زايد في الصحافة الخليجية الجارُ المحنّك القريبُ من القلوب

Business الإمارات مجلة مدارات ونقوش – العدد 8

 1,790 عدد المشاهدات

الكاتب:  محمد بابا

يتفق الباحثون والدارسون لمسار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على مدى الاهتمام الإعلامي الكبير بهذه الشخصية، سواء على المستوى العربي أو العالمي، فقد كان موضوعاً خصباً لمضامين الصحافة، وجاذباً لإثراء المحتوى، من خلال مواقفه وإنجازاته ورؤاه، وفلسفته الإنسانية العابرة للحدود والمنحازة للناس والخير.

ونتابع سلسة قراءاتنا في حضور زايد في الإعلام، ونتطرق إلى متابعات الصحف والمجلات الخليجية، في محاولة لإلقاء الضوء على جوانب من هذه التغطيات، التي قد لا تحيط بها قراءة سريعة، لكننا اخترنا نماذج تقدم ملمحاً عاماً عن التحرك الدبلوماسي للشيخ زايد في محيطه الإقليمي، وشراكاته واتصاله الأخوي مع جيرانه ومحيطه الدولي، الذي يبين حنكته العالية.

 


هنا البحرين

ففي الصحافة البحرينية تصدر غلاف مجلة «هنا البحرين» في عددها رقم 190 .بتاريخ  نوفمبر 1967 «رجب 1387 للهجرة» صورة للمغفور لهما الشيخ زايد مع أخيه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، خلال زيارة الشيخ زايد للبحرين، وكتبت المجلة متابعة موسعة للزيارة تحت عنوان «زيارة صاحب العظمة حاكم أبوظبي الشقيقة للبحرين»، وقد استغرقت هذه الزيارة أربعة أيام استقبل خلالها في موكب مهيب، ففي الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم السبت الموافق 14 أكتوبر 1967 هبطت في مطار البحرين الدولي الطائرة الخاصة التي أقلت  صاحب العظمة حاكم إمارة أبوظبي الشقيقة والوفد المرافق له، في زيارة رسمية للبحرين، استغرقت أربعة أيام حل فيها عظمته ضيفاً كريماً وأخاً عزيزاً على أخيه صاحب العظمة حاكم البحرين وتوابعها».
وفي تقرير آخر في نفس التغطية كتبت المجلة «الدوائر والمؤسسات الأهلية تظهر فرحتها بهذه الزيارة»، فقد زار الشيخ زايد مدينة عيسى وشاهد عن كثب سير هذا المشروع السكني، وميناء سلمان والمنفذ البحري الذي يتيح للمنامة للتبادل التجاري، ومراكز الزراعة والكهرباء، وأقيمت على شرفه ندوة غداء في المحرق، وحفل تكريمي أقيم في بلدية المنامة بتنظيم من غرفة تجارة وصناعة البحرين، وأعرب زايد عن إعجابه بتطور وسائل الخدمات العامة في البحرين، وأوردت مجلة «هنا البحرين»، «هذا وفي يوم الأربعاء الموافق 18 أكتوبر 1967 غادر مطار البحرين الدولي في الساعة التاسعة والنصف صباحاً حضرة صاحب العظمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي الشقيقة، عائداً بحفظ الله ورعايته، إلى بلده الشقيق بعد انتهاء زيارته الرسمية إلى أخيه حضرة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حاكم البحرين وتوابعها المعظم، وقد جرت مراسم وداع عظمته على غرار مراسيم الاستقبال».
كما تصدر  صورة الشيخ زايد غلاف مجلة «الزيت والاقتصاد العربي في عددها الأول الصادر بتاريخ مايو 1968، وجاء تحت عنوان «أبوظبي ودورها في منطقة الخليج»، وأشارت المجلة إلى تزايد مكانة مشيخة أبوظبي قوة ورسوخاً باطراد، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وليس ذلك في منطقة الخليج فحسب، بل كذلك ضمن الأسرة العربية، وقدمت المجلة تحليلاً للعوامل الاقتصادية والإنسانية التي تضافرت لجعل أبوظبي في مركز القيادة في المنطقة، ودور زايد في ذلك.

 

القريب من القلوب
وجاء في مجلة «أضواء الكويت» في عددها الصادر بتاريخ 4 أغسطس 1969، وفي الصفحة 28 من المجلة عنوان رفيع مقتبس من عبارة مأثورة لزايد «لا خير في مال لا يفيد صاحبه»، ووصفت المجلة ذلك في سياق التضامن العربي، وعطاء زايد في ذلك، وكتبت «بهذه الروح العالية وبهذه الوطنية المتوثبة، وبهذه الملامح العربية الواضحة القسمات، استطاع الرجل، أن يوجه إليه كل الأنظار، وأستطاع أن ينفذ إلى كل القلوب..».
وتواصل المجلة «لهذا لم يكن عجيباً ولا غريباً أن ترصد أبوظبي حوالي ثلاثين مليون دينار لمشروعات تقام في إمارات ساحل عمان»، وتتابع المجلة «الشيخ زايد يؤمن بالكفاءات العربية، ومن أجل هذا فهو يهتم بأن تصل إمكانيات التعاون العربي في مجال الخدمات العامة إلى آخر مدى»، وتضيف مجلة «أضواء الكويت»، «وإلى جانب ذلك فإن عظمة الشيخ زايد يتمتع بصفات شخصية، تقربه من كل الناس، فليست له حياة خاصة يحياها، إنه يعيش في صميم شعبه، وفي أعماق آماله وأحلامه وأمانيه، بابه مفتوح لكل الناس، كما أنه يتبع الأسلوب الديمقراطي في المشورة وتبادل الرأي وفي إدارة شؤون بلاده».
وتحدثت المجلة عن الاتحاد، ومبادرة زايد بخصوصه، وما لها من دعم للصف العربي، وختمت المجلة تقريرها «ليس هناك شك أن أبوظبي الحديثة، في عهد حاكمها صاحب العظمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، صارت قوة ذات بال، يرصد لها المستقبل القريب كل حوسه، بكثير من الأمل والتفاؤل وبكثير من البشائر..».
كما أجرت صحيفة «السياسة» الكويتية  في أكتوبر 1977 حواراً مطولاً مع زايد، أجراه الصحفي أحمد الجار الله، رئيس تحرير الصحيفة، وقد لقي هذا الحوار صدى واسعاً وتناقلته الصحف في المشرق العربي ومغربه لما له من أهمية سياسية، وقد وصف الجار لله في انطباعه حول اللقاء أن «الشيخ زايد رجل التضامن العربي حسن النوايا».

