1,442 عدد المشاهدات
دبي ـ مركز جمال بن حويرب للدراسات
استضاف مركز جمال بن حويرب للدراسات الدكتور عبدالله بن محمد المنيف في أمسية افتراضية ، مساء أمس الأول ، حضرها عدد من الكتاب والمثقفين والباحثين والإعلاميين ، يتقدمهم الشاعر والأديب د. شهاب غانم ، الباحث التراثي راشد بن هاشم ، الباحث والخطاط خالد الجلاف والأديب محمد صالح بداه .
ابتدأ المحاضر ، الذي قدمه الشاعر والإعلامي حسين درويش ، حديثه بالقول:
نزل القرآن الكريم على النبيّ محمد بن عبدالله -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة الوحي، وقد تكفّل الله -تعالى- لنبيّه بحفظه، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- أُميّاً، حيث كانت الأميّة منتشرةً بين العرب في ذلك الحين، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أمر الصحابة -رضي الله عنهم- بكتابة القرآن الكريم؛ لحفظه بين الصحابة والمسلمين على مدار العصور، وكان يُشجّعهم على أمر الكتابة، وقد جعل فداء من يعرف الكتابة من أسرى بدرٍ أن يُعلّم عشرةً من المسلمين الكتابة، ومن أشهر كتّاب الوحي الصحابيّ الجليل زيد بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه-؛ فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان كثيراً ما يستدعي زيداً عند نزول الوحي؛ فيقول: (ادْعُ لي زَيْداً ولْيَجِئْ باللَّوْحِ والدَّوَاةِ والكَتِفِ، أوِ الكَتِفِ والدَّوَاةِ .
فقد بدأ تدوين القرآن الكريم وكتابته في عهد النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، وإن لم يكن مجموعاً في كتابٍ واحدٍ آنذاك، حيث كان محفوظاً في الصدور غيباً، ومكتوباً على الرقاع والعسب، والألواح المتفرّقة بين الصحابة في وقتها.
كُتّاب الوحي
وأضاف المحاضر …كان الصحابة يُعرفون بكُتّاب الوحي؛ فقد ورد عن البخاري أنّ أبا بكرٍ -رضي الله عنه- عندما طلب من زيدٍ ين ثابت -رضي الله عنه- جمع القرآن قال له: (كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ).
وقد كان عدد من الصحابة الكرام قد كلّفهم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بكتابة القرآن الكريم، ومنهم أبي بكرٍ الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعليّ بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وغيرهم من الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-.
وقد استعان كُتّاب الوحيّ -رضي الله عنهم- في تدوين القرآن الكريم بأغصان النخيل، والأخشاب التي توضع على ظهر الدابّة ليُركب عليها، وبعض الحجارة الصغيرة والتي يُطلق عليها اسم اللُّخاف، وغيرها من الأدوات المتعارف عليها في ذلك العصر؛ كقطع الجلود والعظام.
تدوين القرآن
قال د. المنيف … دُوّن القرآن الكريم في حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ فكان ترتيب آياته وسوره كما أمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، إلّا أنّه لم يُجمع في كتابٍ واحدٍ في عصر النبوّة؛ لاحتماليّة نزول المزيد من الآيات القرآنيّة، أو نسخ بعضها في حياة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أمّا بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- ونتيجةً لكثرة موت حفظة القرآن الكريم من الصحابة في عهد الخيفة أبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه-، أصبح حفظ القرآن الكريم بترتيبه مهدداً؛ فجمع أبو بكر -رضي الله عنه- الصحابة واستشارتهم في جمع القرآن الكريم في مصحفٍ واحدٍ، فأقرّ الصحابة ذلك؛ فجمعه واحتُفِظ به عند أمّ المؤمنين حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما-.
وكان صاحب اقتراح جمع القرآن الكريم في مصحفٍ واحدٍ هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وبعد ذلك انتدَب أبو بكرٍ لهذه المهمة الصحابي الجليل زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، لاجتماع الخيريّة والمواهب فيه أكثر من غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-، وكان قد شهِد العرضة الأخيرة للوحي في آخر عامٍ للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان من كُتّاب الوحيّ وحفظة القرآن الكريم.
وعندما استلم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الخلافة ، كان القرآن الكريم قد جُمِع في مصحفٍ واحدٍ، إلّا أنّه قام بنسخ القرآن الكريم إلى ستّ نسخٍ، وكانت جميعها بطريقةٍ واحدةٍ وعلى حرفٍ واحدٍ؛ وهو لسان قريش، ووزّع عثمان هذه النسخ على مناطق عدّة ؛ فأرسل ثلاثة نسخٍ منها إلى دمشق والكوفة والبصرة، وأرسل نسختين إلى مكة المكرمة والبحرين، وجعل له نسخةً واحدةً من القرآن الكريم في المدينة .
خطوط الكتابة
وكتب الصحابة رضوان الله عليهم الوحي بالخط السائد في الحجاز المعروف بـ (( الجَزْم )) وهو مأخوذ من الخط الأنباري أو الحيري، وكذلك كتبت به صحف أبي بكر ومصاحف عثمان رضي الله عنهما .
ومع انتشار الفتوح، ودخول بلاد جديدة في الإسلام تحسّن الخط، وكان الغالب في كتابة المصاحف الخط الكوفي حتى القرن الخامس الهجري، ثم كُتبت بخط الثلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم كتبت بخط النسخ حتى وقتنا الحاضر .
وعندما عُرفت المطابع الحديثة في بعض البلاد الإسلامية والعربية كتركيا، ومصر، والشام، كان المصحف الشريف في مقدمة اهتماماتها، فطبع بأحجام وأشكال مختلفة، وأصبح لكل إقليم شكل للمصاحف يختلف عما سواه من الأقاليم .
قد يكون هناك تشابه بين الخطوط في الشام ومصر والحجاز ، لكن مصاحف الصين ، على سبيل المثال ، تختلف عن كل مصاحف الدنيا .
وتحدث المحاضر عن تطور تجليد المصاحف ، بداً من الأخشاب ومروراً بأنواع الجلود ، إلى مانراه اليوم من أشكال متطورة ومزخرفة للتجليد ،
واختتمت المحاضرة بنقاشات ثرية شارك فيها عدد من الحضور .
* عبد الله المنيف في سطور
ـ عميد كلية السياحة والاثار بجامعة الملك سعود
– دكتوراه في الآثار والمتاحف، كلية السياحة والآثار ـ جامعة الملك سعود بالرياض
– ماجستير آثار ومتاحف، كلية الآداب – جامعة الملك سعود بالرياض
من كتبه:
– كتاب ” سوابق عنوان المجد في تاريخ نجد ” لعثمان بن بشر، تحقيق
– كتاب ” حضارة الكتابة ” بالاشتراك مع د. سعيد فايز السعيد
– كتاب ” المختار في الخط العربي ” بالاشتراك مع آخرين،
– كتاب ” أمراء الرياض خلال عهود الدولة السعودية “
– صناعة المخطوطات في نجد ما بين منتصفي القرنين العاشر حتى الرابع عشر الهجريين