5,125 عدد المشاهدات
أ.د. أحمد بن عمر آل عقيل الزيلعي – مؤرخ وعضو مجلس الشورى السعودي
تعدُّ «الرحلة اليمانية» من أشهر الرحلات في زمانها، ومؤلِّفها هو الشريف شرف بن عبد المحسن بن حازم البركاتي، نسبة إلى جَدِّهِ الشريف بركات الثالث بن الشريف محمد بن أبي نمي الثاني بن الشريف بركات الثاني بن محمد بن بركات، الذي ينتهي به نسبه الشريف إلى الحسن السِّبط بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
مؤلف الرحلة والباعث على تأليفها
ولد الشريف شرف في قرية أبي عروة بوادي فاطمة في عام 1283هـ/ 1864م، وعاش في كنف أبيه الشريف عبد المحسن، الذي كان -حينذاك- أميراً على وادي مَرّ الظهران، أو وادي فاطمة، وتلقَّى تعليمه على طريقة أهل زمانه في كُتَّاب قريته الذي كان في مسجد جَدِّهِ الشريف حازم بن غالب بن حسين البركاتي، ثم في المسجد الحرام بمكة المشرفة، فضلاً عن أنه ثقَّف نفسه بنفسه من خلال مطالعته لكثير من الكتب المتخصصة في التاريخ والأدب، وهذا ما انعكس بوضوح على امتلاكه أسلوباً جميلاً، ولغة عربية سليمة يلحظها كل من يتتبع أسلوبه الذي صاغ به هذه الرحلة التي بين أيدينا.
كان الشريف شرف بن عبد المحسن البركاتي من كبار رجال الأشراف في عهد إمارة الشريف حسين بن علي (ت1350هـ/ 1931م) مكة المكرمة في أواخر العصر العثماني، وكان يوصف بجمال الخَلْق والخُلُق، وبأنه لطيف المعشر، حلو الحديث له عناية بالتاريخ والأدب، وبسعة الاطلاع فيهما.
وحينما استقل الشريف حسين بن علي بملك الحجاز عيَّنه قائمقام لإمارة مكة المكرمة في 10 محرم عام 1335هـ/ 5 نوفمبر سنة 1916م، وفي الوقت نفسه كان صاحب الترجمة يقضي بين الناس في قصر الإمارة بحضور بعض علماء مكة الشرعيّين حتى تكون الأحكام التي يصدرها موافقة للشرع الشريف، وفي 29 محرم سنة 1337هـ/ 3 نوفمبر سنة 1918م عُيِّن معتمداً للوكالة الهاشمية في القاهرة، ثم عُيّن في عهد الشريف حسين أيضاً نائباً لوكالة الخارجية في 20 رمضان عام 1338هـ/ 7 يونيو عام 1920م. وبعد زوال دولة الأشراف عمل مؤلّف الرحلة في عهد الملك عبدالعزيز (1373هـ/ 1953م) رئيساً للمراقبة الإدارية التي تحوّلت إلى لجنة التحقيق والتفتيش سنة 1349هـ/ 1930م، وتوفي، رحمه الله، في العام 1358هـ/ 1939م(1).
ملاحظات واستدراكات
يعدُّ الشريف شرف بن عبد المحسن البركاتي من رجال الدولة الثقات في أثناء عمله في العهدين الهاشمي والسعودي. وما سنبديه من ملحوظات على نصّ الرحلة التي بين أيدينا، لا ينتقص من مكانة الشريف شرف، ومصداقيّته، ومقدرته العلميّة، ولا من الأهمية البحثية والفائدة العلمية التي يجنيها كل من يطالع هذه الرحلة الرائدة في بابها، وإنما هي مراجعة علميّة ومنهجيّة هدفها خدمة الدارسين والباحثين والمعرفة الإنسانية جمعاً. ومن واجب مؤلّفها علينا أن نلتمس له العذر، فهو من رجال الشريف حسين بن علي الأقربين، ويعدُّ بمنزلة مؤرخ رسمي، وما تقتضيه منه الرسمية من الرفع من معنويّات عساكر الشريف، والعساكر التركية التي كان الشريف حسين يعمل -حنيذاك- تحت رايتها، وحرصه التام على كسب رضاهم من جهة، وتحقيق حلمه بملك الحجاز من جهة أخرى. وفضلاً عن ذلك فهو -أي مؤلف الرحلّة- جديد على المنطقة، ولم يأتِ إليها باحثاً مدقّقاً، وإنما جاء إليها في مهمة حربيّة، لعلَّ هذه الرحلة كانت بمنزلة تقرير رسمي عنها، ولا بدَّ أنَّ شيوخ القبائل وأعيانها الذين التقاهم لم يكونوا دقيقين في المعلومات التي استقاها منهم، إما جهلاً من جانبهم بالتقديرات، وإما مبالغة في الاعتداد بقبائلهم، وعدّتهم، وعتادهم، وهو ما أوقع المؤلف -رحمه الله- فيما نحن بصدده من استدراكات نأمل أن تُحمل على مَحْمَل حسن النيّة، ومُقْتَضَيَات الأمانة العلميّة.
حدود القنفدة وأهميتها
أما محافظة القنفدة فهي من المحافظات المهمة التابعة لإمارة منطقة مكة المكرمة، وهي محافظة ساحليّة تمتد على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر، ويحدّها من الشمال محافظة اللِّيْث التابعة لإمارة مكة أيضاً، ومن الجنوب والجنوب الشرقي محافظة مَحَائِل التابعة لمنطقة عسير، ومن الشرق محافظة بَارِق، ثم محافظة المَجَارِدَة التابعتان لمنطقة عسير أيضاً، ومحافظة العُرْضِيَّات التابعة لمنطقة مكة المكرمة، ويستكمل الحدّ من الشرق والشمال الشرقي من منطقة الباحة ثلاث محافظات هي على التوالي: محافظة غَامِد الزِّنَاد، ومحافظة المُخْوَاة، ومحافظة قِلْوَة. ويحدها من الغرب البحر الأحمر.
