1,300 عدد المشاهدات
الكاتب : محمد بابا – «مدارات ونقوش»
تمنح الأراشيف الصحفية مادة ثرية، تمكن الباحث والدّارس من إطلالة متأنية على الزمن بكل ما يحمل من محطات، في إطار متابعة «مدارات ونقوش» التوثيقية لحضور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الإعلام والصحف العربية والدولية، نقرأ في هذا العدد متابعة مجلة «روز اليوسف» المصرية لأنشطة زايد، وتغطيتها لدوره الريادي على المستوى الإماراتي والعربي.
في العدد رقم «2428» الصادر بتاريخ 23 ديسمبر 1974 حمل تقرير تحت عنوان «من الإمارات إلى كل العرب»، تصريحاً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجاء في عنوانه العريض «زايد: تبادلنا مع السعودية الرأي في كل ما يهم العرب»، وألقى التقرير الضوء على زيارة الشيخ زايد إلى المملكة العربية السعودية، وورد فيه «عاد إلى أبوظبي سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والوفد المرافق له قادماً من المملكة العربية السعودية، بعد زيارة قصيرة..»، وأوردت المجلة في التقرير تصريحاً صحفياً لزايد أدلى به عقب عودته من السعودية جاء فيه «لقد كانت زيارتنا للملكة العربية السعودية، ولقاؤنا فيها بصاحب الجلالة الأخ الملك فيصل عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة ومشاركتنا في الاحتفالات التي شهدتها الظهران، فرصة طيبة لنلتقي بالأشقاء في دولة شقيقة نكن لها ولقائدها ولرجالاتها كل حب واحترام، وكانت فرصة طيبة اغتنمناها لتبادل الرأي حول ما يهم منطقتنا وأمتنا العربية، وقد سعدنا أيضاً باللقاءات التي تمت بيننا وبين الأشقاء، وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك وأصحاب السمو الملكي الأمراء»، وأضاف الشيخ زايد في هذا التصريح الصحفي «لقد كان الاحتفال الذي شهدناه في ساحة المعهد الفني للطيران فرصة اطلعنا خلالها على مدى التقدم الذي أحرزته الدولة الشقيقة في مجال بناء القوة العسكرية العربية، وخاصة في مجال القوات الجوية..وكان العرض الجوي الكبير مفخرة لنا جميعاً ودلالة على مدى التقدم الهائل الذي حققته القوات الجوية السعودية، والذي دلّ أيضاً على مهارة الرجال الذين يقومون بقيادة الطائرات والذين يقفون وراء القوات الجوية السعودية من أبناء السعودية الشقيقة».
نظرة على الإمارات
كما أورد التقرير ذاته في هذا العدد من «روز اليوسف» نظرة على الإمارات، حملت مجموعة من الأنباء، من ضمنها عنوان «افتتاح مؤتمر الآثار في البلاد العربية»، جاء فيه «افتتح معالي أحمد بن حامد وزير الإعلام والسياحة الإماراتي في فندق هيلتون العين المؤتمر السابع للآثار في البلاد العربية، بدعوة من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وشارك في المؤتمر وفود من 17 دولة عربية».
كما جاء في هذا التقرير الصحفي خبر عن تصدير البترول من حقل جديد في أبوظبي، حيث احتفل بافتتاح حقل أبوالبخوش مع بدء إنتاجه الرسمي للبترول وتصدير البترول منه..ويقع الحقل وسط مياه الخليج العربي وعلى بعد حوالي 180 كيلومتراً في الشمال الغربي من العاصمة أبوظبي، وبدأ الإنتاج في شهر يوليو الماضي «1977» بمعدل حوالي 30 ألف برميل في اليوم وارتفع المعدل الى حوالي 50 الف برميل يومياً، وتابعت المجلة «ينتظر أن يصل إنتاج هذا الحقل إلى معدل 60 ألف برميل يومياً في المستقبل القريب، كما يتم حفر عدد آخر من الآبار».
وفي إطار أوردت هذه الرسالة الصحفية المفصلة من الإمارات لـ«روز اليوسف» خبراً عن صدور أول مجلة نسائية في الإمارات تحت اسم «سمراء» وتعكس هذه المجلة أنشطة المرأة الإماراتية وتلبي اهتماماتها.
