3,920 عدد المشاهدات
الكاتب: د. عبد الحكيم الزبيدي – كاتب وباحث وأستاذ جامعي إماراتي
رغم مضي خمسين عاماً على وفاة الأديب الكبير علي أحمد باكثير (1910- 1969م)، إلا أنَّ حياته ما زال يحوطها كثير من الغموض، حيث كان رحمه الله قليل الحديث عن نفسه، ولم يكتب مذكرات تضيء جوانب من حياته. ومن الأمور التي يكتنفها الغموض أسرته في إندونيسيا؛ والدته وأشقاؤه، وذلك لبعد المسافة بينهم وبين أسرتيه في حضرموت ومصر، وصعوبة التواصل معهم في السابق. وسنحاول في السطور التالية إلقاء بعض الضوء على هذا الجانب، حيث أتيح لكاتب المقال أن يزور إندونيسيا ويلتقي أفراداً من أسرة باكثير هناك؛ منهم أبناء أشقائه وشقيقاته.
باكثير في سطور:
لعلَّ من المناسب أن نبدأ بتعريف القارئ نبذة يسيرة عن الأديب علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي، الذي وُلِدَ في مدينة سورابايا بمقاطعة جاوة الشرقية في إندونيسيا في 21 ديسمبر سنة 1910م لأبوين عربيين من حضرموت في اليمن. وحين بلغ العاشرة من عمره سافر به والده إلى حضرموت لينشأ هناك نشأة عربية إسلامية مع إخوته غير الأشقّاء في مدينة (سيئون)، وهناك تلقّى علوم الدين الإسلامي واللغة العربية والأدب على يد شيوخ أجلاء؛ منهم عمه محمد بن محمد باكثير الذي كان شاعراً ونحوياً وقاضياً، وكانت لديه مكتبة ضخمة أفاد منها باكثير في الاطلاع على مختلف العلوم الدينية والأدبية. وقد أقام باكثير في حضرموت قرابة عشر سنوات غادرها خلالها مرة واحدة بين عامي 1926-1927م إلى إندونيسيا وسنغافورة، حيث زار والدته وأقاربه ومكث هناك عاماً وبضعة أشهر، ثمَّ عاد إلى حضرموت وتزوَّج في سن مبكرة بفتاة أحبَّها وملكت عليه شغاف قلبه، ولكن سعادته لم تكتمل حيث توفيت تلك الزوجة بعد مدة قصيرة من زواجهما؛ فغادر إثر ذلك حضرموت عام 1932م إلى عدن أولاً، ثمَّ إلى الحجاز وأخيراً إلى مصر عام 1934م التي استقرَّ بها والتحق بجامعتها وعمل فيها بعد تخرُّجه بالتدريس أولاً، ثمَّ في وزارة الثقافة والإرشاد القومي وتزوَّج بسيدة مصرية لها ابنة من زوج سابق ولم يُرْزَق باكثير بأبناء من زوجته المصرية، أمّا زوجته الحضرمية فقد ولدت له طفلة أسماها (خديجة) توفيت بعد وفاة أمها بمدة قصيرة. وتوفي باكثير في مصر في العاشر من نوفمبر سنة 1969م.
مكانته الأدبية:
بدأ باكثير حياته شاعراً، وحين توفي والده سنة 1925م رثاه بقصيدة عصماء في أكثر من ستين بيتاً، مطلعها([1]):
عبثاً تحاول أن تُكفَّ الأدمعا
وأبوك أمسى راحلاً مستودعا
كيف السُّلوُّ وما مررتَ بموضعٍ
إلا وساد الحزنُ ذاك الموضعا
وظلَّ باكثير ينظم الشعر على طريقة الأقدمين مقتفياً آثار امرئ القيس وشعراء المعلقات والعصرين الأموي والعباسي، وحين قدم إلى مصر كان معه ثلاثة دواوين مخطوطة، هي نتاج ما كتبه من شعر في حضرموت وعدن والحجاز، وكان ينوي طبعها في مصر، ولكنه حين اطلع على دعوات التجديد في مصر ومدرسة الديوان وأبولو، عدل عن طبع دواوينه، ولم ينشر إلا قصيدة مطولة نظمها في الحجاز بعنوان (نظام البُردة أو ذكرى محمد) معارضاً بها بردة البوصيري، ومسرحية شعرية نظمها أيضاً في الحجاز حين اطلع لأول مرة على مسرحيات شوقي الشعرية، فكان أن حاكاها بمسرحية شعرية بعنوان (هُمام أو في عاصمة الأحقاف) يحكي فيها قصته في حضرموت ودعوته الإصلاحية إلى نبذ الخرافات والعودة إلى منابع الدين الصحيح، ووفاة زوجته.
