2,092 عدد المشاهدات
الكاتب: محمد بابا
التاريخ رحلة جميلة بين الحقب والأمكنة، ولكل مرحلة خصوصيتها، لكن حين نطالع صورها تقدم لنا ملمحاً عن الحياة، من هذه اللقطات النادرة صور من دبي، تعود إلى العام 1962، التقطها المصور الياباني يوشيو كاواشيما وزميله المحرر الصحافي هيروشي كاتو، ووثَّقا فيها الكثير من تفاصيل الحياة في دبي، كما زارا وصوَّرا حاكم دبي آنذاك، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيَّب الله ثراه، في مكتبه في جمارك دبي.
حكاية مدينة
كتاب «دبي 1962»، يوثق لهذه الصور النادرة للمدينة، لكن لهذا الكتاب الذي صدر سنة 2014 قصة، كما أنَّ الحصول على الصور له حكاية أخرى، فقد تمَّ الاحتفاظ بها لأكثر من نصف قرن في أرشيف صحيفة «سانكي شيمبون» اليابانية، ولكن استطاع الأستاذ إبراهيم الجناحي إخراجها إلى النور، حيث اكتشف بالصدفة هذه الصور عن طريق إحدى الموظفات اللواتي يعملن في مكتب المنطقة الحرة لجبل علي «جافزا» في اليابان، فزار الصحيفة، وحصل على الصور لتوثَّق في كتاب قيِّم، صدر عن دار موتيفيت، وقدَّم له الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني، وقد وصف فيه هذه الصور بالكنز القيِّم، حيث توثِّق أسلوب ونمط الحياة حول خور دبي والتجارة في السوق والأزقة والمنازل في دبي المدينة المفعمة بالحيوية منذ ذلك الوقت، وأنه على الرغم من التطوُّرات الجذرية التي شهدتها دبي على مدى الخمسين عاماً الماضية، إلا أننا لا نزال نفخر بالمحافظة على الكثير من أوجه ثقافتنا وتراثنا.
تاريخ موجز
ورغم المدة الوجيزة للزيارة، التي لم تتعدَّ أسبوعاً واحداً، إلا أنَّ المصور التقط العديد من الصور الجميلة للطبيعة والبيوت والناس، وسجَّل بعدسته تفاصيل من المظاهر الاجتماعية والحياة في ذلك الزمن.
وقد التقطت الصور، ضمن تغطية خاصة لجريدة «سانكي شيمبون» حول العمَّال اليابانيين في حقول النفط في الكويت ودبي عام 1962.
وقد ساعد المصور الياباني وزميله الصحفي على استكشاف المدينة، مغامر إماراتي اسمه عبدالله كمال، كان قد عاش في اليابان وعمل مديراً لشركة خنجي الفارسية المتخصصة في الأقمشة، وتعلَّم اليابانية، وقد يكون أول إماراتي يتقن اللغة اليابانية، مكث من 1934 إلى عام 1942 في اليابان، وأُبْعِدَ من هنالك أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد التقى المصور وزميله بأحفاد عبد الله كمال، بعد وفاته، في زيارة لاحقة لدبي.
روح المكان
كتاب «دبي 1962»، وثيقة حيَّة لفترة كانت دبي تتَّجه بخطى حثيثة نحو الحداثة، ويلحظ المشاهد لهذه الآثار الفوتوغرافية التحوّل الذي تعيشه المدينة، وبساطة الناس وحراكهم في الأسواق، والنمو في شوارعها وأسواقها، والعمران وملامح البناء الحديثة في الفنادق على أطراف الخور، كما نشاهد تفاصيل عميقة للإنسان في معاشه وممارساته اليومية، تعطي معلومات عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص، فقد صوَّر الكتاب أفراح الناس في مناسباتهم، كما وثَّق عرساً محلياً، إضافة إلى لعب الأطفال في الشوارع.
والمطَّلِع على هذا الكتاب، الذي صدر بطبعتين عربية وإنجليزية، لا يخفى عليه ما يحمل من قيمة توثيقية وتاريخية، فقد أبدع المصوّر الياباني يوشيو كاواشيما وزميله، في اقتناص اللحظات الحية لروح دبي في تلك الفترة الزمنية، والاحتفاظ بها طرية وثرية بما تحمل من قيمة ثقافية عن المدينة وتطوّرها التاريخي.