استطلاعات «العربي»
وأفردت مجلة العربي الكويتية في استطلاعاتها الذائعة الصيت، تقارير عدة عن الإمارات، وتعرضت بالذكر لإسهامات زايد في المنطقة ودوره المحوري، من هذه الاستطلاعات الصحفية المصورة تقرير عن أبوظبي نشرته المجلة في عددها رقم 121 بتاريخ ديسمبر 1968، فخلال حديثها عن التوسع العمراني في أبوظبي كتبت المجلة «أراد الشيخ زايد أن تكون المباني الشعبية هي أول المباني التي ترتفع في أبوظبي، وفعلاً انتهى بالفعل في إنشاء المئات منها، وفي نفس الوقت كانت الدوائر الحكومية تتعاقد مع مئات الموظفين لدفع عجلة العمل والمشاريع الجديدة..»، وأعادت المجلة سرد خطاب زايد عام 1966، وهو يعلن مولد عهد جديد للمنطقة بقوله «إن كان الله جل وعلا، قد منَ علينا بالثروة، فإن أول ما التزمنا به لإرضاء الله وشكره، هو أن نوجه هذه الثروة لإصلاح البلاد ولسوق الخير إلى شعبها..»، وتضيف المجلة «وبدأ الشيخ زايد يحقق ما وعد فأنشأ عشر دوائر حكومية، أعقبها بإعلان أول خطة خطة خماسية رصد لها 300 مليون دينار بحريني..وفي نفس الوقت كانت الحكومة تبني أبوظبي الجديدة بأقصى سرعة».

وتحت عنوان «الشرهة» كتبت المجلة أن الشيخ زايد خصص لكل فرد من الذكور مرتباً معيناً يتقاضاه مرة كل ستة أشهر، ويسمونه «الشرهة»..وهذا المرتب يصرف من مخصصات الشيخ زايد الشخصية.

وفي استطلاع آخر للمجلة نشر في العدد 160 بتاريخ مارس 1972، كتبت المجلة في عنوان عريض «مولد دولة»، وفي عنوان إضافي شارح «إمارات ساحل عمان السبع تعلن قيامها دولة واحدة»، وكتبت «العربي»، «شعور غريب ينتابنا في كل مرة نتجه نحو ساحل عمان..ذلك الساحل الذي هو الجزء الجنوبي الشرقي من الخليج العربي، شعور أقرب ما يكون إلى الأساطير والمعجزات..» وتواصل المجلة «لقد واكبت العربي إمارات الخليج العربي منذ عام 1960 وكتبت عنها منذ أن كانت تجمعات بدوية صغيرة مبعثرة، إلى أن أصبح السبعة واحداً، والسبعة عشر صاروا ثمانية عشر، بانضمام الإمارات لجامعة الدول العربية..و بانضمام الإمارات لم يعد جزء من وطننا العربي الكبير موجوداً خارج حظيرة الجامعة العربية سوى موريتانيا..البلد العربي الأصيل الذي يحاول البعض طمس عروبته بعد أن نسيه العرب في غمرة مشاكلهم الملحة..».
وتابعت المجلة «في مطار أبوظبي اجتمع أكثر من 150 صحفياً على غير ميعاد، جاؤوا يسجلون أحداثاً متلاحقة، ففي أول ديسمبر 1971 طار المعتمد البريطاني السير جيوفري أرثر، بطائرة خاصة فوق إمارات الخليج، وفي يوم واحد ألغى سبع اتفاقيات أبدية ظلت تربط المنطقة ببريطانيا منذ عام 1820..وفي يوم 2 ديسمبر 1971 اجتمع حكام الإمارات في قصر جميرا بدبي وأعلنوا مولد دولة الإمارات..».
لقد كان وراء ذلك الحدث التاريخي، وميلاد الإمارات العربية المتحدة، رجل اسمه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي استطاع بحكمته وحنكته ومرونته السياسية، جمع الناس حوله.

وقد لا تفي قراءة  سريعة بالمواقف في حياة الشيخ زايد، لكننا أخذنا بعض النماذج من الصحافة الخليجية، عسى أن تكون لنا متابعة أخرى لحضوره في بعضها الآخر، في قراءة لاحقة تتبع الأثر والشواهد بين السطور والأخبار لسيرة ومسيرة زايد في الإعلام، ونقدمها كوثيقة تاريخية، وملمح اجتماعي وسياسي لمرحلة مهمة من التاريخ الإماراتي.