العملات المتداولة في الخليج في أوائل القرن العشرين من خلال دليل الخليج

block-2 مجلة مدارات ونقوش – العدد 11

 3,313 عدد المشاهدات

موسوعة دليل الخليج التي أصدرتها الحكومة البريطانية بقيادة جورودن لوريمر وانتهى من تأليفها عام 1915 وظلَّت سرية لعقود، وتستخدم فقط لموظفي الحكومة حتى تمَّ السماح بنشرها والاطلاع عليها من قِبَل الباحثين وتحوي كنوزاً ثمينةً من تاريخ وجغرافية الخليج والدول المجاورة له، ما يجعلك تقف احتراماً لهؤلاء الباحثين الذين جمعوها بكلِّ إخلاص، وإن كان القصد منها عند تأليفها لأهداف استعمارية، ولكن لقلة التدوين حينها باللغة العربية فلا يجد الباحث العربي اليوم مصادر غيرها 

وقد تتبَّعنا ما جاء فيها من ذكر العملات المتداولة آنذاك في الخليج العربي في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وأردنا أن نخصَّ بها القرّاء الكرام ونكفيهم عناء البحث عن معظم ما ذكره لوريمر عن العملات في دليله وهي كما يلي:

عمان

كان التعامل في كلِّ مكان بعملة دولار ماريا تريزا وتسمّى الريال.
وتمَّ تداول الروبية أيضاً وتشير التقارير إلى أنَّ المحمدية وحدة وهمية، وأنَّ كلَّ وحدة ونصف منها تساوي دولاراً واحداً (من دولارات ماريا تريزا)، وكانت العملة المالية تتكوّن من قطع من النحاس تُسْتَوْرَد من الهند وزنجبار وألمانيا وشرق أفريقيا، وبعضها كان يصنعها السلطان في مسقط أو تضرب لحسابه في لندن .

في سنة 1904 كانت قيمة المائة دولار تتراوح ما بين 126 و 139 قطعة، وكانت تتذبذب عملة مسقط النحاسية بالنسبة للدولار الواحد، وفي سنة 1905 ما بين 220 و 270 قطعة، وفي سنة 1906 و1907 تغيّرت القيمة فأصبحت تتراوح ما بين 151 وثلاثة أرباع و176 وثلاثة أرباع القطعة.

الكويت
الروبيات والعملات الهندية الأخرى متداولة، ولكن أساس العملة المحلية هو دولار ماريا تريزا أو الريال وتساوي كل مائة منه في القيمة حوالي 135 روبية هندية، وكان معدله بين عامي 1905و 1906 بين 133 روبية و152.

الأحساء
العملة المستعملة من أنواع كثيرة مختلطة، والعملة الرسمية الليرة التركية التي تساوي 100 قرش ذهبي، أي 18 شلناً إنجليزياً. ولكن اسم القرش ليس متداولاً أو معروفاً في الأسواق والريال أو دولار ماريا تريزيا هو العملة الشعبية المعروفة وتساوي 1 شلن و10 وربع بنسات.
وتقبل واحة القطيف التعامل بالروبية الهندية وقد أرسلت 13000 روبية هندية لشراء تمر في عام 1905، كما تقبل أوراق النقد الهندية في مدينتي القطيف والهفوف.
ويبين الجدول التالي العملات الحقيقية وغير الحقيقية المستعملة في سنجق الأحساء:

وتسمح الحكومة التركية بجباية الضرائب بالريال أو الروبية إضافة إلى العملة التركية الرسمية، ولا يسمح باستعمال المرضوف والمحمدية في الحسابات الرسمية، وينبغي أن نلاحظ أنَّ التقييم الشعبي للروبية الهندية أعلى مما هو معترف به رسمياً.

جورودن لوريمر

بندر عباس-إيران
تتألّف عملة بندر عباس من الفضة والنيكل وهي تمثّل العملة المتداولة في ذلك الجزء من فارس والعملة الفضية تتألّف من قطع من فئة قران واحد أو قرانين أو خمسة، والقطعة ذات القرانين هي الأكثر تداولاً .
أمّا قطع النيكل، وقد صكت في بلجيكا، فتتألّف من قطعة من فئة خمسين ديناراً وأخرى من فئة مائة دينار، وتستعملان للمبالغ الصغيرة ويطلق عليهما على التوالي :

والروبيات الهندية متداولة كذلك، وفي سنة 1905 و1906 كان سعر التبادل يتراوح بين 350-415 قراناً لكل مائة روبية.