سفراء النهضة
وفي عدد المجلة رقم 2548 الصادر بتاريخ 11 أبريل 1977 حمل تحقيق موسع نظرة عن كثب على دور الطلاب الإماراتيين في القاهرة في التعريف ببلدهم عبر جناح الإمارات في سوق القاهرة الدولي، وجاء التحقيق تحت عنوان «بلا منتجات ولا بضائع لفت جناح الإمارات الأنظار»، حيث تطوع عدد من أبناء الدولة الذين يدرسون بجامعة القاهرة ليصاحبوا الزوار، ويشرحوا ملامح التطور والنهضة في بلادهم، واستطاع طلاب الإمارات بحماسهم أن ينقلوا بإخلاص صورة التطور الذي تشهده بلادهم إلى ملايين الأشخاص..»، وجاء في هذا التحقيق سرد للتطور الذي شهدته الدولة في ظل الشيخ زايد والأشواط الكبيرة التي قطعتها في هذا الشأن، وما قدمه لشعبه، حيث تورد المجلة مقولة لزايد «أنا اعتبر نفسي رب عائلة كبيرة هي الشعب، ومن واجب رب العائلة أن يرعى أفراد عائلته»، وتشير «روز اليوسف» أن هذا يعكس اهتمام الحاكم بشعبه، وهذا الاهتمام تترجمه عشرات الصور واللوحات على جدران جناح الإمارات في معرض القاهرة الدولي، والتي نقلت صوراً ناصعة عن جهود زايد في بناء الإمارات.
وفي العدد الصادر يوم الاثنين 31 أكتوبر 1977 وحمل الرقم «2577» أفردت مجلة «روز اليوسف» حواراً موسعاً مع السفير الإماراتي في القاهرة سيف علي الجروان، تطرق فيه إلى جوانب عديدة من الدور الريادي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث أرسى دعائم الاتحاد في ظروف صعبة، ولم يجد الطريق أمامه مفروشاً بالورود، لكن كان عليه أن يعمل ويذلل كل الصعاب والعقبات، وأن يثبت دعائم هذه الدولة الوليدة على المستوى الداخلي والخارجي.
وأضاف الجروان في هذا الحوار الصحفي مع «روز اليوسف»، والذي جاء تحت عنوان «سفير دولة الإمارات الجديد يتحدث عن: عام التحولات الكبرى»، «بجهد الرجال وعمل المخلصين استطاعت الإمارات اختصار المسافة، وخرجت إلى العالم دولة كبيرة ومؤثرة، وكان لها دور ملموس وبارز على النطاق العربي..فوقفت إلى جانب العرب في كل معاركهم..كما وقفت إلى جانب الحق العربي بكل إمكانياتها، ودعمت الموقف العربي بكل ما تستطيعه..»، ويستشهد الجروان بمقولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي».
وعن دور الشيخ زايد في النهضة التي أرساها في الإمارات قال سفير الإمارات في القاهرة لمجلة «روز اليوسف»، «هناك مدارس كثيرة أنشئت في كل الإمارات، وفي الإسكان قدم زايد مسكن مريح إلى كل مواطن يحاجه، ثم هناك الطرق، فشبكة الطرق الهائلة تتطور وتنمو خاصة في المناطق الوعرة، كما تم توحيد الجيش والشرطة والإعلام، وأصبحت كل هذه الأجهزة تخضع للدولة الاتحادية، فوجود زايد يدفع المسيرة الاتحادية ويدعمها..ولقد كان وسوف يظل من أعز أمنيته ومطالبه أن يتدعم الكيان الوحدوي للدولة..».
وجاء في هذا الحوار الذي خصصت له المجلة 4 صفحات رصد لبعض إنجازات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، سنة 1977، وبمناسبة الذكرى السادسة لقيام الاتحاد، وجاء من ضمن مشروعات الإنتاج والخدمات في هذه السنة مشروع تسييل الغاز الذي افتتحه الشيخ زايد بن سلطان في جزيرة داس، وهو أضخم مشروع في الشرق الأوسط.
أفكار زايد
وحمل عدد مجلة روز اليوسف رقم «3119» الصادر بتاريخ 21 مارس 1988 عنواناً في إطار جانبي في صفحة «الناس»، مفاده «الشيخ زايد يعزي أسرة رجاء مكاوي»، وجاء في النبأ، «توفي الصحفي المصري رجاء مكاوي، أول مستشار صحفي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة..وكان الفقيد قد تفرغ لأعماله الخاصة منذ فترة بعد مرضه..وقد وافته المنية تزامناً مع وصول الشيخ زايد إلى القاهرة..والذي بادر بإرسال مدير ديوانه لإبلاغ أسرة الفقيد تعازيه..».