ثمَّ التحق باكثير بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً)، واطلع على الشعر الإنجليزي وانبهر به وبخاصة شكسبير، فتغيَّرت نظرته للشعر ولم يعد هو فنه الأول وإنما توجه إلى المسرح والرواية، فبدأ أولاً بكتابة المسرحية الشعرية (أخناتون ونفرتيتي) عام 1938م وهو ما يزال طالباً بالجامعة، كتبها بالشعر التفعيلي أو الحر كما يُعرف اليوم، وأسماه باكثير (الشعر المرسل المنطلق)، وذلك بعد أن استفاد من ترجمته لمسرحية (روميو وجولييت) بالشعر التفعيلي عام 1936م، بأن اختار بحر المتدارك ليصوغ عليه مسرحيته، وكان قد زاوج في ترجمته بين البحور ذات التفعيلة الواحدة المكررة، مثل الوافر، والرمل، والمتدارك .. إلخ، وهي التي أسمتها نازك الملائكة بعد ذلك بالبحور الصافية. ولكن تجربة باكثير كانت مبكرة جداً بالنسبة إلى عصره فلم تستسغها الآذان التي كانت تألف النظم التقليدي، ولم يحفل بها أحد من النقاد إلا إبراهيم المازني الذي كتب مقدمة لطبعتها الأولى سنة 1940م، فانصرف باكثير عن هذا الضرب من الشعر، بعد أن كان ينوي الاستمرار فيه، بل إنه كتب مسرحية أخرى بالشعر التفعيلي بعنوان (الوطن الأكبر) ولكنه لم ينشرها، وأعاد صياغتها نثراً ونشرها بعنوان (إبراهيم باشا)، ثمَّ طبعت (الوطن الأكبر) بعد وفاته. وأصبح باكثير يكتب المسرحية نثراً، وكتب أوبرا (قصر الهودج) بالشعر المقفى، وكذلك أوبريت (شادية الإسلام).
وقد ترك باكثير أكثر من ستين مسرحية نثرية، أشهرها (ملحمة عمر) التي تروي قصة حياة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب منذ توليه الخلافة حتى وفاته وتقع في (19) جزءاً، وقد توفي باكثير وهي قيد الطبع وصدرت عن دار البيان في الكويت في عام 1970م. وكتب باكثير إلى جانب المسرحية الرواية، ورغم أنه لم يكتب إلا ست روايات إلا أنَّ رواياته لقيت صدىً كبيراً، حيث مثلت اثنتان منها في السينما (سلامة القس) و(وا إسلاماه)، والأخيرة قرّرت على طلاب الثانوية في مصر وعدد من البلاد العربية. وكان باكثير قد حصل على جائزة عن كل من هاتين الروايتين مناصفة مع الأديب الكبير نجيب محفوظ([2]). أمّا مسرحياته فقد مثلت بعضها على المسرح، مثل: (سر الحاكم بأمر الله) و(جلفدان هانم) و(قطط وفئران) و(الفلاح الفصيح)، و(سر شهرزاد)، و(شعب الله المختار)، و(حبل الغسيل) و(مسمار جحا) التي تحوّلت أيضاً إلى فيلم سينمائي. وقد ظلَّ باكثير يكتب الشعر وينشره في الصحف والمجلات حتى وفاته، ولكنه لم يجمعه في ديوان في حياته، وبعد وفاته طبع له ديوانان هما (أزهار الربى) الذي يحوي قصائده التي نظمها في حضرموت قبل مغادرته لها عام 1932م، وديوان (سحر عدن) الذي يحوي القصائد التي نظمها خلال إقامته في عدن بين عامي 1932-1933م، وما زالت بقية أشعاره مخطوطة لم تطبع في ديوان.