عربستان
معظم عملة عربستان هي نفس عملة الساحل الإيراني ولكن لها أسماء مختلفة نوعاً ما، والقران يساوي عادة 4.5 بنسات إنجليزية، ومع أنه ليس هو العملة الأكثر شيوعاً في التداول الفعلي لكنه أنسب ما يؤخذ كقاعدة لجدول نقود عربستان، والعملة المتداولة فعلاً في الأقليم ما يلي:

وإلى جانب هذه العملات الفعلية توجد وحدة خيالية تسمّى الدينار وتساوي 0.001 من القران. ولهذا السبب فإنَّ القران نفسه يسمى عادة «هازار» أو ألف، وفي دزفول وشوشتر يسمّى القران الواحد أيضاً في بعض الأحيان «ريال» وهو استعمال مضلل للكلمة.
والإيرانيون عادة يقدرون كميات القران – بالتومان والدينار ولكنهم يعبّرون عن كسور القران بالقمري والشاهي وليس بالدينار. والعرب والأوروبيون يحسبون الكسور بالسنتات، وبعض التجار الإيرانيين يسجلون حساباتهم بالقمري حتى الآن.
ويكثر الطلب دائماً على الليرة التركية الذهب والروبية الهندية ويمكن التصرف عادة في دولارات ماريا تريزا والمجيدي التركي. وقيمة هذه العملات الأجنبية عرضة للتغير – وقيمة الليرة الاسمية تساوي 20 قراناً فقط، ولكن تتبادلها الأيدي عادة فتتغيّر من 50 إلى 60 قراناً، وكثير من التجار وآخرون في السوق يتعاملون بالليرة أو كما تسمّى هنا في بعض الأحيان بالليرات. وقد اكتسبت الروبية الهندية قيمة تقليدية هي 3.85 قرانات، ويقال إنَّ العرب يستعملون كلمة روبية أحياناً ليعبروا بها عن هذه القيمة حتى في صفقاتهم التي لا تدخل فيها الروبية نفسها كعملة. والروبية هي عملة مدينة المحمرة لكل الأغراض، وفي أسواق ناصري وشوشتر أو دزفول فإنَّ الحالة تختلف، ولكن حتى في هذه الأمكنة فإنك تجد تجاراً يرغبون في شراء الروبيات الهندية. وترفض عادة في ناصري كل عملة بها أقل شرخ أو عيب ولكن مثل هذه العملات تتداول في دزفول كما تتداول في شوشتر وراموز بدرجة أقل.

مكران- إيران

تتكوّن العملة الفضية من دولار ماريا تريزا ويسميها البلوش قرشاً، ويسميها العرب ريالاً، وتساوي في الوقت الحاضر 4 روبيات لكل منها، والقران الإيراني يساوي هنا ثلث الروبية، وتسمّى الروبية الهندية في مكران الإيرانية كلدار، والعملة الصغيرة في الإقليم هي البايس النحاسية (ربع آنة) فبعضها يسك في الهند وبعضها في مسقط وعملة ذهبية إيرانية يسميها البلوش «سور» ويقال إنها موجودة وقيمتها 7 روبيات ولكن من الصعب رؤيتها الآن.

لنجة
العملة السائدة عملة إيران، ولكن يتم التعامل أيضاً بالروبية الهندية ودولار ماريا تريزا والليرة التركية والجنيه الإنجليزي.
العراق
مسألة العملة في العراق صعبة ومعقدة، والقياس الوحيد الثابت هو الليرة أو الجنيه التركي الذي يساوي 17 شلناً إنجليزياً. وتعدُّ كلُّ العملات الأخرى تابعة لها وهذه العملات كثيرة وبعضها وهمي، في حين أنَّ قيمة عملات أخرى منها متقلبة، وقد تمَّ بحث الموضوع أدناه بالنسبة إلى بغداد أكثر من البصرة.
تقسّم الليرة في العادة إلى ست فئات من القروش، وكلها صورية، وأول هذه الأنواع القرش الذهبي الذي يساوي 1/100 من الليرة وهو القرش التركي الرسمي.

وتدفع الضرائب وجميع أنواع الدفع في الدوائر التركية بهذا القرش الذهبي ويشترى طابع البريد الذي ثمنه قرش واحد بمبلغ 1/100 من الليرة مهما كان اسم هذه العملة.