ورجاء مكاوي صحفي مصري غطى لصحيفة «أخبار اليوم» سنة 1966 خبر تولي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في أبوظبي، ووصل إلى الإمارات عبر الكويت، وأجرى مقابلة صحفية مع زايد، وفي سنة 1968 اختاره زايد كمستشار صحفي.
وتحت عنوان «أفكار يجب أن تتغير» ورد في العدد 3257 بتاريخ 12 نوفمبر 1990 من مجلة روز اليوسف قراءة في مقال افتتاحي لمجلة «زهرة الخليج» أشارت فيه رئيسة تحرير المجلة عبلة النويس إلى أن الشيخ زايد يقول «يجب أن تتغير الأفكار وأن يكون هناك توجه جديد بأفكار جديدة غير التي مرت في السابق، بأن ندبر لأمورنا وسائل لم تكن موجودة من قبل..»، وأشارت قراءة «روز اليوسف» لهذه المقولة إلى ضرورة تغيير الأفكار لمواكبة مستجدات الحياة، فكي نعيش الحاضر ونبني المستقبل لا بد من تغيير أساليب التفكير، فالماضي جميل بكل ما فيه، ويجب أن نتخذ منه العبرة والتمثل، لكن يجب أن نتطلع إلى المستقبل بأفكار جديدة وخيال يستشرف المستقبل..فالتطور يتدفق على العالم المتقدم بمتوالية هندسية وإدراك ذلك في حد ذاته ضرورة، والاعتراف به مكسب والتفكير في المستقبل يعني استمرار الحياة، ووصفت المجلة هذه النظرة المستشرفة للمستقبل بالذكية والحكيمة.
فارس قهر المستحيل
وفي عدد المجلة رقم “3521” الصادر بتاريخ 4 ديسمبر 1995 جاء تحت عنوان عريض مع صورة بارزة للشيخ زايد «قصة سقوط المستحيل..ملحمة الفارس في مدن اللؤلؤ والذهب»، في تقرير كتبه الصحفي عصام عبد العزيز يقول فيه «تعيش بعض البلدان في تاريخها لحظات تساوي ألف عمر..فيها يولد الحلم..وتشرق الشمس على أرض عاشت تحلم بالنور دون أن تراه..ويصبح المستحيل واقعاً وحياة يومية يعيشها الناس..في تلك اللحظات تخضر الرمال..ويرتوي الجفاف وتتحول الصحراء القاحلة إلى مدن رائعة الجمال..وحدائق ترتدي أروع الألوان..ويصبح الفقر غنى والحرمان رفاهية..وتسمع الدنيا قصة الفارس الذي قاد بلاده ببراعة..ونجح في تحدي المستحيل..حدث هذا يوم ولد زايد بن سلطان آل نهيان حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة..».
ويصف الكاتب بأنه حينما زار الإمارات لم تتح له فرصة لقاء الفارس، يقصد زايد، لكنه رأى «كيف يكسب سباقه مع الزمن، وينقل بلاده من الظلام الى النور وذهلت عندما تابعت نجاحه في جعل دولة الامارات واحدة من كبريات دول العالم»، ويضيف «في كل شبر من أرض الإمارات تسمع بقصة رائعة من بطولة زايد وحكمته..ومع كل واحد من أبناء الإمارات تسمع ألف قصة كلها تنطق بالحب والتقدير..»، ومما ورد في المقال «في الزراعة أبناء الإمارات أذهلوا الخبراء الأجانب الذين أكدوا أن الزراعة في أراضي الإمارات وهم..وفي التجارة أصبحت الإمارات منافساً، ففي جبل علي بدبي ترى النجاح المذهل الذي حققه أبناء هذا الفارس في مجالات الاستثمار والأسواق الحرة..حيث يتعامل أبناء الإمارات مع عمالقة آسيا وأوروبا وأميركا معاملة الند بنفس الروح الجسورة الواعية التي استمدوها من زايد..».
يشار إلى أن مجلة «رو اليوسف» مجلة مصرية أسستها سنة 1925 فاطمة اليوسف، التي كانت تلقب بروز، وهي والدة الكاتب المصري المعروف إحسان عبدالقدوس، ونجحت هذه المجلة كمجلة أدبية وفنية شاملة، وكتب فيه نخبة من الأدباء الكبار.