موسوعة مساجد الإمارات محور ندوة مركز بن حويرب للدراسات

مجالس

 1,731 عدد المشاهدات

مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي

-جمال بن حويرب: تاريخ مساجدنا أهمل كثيراً وحبذا لو تطبع الموسوعة تجارياً

-كامل يوسف: مساجد المستقبل تجمع بين البساطة والقوة

د. أحمد الحداد: ” إسلامية دبي ” تخطط لبناء المساجد الخضراء مستقبلاً

 

طالب المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الجهات المعنية والباحثين بتوثيق وتسجيل مساجد الإمارات التي قد يربو عددها على 7000 مسجد ، سواء من الناحية التاريخية و العمرانية ، أو ما يتعلق بها من قصص وحكايات جميلة ، معرضة للنسيان والاندثار بسبب رحيل الرعيل الأول الذي عاصربنائها ، أو كان شاهداً على فترة إنشائها .

جاء ذلك في جلسة نظمها مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء الأحد الماضي بعنوان ” إطلالة عمرانية على المساجد في الإمارات “ تحدث فيها الباحث والمترجم  كامل يوسف حسين عن «موسوعة مساجد الإمارات»، التي أصدرتها صحيفة «البيان» في العام (2013)، برعاية مؤسسة خلف أحمد الحبتور للأعمال الخيرية . وذلك بحضور كوكبة من المسؤولين والمثقفين والمهتمين يتقدمهم د. أحمد عبدالعزيز الحداد ، مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري ، محمد علي بن زايد الفلاسي المدير التنفيذي لقطاع شؤون المساجد في الدائرة  ، الباحث والمستشار في الشؤون التراثية عبدالله المطيري ، الكاتب والشاعر د. شهاب غانم ، رجل الأعمال سالم الموسى ومحمد الدراجي القنصل العام الجزائري في دبي ، إضافة إلى عدد من الإعلاميين والصحافيين.

قال بن حويرب ، إن المساجد تعتبر أحد أهم أعمدة تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ، وتمثل ذاكرة المنطقة ، ومسجلو الأحداث والوقائع لا نجدهم إلاّ في المساجد ،  لكن من الملاحظ أن تاريخ مساجدنا أهمل كثيراً ، ولم يهتم به أحد ، ومن هنا تأتي دعوتنا إلى تسجيله وتوثيقه ، وتبرز أهمية هذه الموسوعة التي كلفت زميلنا كامل يوسف ثلاثين عاماً من الجهد والمتابعة والتوثيق .

وهي لاشك موسوعة فريدة ، و من الكتب النوعية المتخصصة التي تناولت، بالكلمة والصورة، جماليات عمارة وزخارف أبرز المساجد في الإمارات، وذلك باللغتين العربية والإنجليزية  ، ولا توجد في الأسواق ، وحبذا لو تكرم طابعها الأول رجل الأعمال والوجيه خلف الحبتور بطباعتها تجارياً ليتسنى للجميع الحصول عليها.

عشرة فصول

بدأ كامل يوسف القول إن ما تحتويه هذه الموسوعة التي تعد الأولى من نوعها ، تعتبر بمثابة نهر متدفق ومستمر، كونه من الموضوعات الشيقة لأن فيها كثيراً من الحقائق الملتبسة وغير الواضحة. وأضاف … يمكن أن نقسم هذه الدراسة إلى قسمين: الأول يمثل إطلالة عمرانية على مساجد الإمارات.

والثاني يلقي الضوء على ملامح مستقبل عمارة المساجد في الإمارات، أي كيف نتصور بناء مساجد الغد.

واستطرد المحاضر…تتضمن الموسوعة عددا كبيرا من الصور لمساجد الدولة التي يبلغ عددها حسب أحدث الإحصائيات 6527 مسجدا، ومجموعة من الرسوم المعلوماتية الدقيقة، وتسلط الموسوعة الضوء على التطور المعماري لمساجد الإمارات، ابتداء من المساجد التاريخية التي تعود إلى العصور الإسلامية الأولى، ووصولا إلى التي شيدت مؤخراً.