أسرة باكثير في إندونيسيا:
لعلَّ أقدم وأشمل كتاب تناول حياة باكثير هو كتاب الدكتور أحمد عبد الله السومحي وهو في الأصل رسالة ماجستير تقدَّم بها الباحث إلى جامعة الأزهر الشريف سنة 1975م. ورغم أنَّ الباحث قد ذكر كثيراً من المعلومات القيّمة عن حياة باكثير في حضرموت، إلا أنَّ حديثه عن أسرته في إندونيسيا وحضرموت جاء مقتضباً وغير موثق نظراً لقلة المصادر حول هذا الموضوع. فمثلاً لم تتوافر لديه معلومات عن والدة باكثير: “أمّا الأم فلا نعرف شيئاً عنها حتى اسمها”([3])،
كما ذكر أنها “توفيت بعد استقراره في مصر، ولكن لا يُعلم سنة وفاتها”([4]). وحين تحدث عن إخوة باكثير ذكر أنَّ له إخوة أشقاء هم: (1) أبوبكر (2) حسن (3) عبد القادر (4) بنتان([5]). وظاهر كلامه أنَّ الأرقام تشير إلى ترتيب الذكور منهم حسب السن، ولكن الواقع غير ذلك، فترتيب أشقائه حسب السن هو: (1) عبد القادر (2) أبوبكر (3) حسن، وأمّا شقيقاته فعددهن أربع لا اثنتان، وسيأتي تفصيل ذلك. كما ذكر أنَّ له إخوة غير أشقاء وهم: (1) عمر (2) عبد الرحمن (3) محمد (4) بنتان([6]). وقد علمت أنَّ إخوة باكثير في حضرموت ليسوا أشقاء من أم واحدة، وأنَّ أخوات باكثير في حضرموت هنَّ ثلاث: سلمى وشيخة وأم هاني([7]). أمّا محمد فقد توفي في سنة 1931م ورثاه باكثير بقصيدة منها قوله([8]):
هذا أخي ابن الكريمِ (محمدٌ)
اليوم مأتمُه وأمس زفافُه
وقد ترك ابنة وحيدة، وأمّا عبد الرحمن (ترك ثلاثة أبناء: أحمد وسالم ومحمد وابنة) فتوفي في السبعينيات من القرن الماضي، وأمّا عمر فتوفي سنة 1988م (ترك ثلاثة أبناء: محمد ومحمود وعلي، وثلاث بنات)([9]).
ومن الأمور الذي تضطرب حولها المعلومات تاريخ زيارة باكثير إلى إندونيسيا ومدة مكثه فيها، فالسومحي يذكر أنَّ ذلك كان “من شعبان عام 1345 إلى شوال عام 1346ه”([10]). ويكرِّر الدكتور محمد أبوبكر حميد هذه المعلومة في مقدمة ديوان (أزهار الربى)([11]): “من شعبان 1345ه الموافق مارس 1927 إلى شوال 1346ه الموافق إبريل 1928”. ولكننا نصطدم بما يناقض ذلك في نفس الديوان، حيث جاء فيه: “قالها راثياً أخاه الأكبر الشاب الأديب الفاضل الكريم عبد القادر بن أحمد بن محمد باكثير المتوفي بسورابايا في 21 جمادى الأولى سنة 1345ه الموافق 26 نوفمبر 1926م وكان قد بلغه خبر وفاته وهو بسنغافورة في طريقه إلى جاوا”([12]). فهذا نصٌّ قاطعٌ أنَّ باكثير كان في سنغافورة في جمادى الأولى سنة 1345ه؛ أي قبل التاريخ الذي ذكره السومحي وحميد بثلاثة أشهر تقريباً. ويصحح الدكتور حميد السنة الميلادية في مقدمة ديوان (سحر عدن) دون أنَّ يحدد الشهر: “ويضطر شاعرنا العاشق إلى السفر إلى إندونيسيا سنةً 1345ه/1926م“([13]).
