جديم الصوف ولا جديد البريسم يستعيد ملامح دبي القديمة

مجالس

 1,450 عدد المشاهدات

مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي

في أمسية تراثية مميزة هي الثانية في برنامجه الرمضاني لهذا العام، استضاف مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء أمس الأول، الباحث التراثي راشد بن هاشم في محاضرة شيقة بعنوان ” جديم البريسم ولا جديد الصوف” ، قدمه للحضور الأديب عادل المدفع ، وشهدها جمع من المثقفين والإعلاميين في مقدمتهم المستشار والباحث التراثي عبدالله بن جاسم المطيري ، رجل الأعمال سالم الموسى ، الدكتور شهاب غانم والدكتور خالد الوزني المستشار في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.

 

بدأ راشد بن هاشم القول بأنه اختار لمحاضرته هذا العنوان ، كونه من المؤمنين بأن حياة الآباء والأجداد القديمة لا مثيل لها ، كونها تمثل الأصالة والعراقة والبساطة والحياة السعيدة ، رغم ترف الحياة الحديثة وبذخها وتطور وسائل العيش فيها ، مقارناً بين الأمس الذي كان يقوم على الترابط الاجتماعي والأسري.

الشندغة

استعرض المحاضر مظاهر الحياة في ” فريج الشندغة” خلال القرن الماضي ، وتقدم بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة ، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، الذي أعاد لمنطقة الشندغة وجهها التراثي العريق من خلال إعادة ترميمها لتكون أكبر متحف مفتوح في العالم.

واستعان بن هاشم بصور قديمة لمنطقة الشندغة قائلاً: هنا في الشندغة غرب، عند مربعة جمعه بن مكتوم كانت ولادتي وبداياتي الجميلة وترعرعت في فريج لا أنساه مدى الدهر.

راشد بن هاشم  وعادل المدفع وعبدالله المطيري وشهاب غانم ومجموعة من الحضور

وتطرق إلى ” زمة الغبيبة “. حيث تتغطى الأرض بالمياه عند مد البحر ، فتبعث حياة سعيدة للأطفال الذين يلعبون ويلهون في مياهها. وذهب إلى ” خوض الغبيبة ” عندما يعبر الأهالي إلى مياه البحر في حالة المد فيخوضون فيها لكي يذهبوا إلى بحر دبي.

 

راشد بن هاشم خلال المحاضرة

وتطرق المحاضر إلى بناء أول جسر في منطقة الشندغة في خمسينيات القرن الماضي ” 1956″ على نفقة رجل الأعمال خان صاحب ، وتم بناؤه على أعمدة ” بايبات” أحضرت من باكستان .

وألقى الضوء على ” ممر الغبيبة ” الذي تم إنشاء المرحلة الاولى خلال فترة الخمسينات وبني على جذوع النخل ، وقال… هذا الجسر وذاك الممر أنشئا لسيارة المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم حاكم البلاد آنذاك ولعبور أهل الشندغة إلى فريج الغبيبة الذي يقع غرب الشندغة ، ويوجد فيه بيت الشيخ مبارك الشامسي.

وتحدث بن هاشم عن أهم الأسواق المتوفرة آنذاك ومنها سوق بر دبي ، وسوق السمك ، حيث كان الرجال هم من يصيد الأسماك ، أما النساء فهن من يقوم بعملية البيع والشراء.

وتطرق إلى بيت عبدالقادر فكري ، الذي كان يعتبر بمثابة ” مول دبي ” حيث يوجد فيه بعض المطاعم الصغيرة وتستوحي أسماءها من أسماء الله الحسنى ” مطعم باسم الله ، مطعم الحمد لله … وغيرها ” ، ومكتبة لبيع المجلات والكتب ” وقد حل بنك برودا محله حالياً.

وأتي بالذكر على بعض أنواع النشاط التجاري في الشندغة ، ومنها مضرب الدواشك (أي القطان) ، وبرزة ولد راحة ، وهناك كان يتم  بيع وشراء بعض الحاجيات والبضائع.

وتحدث عن مقهى ربيع مكراف قائلاً ، هي لم تكن مقهى بالمعنى المعروف بمقدار ما كانت مكاناً لتجمع الرجال .

وتطرق إلى ” عبرة الميداف ” وهي عبارة عن قارب صغير يساق بالمجداف من قبل المعبر ، وتعتبر وسيلة المواصلات ونقل الركاب الوحيدة بين البرين ، دبي وديرة عبر الخور .

كوارث طبيعية

وتحدث بن هاشم عن بعض الكوارث الطبيعية التي ضربت المنطقة آنذاك، وخلفت أضراراً وخسائر لا تنسى منها:

– طهف القيامة ، وهي رياح قوية مصحوبة بأمطار غزيرة ومن شدتها هدمت البيوت واقتلعت الخيام وأغرقت السفن وقذفت بها الى الشاطئ وكان الناس لا يعرفون أين يتجهون. وفي لحظتها كان الأهالي ينادون “قامت القيامة – قامت القيامة” وكانت الخسائر كثيرة وتوفي بعض الاشخاص وقذفت الرياح العاتية بعضهم إلى أعالي الأشجار.