كانت محافظة القنفدة في أثناء تلك الأحداث التي توثِّق لها الرحلة اليمانية تابعة للواء عسير، وبها قائمقام تابع لمتصرف لواء عسير المقيم في أبها. وبعد زوال حكم الأتراك والأشراف أصبحت القنفدة إمارة بِرَأْسِها، وتتبع مباشرة لوزارة الداخلية حتى انضمامها لإمارة منطقة مكة المكرمة في عام 1382هـ/1962م.
وفيها حاليّاً تسعة مراكز إدارية موزّعة توزيعاً جغرافياً على قطاعات المحافظة، وترتبط ارتباطاً مباشراً بمحافظ القنفدة الذي يرتبط بدوره بأمير منطقة مكة المكرمة.
دعوة الإدريسي
أما الباعث على الرحلة فهو قيام السيد محمد بن علي الإدريسي (ت1341هـ/ 1923م) بدعوته التي انطلقت من مسقط رأسه مدينة صَبْيَا المعروفة بمنطقة جازان الحالية(2)، وموقف العثمانيين منها، ثمَّ ما أفضت إليه تلك الدعوة من تكوين دولة استطاعت إجلاء الأتراك عن معظم منطقة جازان(3)، وانتشرت دعوته ودولته في كل الاتجاهات لتصل إلى أحواز مكة القريبة منها شمالاً وشرقاً، وسيطرت على أغلب منطقة عسير، وفرضت حصاراً على أبها حيث مقر المتصرف العثماني الذي كان -حينذاك- سليمان شفيق كمالي باشا (ت1367هـ/ 1946م)(4)، فأوكلت السلطنة العثمانية التي كان على رأسها -حينذاك- محمد رشاد أو محمد الخامس (ت1336هـ/ 1918م) مهمة فك الحصار عن أبها إلى أمير مكة من قبلها الشريف الحسين بن علي الذي خرج على رأس قوة من العُرْبَان، تساندها عدة طوابير من العسكرية العثمانية النظامية على رأسها قادة عسكريون عثمانيون يحملون رتباً عسكرية سيأتي الحديث لاحقاً عن أسمائهم ورتبهم وعدد أفراد قواتهم(5).
السيد الإدريسي: ظهور دعوته وابتداء دولته
تبدأ الرحلة اليمانية بمقدمة تحدث فيها مؤلفها عن نسب السيد الإدريسي، بقوله: هو محمد بن علي بن العالم الجليل السيد أحمد بن إدريس (ت1253هـ/ 1837م)، صاحب الطريقة الأحمدية المشهور الذي أقام بمكة المكرمة برهة من الزمان، ثمَّ انتجع منها إلى صَبْيَا بمنطقة جازان، فطاب له المقام فيها حتى وفاته مخلفاً اثنين من الأبناء هما: عبد المتعال وعلي، اللذان كانا على منهج والدهما في التقوى والعلم والتصوف، فانتشر صيتهما حتى ملأ تهامة والحجاز على حد ما يذكر صاحب الرحلة. ثمَّ تُوفي السيد علي، وترك عدة أبناء منهم كما يقول مؤلفنا: «زعيم الفتنة، ومؤجج نارها محمد بن علي الإدريسي»(6)، ويقول عنه أيضاً: «تربى هذا الناكب عن جاده سلفه بصَبْيَا، ثم قدم مكة عام 1313هـ/ 1895 م، وأقام بها عدة شهور، ثم قصد مصر لتلقي العلوم بالأزهر الشريف، وأقام بها ست سنين»(7)، ويذكر أنه اختلط في مصر ببعض المفسدين الذين حسنوا له الثورة على الدولة العليّة لكونها دولة إسلامية.
اتهامات لا أصل لها
وفي الرحلة كثير من الاتهامات التي ربما كانت رائجة في ذلك الوقت، والرامية إلى اتهام الإدريسي بالشعوذة والسحر، والادعاء بأنه يُوحى إليه، وبأنَّ له كرامات لا تجعل الرصاص يخترق أنصاره، وأنَّ رميهم لا يخطئ العدو مهما كان بعيداً عنهم، وأن من كراماته التي يمخرق بها على العوام أن الذئب يرعى مع الغنم دون أن يفترسها، وأن الزاني إذا ارتكب الزنى يلتصق بمن يزني بها، وأنه كان يستخدم صندوق كهرباء متصلاً بسلك إذا لمسه شيوخ القبائل تختلج أعصابهم ، فإذا صاحوا مدد يا سيدنا أغثنا فصل السلك، وبطل ما كان يسببه لهم من خلجات الأعصاب، وخلاف ذلك من الادعاءات الباطلة التي قلما تخلو منها صفحة من صفحات الرحلة، وخصوصاً تلك المتعلقة بالمواجهة مع العساكر الإدريسية(8).
كل هذه الخُزَعْبَلات التي تلصقها الرحلة اليمانية بالإدريسي لم نجد لها ما يسندها في كتابات مناوئيه، ومنهم الملك عبد الله بن الحسين (1370هـ/ 1951م) ملك الأردن في مذكراته، ومتصرف عسير سليمان شفيق كمالي باشا، ولا من قبل أوائل من كتب عن تاريخ المنطقة ممن عاشوا قريباً من تلك الأحداث، وأفاضوا في الكتابة عنها، وعلى رأسهم محمد بن أحمد العقيلي (ت1423هـ/ 2002م)، ومحمد بن سعيد النعمي (ت1431هـ/ 2010م).
بل إنَّ أشدَّ خصوم الإدريسي، وهو سليمان شفيق باشا، لم يذهب هذا المذهب من اتهام الإدريسي بادعاء خوارق الأمور، ولم يقبل بها، بل نفاها عنه في أكثر من موقف منها في إسطنبول في أثناء زيارته للصدر الأعظم ووزيري الحربية والداخلية في الدولة العليّة، قائلاً للصدر الأعظم بالحرف الواحد: «إنَّ ما احتوته ملفات الباب العالي من المعلومات عن عسير كلها من قبيل الأراجيف»(9).