وقد قدر لي أن أزور سورابايا مرتين خلال عامين متتاليين: 2017-2018م، حيث شاركت في العام الأول في ندوة عن الأديب باكثير عقدت في مدينة سورابايا مسقط رأس باكثير، وهناك التقيت بعضاً من أبناء أشقائه وشقيقاته، وزرت المنزل الذي ولد فيه باكثير. وقد تفاجأت إذ أطلعوني على ترجمات لبعض أعمال باكثير إلى اللغة الإندونيسية، مثل مسرحية (ملحمة عمر)، ورواية (الفارس الجميل). وفي عام 2018م تلقيت دعوة للمشاركة في ثلاث ندوات تعقد عن باكثير في كل من: (جاكرتا)، و(سورابايا)، و(جمبر)، وذلك لإطلاق ترجمة إلى الإندونيسية لمسرحيته (عودة الفردوس) التي كتبها سنة 1946م عن استقلال إندونيسيا وصوّر فيها كفاح الإندونيسيين في مقاومة الاحتلالين الهولندي والياباني. وقد مُثلت مشاهد من المسرحية باللغة الإندونيسية في ندوة (جمبر) التي تبعد (200) كيلومترٍ من سورابايا، وهي مقر أسرة باكثير، وكان يقيم فيها خاله محمد بن عبد الرحمن أبو بسيط، وفيها أقام باكثير في ضيافة خاله أثناء زيارته لإندونيسيا بين عامي 1926-1927م. وقد التقيت هناك بقية أسرة باكثير وهم أبناء أشقائه وشقيقاته، وأبنائهم. وقد علمت من أسرة باكثير هناك أنَّ عدد أبناء الشيخ أحمد بن محمد باكثير من زوجته الإندونيسية هم 8، وترتيب (علي) فيهم هو الثالث، وهذه أسماؤهم حسب ترتيب ميلادهم، وما توافرت لديَّ من معلومات عنهم:
سقى الرحمن في (عمفيل) قبراً
تشرّف بالعظيم ابن العظامِ
وعمبيل (Ampel) اسم أقدم مسجد في سورابايا بناه (Sunan Ampel) عام 1421م وبجواره مقبرة.
- عائشة: قابلت ولدها: مصطفى عثمان مهدمي في سورابايا سنة 2017م وأهداني أجزاء من (ملحمة عمر) مترجمة للإندونيسية وسألت عنه حين زرت سورابايا في سبتمبر 2018م فقيل لي إنه قد توفي، رحمه الله وغفر له.
- علي
- شفاء
- خديجة
- أبوبكر: توفي في سورابايا سنة 1983م، قابلت أولاده في سورابايا سنة 2017م ثمَّ في جمبر سنة 2018م: غازي (ولد سنة 1946م) وعبد الرحمن (ولد سنة 1950م) وخالد (ولد سنة 1952م، درس الطب في مصر) وقاسم (ولد سنة 1957م).
- وابنه الأصغر مصطفى (توفي سنة 2010م)، ولهم ثماني شقيقات توفيت اثنتان منهن.
- رقية: قابلت ولدها: عبدالله محمد بارجاء (ولد سنة 1937م) في سورابايا سنة 2017م وسنة 2018م، وهو متزوج من (رشيدة) ابنة خاله أبي بكر، وهو الذي ألقى كلمة أسرة باكثير في الندوتين.
- حسن: درس في كلية دار العلوم في مصر، وكان شاعراً ينشر قصائده في مجلة (الرسالة) ولكنه لم يصدر ديواناً، وقد ذاعت شهرة قصيدته (البحيرة) بعد أن غنّاها المطرب السوداني (عبد الدافع عثمان)([16])، توفي حسن في سورابايا سنة 1970م([17])، وقد قابلت ولده عصام (ولد سنة 1955م) في سورابايا سنة 2017م و2018م. لديه ثلاثة أبناء آخرين: زهير (ولد سنة 1959م) وعبد الناصر (ولد سنة 1963م) وطارق (ولد سنة 1969م)، وبنتان.
