سين جيم مدارات ونقوش العدد (18-19)

block-2 مجلة مدارات ونقوش – العدد 18 - 19

 1,341 عدد المشاهدات

السؤال الأول: ما أصل مفردة فنجال أو فنجان؟ وهل لها أصل في العربية؟ وأيهما أصحُّ: فنجان أم فنجال؟

م.ح _ دبي

**الجواب:هذه مفردة مشهورة في العامية وعزيزة على نفوس العرب خاصة، بسبب ارتباطها بالقهوة التي بيَّنا أيضاً معناها في العدد (3) من مجلة «مدارات ونقوش»، والفنجان أو الفنجال بلا شك هي مفردة عامية محرَّفة من أصل عربي وهو «فلجان»، وهذه المفردة يقال أيضاً إنَّ أصلها الأول من السريانية. وعلى كلِّ حالٍ فإنَّ الكلمة تعني «القفيز» وهو مكيال معروف، ثمَّ تطوَّر فأصبح يقال للكوب الذي توضع فيه القهوة «فلجان» ثمَّ حرَّفته العامة فقالت «فنجان» بإبدال اللام نوناً ثمَّ أبدلت النون الأخيرة لاماً، ومن عادة العرب الإبدال بين النون واللام؛ فمثلاً تقول: إسماعيل وإسماعين، وهناك شواهد أخرى على هذا الإبدال. وفي فنجال يمكن أن نقول: فيها قلب موضعي.

وإن تسأل أيهما أصوب؟ فسأقول: كلاهما؛ أي فنجان وفنجال من العامية والصواب «فلجان» لكن «فنجان» أحب إليَّ.

يقول الزبيدي في تاجه:

“يقال القَفِيزُ وأَصلُه بالسُّرْيانِيَّة: “فالِغَاءُ” فعُرِّبَ. قال الجَعْدِيُّ يَصفُ الخَمْرَ:

أُلْقِيَ فيها فِلْجَان من مِسْكِ

                          دَارين وفِـلْـجٌ مِـن فُـلْـفُـــلٍ ضَـــرِمِ

قلت: ومن هنا يُؤْخَذ قولهم للظَّرْف المُعَدِّ لشُرْبِ القَهْوَةِ وغيرِهَا «فِلْجَان» والعَامَّة تقول: فِنْجَان، وفِنْجَال «ولا يصحّانِ».

هذا وقول الزبيدي: «لا يصحان» يمكن أن نتوقَّف عند هذا الحكم اللغوي ونناقشه فيه؛ فنقول: فنجان وفنجال ممّا جرت بهما الألسن، وما دام أصل المفردة غير عربي والقلب الموضعي والإبدال من سنن العرب اللغوية، فلا مانع من إقرار هاتين المفردتين؛ إذ لا ضرر فيهما للتخفيف على الناس في لغتهم.

السؤال الثاني: هل يمكن أخذ الأنساب البعيدة من الحمض النووي (DNA)؟

محمد-الرياض

**الجواب:الحمض النووي له استخدامات متعدِّدة؛ منه ما يفيد الأمن والقضايا والصحة وعلوم أخرى، وهناك ما أولع به الناس لمعرفة أصولهم البعيدة، وهذا فيه تفصيلٌ وسأشير فقط إلى الباحثين فيه من العرب.

عندما لم يجد الباحثون عن تاريخ الأنساب العربية أجوبة عن أسئلتهم؛ بسبب عدم وجود التدوين في علم الأنساب وانقطاعه منذ القرن الثامن تقريباً، واختفاء أسماء القبائل القديمة لأسباب نجهل أكثرها، وتشكّل مسمّيات جديدة للقبائل العربية لم تكن معروفة في كتب الأنساب الأولى، واختلاط الأسر والأفخاذ، والتغيُّر الجغرافي الكبير لها، ممّا يدخل أيَّ باحث في الأنساب في مرحلة الإحباط، وهذا الذي ذكره كثيرٌ من الباحثين ومنهم الشيخ حمد الجاسر، وكم نشر في مجلته من البحوث والردود عليها ورماه بعض الباحثين بأنَّ بضاعته في الأنساب مسجاة، والحقيقة أنَّ عدم وجود التدوين والدلالات القوية على الأنساب القديمة تجعل بضاعة جميع من دخل في هذا العلم الضعيف أصلاً مسجاة.