وحينما قدم إلى القنفدة، علم ممن قابلهم فيها أنَّ «الإدريسي رجل ناصح مرشد شفيق يدعو الناس إلى ما فيه خيرهم حسبة لله، لا يطلب جزاءً ولا شكوراً، وأن القبائل عرفت ذلك فيه فوسّطته للفصل فيما بينها من قضايا الدماء، وهو يصلح بين المختلفين برضا منهم، وينتزع ما في صدورهم من غِلّ، فأقبلت القبائل عليه في صبيا من كل حدب وصوب تبايعه وتنزل على حكمه»(10). وحينما سمع المتصرّف سليمان باشا ذلك القول ممن التقاهم في القنفدة علّق عليه بقوله: «هذه حقيقة السحر الذي نسبوه إلى السيد الإدريسي، وبذلك استمال الناس»(11)، أي السحر الحلال المتمثل في قوة الخطاب الذي كان يتمتع به السيد الإدريسي.
كذلك تنبّه الإدريسي نفسه إلى ما يُحاك ضده من الأقاويل المغرضة، والاتهام بالشعوذة وادّعاء المهدية، وانتحال الكرامات والمعجزات فدافع عن نفسه في منشور طويل جاء فيه: «نحن بحمد الله مؤمنون من أهل السنة والجماعة نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ونعمل على ما يوافق الشريعة المطهرة ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، ونجتهد في إزالة البدع الضارة». ويقول فيه أيضاً: «نحن لا ندعي شيئاً من الدعاوى المغرضة التي يموِّه بها ذوو الأوهام على عقول العوام، فلا ننتحل المهدية كما يزعمون، ولا نشعوذ كما يفترون، ولا نزعم كشفاً ولا شيئاً من علم الغيب كما يشيعون (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)»(12).
وعلى الرغم من ذلك النفي فإنَّ صاحب الرحلة يعزو إلى ما يصفه بالخُزعْبلات التي كان الإدريسي يموِّه بها على أنصاره هي التي مكَّنته من السيطرة على قطاع واسع من عسير وتهامة حتى وصلت سيطرته إلى أحواز مكة القريبة منها(13). فكان لزاماً على الدولة العليّة إرسال هذه الحملة التي انطلقت من مكة المكرمة في يوم الأحد 26 ربيع الثاني سنة 1329هـ/ الموافق 25 أبريل سنة 1911م عند الساعة التاسعة نهاراً بالتوقيت الغروبي، أي نحو الساعة الثالثة عصراً بالتوقيت الزوالي عبر الطريق المعروف تاريخياً باسم: الجادة السلطانية المعروفة بين مكة واليمن، وهذا الطريق يسلك مناطق عامرة بالسكان والأودية والزراعة والآبار والمحطات التي كان ينزل فيها الحجاج والتجار قبل معرفة السيارات، وتحوّل الطرق عنها يميناً وشمالاً بفعل ذلك(14).
خط سير الحملة الشريفيّة
كانت أولى المحطات التي توافينا بها الرحلة اليمانية بعد الخروج من مكة المكرمة هي: البَيْضَاء، ثم السَّعْدِيَّة، ثم الخَضْرَاء، ثم الغَالَّة، ثم الخُرْقَان، ثم الكَلَابِيَّة باللِّيْث مروراً بنُجَيْعَة، فالشاقة الشامية (وادي حَلْيَة)، والشاقة اليمانية (وادي عُلْيَب) إلى وادي دَوْقَة(15). وهو أول محافظة القنفدة التي تبدأ حدودها قبل الدخول في هذا الوادي من الشمال، وتحديداً من محطة عُسَيْلَة الواقعة على الطريق الساحلي بين جدة وجازان، ومن هناك تبدأ المساحة التي تشغلها محافظة القنفدة، والأودية والمحطات التي تقع فيها، والتي يرد ذكرها تباعاً في الرحلة اليمانية، وأولها: وادي قَرْمَا، فوادي نَاوَان، فالأَحْسَبَة إلى وادي قَنُوْنَا التي تقع مدينة القنفدة في ساحلها، لتنتهي الرحلة بالشريف حسين وعساكره إلى التمركز في مكان من الوادي نفسه اسمه: أُمُّ الجِرْم، على بعد ساعة إلى الشرق من القنفدة(16).
مصدر جغرافي تاريخي
وتتضمَّن الرحلة وصفاً دقيقاً لمراحل الطريق، ولأسماء القبائل التي تنزل فيها، ولكون معظم هذه الأمكنة أسماء أودية، فقد تضمّنت الرحلة وصفاً دقيقاً لتلك الأودية، والمحصولات الزراعية التي تجود فيها، والجبال الشرقية التي تستمد منها سيولها إلى أن تصب في البحر الأحمر، وهو وصف جيد، وتُعَدُّ الرحلة مصدراً مهماً في هذا الجانب لتلك الأودية، وما فيها من حياة فطرية وبشرية(17). وتتضمن الرحلة أسماء القبائل والمشايخ الذين كانوا يفدون إلى الشريف سامعين ومطيعين للدولة العلية، ومعلنين التوبة والبراءة من الإدريسي الذي خدعهم وضلّلهم بدعايته المغرضة، ومعبِّرين عن استعدادهم بسلاحهم وعتادهم لمحاربته تحت راية الدولة العلية التي يقودها أمير القبلة الشريف الحسين بن علي.
