1,737 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
السنوات التي قضيتها وأنا مجدٌّ في جمع عينات من دول خليجية شتى من أجل الوصول إلى الضالة المنشودة وهي التعرف إلى الأنساب المفقودة منذ قرون ووصل ما انقطع منها وليس هناك من وسيلة غير الحمض النووي (في ظني حينها) لأنه يصل إلى ١٠ آلاف سنة وأنا لا أريد أكثر من ٨٠٠ سنة ضائعة ولكن دخلت في متاهات عديدة جعلتني أتوقف وأقلب لفحوصات الحمض النووي ظهر المجن خاصة بعد أن شاهدت برنامجاً في بي بي سي يذكر الضيف وهو عالم في الحمض النووي يعمل محاضرا في جامعة تل أبيب وكان الحوار يدور حول واقعية معرفة السلالات اليهودية من خلال هذه الفحوصات فأجاب: لا يُعتد بها الآن ولكن قد نعتد بها بعد سبعين سنة!
قلتُ : هؤلاء اليهود الذين بدأوا هذا العلم يقولون نحتاج إلى سبعين سنة لتأكيد هذه الأنساب النووية الآن يجب علي أن أتوقف وأخبر من يعمل في هذا المجال أن يعيد حساباته لأن الأمر إذا خالطه الشك فعلينا أن نتركه ولا نشغل أنفسنا به خاصة ونحن العرب لدينا الموروث المتعارف عليه من أنسابنا وإن انقطعت سلسلة أسماء الأجداد وأيضا هناك عائلات كثيرة لديها مشجرات توارثوها منذ مئات السنين مثل الأشراف فماذا سيضيف لنا هذا العلم سوى الشك والعمل بالظن؟!
الوقفة الخامسة
سئلت كثيرا عن مصداقية شركات فحص الأحماض النووية وكيف تكونت؟ وهذا جواب مختصر وأصله طويل لعلي أنشره مبحثا متكاملا في مجلة مدارات ونقوش :
ذكرت سابقا بأن هذه الفحوصات تحتمل الصواب والخطأ وقد أثبتت التجارب بأنه إذا قام شخص بإرسال عينته لعدة شركات فإنه قد يحصل على نتائج مختلفة مما يدل على عدم توحيد هذه الشركات لفحوصاتها مما ينتج عنه نتائج مختلفة كما حصل للسيدة في برنامج ٦٠ دقيقة الشهير وهذا الأمر يشكك في مصداقية هذه الشركات جدا وإن كان بعضهم لا يزال يعتقد فيها إما من باب البحث العلمي أو فضولية العلم بالشيء.
هذا وقد تكونت هذه الشركات في العقدين الماضيين على أساس تجاري ربحي ولا علاقة له بالأبحاث كما يظن كثير من الناس ثم تطورت جدا وأصبحت تباع بالمليارات بعد أن جمعت كثيرا من المعلومات من الناس في معظم دول العالم وتوسعت أنشطتها كثيرا كشركة انسستري التي بدأت في النشر وأصبحت من كبرى الشركات في مجال الحمض النووي للأنساب وللصحة ولغيرها وقد عرضت للبيع بمبلغ خيالي وصل إلى ٤،٧ مليارات دولار في هذا العام مما يدل على أن أعمال هذه الشركات تجاري بحت ولا علاقة لها بالأبحاث وهناك أمر آخر يجب عدم التغافل عنه وهو هذه العينات الكثيرة ماذا يصنع بها؟ وكيف تستفيد منها الشركات بعد الفحص ؟
إذا سبق لك إرسال الحمض النووي الخاص بك إلى شركة فحص صحية أو سلالة لتحليلها ، فمن المحتمل أن تتم مشاركة بيانات الحمض النووي الخاصة بك مع أطراف أخرى لإجراء البحوث الطبية أو حتى لحل اللغز جريمة ما، إلا إذا طلبت من هذه الشركات عدم استخدامها مع طرف ثالث فإنها لن تفعل هذا، وقد لاحظت شركة (كي بي إم جي) في تقرير العام الماضي أن سوق الاختبارات الجينية المباشرة إلى المستهلك يزدهر عبر السنوات ولهذا فإن الجدل حول قضايا الخصوصية والموافقة والتنوع والمنفعة لا يمكن أن يحده قانون بسبب رغبة الناس بمعرفة سلالاتهم الغابرة أو صحتهم المستقبلية وقد بيعت هذه البيانات بمئات الملايين من الدولارات إلى شركات تعمل في الأدوية أو مؤسسات تعنى بالتحقيق الجنائي!
الوقفة السادسة
وجدت وأنا أفحص العينات في الخليج العربي لعرب أقحاح من قبائل شهيرة أن سلالاتهم يختلف بعضها عن بعض فكنت أفسرها بالطفرات ومرة أقول هذا من أخطاء الشركة الفاحصة ويجب أن أعيد الفحص أو أرسله إلى شركات أخرى ثم وجدت نفسي في متاهات علميه بعد قراءتي مئات الأبحاث في هذا الموضوع ووصلت إلا أن هذه الفحوصات ليست إلا ظنونا لا يعتد بها ولا يجوز إضاعة المال فيها لأنها شركات قائمة على التجارة والربح كما ذكرت أو نأخذ بقول أخي الباحث فايز البدراني الذي ناصر فحوصات الحمض النووي في أول خروجها ولما كثُر اللغط والتلاسن والتشكيك في الأنساب نشر مقالة أخرى في صحيفة الجزيرة السعودية بتاريخ ٦ يونيو ٢٠١٦ اخترت لكم منها قوله :“
بات من الواضح أن السلالات J1 و E و T و J2 وكذلك g و C ، كلها سلالات قديمة في جزيرة العرب، وكلها تنتمي لها أرومات عربية عريقة، وأن السلالة J1 وما تفرع عنها سلالات عربية قديمة التمركز في اليمن والجزيرة العربية، ولها انتشار واسع في العراق والشام وآسيا الوسطى. وأنه ربما قدم بعض فروعها إلى الجزيرة في وقت لاحق، لتشارك في تشكيل السلالات المكونة للقبائل العربية“ إلى آخر ما قال مما يسقط التحاليل النووية كلها من قائمة الاحتجاج في علم النسب بسبب هذا التنوع الكبير في السلالات.
تقرأون غدا ..
برنامج سواحل عمان .. عندما يكون الإعلام حقدا وجهلا ((1