وقد قدم قسم التصوير في “البيان”، وبخاصة الزميل المصور وليد قدورة الذي كان ينطلق معي الساعة الرابعة فجراً، مجموعة الصور الفريدة التي تحتويها الموسوعة، كما نفذ قسم الرسوم المعلوماتية مجموعة الرسوم البيانية بها.

وأضاف … تقع الموسوعة، بالإضافة إلى التصدير والمدخل والمقدمة، في عشرة فصول، تتبعها الهوامش التي تشكل في ذاتها إضافة إلى الإطار المعرفي لها.

دراسة علمية

أشار كامل يوسف، إلى أن الدراسات التاريخية المتوافرة عن المساجد في الإمارات لا تكفي لتقديم دراسة وافية، متمنياً تحقيق مبادرة لدراسة علمية أكاديمية لفنون وعمارة تلك المساجد.

وقال في الفصل الأول، نقرأ الملامح الرئيسة في عمارة مساجد الإمارات، التي يبلغ عددها حسب أحدث إحصائيات الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف نحو 6527 مسجدا.  مع إلقاء الضوء على مسيرة تطور عمارة المساجد بصورة عامة، من حيث جماليات المكان كإطار لتأمل عمارة المساجد، إضافة إلى وجود سلسلة من الملاحظات حول جماليات المكان في عمارة المساجد الخليجية .

وأضاف هناك أربع عشرة نقطة مهمة، أبرزها العلاقة المركبة بالتراث وطموح البرنامج الإنشائي وثراء المشاريع الزخرفية.

وفي الفصل الثاني، لدينا دراسة نادرة لمساجد الإمارات التاريخية والأثرية، حيث يلتقي القارئ بمجموعة مهمة من الحقائق، في مقدمتها عدم صحة المعلومة المنتشرة التي تفيد أن أقدم مساجد الإمارات هو مسجد البدية، بينما تشير أحدث الأبحاث الميدانية للباحث وليد التكريتي إلى أن المسجد الذي يحظى بهذا التوصيف هو مسجد مهم يعود إلى العصور الإسلامية ، تم العثور على آثاره في مدينة العين.

وفي الفصل الثالث نقرأ لمحات من عمارة المساجد في أبوظبي، حيث نجد الحقائق الأساسية التي تدور حول هذه المساجد من الناحية المعمارية ، وأبرز ملامح عمارة المساجد في إمارة أبوظبي، مع التركيز الطبيعي والمنطقي على مسجد الشيخ زايد بن سلطان الجامع الكبير، والتطرق إلى دراسة مختلف جوانب برنامجه الإنشائي ومشروعه الزخرفي.

مسجد الشيخ زايد

قال المحاضر إن أول تأريخ رسمي للمساجد القديمة في إمارة أبوظبي يعود إلى العام 1979، انطلاقاً من جزيرة دلما والتي وضع البروفيسور س. سليزيو خططاً لترميمها. وتناول من المساجد نموذجين: الأول، جامع العتيبة، والذي هدم وشيد مكانه جامع الشيخ خليفة بن زايد الأول..وشيد عام 1936 في شمال غرب الحصن. مع الإشارة إلى خصوصية المساجد التاريخية في أبوظبي التي كانت تخلو من المآذن ،وذلك تبعاً للتراث الإسلامي القديم جداً.

ومسجد الشيخ زايد الجامع الكبيرالذي يتسع لنحو 41 ألف مصل ، وله أربع مآذن على الطراز المملوكي ، ويضم 72 قبة موحدة التصميم ، تستمد إهامها من قباب المساجد المملوكية في الهند .

مع دراسة لبنيته المعمارية التي تعكس جوهر تقاليد فنون إسلامية من حضارات مختلفة. ومسجد حمودة بن علي الظاهري في العين، المبني على طراز العمارة المغربية.