ويورد البركاتي أرقاماً خياليّة لتعداد القبائل التي وفد عليه بعض شيوخها سنتوقف عندها لتفنيدها خدمة للدارسين والباحثين الذين سيعتمدون عليها مصدراً لمعلوماتهم إن سمح لنا الوقت(18). وتتضمن الرحلة كذلك وصفاً للقنفدة، ولتجارتها، وعادات أهلها، ومينائها، وأشكال منازلها، وما فيها من المرافق الحكومية، وأسعار بعض السلع، وخصوصاً الحبوب وحتى الدجاج الذي يكثر وجوده فيها، ويبلغ ثمن الواحدة منه نحو قرشين مصريين(19)، وبالجملة فوصفه للقنفدة لا يخلو من الفائدة لمن يرجع إلى هذه الرحلة من الدارسين والباحثين عن تلك الحقبة، وهذا ما يؤكد أهميتها بوصفها مصدراً ومرجعاً مهماً لأحداث زمانها.
المواجهات العسكرية في نطاق محافظة القنفدة
أما في مجال المواجهات مع طلائع العساكر الإدريسية المرابطة في وادي يَبَة بمحافظة القنفدة، والتي كانت تأتمر بأمر محمد بن خُرشان المقيم في بلدة مَخْشُوْش بوادي حلي(20)، فكانت أولى الخطوات التي اتخذها أمير الحملة الشريف الحسين بن علي هي توجيه النصح لمشايخ وادي يَبَة، وهم: علي بن مديني، شيخ القوز، وبيطلي، شيخ بني يعلى، وأحمد بن خيرة، شيخ النواشرة، وكان ممن سعى بالوساطة بين المذكورين وبين الشريف حسين الشيخ حسن بن عوض الزَّيْدِي، شيخ قبائل بني زَيْد بوادي قَنُوْنَا الذي تقع فيه أمّ الجِرْم التي يرابط فيها الشريف حسين بقواته. ولكن هؤلاء المشايخ لم يستجيبوا لتلك المساعي مظهرين استعدادهم التام للحرب. ويعلّل البركاتي ذلك الرفض بقوله: «وذلك لاعتقادهم أن كل من خالف الإدريسي فهو كافر يجب قتله، كما أخبرهم بذلك عن طريق الوحي»(21). وحينما عاد الوفد إلى مقابلة الشريف أمرهم بالعودة إلى مشايخ وادي يَبَة للوساطة، فلما قابلوهم مرة ثانية لم يظفروا منهم بطائل(22). فما كان أمام الشريف من خيار سوى المواجهة الحربية التي بدأت ببعث عدد من السرايا إلى مقرّ القوات الإدريسية بوادي يَبَة، بدءاً من ليلة الاثنين 9 جمادى الأولى سنة 1329هـ/ الموافق 7 مايو 1911م، ثم تلتها ثلاث سرايا أخرى آخرها وأهمها في ليلة الأربعاء 18 جمادى الأولى سنة 1329هـ/ الموافق 16 مايو 1911م، وكان على رأسها الأميران عبد الله وفيصل (ت1352هـ/ 1933م) نجلا الشريف الحسين بن علي نفسه، وهذه الوقعة استمرت أربع ساعات حقق فيها جيش الشريف انتصاراً ساحقاً على أعدائه (23).
معركة خبت عجلان
أما المعركة الفاصلة فكانت في خَبْت عَجْلان المعروف على بعد نحو 13 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من القوز بينها وبين القنفدة(24)، وذلك في غرة جمادى الآخرة سنة 1329هـ/ الموافق 29 مايو سنة 1911م بقيادة نَجْلَيْ الشريف الحسين بن علي وهما كما تقدّم: عبد الله وفيصل، وانتهت المعركة -طبقاً لما يورده صاحب الرحلة- بانتصار ساحق للقوات الغازية، وبسيطرة تامة على خَبْت عَجْلَان، وتقهقر القوات الإدريسية إلى وادي يَبَة، ويذكر البركاتي أيضاً أنه لم يُصَبْ أحد من القوات الغازية بأذى(25).
ويمضي البركاتي في الخبر عن تتبع الفارين جنوباً من معركة عجلان إلى وادي يَبَة منذ فجر اليوم التالي، حيث هجمت عليهم القوات الشريفية والتركية وهم في تحصيناتهم التي أحكموها بين غابات الوادي «حتى ليخيّل للرائي أنها شجرة واحدة» على حد قوله(26)، ومع ذلك استطاعوا الانتصار عليهم، وكسروهم شرّ كسرة، وأجبروهم على الانسحاب نحو حَلِي. ويقول البركاتي: إن هذه المعركة أسفرت عن مقتل 600 قتيل من العساكر الإدريسية، على حين أنه لم يذكر أنَّ أحداً من قوات الطرف الآخر قد قتل(27). أما في عجلان فيذكر صراحة أن أحداً منهم لم يُصب بأذى كما قدمنا.
معلومات خاطئة
والواقع أنَّ صاحب الرحلة يفتقر إلى أبسط قواعد الدِّقَّة في إيراد أخبار السرايا والمعارك التي خاضتها قوات الدولة ضد العساكر الإدريسية، فهي عند البركاتي تغزو وتقتل وتغنم وتخوض معارك حامية دون أن ينهزموا، أو أن يُقتل منهم أحد إلا في حدود ضيقة جداً، وكأنهم خُلقوا من طينة غير الطينة التي خلق منها خصومهم، مع أنهم لا يقلّون شجاعة وتضحية وصموداً عن أولئك الخصوم، إن لم يتفوَّقوا عليهم.
