بن حويرب للدراسات يستضيف : ذكريات من محاكم دبي

مجالس

 1,234 عدد المشاهدات

دبي مركز جمال بن حويرب للدراسات

أشاد المحامي والشاعر اللبناني ناجي بيضون بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة ، رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي ، الرامية إلى تطبيق أعلى ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال العدالة والقضاء في دولة الإمارات بصفة عامة ، ودبي بخاصة ، مع التمسك بالتعاليم والأحكام الشرعية ، التي تنطلق من ديننا الإسلامي الحنيف.

 

وأكد في محاضرة ألقاها مساء الأول من أمس في مركز جمال بن حويرب للدراسات بعنوان: ” ذكريات من محاكم دبي” ، أن القضاء اليوم في دبي يعمل وفق أعلى البرامج التقنية التي توفرها دائرة المحاكم ، وذلك مواكبة للتطور التكنولوجي في مرافق التعليم والصحة والتجارة وغيرها من الأنشطة التي وضعت دبي والإمارات في مصاف الدول المتقدمة ، والتي تنافس على المراتب الأولى في كل مناحي الحياة.

وقال بيضون : إن دور المحامي لم يعد اليوم كما كان سابقاً ، إذ أصبح مساعداً لدور القضاء ، كما هو معمول به في الدول المتقدمة قضائياً ، وعلى المحامي أن يطور ذاته ، بتطور الزمن والقوانين.

واستعرض المحاضر بعضاً من الصور التي كان بعض القضاة يلجأون إليها في أحكامهم ، حيث كان كل قاضٍ يصدر أحكامه وفق قوانين البلد الذي ينتمي إليه ، لعدم وجود قانون موحد للقضاء في دبي ، وفي الدولة بصورة عامة ، آنذاك .في حين أصبحت القوانين الإماراتية هي السائدة اليوم في القضاء والمحاكم ، وفق رؤى تستلهم المستقبل ، وتطبق مستندة إلى برامج تكنولوجية متطورة جداً ، وتحقق تطلعات الدولة نحو العالمية والريادة.

المحامي ناجي بيضون يتوسط نخبة من الشخصيات الثقافية ومجموعة من الحضور

وأشاد ناجي بيضون بالجهود التي كان يبذلها ، مدير المحاكم السابق المستشار ابراهيم بوملحة للارتقاء بمستوى القضاء في دبي ، وكذلك القاضي غالب البسطامي ، مدير محكمة دبي الأسبق ، وأتى بالذكر على بعض الشخصيات الاعتبارية ومنهم خلف الحبتور الذي كان له دور مهم في استقدام المحاضر إلى دبي في أواسط سبعينيات القرن الماضي.

بيضون الشاعر

قال المحامي ناجي بيضون الذي أمضى نحو ثلثي عمره في دبي ، إنني مهما عملت أو تغنيت شعراً في دبي وحكامها وشعبها فإنني لن أوفيهم حقهم ، أو أقدم لهم بعضاً من جميلهم . وخص بالذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، رعاه الله، الذي احتضن الجالية اللبنانية في دبي بحنان واهتمام قل نظيرهما . وكان يتحمل شخصياً تكاليف ومصاريف قنصلية لبنان في دبي لأكثر من عشر سنوات .

وخص دبي بقصيدة قال فيها:

دبي لو تسألين البوح لامتثلا

      حباًّ تلمس في أرجائك الأملا

من قال إن رمال البيد ماعرفت

    إلاّ سراباً بدا للرَّحل فارتحلا

دبي كانت وكان الخور أغنية

   على فم البيد تُروي كل من سألا

نامت على كتف الصحراء آمنة

   فكانت الشمس أُماً تطبع القبلا

واستيقظت وبنوها حولها هم 

    تختال فوق جبين البحر إن جفلا

غاصوا إلى الدّر في إعماقه فبدت

    قوارب الصيد في أحداقه مقلا

دان الخليج لهم لكن دانتهم

   كانت دبي ، عزّ واكتملا

إلى أن يقول:

هنا الصداقة ، إن عزّ الصديق ، هنا

    هنا الإمارات صرح للإخاء عَلا

 

الشعر الساخر

السخرية، تكاد تكون الموضوع المحبب والدائم في كتابات المحامي الأديب والشاعر ناجي بيضون، وفي مستهل استعراضه لتجربته، أوضح بأنه بدأ الكتابة عند قدومه لدبي، مشيرا إلى أنه يكتب القصائد الساخرة.

وأكد خلال الأمسية، أن كل كتاباته تنبع من قصص وأحداث عاشها، فقد كتب قصائد لأسرته وحفيدته صوفيا، وقصائد أخرى اجتماعية ساخرة في بعض الأحيان من الأوضاع التي يعيشها لبنان .

وقال بيضون أنه يكتب الشعر الساخر ليُشْيع الفرح بين الناس، وهذه مهمة أدبيّة أصعب بكثير، من الكتابة من أجل الكتابة فقط، بل برأيي إن هذه المهمة هي أصعب بكثير من مهمة الأدب الملتزم .

