سيلفي ناصر القصبي يغضب الدواعش!

مقالات متنوعة

 1,220 عدد المشاهدات

الكاتب: جمال بن حويرب

قضيت بداية رمضان المبارك في (قاهرة المعز التي قهرت الإخوان والإرهابيين)، حيث الأجواء الرمضانية الجميلة ونسيم النيل العليل البارد يداعب قلوب الصائمين ويحتضنهم وقت خروجهم لأداء صلاة التراويح. وعند صلاة الفجر تعانقك ريح الصبا (ريح تستقبل القبلة) فلا تريد أن تترك عناقها الذي ينسيك هموم الدنيا فكأنّك في جنانٍ من النعيم، رزقنا الله وإياكم أعزائي جنات الفردوس الأعلى ..

وإنّ الصبا ريحٌ إذا ما تنسمّتْ على نفسِ مهمومٍ تجلّت همومها ومما زاد مدة إقامتي في مصر المحروسة بهاءً وألقاً، أني كنت ألتقي أخي العزيز معالي السفير محمد بن نخيرة الظاهري ـ حفظه الله ـ الذي لا يَملُّه جليسه ولو قضينا معه الساعات والساعات من دماثة الأخلاق وعلوّ الأفكار، وقد صادف أني شاهدت في مجلسه العامر حلقتين من (سيلفي)، وهو مسلسل كوميدي سعودي من بطولة ناصر القصبي وله في كل يوم حكاية يناقش فيها مشاكل المجتمع في السعودية، على غرار مسلسه القديم (طاش ما طاش)، ولكنه دخل في منطقة (وعرة جداً) عليه وفيها مبالغات لم يحسب لها حساباً.
ليته اعتمد الطرفة والفكاهة ولم يلجأ إلى تلك النهاية التراجيدية التي أنهى بها وجوده في داعش، حيث قام الابن بذبح والده بنفسه طاعةً لخليفة الدواعش، بدلاً من أن يظهر نجاحه في هداية ابنه ورجوعهما إلى وطنهما وأهلهما سالمين، كذلك هو بهذا المسلسل قد روّج لداعش من حيث لا يدري في موضوع خطيرٍ، حيث أظهر هؤلاء المجرمين في بيوت جميلة وأراضٍ خضراء وأنهم يتزوجون أكثر من زوجة واحدة بأمر خليفتهم، وأنهم أيضا لهم جوارٍ من السبايا، وكل هذا يجعل من بعض ناقصي العقول المتهورين الذين يتحكم فيهم جنون الحماس من بعض الشباب العربي يحلمون بمثل هذه الأماكن، ولا يخفى أنّ وسائل الترويج الداعشية أقوى بكثير من بعض الأجهزة الأمنية.

فهم لديهم كل الوسائل العالمية لجذب ضحاياهم إليهم وغسل أدمغتهم كما تفعل الأحزاب الإرهابية في كل مكان، وما أظنّ القصبي أصاب في هذا وما هو إلا كما قيل: رامَ نفعاً فضرّ من غير قصدٍ ومن البرّ ما يكونُ عقوقا
مسلسل (سيلفي) وأي برنامج آخر يناقش مسائل خطيرة في مجتمعاتنا يحتاج إلى حوارٍ مباشر مع الأجهزة المعنية قبل كتابة نصوص حلقاته، إذ علينا أن نُنعم النظر فيه طويلاً ولا نفكر في نجاح العمل فقط بقدر ما نفكر في تأثير هذا العمل في المشاهدين بمختلف أعمارهم، وكيف يمكن أن تكون ردود أفعالهم التي قد تكون في بعض الأحيان غير محمودة على المعنيين بهذا العمل وعلى العاملين فيه.
استطاع مسلسل (سيلفي) وبطله الفنان ناصر القصبي جذب انتباه وأنظار المتشددين فغرّدوا فيه وألقوا الخطب القوية ضده، كما فعلوا قبل ذلك عندما تعرض إلى مسائل من أصول المجتمع السعودي في (طاش ما طاش)، وها هو ذا يعود مرةً أخرى لنفس (الموّال) فنال ما ناله سابقاً من الهجوم الشديد عليه وعلى قناته تكفيراً وتفسيقاً، وهذا أيضاً لو دققنا فيه لعلمنا أنّ الخطباء وأهل الوعظ والعلم قدّموا هديةً كبرى له بجعل الناس جميعاً تفتح (التلفزيونات) لمعرفة ما يدور في حلقاته! وقد جاء تهديد الدواعش للقصبي المسكين بفصل رأسه عن جسده إذا أكمل بث حلقاته عن داعش ليطير بهذا التهديد البرنامج كالصاروخ بين المسلسات الأخرى، فتربع على عرش الصدارة من تحذيرات (المطاوعة)، ولا أدري هل نقول إنه من حسن حظ القناة التي تبث المسلسل، أم من سوء حظ ناصر الذي بات مهدداً بالذبح من داعش وأخواتها؟!

نشر في البيان بتاريخ: 23 يونيو 2015