حكاية سفينة الرأس الأخضر

block-2 الإمارات مجلة مدارات ونقوش – العدد 10

 2,084 عدد المشاهدات

الكاتب: محمد أحمد السويدي –  كاتب إماراتي

 

دعا الأخ حمد بروك في ثمانينيات القرن الماضي، اثنين من رجال الأعمال الأمريكيين إلى وجبة غداء، فذهب بهم إلى مطعم في سفينة قبالة البحر «منطقة الرأس الأخضر»، وكانت مملوكة للدائرة الخاصّة قبل أن تؤول ملكيّتها لشركة الفنادق الوطنية.

اختار حمد أن يواجه البحر، بينما جلس ضيفاه مقابلين لمدخل السفينة، لمح الضيفان دخول شخص ومعه بضعة مرافقين، ولم تكن هيئته غريبة عليهما، ولكنهما لم يدركا للتو أين يمكن أن يكونا قد رأياه من قبل، فسألا حمد عنه، التفت حمد ناحية الباب، وإذا به يلمح الشيخ زايد، رحمه الله، وحوله ثلّة من مرافقيه، فقام على الفور وقصدهم مسرعاً للسلام على الشيخ؛ فقال له الشيخ زايد رحمه الله: منو الريّال؟ «من الرجل؟».
فأجابه بأنه حمد ابن فلان..
فتفرّس الشيخ زايد فيه برهة، ثم سأله:
ــ وشحال (فلانة)؟.. وكان يقصد جدة حمد
فقال: عطتك عمرها، والبقية بحياتك يا طويل العمر
جال الشيخ ببصره في السفينة وسأل حمد:
ــ مَن صاحب المكان؟
فقال حمد: الدائرة الخاصّة
فقال الشيخ: ومن المسؤول عنها؟
فقال حمد: ابن حويليل المنصوري.. وكان حمد عضواً في مجلس إدارتها ويعرف القيّم على المشروع.
ـ ثم حانت من الشيخ التفاتة جهة الضيوف فسأله:
ـ من وين ضيوفك؟
فقال: من أمريكا
فسأله الشيخ وقد رمق الطاولة: وهل عجبهم «أعجبهم» الطعام
فردّ حمد بسرعة: نعم يا طويل العمر
فقال الشيخ رحمه الله: لا أسألك أنت، بل هم!
فوقع حمد في حيرة من أمره، فلقد تعجّل في الجواب، قبل أن يعرف إذا ما كان الطعام قد راقهم، فذهب حمد إليهم وسألهم.
فقالوا إن الأكل أعجبهم
فتنفّس حمد الصعداء..
فقال الشيخ: أخبر الدائرة أن يغلقوا المطعم في الغد لمدة أسبوع واحد، وأن تعملوا على جلب طباخي السفينة إلى القصر ليتعلّموا طريقة إعداد الطبخ المحلي.
عاد حمد إلى ضيوفه ودعاهم لإتمام تناول غدائهم، وإذا بأحدهم يقول له وقد بدا متهلّلاً: لقد انتهيت من الأكل.
تطلّع حمد إلى الطاولة، فلم يجدهم أكلا ما يسدّ الجوع، فقال: لم تنتهيا من الوجبة بعد.
فقال الرجل: لم تعد بي رغبة لإتمام الطعام، هذا أوان نوم زوجتي في الجهة الأخرى من العالم (أمريكا)، وأريد أن أسرع لأخبرها بأن حاكم أبوظبي ورئيس الدولة سألني بنفسه إن كنت راضياً عن وجبة غدائي، فهذا الأمر لا يحدث في العمر مرّتين.