7,529 عدد المشاهدات
إعداد : حسين درويش
بين بدايات الصحافة في دولة الإمارات العربية المتحدة أواخر عشرينيات القرن الماضي ويومنا الحالي تبدو المسافة كبيرة بين الزمنين، فقد تأخرت الصحف بالظهور في هذه البقعة الجغرافية ولكنها في أقل من مائة عام سبقت في تطورها معظم مراكز الصحف العربية، حيث يرجح أغلب المهتمين بالتأريخ للحركة الثقافية بالإمارات أن تكون صحيفة عُمان التي أصدرها إبراهيم محمد المدفع عام 1927 بالشارقة أول صحيفة تصدر في هذه البقعة من الوطن العربي.
وذلك حسب ما أورده الأستاذ بال البدور في بحث تاريخي، حيث يشير إلى رسالة صادرة من الهند عام 1927 م من السيد حسن بن عبدالرحمن إلى ابن عمه السيد إبراهيم بن محمد المدفع حيث يقول: عرفت جنابك حررت جريدة باسم (عمان) وثانية باسم (العمود) فكاهية. أخي .. كثيراً أخذني الفرح، في تلك البلاد لم تكن جريدة عربية ولا أعجمية من قبل.
ونرجو من الباري لهما دوام الانتشار. ونرجو من صميم فؤادك أن ترسل لنا نسخة من جريدة (عمان).
وقد كانت الأخبار تكتب بخط اليد وتعلق على الحائط.
وشارك في تحريرها أدباء وشعراء منهم المؤرخ عبدالله بن صالح المطوع، وأحمد بن حديد، ومبارك بن سيف الناخي، وحميد بن عبدالله الكندي، وحمد بن عبدالرحمن المدفع. أما الأستاذ عبدالله عبدالرحمن فيضيف أنها كانت نصف شهرية تصدر بانتظام لمدة عام واحد، وكانت تصدر من ملحقين كبيرين وتكتب باليد من مادة (المغر) الأحمر، ويوزع منها حوالي خمس نسخ تتداول بين الأصدقاء في الفريج )الحي( وعلى بعض الشخصيات ممن يعرفون القراءة. كما شهد عام 1933 محاولة أخرى حينما أصدر بعض الشباب في دبي والشارقة نشرة يومية اسمها (صوت العصافير) وكانت تنتقد الأوضاع المحلية بأسلوب لاذع وتهاجم التدخل الأجنبي كما يذكر الدكتور أحمد أمين المدني. أما مصبح بن عبيد الظاهري الذي كان يمتلك دكاناً بمدينة العين يذكر أنه في بداية الخمسينيات أصدر نشرة أطلق عليها اسم (النخي) وهو الحمص المسلوق، كان يكتب أخبارها بنفسه على ورق الأكياس ويتطوع لقراءة تلك الصحيفة لمن لا يجيد القراءة والكتابة، وكانت نوعاً من الصحافة الشعبية البدائية، حيث يجتمع الناس في الصباح الباكر حول مقهى شعبي وسط مدينة العين، ومن خال حواراتهم وتبادل النقاش تتولد الأخبار فيأخذها مصبح بن عبيد الظاهري ويكتبها على ورق مقوى (كرتون) ويعلقها أمام دكانه في الصباح، أو كان يلف بها (النخي) وفيها أيضاً أخبار الناس وأحوالهم من مواليد ووفيات وأعراس إضافة إلى أخبار الحكام والقبائل والجرائم وسواها مما يرغب الناس بالاطاع عليها.
ويذكر المؤرخ الأستاذ عمران العويس أن عام 1961 شهد صدور نشرة أخرى تسمى (الديار) وكانت تعنى بمعالجة القضايا المهمة، وتدعو إلى التعاون ونشر العلم، وقد أصدرها حميد بن ناصر العويس وعبدالله بن سالم العمران وعلي محمد الشرفا وكانت تطبع وتنسخ على الاستنسل (السحب باليد) وقد صدر منها ستة أعداد فقط ثم توقفت عام 1963 . يعود فضل السبق في مضمار الصحافة المقروءة إلى دبي؛ إذ صدرت بها أول دورية على شكل نشرة (تابلويد) من صفحتين يسجل فيهما التقرير الشهري عن بلدية دبي وأخبار المناقصات، ثم توسعت بعد ذلك قلياً وأصبحت تهتم إضافة إلى أخبار البلدية بأهم أخبار الإمارة والحاكم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والمراسيم التي يصدرها، وقد عرفت هذه النشرة باسم (أخبار دبي)، واستمرت في الصدور بشكل أسبوعي منتظم منذ 15 يناير 1965 . وقد ساعد إنشاء دائرة للإعام تابعة لبلدية دبي على تطوير وضع النشرة وكانت تطبع بدبي وتوزع 8500 نسخة داخل الامارات وخارجها وكانت تهتم بالأخبار والأحداث العربية والعالمية المهمة في ذلك الوقت، كما اهتمت بالموضوعات الجماهيرية وأثارت قضايا سياسية واجتماعية بجرأة واضحة، حتى إنها كانت تنتقد أنشطة البلدية أحياناً وتناقش حالة الطرق والخدمات في الإمارة، ويسجل لها أنها أول من أدخل الألوان إلى مجال الصحافة في الإمارات.