ولا نعدم الردّ على تَعْمِيَة الشريف البركاتي على الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في كبد السماء؛ لأننا حينما نستعرض مذكرات الملك عبد الله التي يفرد فيها عدة صفحات للهزيمة الساحقة التي تعرضوا لها في أول مواجهة لهم مع أعدائهم في خَبْت عجلان تتضح الحقيقة التي تجرّعوا مرارتها، فهو يصف جميع القوات التي تحت قيادته من نظامية وغير نظامية، وهي تنهزم أمام القوات الموالية للإدريسي لا تلوي على أثر، ويقول: كُنَّا نراهم يهجمون «وليس أمامهم إلا زرع يُحصد»(28). ويقول: «وبالنتيجة لم يسلم من الطوابير الثلاثة إلا سبعون نفراً»(29)، ويقول أيضاً: «وصلنا القنفدة في اليوم الثاني بخسارة عظيمة، ولو كَرّ الأدارسة ليلتها أو الليلة الثانية لقضوا على الجميع»(30). وتحدّث عن هذه الهزيمة متصرف أبها سليمان شفيق باشا قائلاً بأن الشريف خاض معركة انكسرت فيها قواته، وغنم الثائرون كل ما معه من سلاح ومؤن. وقال: إنه لم يصدّق هذه الأخبار حينما وصلته لأول مرة حتى تلقى كتاباً رسميّاً من قائمقام القنفدة، وكان -حينذاك- تابعاً لعسير، يؤكد هذه الحقيقة(31)، ويفيد بمشاركة ابني الشريف حسين (عبد الله وفيصل) في هذه المعركة التي أَبْدَيَا فيها شجاعة فائقة، غير أنهما لم يخرجا من المعركة إلا بعد أن جرّدهما الثوار من ثيابهما، فرجعا إلى القنفدة عريانين(32)، ويصعب على المرء قبول هذا الخبر وتصديقه إلا أن يكون الثوّار جردوهما من سلاحهما وما على رأسيهما من عمائم وعقل.
تكامل الاستعداد
ومهما يكن من أمر، فإنَّ هذه الهزيمة أَخّرَت استئناف الحملة مدة أسبوعين في القنفدة حتى وصول قوات جديدة وعتاد جديد(33)، فلما تكاملت الاستعدادات للحملة استأنف الشريف بعربانه وبالقوات العثمانية النظامية المواجهة العسكرية للمرة الثانية بقيادة الشريف زيد بن فواز والأمير ألاي نظيف بك(34)، وزحفوا جنوباً بشرق إلى حيث ترابط العساكر الإدريسية، فواجهوا من جانبها بمقاومة شرسة لا تقلّ عن المواجهة السابقة، وكادت أن تحلَّ بهم هزيمة أبشع من الأولى لولا تفوّقهم بفعل المدفعية التي كنستهم كنساً كما يقول الملك عبد الله في مذكراته(35)، وأيضاً نفاد الذخيرة من أيدي القوات الإدريسية، مما اضطرهم إلى استخدام السلاح الأبيض، وشتان بين من يقاتل بالمدافع وبالسلاح الناري المزوّد بما يفوق الحاجة من الذخيرة، وبين من يقاتل بالسلاح الأبيض، فانهزم المدافعون، وتراجع ابن خرشان إلى القَحْمَة كما يذكر الملك عبد الله(36).
تجاهل الخسائر
أمّا الخسائر في الأرواح في جانب القوات المهاجمة التي تجاهلها البركاتي في رحلته، فيذكرها الملك عبد الله بقوله: «ثمَّ قبيل المغرب، جاء التقرير الطبي إلى مقر القيادة بأنَّ الوفيات اليوم في الجيش بلغت مائتين وثمانين نسمة… وفي اليوم الثالث نزلت القوات إلى ثلثها، وأصبحت القوات المسلحة التركية بفعل القتل ومرض الكوليرا الذي انتشر بينهم في القوز ألفاً وسبعمائة نفر من سبعة آلاف، فأمر بالحركة نحو أبها، وكلما تقدمنا شرقاً تناقص المرض»(37).
أما صاحب الرحلة فإنه لم يشر إلى انتشار الكوليرا بين العساكر في القوز، ولم يشر إلى أي خسائر، كذلك لم يذكر شيئاً عن الاستعجال بالرحيل من القوز صوب أبها، بل على العكس من ذلك حيث يفهم منه أنهم أمضوا في القوز نحو 17 يوماً تحدَّث خلالها عن استقبالات لقبائل ومشايخ وفدوا على الشريف حسين(38)، وعن نشاطات حربية استهدفت بحراً موانئ البِرْك والوَسْم والشُّقَيْق، وبرّاً استهدفت وادي حَلِي، وإن كانت لم تتجاوزه جنوباً في تتبع فلول القوات الإدريسية، بل كانت مجرد سرّية قوامها 1000 مقاتل، انطلقت في صباح يوم الجمعة الرابع من شهر جمادى الآخرة سنة 1329هـ/ الموافق الأول من يونيو 1911م، فعادت منتصرة بعد أن قتلت وغنمت الشيء الكثير من أهل وادي حلي دون أن تشير الرحلة كعادتها إلى أي خسائر لحقت بأفراد السريّة(39). كما تذكر الرحلة أيضاً أنه في فترة توقّف الحملة في القوز وصل إلى ميناء القنفدة ذخائر حربية جديدة، كما وصل إليها القائد نشأت باشا ليكون قائداً عاماً لجميع العساكر النظامية، وكان ذلك بناءً على طلب الشريف حسين قبل أن يقدم إلى القوز (40).
وبعد أن تكامل وصول الذخيرة والمدد العسكري تحرك الشريف حسين من أُمِّ الجِرْم إلى القوز التي وصلها عند الساعة العاشرة غروبي/ الرابعة زوالي من عصر يوم الاثنين 7 جمادى الآخرة/ الموافق 4 يونيو 1911م، وبصحبته من العساكر 4800 نسمة على حد ما يذكر الشريف البركاتي(41).