وأم باكثير هي نور بنت عبد الرحمن بوبسيط، توفيت في يناير سنة 1953م([18])، وخال باكثير هو محمد بن عبد الرحمن بوبسيط (توفي سنة 1949م) وكان ميسور الحال يملك مصنعاً لمعالجة الأرز في (منقلي) وهي من ضواحي (جمبر)، وقد زرنا منزله في (منقلي) الذي يقع إلى جوار المصنع، وبجواره بقايا نهر، قيل لي إنه كان غزير الماء وكان باكثير يقضي معظم وقته على شاطئه خلال إقامته هناك. وقد وردت أسماء هذه المناطق في شعر باكثير الذي نظمه في إندونيسيا، كما في قوله([19]):
(مَدوريةٌ)( 2) عُطلٌ من الحَلي جيدُها
كفتها ثناياها عن اللؤلؤِ الرَّطبِ
تذكّرتُها في (سورابايا) ودارُها
بقريةِ (مَنقلي) بين (جمبر) إلى (رَمبي)
رأت عربياً فاستخفَّ بها الهوى
رآها فحلَّت منه بالمنزلِ الرَّحبِ
ولولا هوى حسناءَ من نسلِ يَعرُبٍ
لقد ملكت عينا (مَدوريةٍ) قلبي
كذلك علمت أنَّ خاله هو الذي كان ينفق عليه أثناء دراسته في مصر، وهذا فسّر لي سر إهداء باكثير مسرحيته الأولى التي كتبها في مصر وهي (أخناتون ونفرتيتي) إليه([20]):
“إلى الجامع بين العصامية وشرف الأرومة.. إلى مثال الجد والعمل والاستقامة والبر والتقوى والإحسان.. إلى خالي الأعز الأمجد الشيخ محمد بن عبد الرحمن أبو بسيط. أهدي هذه الدرامة الإلهية؛ اعترافاً برعايته الأبوية لي وفضله الكبير عليَّ وتقديراً لمكارمه ومزاياه”. علي أحمد باكثير 15 مارس 1940م.
فقد كنت من قبل أتساءل: عن أي رعاية أبوية يتحدَّث باكثير وهو قد غادر إندونيسيا طفلاً في العاشرة من عمره؟ ولكن هذه المعلومة التي سمعتها لأول مرة في (منقلي) فسّرت لي سرّ الإهداء، كما فسّرت لي بعض كلماته مثل: (الإحسان.. رعايته الأبوية لي وفضله الكبير علي).
بعض من مؤلفاته
أمّا شرف الأرومة التي يقصدها باكثير فهي في نسب آل أبي بُسيط (على التصغير)، فهذه العائلة ينتهي نسبها إلى بني أمية من قريش، كما قال ابن جندان([21]):
“بيت آل بوبسيط: أصحاب الحرفة والصفق في الأسواق من سكان بلد (هينن) من بلدان (دوعن) في حضرموت، من بني أمية بطن من قريش (..) وآل بوبسيط من ولد عنبسة بن أبي سفيان بن حرب الأموي أخي معاوية من أبيه وإليه يرجع نسب آل بوبسيط بحضرموت”.
