السلطان السيد جمشيد بن عبد الله البوسعيدي آخر سلاطنة زنجبار

الخليج العربي الكتاب

 4,150 عدد المشاهدات

خاص – مركز جمال بن حويرب للدراسات

وُلِد السيد جمشيد بن عبد الله في زنجبار يوم السادس عشر من شهر سبتمبر 1929م[1]، وهو حفيد السيد سعيد بن سلطان الذي خضعت له زنجبار في ثلاثينيات القرن التاسع عشر الميلادي وكذلك ابن للسلطان السيد عبد الله بن خليفة البوسعيدي، الذي حكم سلطنة زنجبار بين عامي 1960م و1963م، تلقّى تعليمه في زنجبار، وكلية فيكتوريا في مدينة الإسكندرية بمصر، بعدها التحق بالجامعة الأمريكية في العاصمة اللبنانية بيروت.  تمَّ إعلان الأمير جمشيد ولياً للعهد خلال عصر أبيه السلطان السيد عبد الله بن خليفة الذي حكم منذ العام 1960 إلى 1963م.

أسرة آل بوسعيد 1911م في زنجبار

في عام 1963م، توفي السلطان السيد عبد الله بن خليفة أثناء إجرائه عملية جراحية بأحد مستشفيات زنجبار 1963م، نتيجة قصور حاد في عضلة القلب، فجلس على دست السلطنة ابنه وخليفته وولي عهده الأمير جمشيد وأصبح السلطان الحادي عشر من آل البوسعيد في سلطنة زنجبار،[2] وكان عمره حينذاك ثلاثة وثلاثين عاماً.

السلطان جمشيد سلطان زنجبار في شبابه

شكل حكومي

في عام 1890م، وُضِعت زنجبار تحت الحماية البريطانية على يد السلطان السيد علي بن سعيد،[3] وتمَّ إنشاء شكل حكومي منتظم في عام 1891م[4]، وفي العاشر من ديسمبر عام 1963م، منحت المملكة البريطانية زنجبار الاستقلال، وأصبحت البلاد في ظل حكم السلطان السيد جمشيد بن عبد الله ملكية دستورية[5].

 طابع تذكاري بمناسبة استقلال زنجبار 1963

كانت سلطنة زنجبار في منتصف ستينيات القرن العشرين الميلادي عند الإطاحة بالسلطان جمشيد يسكنها نحو 200 ألف إلى 300 ألف إفريقي، ترجع أصول بعضهم إلى قارة آسيا وكانوا معروفين محلياً باسم شيرازي،[6] كما احتوت أيضاً على أقليات مهمة منها ما بين  45 ألف إلى 50 ألف عربي وما يقرب من 20 ألف هندي كانوا بارزين في الأعمال والتجارة، غير أنَّ العرب الزنجباريين كانت أعدادهم في زيادة مستمرة، فخلال أقل من قرن من الزمان ازدادت أعدادهم بنحو 77%.[7] كان السكان العرب في زنجبار أكثر ثراءً من الأفارقة بصفتهم يحوزون أراضيَ واستثماراتٍ وتجاراتٍ وغيرها.[8]

مما يدعو للأسف أن الأحزاب السياسية الرئيسة في زنجبار نُظِّمَت إلى حد كبير على أسس عرقية إثنية، حيث سيطر العرب على حزب زنجبار القومي (ZNP) أو حزب العرب، بينما سيطر الأفارقة على الحزب الأفرو شيرازي (آسيا والمحيط الهادئ) [ASP). [9)وفور إعلان استقلالها، قرَّر السلطان السيد جمشيد إجراء انتخابات نيابية، شارك فيها حزبه، الحزب الوطني، ضد حزب الشيرازي الإفريقي عام 1963م، وفاز فيها حزب السلطان بنسبة 54% من نسبة المصوتين، وكان هذا أحد أسباب إحساس الأفارقة بالتمييز والتهميش،[10]والانقلاب على السلطة البوسعيدية.

طابع بريد يحمل صورة السلطان جمشيد 1964م

انقلاب عسكري

وفي الساعات الأولى من صباح يوم الثاني عشر من يناير عام 1964م، وقعت زنجبار تحت سيطرة 600 مسلح بقيادة المارشال جون أوكيلو، واستولوا على مراكز الأمن في البلاد، ومحطة الإذاعة. وفي نحو الساعة 7:00 صباحاً أجرى جون أوكيلو، الذي منح نفسه لقب “المشير الميداني”، أول بث إذاعي له من محطة إذاعية محلية كان أتباعه قد استولوا عليها في الساعة الخامسة صباحاً، ودعى الأفارقة إلى الانتفاض والإطاحة بالإمبرياليين، كان أوكيلو الذي قاد الثورة قد تحدّث باللغة السواحلية ولكن بلهجة أشولية كثيفة، والتي بدت غريبة جداً في زنجبار آنذاك. ونجح المارشال جون أوكيلو في الانقلاب وقاد مجموعة مسلحة سيطرت على زنجبار عام 1964م،[11]