مساجد دبي

أضاف كامل يوسف قائلاً: في دبي فاقترن ازدهار التجارة في أواخر القرن التاسع عشر، بالإقبال على تشييد المساجد في المناطق السكنية والتجارية، وفي مقدمتها المسجد الكبير الذي يقع على خور دبي ويتميز بطرازه الفريد ومئذنته، وقبابه البالغ عددها 25 قبة. كما يعد مسجد الشيوخ أول مسجد في منطقة الشندغة، حيث شيد عام 1897 بمساحة قدرها 220 متراً مربعاً.

ويبلغ عدد المساجد التاريخية فيها 20 مسجداً، من ضمنها: الجامع الكبير ومسجد الفاروق.

واستطرد … نتعرف على جماليات عمارة المساجد في دبي من خلال 14 مسجداً من فئة المساجد الجامعة، التي يأتي في مقدمتها: مسجد جميرا الجامع الكبير، مسجد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في منطقة جميرا الرابعة، مسجد الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم في منطقة بور سعيد. بالإضافة إلى إبراز التفاصيل الفنية في مسجد تهتم به المراجع والمصادر العالمية تقليديا، وهو مسجد محمد بن مدية في ديرة.

وبالمجمل، تعكس تلك الجوامع ثراء المنجز المعماري، على امتداد الإمارة، مع الحرص على ترميم وتجديد المساجد القديمة.

مسجد الفاروق

يعد مسجد الفاروق عمر بن الخطاب، في منطقة الصفا الأولى في الجميرا، واحداً من أبرز مساجد الإمارات، والذي شيّد بمبادرة من رجل الأعمال خلف الحبتور، بهدف تعزيز قيم الثقافة العربية والإسلامية، ونشر الوسطية والتسامح والتواصل الروحي والفكري.

شيد المسجد عام 1986، وجرى توسيعه عام 2003، ليعاد بناؤه عام 2010 لفتتح في شهر رمضان من عام 2011. ويتميز المسجد بجماله المعماري والزخرفي ورسالته المجتمعية الروحية والحضارية.

مساجد الشارقة

أضاف المحاضر … في الفصل الخامس، نلتقي طويلا بمساجد لها أهميتها المعمارية.  وقد ارتبط فن العمارة في الشارقة بمفهوم الثقافة، لتتوجه نحو بلورة هوية ثقافية واضحة، تتصدى لبرنامج عمراني كبير يشمل ترميم أهم مناطق البيئة الحضرية التقليدية.

وكان مسجد الشارقة الجامع في الشارقة: «مسجد صلاح الدين الأيوبي سابقاً»، نقطة الارتكاز في مدينة الشارقة القديمة. ولم يبق من أصل 21 مسجداً قديماً فيها، سوى خمسة مساجد، من بينها: المسجد الجامع.

ومن بين أبرز المساجد في الشارقة: مسجد النور على كورنيش الشارقة المستلهم من العمارة العثمانية (الذي بني عام 2005)، مسجد الملك فيصل القريب من حديقة الاتحاد الذي يتسع لأكثر من 16 ألف مصل.

في رأس الخيمة

وفي رأس الخيمة أسفرت عمليات مسح الآثار عن تسجيل ما يزيد على 30 مسجداً لها صفات خاصة ببنائها المعماري، وتعود إلى القرن التاسع عشر.

وتتوالى فصول الموسوعة، لينطلق القارئ في رحلة فريدة مع عمارة المساجد في عجمان في الفصل السادس وذكر مسجد راشد بن حميد النعيمي ، ومسجد فاطمة بنت علي النعيمي ، حيث يتجلى فيهما جمال الزخرف للعمارة سواء في الزخارف الهندسية، أو في تعدد العناصر الزخرفية كالمقرصنات والتيجان .

 ومع إطلالة على ملامح إمارة المساجد في أم القيوين في الفصل السابع ذكر المحاضر مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان ، الذي يعد من المساجد المتميزة من الناحية العمرانية ، وقد أنشئ في العام 2003.

وصولا إلى خطوات واثقة في مسيرة عمارة المساجد في الفجيرة، مع وقفة خاصة عند مسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الجديد، الذي يعتبر ثاني أكبر مسجد يشيد في الدولة. إذ يحمل ملامح المساجد الحديثة التي تستلهم تصميمها من العمارة المملوكية، إضافة إلى مسجد البدية الأثري الذي يقول البعض أن بناؤه يعود إلى 500 سنة خلت.