وقد ذكر السومحي أنَّ باكثير لم يذكر والدته فيما اطلع عليه من آثاره الشعرية المخطوطة([22]). وكان باكثير قد كتب في عام 1955م أنشودة جميلة للأم تمَّ تلحينها وغناؤها في مناسبة (عيد الأم)، ومطلعها ([23]):
عيـدك يــا أمــي أبـهــج أعــيــادي
لــولاك يــا أمــي مـا كـان ميـلادي
قـلـبـك يـرعـانـي يـا بهجـة القـلـبِ
وليـس ينسانـي في البُعد والقربِ
فضلـك يــا أمــي مـا فـوقـه فـضـلُ
فـكـل خـيـرٍ لــي أنــتِ لــه أصـــلُ
عيدك يا أمي
كــيــف أوفِّــيـــكِ شيئاً من الدَّينِ؟
أو كـيـف أجـزيـكِ يــا قُــرَّة العـيـن؟
الله ذو الــمِــنَّـــة أوصـى بإكـرامـكْ
قـد جعـل الجـنّـة من تحت أقدامك
وقوله (وليـس ينسانـي في البُعد والقربِ) يدل على أنه يقصد أمه هو، لا مطلق الأم.
وهكذا نرى أنَّ حياة باكثير وأسرته في إندونيسيا وحضرموت ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث والتمحيص لتجلية غموضها، ولعلَّ الله ييسر ذلك في قابل الأيام. رحم الله باكثير فقد عاش حياة حافلة ثرية، وترك تراثاً أدبياً خالداً يستعصي على النسيان.
المراجع :
- باكثير، علي أحمد: ديوان أزهار الربى في شعر الصبا، تحقيق: محمد أبوبكر حميد، الدار اليمنية للنشر، بيروت، 1987م، ص 251
- الزبيدي، عبد الحكيم: علي أحمد باكثير بمناسبة مرور قرن على مولده، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2010، ص 51-52
- السومحي، أحمد عبد الله: علي أحمد باكثير حياته وشعره الوطني والإسلامي، نادي جدة الأدبي، 1983م، ص 32
- المرجع السابق، ص 33
- المرجع السابق، ن ص
- المرجع السابق، ن ص
- نقلاً عن الأستاذ علي بن عمر بن أحمد باكثير: لقاء به في منزله بمدينة شخبوط في أبوظبي بتاريخ 16/11/2019
- باكثير، علي أحمد: ديوان أزهار الربى في شعر الصبا، مرجع سابق، ص 256،
- وفي الأصل: ابن أبي الكريم، وبه يختل الوزن، ولعله: هذا أخي ابن الكرام
- نقلاً عن الأستاذ علي بن عمر بن أحمد باكثير، مرجع سابق
- السومحي، أحمد عبد الله: علي أحمد باكثير حياته وشعره الوطني والإسلامي، مرجع سابق، ص 38
- باكثير، علي أحمد: ديوان أزهار الربى في شعر الصبا، مرجع سابق، المقدمة ص 19-20
- المرجع السابق، ص 266
- الزبيدي، عبد الحكيم: قصيدة البحيرة تجد مؤلفها، مجلة الرافد، الشارقة، العدد (208)، ديسمبر 2014، ص 46-48
- تزوج في (سيئون) بحضرموت، وترك ابناً وحيداً (أحمد)
- باكثير، علي أحمد: ديوان أزهار الربى في شعر الصبا، مرجع سابق، ص 267
- السومحي، أحمد عبد الله: علي أحمد باكثير حياته وشعره الوطني والإسلامي، مرجع سابق، ص 30
- نقلاً عن عصام بن حسن
- باكثير، علي أحمد: ديوان أزهار الربى في شعر الصبا، مرجع سابق، ص 115
- باكثير، علي أحمد: أخناتون ونفرتيتي، دار الكاتب العربي، القاهرة، ط 2، 1967م، الإهداء، ص3
- باحاذق، عمر بن محمد: مختصر كتاب الدر والياقوت في معرفة بيوتات عرب المهجر وحضرموت، تصنيف: سالم بن أحمد العلوي المعروف بابن جندان، دار المأمون للتراث، دمشق، كنوز المعرفة، جدة، 2005م، ص 103
- السومحي، أحمد عبد الله: علي أحمد باكثير حياته وشعره الوطني والإسلامي، مرجع سابق، ص 32
- سعيد، محمد علي: لمحة تاريخية عن عيد الأم، موقع كنوز، تمَّ التصفح بتاريخ 13/11/2019، https://www.knooznet.com/?app=article.show.35168