1,063 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
يتداول الناس مقولة تنسب للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي: «الشخص المحايد، هو شخصٌ لم ينصر الباطل، ولكنه من المؤكد أنه خذل الحق»، ومن صيغة المقولة، نعلم يقيناً أنه أسلوب حديثٌ لم يكن من استخدام العرب في وقت الإمام علي، ولكنّ المقولة لها أصل في التاريخ، وهي من الآثار التي رواها الشريف الرضي* (359 – 406 هـ) في كتابه «نهج البلاغة»، الذي جمع فيه ما انتخبه من خطب وأقوال الإمام، حيث روى عنه قوله في الذين لم يقاتلوا معه: «خذلوا الحقَّ، ولم ينصروا الباطل»، وبهذا، يتضح لنا أصل القول، وأظنُّ أنّ بعض الكتّاب في العصر الحديث لمح المقولة هذه ووضعها في قالب حديث..
ولا يهمنا الآن أن نتأكد من صحة نسبتها للإمام أو ضعفها، ولكنّ السؤال، ما نسبة صدقها وواقعيتها في ما نراه جلياً بين أعيننا، ونحن نمر هذه الأيام في أزمات كبرى بسبب احتلال فلسطين، وانقسام الفصائل الفلسطينية عندما تمّ استغلالها من قِبل قوى خارجية معادية للعروبة وللقضية بكاملها، فنجحت في فصل قطاع غزة عن الحكومة الفلسطينية، وجعلتهم هدفاً سائغاً لدولة العدو الصهيوني، ثم قامت بنفس الفعل في لبنان، حيث جعلت حزب الشياطين يسيطرون على مفاصل الدولة فيه، فأصيبت جميعاً بالشلل من جرّائهم، من بعد أن كانوا يزعمون أنّ دورهم لا يتجاوز مقاومة الدولة العبرية خلال الشريط الحدودي، وفي العراق، منذ الاحتلال الأميركي الغاشم، وهي تعيث فساداً فيه، وتزود جميع الأحزاب المتناحرة بالسلاح، ليقتل السني الشيعي، والشيعي السني، وليفسدوا في الأرض ولا يصلحون، فلما تهيأت لهم فرصة الدخول في بلاد اليمن، وقد وجدوا في شخصية الحوثي كلّ ما يريدون: حب السلطة والمال والجهل والعناد وكثرة الموالين له، بسبب تركيزه على التعليم لفترة طويلة، واتخاذ المخيمات بحجة الدعوة إلى الزيدية، والحقيقة أنهم كانوا يؤسسون جيشاً بمعونة قوى الظلام، وتحت نظر الرئيس المخلوع علي صالح، بل هناك أدلة تشير إلى أنّه أمدهم بالمال وساعدهم في بداية أمرهم، ليقوموا بضرب السلفية الصاعدة في بلدة (صعدة)، وهكذا لعب علي صالح على الجميع، وكانت إيران تمد الحوثي وحزبه حتى أصبح غولاً، واحتل صنعاء، وأفسد اليمن، وفرّق اليمنيين واعتقلهم وقتل من قتل منهم بغير حق، إلا أنّه يريد تنفيذ خطط أهل البغي والعدوان من أعداء الأمة العربية.
عندما أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، عاصفة الحزم، لاقتلاع الشجرة الحوثية الخبيثة، التي زرعها الأعداء في خاصرة الجزيرة العربية، هبّت الدول الشقيقة والصديقة للوقوف مع العاصفة، فانضوت تحت راية السعودية عشر دولٍ، وأيّدت دول كثيرة العمليات، وعرضت مساندتها، ولكن هناك دولٌ بيننا وبينهم اتفاقيات عسكرية واقتصادية مشتركة، وتقوم المملكة السعودية منذ عقود طويلة وسائر دول الخليج العربي بدعمها في مِحَنها ومآسيها بالمال، وتقف معها في حروبها قولاً وفعلاً، من أمثال (باكستان)، ولكنّ كل هذا لم يشفع لنا لتقوم بالمشاركة مع التحالف، بل أعلن برلمانها موقف الحياد، وخذلت الحقّ من أجل أطماع حزبية، ولم تفكّر في العواقب، وقد علمت المملكة من هذا الموقف الغريب، ودول الخليج كذلك، أنّ مثل هذه الاتفاقيات هي اتفاقيات حبر على ورق لأيام السلام، ولكنها تتبخر في وقت الحروب، ولا نفع منها، ويا أسفا على الأموال التي أنفقت على قوم يتنكرون لك وقت حاجتك، وإنّي أقول: لا حاجة لنا في أحدٍ، فنحن نستطيع حماية أنفسنا بحد سيوفنا، ووالله، إنّ عاصفة الحزم سوف تتحول إلى عواصف تقتلع جذور كل من يحاول المساس بأمن خليجنا، أو يفكر في إلحاق الضرر بأي دولة خليجية، وصدق الشاعر الحكيم القائل:
فإما أن تكونَ أخي بحقٍ
فأعرفَ منك غثّي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني
عدوّك أتقيكَ وتتقيني
نشر في البيان
بتاريخ: 16 أبريل 2015