وفود القبائل
ويذكر أيضاً أنه في أثناء إقامة دولة الشريف بالقوز وفدت عليه القبائل التي حاربته بالأمس معلنة توبتها وندمها على ملاءمة الإدريسي في ثورته ضد الدولة العليّة، ومبدية استعدادها على نصرته، والذهاب تحت رايته في حربه ضد الإدريسي، وكذلك أبدوا تعهداتهم بدفع الزكاة الشرعية إلى القائمين عليها من قبل الدولة العليَّة، ومن أبرز الوافدين على دولته شيوخ حَلِيْ وهم أحمد الصُّمِّي، وابن الصغير، والشيخ عَجِي، يرافقهم مشايخ وادي يَبَه وهم: علي بن مديني، وأحمد بن خيرة، والبيطلي(42). ويصف البركاتي قبائل وادي حلي ووادي يَبَه بأنهم من أعظم قبائل تهامة في العدد والعدة، وأنهم مشهورون بالشجاعة، ويذكر أن الشريف حسين استقبلهم بالترحاب، ووعظهم، وعفا عنهم بعد أن تعهدوا له بالسمع والطاعة للدولة العلية كما تقدم. كما يصف هذين الواديين (يَبَة وحَلِيْ) بأنهما من أشهر الأودية في تهامة، ومن أكثرها خصباً وزراعة وغطاءً نباتي، واتساع في أطيانهما التي تُعَدُّ في نظره من أجود الأطيان، والتي يقدرها بسبعين ألف فدان بالنسبة لوادي يبة، وبثلاثة أضعاف هذه المساحة بالنسبة لوادي حلي(43). وبعد إقامة امتدت لأكثر من عشرة أيام في القوز أمرهم الشريف حسين بالرحيل منها صوب أبها، فغادروها في الحادي والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة 1329هـ/ الموافق 18 يونيو سنة 1911م، فكانت محطتهم الأولى بعد القوز في قرية مُشْرِف المطلة على وادي يبة من الشمال(44)، ثمَّ منها في اليوم التالي إلى جمعة رَبِيْعَة الواقعة حاليّاً بمحافظة بارق – منطقة عسير، وبها سوق معروف يقام كل يوم جمعة، ويقدّر البركاتي أن عدد من يحضره من القبائل المجاورة للبيع والشراء عشرون ألفاً، ولا يمسي المساء إلا وهم متفرقون كل إلى وطنه(45). وهذا التقدير في عدد الذين يحضرون سوق يوم الجمعة في يوم إقامته غير دقيق، لأنني حضرته شخصيّاً أكثر من مرة في مطلع شبابي فوجدته من الأسواق المعتدلة في عدد المتسوِّقين إليه، ولا أظنهم يتجاوزون الألفين، بل إن أسواقاً كبرى مشهورة في تهامة منها في محافظة القنفدة: سوق الخميس في القَوْز، وسوق الأحد في كِيَاد بحَلِيْ، وسوق الأحد أيضاً بالمُظَيْلِف، وفي منطقة عسير: سوق السبت بمحائل، وربوع العَجَمَة ببَارِق، وسوق الاثنين بالأَجَارِدَة لا أظن أيّاً منها على كبره يصل عدد المتسوقين فيه إلى نصف هذا العدد (46).
المبالغة في تقديرات الأرقام
بقي أمر آخر جدير بالإشارة، وهو أنَّ مؤلف هذه الرحلة عنده مشكلة في تقدير الأرقام، حيث إنه يبالغ فيها بدرجة لا يمكن أن يتصورها عقل. ولا نعرف ما إذا كانت هذه التقديرات من بنات أفكاره وحده، أم إنها من مبالغات الرواة الذين تلقاها عنهم، ولا سيما شيوخ القبائل الذين عادة ما يبالغون في أعداد قبائلهم وعدتهم وعتادهم، وهذا ينطبق حتى على القسم الجغرافي من الرحلة الذي لا يدخل ضمن هذه الدراسة، وفيه من تقديرات الأرقام ما ينبغي أخذها بحذر شديد. ومن أمثلة تقديراته التي نوردها هنا على سبيل المثال لا الحصر قوله إنَّ قبائل زهران يزيدون على 000,150 (مائة وخمسين ألف مقاتل)(47)، ومع تسليمنا بكبر قبيلة زهران إلا أنها في ذلك الوقت لا تصل بسائر أفرادها رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى عشر هذا العدد، فما بالكم وهؤلاء (000,150) من الرجال القادرين على حمل السلاح فقط! فإذا قدَّرنا أنَّ معدل الأسرة أربعة أشخاص، فذلك يعني أنَّ عدد سكان قبيلة زهران حينذاك 000,600 نسمة، أي أضعاف مضاعفة لعددهم اليوم، بل أكثر من سكان منطقة الباحة في آخر تعداد للسكان بالمملكة، أي بعد أكثر من مائة عام، وهو 400 ألف نسمة بمن فيهم قبائل غامد وزهران ومَن سَاكَنَهم من الفئات الأخرى بمَن فيهم العمالة الأجنبية الذين يشكلون نسبة عالية من سكان المملكة العربية السعودية، سواء أكانوا في الباحة أم في غيرها(48).
ومن التقديرات المبالغ فيها عند البركاتي قوله إنَّ المقاتلين من قبيلة بني زَيْد يبلغون 000,125 (مائة وخمسة وعشرين ألف مقاتل)(49)، وهذا الرقم مبالغ فيه جداً؛ لأنَّ محافظة القنفدة كلها في ذلك الوقت لا أعتقد أنَّ تعداد سكانها بلغ هذا الرقم، فضلاً عن بني زيد الذين بلغ تعدادهم مع القبائل الأخرى المخالطة لهم من أشراف وسادة وطوالبة وزيالعة حسب آخر إحصاء 000,16 (ستة عشر ألفاً) ، وهذا الإحصاء يشمل النساء والرجال بمن فيهم الأطفال وكبار السن، فلو أعملنا النسبة الطبيعية للأسر فإننا نجد أنَّ القادرين على حمل السلاح قد لا يتجاوزون 2000 إلى 3000 فرد، هذا في وقتنا الحاضر ، فما بالكم بحال القبيلة قبل أكثر من مائة عام من الآن، وهذا قليل من كثير من تقديرات البركاتي الخاطئة والمبالغ فيها. وقد تأثر بتقديرات البركاتي بعض المؤرخين الذين جاؤوا بعده، واقتفوا أثره، ومنهم المؤرخ اليمني عبد الواسع الواسعي في كتابه(50) تاريخ اليمن المسمى: «فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن»، فضلّوا وأضلّوا.