والأنواع الثلاثة التالية للقرش تسمّى كلها مجيدية، ولكن الاسم في الحقيقة يخصُّ أولها فقط وتساوي الليرة 102.6مجيدية. ويقيد البنك الإمبراطوري العثماني حساباته بهذه المجيدية وبالقروش الذهبية أيضاً. والنوعان المتبقيان للقروش المجيدية هما نوعان أحدهما تساوي الليرة بالنسبة إليه 103.5 قروش، والثاني 108قروش.
ويستخدم التجار الأوَّل من هذين النوعين في قيد حساباتهم، وفي صفقات الجملة بصفة عامة. ويُستخدَم الثاني لسهولة الحسابات به. وبسبب مطابقة قيمته لقيمة العملة الفضية القائمة التي تسمّى قرش صاغ، ويستخدم النوعان المتبقيان من القروش في حسابات المفرق. وتحتوي الليرة على 414 قرشاً من النوع الأول وعلى 432 قرشاً من النوع الثاني. ويتضح من هذا أنَّ القرش منها ليس سوى ربع قرش من القروش المجيدية التي تساوي الليرة 103.5 قروش منها أو 108 قروش.
وهنالك خمس عملات ذهبية تركية من فئات 5 ليرات، و 2.5 ليرة، وليرة واحدة، و 1/4 ليرة على التوالي.

وقلَّما ترى الفئتين الأوليَيْن. والفئة الأخرى ليست شائعة كثيراً. والعملة الفضية التركية هي «المجيدي» الذي تبلغ قيمته 18.5185 قرشاً ذهبياً أو 19 أو 19.166 أو 20 من القروش المجيدية بأنواعها المختلفة على التوالي.
وهكذا فإنَّ 5.4 مجيدي تساوي ليرة واحدة.

وفيما يلي قائمة بالعملة من الفئات الصغرى وقيمتها التقريبية بالعملة الإنجليزية والبارة التي تأتي في رأس القائمة عملة وهمية ولكن للعملات الأخرى وجود فعلي:

وتصك العملة من الفئات الصغيرة مثل الفلس والمتليق من النيكل، ويصك القمري ونصف البشلك من بعض السبائك، أمّا باقي الفئات فمن الفضة. والفئات الأخرى باستثناء المتليق غير متوافرة على الإطلاق.
وتكمل هذا النقص العملة الأجنبية وخاصة الإيرانية التي يتداولها الناس بحرية على الرغم من الحظر المفروض على استخدام الفضة الأجنبية، ولا يرى من الذهب الإيراني إلا القليل. وفئات العملة الإيرانية المستعملة هي القران المزدوج الذي يساوي 8.5 بنسات، والقران الذي يساوي 4.4 بنسات، ونصف القران الذي يساوي 2 بنس، وربع القران الذي يساوي بنساً وستة لوس وتساوي 1/3 من البنس، كما تستعمل عملة نحاسية إيرانية وتسمّى خطأ «شاهي»، وتساوي 1/16 من البنس، والتومان الإيراني يساوي مجيدياً تركياً واحداً تقريباً وتبلغ قيمة الليرة أكثر من 50 قراناً.
ويتداول الناس أيضاً الفضة الهندية ولكن السلطات تضبطها أحياناً بموجب القانون آنف الذكر الذي يحظر استعمال العملات الأجنبية داخل البلاد.

وليس هناك أيُّ تدخُّل من قِبَل السلطات بسبب استعمال وتداول العملة الإيرانية، وذلك بسبب ضرورتها المطلقة لتسيير الأعمال التجارية. ويتداول بعض الذهب الإنجليزي والفرنسي والروسي أيضاً. وهنالك عملة أخرى، ولو أنها وهمية، وهي الشامي التي تشكِّل وحدة الحساب في تجارة التمور. وقد كانت هنالك عملة فعلية بهذا الاسم في الماضي، وكانت قيمتها الاعتبارية عشرة قروش ذهبية لكن قيمتها خُفِضَّت من قِبَل الحكومة التركية وأصبحت خمسة قروش على أثر الحرب الروسية التركية الأخيرة، وهذا أقل من ثمن المعدن الذي تحتويه ولذا تمَّ صهرها واختفت نهائياً وبقي منها الاسم فقط.

الأعمال البنكية والصرافة
البنك الوحيد الممثل في البلاد هو البنك العثماني الإمبراطوري. وله فرع في بغداد وآخر في البصرة. وكان للبنك الإمبراطوري الإيراني مؤسَّسة في بغداد، إلا أنه سحبها في شهر أغسطس عام 1893 نتيجة لاتفاق مع البنك الإمبراطوري العثماني.
وسعر العملة مع أوروبا يتغيّر من حين لآخر، فهو ينخفض حتى يصل إلى 105.5% في موسم التمر ويرتفع حتى يصل إلى 110% وأكثر في فصل الشتاء. ويتحكَّم الصيارفة الأغنياء في سوق بغداد للأوراق المالية، وهم على علم دائماً بأسعار الأوراق المالية في بومباي وإسطنبول وباريس ولندن عن طريق البرقيات.