وفي مارس 1980 أصدرت حكومة دبي مرسوماً بتعطيل مجلة (أخبار دبي) حتى يتم إصدار (البيان) جريدة يومية بترخيص مجلة (أخبار دبي) الأسبوعية، وعادت مجلة (أخبار دبي) الأسبوعية منذ ذلك التاريخ من جديد لتتحول إلى نشرة داخلية تصدر في البلدية وتحمل تقارير الأقسام المختلفة مع تغطية محدودة لمشاريع البلدية، واستمرت لمدة ثلاثة أشهر فقط توقفت بعدها نهائياً.
وفي 22 إبريل عام 1972 صدرت صحيفة (الاتحاد) بصفة يومية حيث ظلت لعدة سنوات هي الصحيفة اليومية الوحيدة في الإمارات بعد أن توقفت جريدة (الخليج) التي تصدر في الشارقة عن الصدور من عام 1972 حتى عام 1980 .
وكانت صحيفة (الاتحاد) قد صدرت في البداية عن دائرة الإعام والسياحة في أبوظبي، وبعد قيام الدولة وإنشاء وزارة الإعام أصبحت الجريدة تتبع إدارة المطبوعات بالوزارة ثم صدر المرسوم الاتحادي رقم 25 لسنة 1977 بإنشاء مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر، ثم تم إنشاء مؤسسة الإمارات للإعام التي ضمت صحيفة الاتحاد وإذاعة وتلفزيون الإمارات من أبوظبي وصدر بها القانون الاتحادي رقم (5) لعام 1999 في شهر يناير.
أما صحيفة (الخليج) فقد صدرت في إمارة الشارقة بتاريخ 19 أكتوبر 1970 م على يد الأخوين تريم وعبدالله عمران، وتعد أول صحيفة يومية في الإمارات؛ لأن (الاتحاد) صدرت في البداية أسبوعية ثم تحولت إلى يومية عام 1972 . وكانت صحيفة الخليج تحرر في إمارة الشارقة ثم ترسل المادة التحريرية إلى دولة الكويت لتجمع وتطبع هناك في مؤسسة المرزوق للصحافة والنشر، وأتاح لها ذلك الاستفادة من الجانب الفني من حيث الشكل والتبويب وغيرها من العناصر التي توافرت لتكون صحيفة مواكبة لعصرها. وقد صادفت الصحيفة صعوبات أدت إلى عدم انتظامها في الصدور. وبعد ثماني سنوات من التوقف بدأ الإعداد عام 1979 لاستئناف الصدور، وبالفعل عادت صحيفة (الخليج) مرة أخرى للصدور في 5 إبريل عام 1980 في مطابعها الخاصة بالشارقة.
في العام 1973 صدر العدد الأول من جريدة (الوحدة) في 6 أغسطس 1973 ، وكانت أسبوعية ثم تحولت بعد شهرين إلى يومية ويرأس تحريرها راشد بن عويضة، وفي العام 1975 صدرت جريدة (الفجر) بشكل أسبوعي ورئيس تحريرها عبيد المزروعي، ثم تحولت إلى أسبوعية.
وفي العام 1980 صدرت جريدة (البيان) يوم السبت 10 مايو في إمارة دبي بعد إيقاف مجلة (أخبار دبي) عن الصدور لتحل محلها جريدة يومية وكان قد صدر قبل هذا التاريخ قرار مجلس الوزراء عام 1979 بوقف الترخيص لإصدار صحف جديدة.
وفي عام 2005 صدرت في دبي صحيفة (الإمارات اليوم) وهي صحيفة يومية بالقطع العالمي المصغر الجديد، وتصدر عن مؤسسة دبي للإعام.