يتضح مما تقدم أنَّ هذه الرحلة من أقدم وأشهر الرحلات في زمانها التي خرجت من مكة المكرمة إلى أبها مروراً بالقنفدة، ثم العودة إلى مكة عبر طريق آخر سَرَوِي نجدي مروراً بالطائف، وأنها تمثل وجهة نظر رسمية للجهة التي سار مؤلفها في ركابها بوصفه موظفاً رسميّاً من موظفي أمير مكة، ومن رجاله المقربين منه، ولهذا ينبغي أن تؤخذ معلوماتها عن الحملة بحذر شديد، ومع ذلك فهي لا تخلو من الفائدة والقيمة العلمية في وصفه للأودية التي قطعها، والمحطات التي توقّف فيها، وأسماء القبائل والمناهل والجبال التي اشتملت عليها، إلا أنَّ الأرقام الواردة فيها والمتعلقة بإحصاء القبائل، والمراحل بين المدن والقرى والمناطق مبالغ فيها بدرجة كبيرة، ولن يخفى على القارئ الفاحص ملاحظة ذلك، خصوصاً أنَّ تلك التقديرات، ولا سيما في أعداد أفراد القبائل جَرَت منذ أكثر من مائة عام في وقت كانت الجزيرة العربية كلها مخلخلة من السكان، وأنهم تضاعفوا أضعافاً مضاعفة عن ذي قبل، خصوصاً في وقتنا الحاضر الذي يشهد طفرة سكانية بسبب تقدم الطب واختراع الوسائل الصحيّة الحديثة.
الهوامش والإحالات والمصادر والمراجع
- انظر ترجمة المؤلف في: البركاتي، الشريف فيصل بن شرف بن عبد المحسن، «الشريف شرف بن عبد المحسن البركاتي – صاحب الرحلة اليمانية» في:
http://www.al-amir.info/inf4/include/plugins/article/article.php?action=s&id=87
ولمزيد من المعلومات عن المترجم له انظر الموقع نفسه للاطلاع على ترجمته الموسعة، والموثقة بقلم ابنه فيصل بن شرف بن عبد المحسن البركاتي كما تقدم.
- صَبْيَا: إحدى أهم مدن منطقة جازان في ماضيها وحاضرها، وتقع على الضفة الشمالية من وادي صَبْيَا الشهير، وكانت في زمن الرحلة عاصمة لدولة السيد محمد بن علي الإدريسي المتوفى سنة 1338هـ/ 1920م، وهي المذكورة في مطلع قصيدة زعيم صَبْيَا في زمانه القاسم بن علي الشريف الذروي ومنها:
مَن لَصَبٍّ هَاجَهُ نَشْـرُ الصِّبَـا
لـم يـَزِدْهُ البَيـْنُ إلا نَصَـبَـــــا
وأَسِـيـْــــــــــــرٍ كُلَّـمـَا لَاحَ لـــه
بَارِقُ القِبْلَةِ مِـن صَبْيَـا صَبَـا
العقيلي، محمد بن أحمد، المعجم الجغرافي للبلاد السعودية – مقاطعة جازان (الرياض: دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، 1389هـ/ 1969م) ص138-142.
- عن إجلاء الأتراك عن منطقة جازان بعد معركة الحَفَائِر التي وقعت في يوم الاثنين 10 جمادى الأولى عام 1329هـ/ الموافق 8 مايو عام 1911م، وفيها انهزم الأتراك شر هزيمة، انظر: شاكر، محمود، شبه الجزيرة العربية – عسير، (دمشق: المكتب الإسلامي 1396هـ/ 1976م)، ص238-239؛ العقيلي، محمد بن أحمد، المخلاف السليماني، (القاهرة: مطابع دار الكتاب العربي، 1379هـ/ 1959م، جـ2، ص97-98.
- أبها: مدينة سَرَوِيّة تقع في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، وهي العاصمة الإدارية لمنطقة عسير، وقبل الحكم السعودي كانت مقراً للمتصرف العثماني، ثمَّ عاصمة للأسر العسيريّة التي حكمتها. انظر: الحربي، علي إبراهيم ناصر، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية – منطقة عسير، (أبها 1417-1418هـ) جـ1، ص35 والصفحات التي بعدها؛ رفيع، محمد عمر، في ربوع عسير، (القاهرة: دار العهد الجديد للطباعة 1373هـ/ 1954م)، ص25-62.
- عن العساكر التي كانت مع الشريف حسين انظر: ابن الحسين، عبد الله، مذكراتي ط1، (عمّان: الأهلية للنشر والتوزيع 1409هـ/ 1989م)، ص62-63؛ العقيلي، محمد بن أحمد، مذكرات سليمان شفيق كمالي باشا، طـ1، (أبها: النادي الأدبي، 1405هـ/ 1984م)، ص72-74، العارف، يوسف حسين، أضواء على مذكرات سليمان شفيق كمالي باشا، ط1، (أبها: نادي أبها الأدبي، 1411هـ/ 1990م)، ص101-102.
- البركاتي، شرف بن عبد المحسن، الرحلة اليمانية للشريف حسين بن علي، (لندن: شركة دار الوراق للنشر المحدودة، 2007م) ص10.
- البركاتي، المصدر نفسه، والصفحة نفسها.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص14-15.
- العقيلي، مذكرات سليمان شفيق باشا، ص29.
- العقيلي، المصدر نفسه، ص30.
- العقيلي، المصدر نفسه، والصفحة نفسها.
