المراجع والوثائق المختلفة التي جمعها بنفسه من أكثر من مكان، وكذلك الزيارات الميدانية لأشخاص عملوا في هذا المجال وتوافرت لديهم معلومات حوله، منهم من يوجد في الإمارات ومنهم من هو خارجها. يتحدث العميرة: “قابلت أشخاصاً كثيرين في الدولة منهم من هو في أبوظبي، وآخرين في الفجيرة ورأس الخيمة وغيرها، كما سافرت إلى بعض الدول للحصول على معلومات، ولقد حصل أنني سافرت إلى البحرين لمقابلة شخص بحريني عمل في مكتب بريد العين منذ افتتاحه سنة 1967، وكان اللقاء مفيداً جداً لتأريخ الفترة التي عمل فيها، حيث إنَّ الرجل عايش تطوُّر الخدمة البريدية وكان من أواخر الناس الذين خرجوا من البريد نحو عام 1997 وهي فترة طويلة شهد فيها مرحلة مهمة من التاريخ البريدي في العين وأبوظبي”.

حضور نوعي مميز في أمسية تاريخ الطوابع في الإمارات

يقول العميرة: اليوم انخفضت المشاركة في مزادات الكتالوجات العالمية، ودخلنا في عصر «مزادات الإنترنت»، وأنا مهتم بالمشاركة في المزادات حول الطوابع وخاصة الطوابع الإماراتية والمظاريف المرسلة والكتب التاريخية التي تتعلق بالإمارات أو بتاريخ شبه الجزيرة العربية». مشيرا إلى أنَّ هواية جمع الطوابع تعدُّ هواية مكلفة نسبياً، ولكن أسعار الطوابع تعتمد على الطابع نفسه وتاريخ إصداره وتوافره في الأسواق، فكلّما كان وجود الطابع نادراً ارتفعت قيمته، ولكن عموماً الطابع الذي يدخل المزاد يكون نادراً، وهناك طوابع تدخل المزادات تكون أسعارها لا تتجاوز خمسة أو عشرة دولارات، وثمة طوابع يبلغ سعرها الآلاف.

وفي ختام الجلسة شارك عدد من الحضور في مداخلات مفيدة أضافت معلومات إلى الموضوع، منهم المهندس والباحث رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني في الدولة، والأديب د. شهاب غانم، ومحمد دراجي القنصل الجزائري في دبي، وعدد من الإعلاميين والمهتمين.