مستقبل عمارة المساجد

وفي الفصل العاشر ، الذي يعد من أهم فصول الموسوعة، ألقي المحاضر الضوء على دراسة تفصيلية لمستقبل عمارة المساجد في الدولة، حيث تناول الوضعية الراهنة لعمارة المساجد في إطار المشروع الثقافي في الإمارات، ثم انتقل إلى دراسة العلاقة بين عمارة المساجد والهوية الوطنية، ثم سمات عمارة المساجد ، وعرض العلاقة بين عمارة مساجد الإمارات والحداثة، وتطرق إلى قضية مهمة بالنسبة للباحثين في مجال العمارة، وهي وضعية المساجد الصغيرة في البيئة المبنية في الإمارات، ليصل ِإلى استشراف تحولات المستقبل في عمارة مساجد الإمارات ، ولينطلق إلى قراءة لملامح مستقبل عمارة هذه المساجد، حيث يقدم ثمانية ملامح رئيسة . تلخصت في:

-اندراج عمارة الإمارات في عناصر تأكيد هويتها الوطنية.

-محدودية استخدام العمارة الأهلية في مساجد الإمارات.

-الجمع بين المساجد الصرحية ومساجد الأحياء الصغيرة.

-الحرص على الجمع بين عناصر الصورة الإسلامية للمسجد.

-مخاطبة السياق الاجتماعي في تصميم المساجد.

-العلاقة المركبة بالتراث العربي والإسلامي في تصميم المساجد.

-الميل إلى الجمع بين البساطة والقوة.

-السعي لتحقيق البعد الجمالي عن طريق المسجد المفرد.

شكل موحد للمآذن

 أوضح كامل يوسف أنه اعتُمد في دبي شكل موحد للمئذنة لجميع المساجد، وذلك مع إتاحة الفرصة للمعماريين والقائمين على المساجد، لاعتماد الطراز المعماري الذي يتوافق مع جماليات المنطقة التي يشيد بها المسجد، وخدماتها.

المساجد الخضراء

في معرض تعليقه على ما ورد في المحاضرة قال الدكتور أحمد الحداد مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي ، إن لدى الدائرة مشروع للمساجد الخضراء ، الصديقة للبيئة ، مع الحفاظ على قدسيتها ، وجمالية بنائها والتأكيد على أساسية المنارة في إنشائها.

أما محمد علي بن زايد الفلاسي المدير التنفيذي لقطاع شؤون المساجد في الدائرة فتحدث عن أهمية المساجد في حياة المسلمين ، وضرورة الاعتمام ببنائها وزخرفتها ، وذكر مسجد بن زايد في منطقة الشندغة الذي بناه جده في خمسينيات القرن الماضي . وقال إن الدائرة تتبنى مشروع مسجد ” 10-×” ، القائم على البساطة في المستقبل ، مع الحفاظ على جمالية البناء والزخرفة.

سيرة ذاتية

كامل يوسف حسين

٭ بكالوريوس العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في 1971، وماجستير العلوم السياسية من الكلية ذاتها في 1979.

٭ مؤلف ومترجم ومراجع 80 كتاباً أبرزها:

– رباعية «بحر الخصب» ليوكيو ميشيما

– «حكاية جينجي» لموراساكي شيكيبو

– «الاغتراب» لريتشارد شاخت

– «الموت في الفكر الغربي» لجاك شورون

– «الفكر الشرقي القديم» لجون كولر

٭ مدرب ورشة الترجمة في برنامج دبي الدولي للكتابة.

٭ عضو لجنة التحكيم في جائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2006.

٭ عضو لجنة التحكيم في حقل الترجمة بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2007.

٭ عضو هيئة تحرير مجلة «شؤون أدبية» الصادرة عن اتحاد كتاب الإمارات.

٭ حاصل على جائزة العويس للابداع عام 2016.

٭رئيس قسم الترجمة في صحيفة ” البيان” لأكثر من ثلاثين عاماً.