- العقيلي، المخلاف السليماني، جـ2، ص156-166.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص16.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص19. وعن هذا الطريق انظر: الزيلعي، أحمد بن عمر، مكة وعلاقاتها الخارجية، (الرياض: عمادة شؤون المكتبات – جامعة الملك سعود 1401هـ/ 1981م) ص102-103، وانظر أيضاً: البلادي، عاتق بن غيث، بين مكة واليمن (مكة: دار مكة للنشر والتوزيع 1410هـ/ 1984م) ص10-13 والصفحات التي بعدها.
- كل هذه المسمَّيات معروفة بحسب الترتيب الذي أورده المؤلف، وهي مسمّيات لأودية وأمكنة معروفة ومأهولة حتى عصر الناس هذا، وتمتد من مكة المكرمة إلى أم الجِرْم بوادي قنونا على مسافة تقدر بنحو 350 كيلومتراً.
- أم الجِرْم: موقع ومورد ماء صالح للإقامة فيه من قبل العساكر، وقد سبق ذكره والإقامة فيه من قبل العساكر التركيّة التي غزت عسير وما حولها طبقاً لوثيقتين يوردهما عبد الرحمن عبد الرحيم عبد الرحمن، وتحدّد الوثيقة الأولى منهما المسافة بين أم الجِرْم وبين القنفدة بمسير ساعة، وهو تقدير مطابق للتقدير الذي يورده البركاتي. انظر: المؤلف نفسه، من وثائق شبه الجزيرة العربية في عصر محمد علي، جـ1، ص100-401.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص20-26.
- البركاتي، المصدر نفسه والصفحات نفسها، من أبرز الشيوخ الذين وفدوا على الشريف حسين بن علي في أثناء مروره بديارهم هم: شيوخ الأشراف ذوي حسن، وهم سكان الواديين: حَلْيَة أو الشاقة الشامية، وعُلْيَب أو الشاقة اليمانية، ومن محافظة القنفدة وفد عليه الشيخ محمد بن مرزوق شيخ قبائل زُبَيْد بمركز المظليف المعروف اليوم على بعد 300 كيلومتر إلى الجنوب من مكة المكرمة، والشيخ يحيى بن الدَّعَيِّس العَجَلاني، شيخ قبيلة العَجَالين بمركز المظليف أيضاً. انظر: البركاتي، المصدر نفسه، ص26-27.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص30-31. والقنفدة إحدى مدن الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، وتبعد عن مكة إلى الجنوب بنحو 370 كيلومتراً، وهي المركز الإداري لمحافظة تسمى باسمها: محافظة القنفدة، وتتبع حالياً لإمارة منطقة مكة المكرمة، وفي زمن الرحلة كانت قائمقامية تابعة لمتصرفية عسير.
- الفقيه، غازي بن أحمد، القوز تاريخ المكان وسيرة الإنسان، ط (1)، (الرياض: مطبعة الحميضي 1435هـ/ 2014م)، ص127، انظر الهامش، وعن مَخْشُوْش انظر أيضاً: الزيلعي، أحمد بن عمر، «المواقع الإسلامية المندثرة في وادي حلي» حوليَّات كلية الآداب – جامعة الكويت (الكويت: جامعة الكويت، الحولية السابعة، الرسالة 39، 1406هـ/ 1986م)، ص29، وما بعدها في صفحات متفرقة.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص33.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص34.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص34-38. نَجْلا الملك حسين المذكوران هنا هما: الملك فيصل بن الحسين ملك سوريا، ثم العراق بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا، والملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن.
- انظر: الفقيه، القوز، ص130 في المتن والهامش.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص29-30، وانظر عن هذه المعركة أيضاً: الفقيه، القوز، ص129-30.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، 40.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص41.
- ابن الحسين، مذكراتي، ص63.
- ابن الحسين، المصدر نفسه، ص64.
- ابن الحسين، المصدر نفسه والصفحة نفسها. وانظر عن هذه المعركة والهزيمة التي حلّت بالعساكر الشريفية والتركية، الفقيه، القوز، ص132-133.
- العقيلي، مذكرات سليمان شفيق باشا، ص73.
- ابن الحسين، المصدر نفسه والصفحة نفسها؛ العارف، أضواء على مذكرات سليمان شفيق، ص102.
- ابن الحسين، مذكراتي، ص64.
- ابن الحسين، المصدر نفسه والصفحة نفسها.
- المصدر نفسه، ص65-68، وانظر أيضاً: العارف، أضواء على مذكرات سليمان شفيق، ص102.
- ابن الحسين، المصدر نفسه، ص 68.
- المصدر نفسه والصفحة نفسها.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص38.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص45-46.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص46.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص47.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص47-48.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص52.
- البركاتي، المصدر نفسه، ص53.
قرية مُشْرِف وامتدادها شرقاً، هي آخر حدود محافظة القنفدة من تلك الجهة، ويليها من الشرق حدود قبائل ربيعة التابعة اليوم لمنطقة عسير. ويسكن قرية مشرف أسر من السادة الهاشميين، وبعض أفراد من قبيلة العمور المحادَّين لقرية مشرف من الشمال والغرب.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص73.
- كل هذه الأسواق الأسبوعية معروفة ومشهورة بمواقعها وبمعروضاتها التراثية، وقد تردّدت إليها كلها منذ ما يقرب من 50 عاماً، وهي لا تزال قائمة حتى عصر الناس هذا.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص35-36.
- عدد سكان منطقة الباحة بما فيها سكان غامد وزهران في عام 1394هـ /1974م (185.905) نسمات حاضرة وبادية انظر: رجب، عمر الفاروق سيد «الخريطة السكانية للمملكة العربية السعودية»، مجلة الدارة، العدد الثاني، السنة الرابعة رجب 1398هـ/ يونيو، 1978م، ص210.
- البركاتي، الرحلة اليمانية، ص32.
- انظر الطبعة الثانية (الدار اليمنية للنشر والتوزيع 1402هـ/ 1982م)، ص113-118.