وأضاف قصدت كتابة قواعد اللغة العربية من خلال أناشيد شعرية بسيطة حتى يتمكن القارئ مهما كان عمره ومستواه الثقافي، من حفظها بدل الوسيلة الجافة المستعملة حتى الآن في المدارس والكليات. وقال : أظنني اعتمدت ألفية ابن مالك، مع فارق بسيط إن لغتي بسيطة، سهلة ومهضومة، تمكن حتى الأطفال من حفظها كأناشيد تعلق في أذهانهم وعلى حناجرهم.

واستطرد بيضون قائلاً : إن دافعي لهذا النوع من الكتابة هو، بالدرجة الأولى، حبِّي للآخر الذي يدفعني دائماً، إلى إدخال الفرح إلى قلبه، حتى وأنا أنتقده، وذلك لأنني لا أستطيع أن أتحمّل وجود أعداء، هذا عدا ذلك أن السخرية تجعلك أكثر شجاعة في طَرْقِ أي موضوع، وأكثر جرأة في وضع يدك على الجرح، كما يقولون، كما أن السخرية تجرّد، حتى من تسخر منه من سلاحه، حين يبتسم وهو يقرأك أو يسمعك .

الألفية العصرية

يقول ناجي، أنه أصدر عن «دار الفارابي» كتابه الشعري عن علوم الصرف والنحو بعنوان «الألفية العصرية في قواعد اللغة العربية.. 66 أغنية لتعلم الصرف والنحو»، وبهذه الأغنيات- القصائد يكذّب المحامي والشاعر واللغوي القول المعروف «أجمل الشعر أكذبه»، ليؤكد أن أعذب الشعر أصدقه وأعدله، إن كتب بلغة سليمة بسيطة تصل آذان القارئ بلا حواجز، فتمس عواطفه وتترسخ في عقله لتنهي قلمه ولسانه عن الخطأ كتابة وكلاماً. كتاب للجميع، شعري، علمي، لغوي، تربوي يليق بأهمية لغة الضاد، التي تكاد تفقد كل قواعدها حتى لمدرسيها، أمام غزوات وسائل التواصل الاجتماعي وما تملكه من أدوات تخرّب العقل وتغّرب اللسان عن مفرداته الأصيلة .

 

ناجي بيضون يلقي قصائده أمام الحضور

ذكريات في قصائد

قرأ بيضون خلال الأمسية، باقة متنوعة من قصائده، تناولت جملة موضوعات وقضايا وجدانية وإنسانية، واستمت يثراء معانيها وقيمتها وبما تنطوي عليه من جماليات بلاغية ومضمونية.

ويخبر في ” القصيدة الكشفية في الاستراتيجية الحزبية “: أنه في أوائل السبعينيات من القرن الماضي ، كانت الحركة الديمقراطية في لبنان في مرحلة الغليان ، وكان لنا زميلة محامية شابة تدعى ليلى ، تتمتع بكل الحيوية والجاذبية والذكاء ، وتنتمي إلى حزب أسسه المرحوم الدكتور جوزيف مغيزل باسم ” الحزب الديمقراطي” ، طلبت مني ذات مرة أن تضمني إلى هذا الحزب ، كوني غير منتمنٍ إلى أي حزب ، فأجبتها ضاحكاً ، يا صديقتي العزيزة تستطيعين ضمي في أي وقت ، ولكن ليس إلى الحزب .

وخرجت بقصيدة قلت فيها:

أيا حزب ليلى في المخيم ينجلي  

               ” بسقط اللوا بين الدخول فحومل”

دخلنا إلى تلك القفار نرودها

                  ونسأل عن حزب ” لأقوام ” رحّل

تذكرت بشاراً على عتباتها

                   وشاهدت ليلى بالدجاجات تبتلي

فقلت وقلبي ذاهل عن همومها

                    ” قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل”

إلى أن يقول:

ولا تصدري الآراء للناس فجّة

                      ” كجلمود صخر حطه السيل من عل”

فقالت كفى سلبية وتبجحاً

                        إذا رمت إصلاحاً فذا الحزب فادخلي

فقلت سبقناكم بألف مسيرة

                        سأبقى مكاني إن وصلت ” فميّلي”

 

وتابع ناجي بيضون رش قصائده وتوزيعها مناسبات وظروفاً وشخصيات، ما يشي أنه يسرد جزءاً كبيراً من مذكراته يمكن اعتبارها مرجعاً بطريقة أو بأخرى لقراءة نحو 40 سنة من التاريخ العربي المعاصر .

 

سعادة بلال البدور يكرم المحامي ناجي بيضون بدرع المركز

إضاءة

عرف المحامي والشاعر ناجي بيضون المولود في لبنان، والذي يقيم في دبي، ويعمل في المحاماة منذ أكثر من 43 عاماً، حيث عمل أمين سر للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، وأمين سر التجمع الوطني للمحامين اللبنانيين سابقاً، أنه أول شاعر يوظّف العولمة في الشعر، وبين أيضا انه خاض أول تجربة معاصرة في نظم النحو العربي (66 مقطوعة)، على غرار ألفية ابن مالك، لحنها الفنان أحمد قعبور، وله إصدارات، منها كاريكاتير بالكلمات، انتحار عنتر، أقاصيص وكتابات ساخرة، قصائد ساخرة .