ولهذا السبب وغيره وجد الباحثون في الأنساب في علم الحمض النووي (DNA) ضالتهم، وبدؤوا يفتون فيه ويؤصِّلون ويفرِّعون، ثمَّ وصلوا إلى طرق مسدودة فغيَّروا وبدَّلوا خلال السنوات الماضية، فكلما خرج شيءٌ جديدٌ غيَّروا.. وهكذا، وإن سألت أحدهم: هل درست علوم الحمض النووي؟ أو هل لديك شهادة فيه؟ فسيقول لك: لا! فكيف لأناسٍ لا علمَ لهم ولا دراسَة في هذا المجال ينصبون أنفسهم مراجع فيه، ويفتون في أنساب القبائل باليقين، ولا يغمض لهم جفنٌ من الثقة التي يعيشون فيها! والأغرب في هذا الموضوع عندما نسأل علماء الحمض النووي يقولون: إنَّ نسبة معرفة المجموعات العرقية الكبرى تصل إلى 80 و90 %، وهنا نسبة الخطأ 10%، أمَّا الأصول والأنساب الأقرب فنسبة الخطأ فيها مرتفعة جداً.

كذلك قام برنامج أمريكي قديم ومشهور يسمّى «ستون دقيقة» بعمل تجارب في هذا الموضوع، وأرسل عينة لامرأة إلى ثلاث شركات تعمل في مجال الحمض النووي، وكانت النتيجة صدمة لهم، حيث كانت النتائج الثلاث مختلفة!

وعلى هذا، فمختصر القول: إنَّ الحمض النووي لا يمكن أن يكونَ بديلاً للمشجرات، أو ما تعارف عليه الناس شرعاً وعلماً، وإنَّ الذين ابتلوا به وأصبحوا يفتون فيه بغير علم ولا دراسة جامعية محقّقة فيه، عليهم أن يتركوه لأهله ولا يفتنوا الناس ويبنوا أحكاماً على قواعدَ من الجهل، فإذا قام العلماء المتخصِّصون فيه، ولم يكونوا تجاراً مثل هذه الشركات، وطوروا في هذا العلم واقترب من الصواب، هنالك يمكن أن يستأنس فيه فقط  في علم الأنساب، ولا يؤخذ على سبيل القطع واليقين.  

السؤال الثالث: قبيلة بني ياس، حصل جدل كبير في نسبهم في الآونة الأخيرة، ولا ندري أيّاً من هذه الأقوال نرجِّح؟

محمد عبد الله – الإمارات

**الجواب:الأرجح الذي عليه أجدادنا؛ مثل قول خال والدي عبدالله بن خلفان بن حويرب، المتوفى سنة 1955، والذي سمعه من والده الشيخ خلفان بن حويرب المولود سنة 1860 تقريباً، والمتوفى سنة 1940، رحمهم الله، إنَّ قبيلة بني ياس بن عامر نسبها يتصل بعامر بن صعصعة؛ أي هي قبيلة هوازنية، وهذا الذي ذكره غير واحد من المؤرخين العمانيين وآخرهم السالمي في كتابه «نهضة الأعيان» الذي جزم بأنَّ أبناء عم بني ياس الأقرب هم قبيلة سبيع بن عامر، القبيلة الهوازنية المشهورة في الجزيرة العربية. وكلُّ من يدَّعي غير ذلك ولم يأتِ بدليل قوي يمكننا أن نُصَدِّقَه به، فعليه أن يتجنَّب الخوض في هذا الأمر. وتبقى أنساب بني ياس على ما هي كما رواها الأجداد، ولن تتغيَّرَ بأدلة ضعيفة كتشابه أسماء أو شواهد من أبيات حديثة أو مجهولة. أمّا ما جاء في نسبة بعض الشعراء لبني ياس إلى قحطان؛ فهذا على المعلومة الشائعة عند الناس منذ القدم بأنَّ اليمن هي أصل العرب كما يقولون، وهذا القول- وإن شاع- فإنه بلا شك مردود على أصحابه؛ فاليمن بعض من العرب الكرام ولعلَّنا نفصِّل ذلك في بحث منفصل.