تنزانيا

غادر السلطان السيد جمشيد بن عبد الله، ذو الخمسة والثلاثين عاماً،[12] القصر متوجهاً إلى يخت سلامة قبالة سواحل زنجبار، ورافقه عديد من الوزراء، بمن فيهم رئيس الوزراء المخلوع الشيخ محمد شمت حرندي، كانوا على متن اليخت أيضاً، وأعقب ذلك حرب شوارع بين العرب والأفارقة، فيما تواصل السلطان مع الكينيين والبريطانيين في كينيا لمد يد المساعدة، غير أنَّ الطرفين لم يبديا أيَّ نوع من الموافقة،[13] وأطيح بالسلطان جمشيد بن عبد الله بعد شهر واحد فقط خلال ثورة زنجبار،[14] وعلى الرغم من علاقاته الجيدة مع كينيا، إلا أن الحكومة الكينية رفضت السماح له بالهبوط في مومباسا، وقرر مجلس الوزراء الكيني الاعتراف بحكومة زنجبار الجديدة بقيادة الرئيس شيخ عبيد كرومي.[15]

لم يُسمَح للسيد جمشيد بن عبد الله السلطان المعزول بالاستقرار في عمان، بينما أقام بعضهم في دبي، في حين استقر البعض في عمان عبر دبي أو دول الخليج الأخرى.[16] ولاحقاً تمكَّن السلطان جشميد، آخر سلاطنة البوسعيديين في زنجبار والساحل الإفريقي، من الوصول إلى بريطانيا مع أسرته ووزرائه، حيث وافقت الحكومة الثورية الجديدة، بناءً على طلب بريطاني، على سفر السلطان من مطار دار السلام إلى مطار نيروبي، لتكون محطته التالية ليبيا، وعبر مطار بنغازي سافر إلى مطار مانشيستر،[17] .

وصول السلطان جمشيد إلى لندن

السلطان جمشيد في لندن

ثمَّ عاش في بورتسموث، بعد أن فرَّ من البلاد هرباً من الاضطهاد السياسي، مصطحباً معه حاشيته وأهله وأولاده الستة،[18] تاركين وراءهم عائلاتهم وأقاربهم وأصدقاءهم وممتلكاتهم[19]، واستبدل اسم السلطنة بجمهورية زنجبار الشعبية وبيمبا، وفي إبريل 1964 م، اتحدت الجمهورية مع تنجانيقا لتشكيل جمهورية تنجانيقا وزنجبار المتحدة ، والتي أصبحت تُعْرَف باسم تنزانيا.[20]

صورة حديثة للسلطان جمشيد 

[1] S.H. Steinberg, The Statesman’s Year-Book 1963: The One-Volume ENCYCLOPAEDIA of all nations, London: Macmillan & St Martin’s Press, 1963, p. 241.

[2] Michael Hodd, East Africa: with Kenya, Tanzania, Uganda and Ethiopia, Footprint Handbooks, 1997, p. 425.

[3] Ingrams, William H. (1967), Zanzibar: Its History and Its People, Abingdon: Routledge, pp. 172- 173.

[4] S.H. Steinberg, The Statesman’s Year-Book 1963: The One-Volume ENCYCLOPAEDIA of all nations, London: Macmillan & St Martin’s Press, 1963, p. 241.

[5] Ayany, Samuel G. (1970), A History of Zanzibar: A Study in Constitutional Development, 1934–1964, Nairobi: East African Literature Bureau, p. 122.

[6] Speller, Ian (2007), “An African Cuba? Britain and the Zanzibar Revolution, 1964.”, Journal of Imperial and Commonwealth History, 35 (2), pp. 1-35,

[7] Lofchie, Michael, Zanzibar: Background to Revolution. Princeton, NJ: Princeton University Press, 1965, pp. 74- 75.

[8] Parsons, Timothy (2003), The 1964 Army Mutinies and the Making of Modern East Africa, Greenwood Publishing Group, p. 106.

[9] Matt Richards, Mark Langthorne, Somebody to Love: The Life, Death, and Legacy of Freddie Mercury, Simon and Schuster, 2018, p. 22.

[10] Matt Richards, Mark Langthorne, Somebody to Love: The Life, Death, and Legacy of Freddie Mercury, Simon and Schuster, 2018, p. 22.

[11] Godfrey Mwakikagile, The Union of Tanganyika and Zanzibar: Formation of Tanzania and its Challenges, New Africa Press, Dar es Salam, 2016, p. 250.

[12] Godfrey Mwakikagile, The Union of Tanganyika and Zanzibar: Formation of Tanzania and its Challenges, New Africa Press, Dar es Salam, 2016, p. 250.

[13] The Times, January 13, 1964, p. 8.

[14] Ayany, Samuel G. (1970), A History of Zanzibar: A Study in Constitutional Development, 1934–1964, Nairobi: East African Literature Bureau, p. 122.

[15] The Times, January 14, 1964, p. 8.

[16] Mohammed Ali Bakari, The Democratisation Process in Zanzibar: A Retarded Transition, Hamburg Institute of African Studies, 2001, p. 192.

[17] William G. Valko, The Illustrated Who’s who in Reigning Royalty: A History of Contemporary Monarchical Systems, Community Press, 1969, p. 153.

[18] https://www.independent.co.uk/news/uk/home-news/royals-in-exile-in-britain-heirs-to-the-thrones-2260907.html

[19] Mohammed Ali Bakari, The Democratisation Process in Zanzibar: A Retarded Transition, Hamburg Institute of African Studies, 2001, p. 200.

[20] Appiah, Kwame; Gates, Henry, (1999), Africana: The Encyclopedia of the African and African American Experience, New York: Basic Books, p. 2045