– حريجة ” حريق” الرفاعة العوده ” الكبيرة” . حدث في منطقة الرفاعة في العام 1957 ، وتسبب بأضرار بالغة لم يستطع السكان تلافيها لعدم توفر المعرفة والأدوات اللازمة لإخماد النيران.

وعرض المحاضر نص رسالة بعث بها والده محمد بن هاشم إلى ابن خاله /يوسف بوحيي ” بوحجي” طوش اللؤلؤ في البحرين يطلب منه المساعدة لإخماد النيران وتقديم العون للسكان.

– فجعة الجراد. فوجئ الأهالي بأسراب كبيرة من الجراد غطت البلاد في أواخر الخمسينيات واستمرت لمدة ما يقرب من عشرة أيام.

كانت بالنهار تحجب أشعة الشمس وبالليل تدب على الأرض وكان لها وجهان، الأول سلبي ، كونها أكلت ألخضر واليابس ، ووجه إيجابي  لأن السكان كانوا يجمعونها ويطبخونها كوجبة دسمة ، أو يقومون ببيعها وتجفيفها .

التعليم في دبي قديماً

وتطرق المحاضر إلى التعليم في دبي آنذاك ، وقال أنه بدأ بالكتاتيب حيث يتعلم التلميذ حفظ القرآن وتلاوته ، إضافة إلى أخذ دروس في الفقه والحديث ، التوحيد والنحو، السيرة والخط العربي ، التجويد والإملاء ، الاخلاق و السلوك، والمواظبة والحساب. وقال إن الكتابة كانت تتم على لوح أسود بدل الدفتر وعند ما يختم طالب العلم ويحفظ القرآن تعمل له ” التومينه”  حيث يجوب زملاؤه به البلاد ، ويقدم له الأغنياء هدايا ، ويكافأ من قبل أهله وأصحابه وأهل البلاد جميعا.

وأتى المحاضر على ذكر أوائل المدارس التي تأسست في دبي آنذاك ، وهي:

– مدرسة الفلاح بناها محمد علي زينل في العام 1951 ، على أرض قدمها له الشيخ سعيد بن مكتوم ، وتتكون من أربع خيم من سعف النخيل.

-المدرسة الأحمدية ، بنيت عام 1952 ، تلتها ” السعيدية ” عام 1953 ، ثم مدرسة الشعب عام 1958 .

معكصة الشونكي

وتعني الكوافيرة ، التي تزين النساء فتقوم بتسريح البنات في الأفراح والأعراس والأعياد والمناسبات ، وكانت تستخدم في ذلك الوقت المسك ، الياسمين والعنبر ، دهن العود والصندل والياس وغيرها من العطور.

ولم ينس المحاضر الجانب الترفيهي للأهالي فتطرق إلى البهلوان: أي الرجل القوي الحديدي الذي يتحمل حمل الحجر الكبير على بطنه وهو نائم أو وهو جالس بوضع الحجر على رجله ويقوم معاونه بتكسيره بمطرقة كبيرة.

وكذلك يقوم بربط حبل في شعر رأسه ويجر به سيارة ، أو يحمل أثقالاً من حديد أو حجر كبير.

واختتمت المحاضرة بمداخلات للحضور شارك فيها رجل الأعمال سالم الموسى الذي تحدث عن بعض ذكرياته في الشندغة، وكيف كان التلاميذ يهزجون بعض الأناشيد لمن يختم القرآن ، وقدم بعضاً منها . وشارك المستشار عبدالله بن جاسم بمداخلة تاريخية عن المرحوم محمد علي زينل ، وذكر أسماء المدارس التي بناها في كل من مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة وغيرها . وتطرق إلى ما كان يحظى به من احترام وتقدير المجتمع والحكومة في الهند .

كما شارك الدكتور شهاب غانم ببعض الاستفسارات والأسئلة .

راشد هاشم في سطور

-مواليد 1949 الشندغه غرب عند فريج مربعة جمعه

-يحمل دبلوم إدارة الأعمال 1980 من بريطانيا

-الدبلوم الدولي في الأمن والسلامة1983 من بريطانيا، ويعتبر أول شخص يحمله في دولة الإمارات العربية المتحدة .

– درس هندسة الطيران في لبنان بأكاديمية الطيونه – بيروت 1973

– درس هندسة الطيران العسكري بأكاديمية كازرتى في إيطاليا 1974

-باحث تراثي متعاون مع إدارة التراث العمراني التابعة لبلدية دبي

-من أوائل المساهمين في تأسيس مركز الوثائق التاريخية في منطقة الشندغه بدبي

-عضو إداري للجنة الوثائق التاريخية ومستشارها بنادي الوصل الثقافي الاجتماعي الرياضي.