1,269 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
منذ دخولي عالم «تويتر» في أغسطس 2011 وأنا أتعلّم منه ولا أقول تعلّمي كلّ يوم بل أجزم أنّي أتعلم منه كلّ لحظة لكثرة المعلومات التي تسيل من ينبوعه، وقد كنت دخلته قبل ذلك أوّل ما عُرف في سوق الإنترنت ولكني لم أره شيئاً بل رأيت أنّه أقرب للأجيال الصغيرة، ولهذا هجرته ورميته كما “يُرمى الحابول في الشتاء” كما نقول في اللهجة العامية – والحابول مفردة محلية فصيحة وتعني الحبل الذي يستخدم للصعود إلى أعلى النخلة- وقد كنت يومئذٍ لا أعلم أنّي سأعود إليه وأجد كبار القوم وصغارهم كلّهم فيه “يغرّدون” صباحَ مساء فقلت مصلياً على الرسول المصطفى وآله:
يا منْ يُغرّدُ في الغرامِ فإنّني
قد همتُ في حبِّ الرسولِ وآلهِ
يا حبّذا التغريدُ في عليائهمْ
عند المساءِ وصبحهِ وزوالهِ
نعم يا حبّذا التغريد بالصلاة على رسول الله وذكر سيرته ومناقب آله وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم، وقد وجدت أنّ هناك من سبقني من إخوتي وأخواتي الذين ظفروا بعدد كبير من المتابعين وكم أعجبني ذلك لعلمي بأنّهم أهل خير وفضل وسوف يفيدون مرتادي المقهى الكبير «تويتر» الذي لا يجوز لك أن تتحدث فيه بأكثر من 140 حرفاً فعلّمنا الاختصار لكي لا نضطر أن نكتب عدة تغريداتٍ عن نفس الموضوع إلا إذا كان الموضوع بالغ الأهمية، وقد علمتُ أنّ من أثقل الأمور على قلوب المتابعين قراءة الأرقام المتسلسلة في التغريدات.
قرأت كثيراً للمغردين وما زلت أقرأ ويعجبني طرح بعضهم، ويصيبني الضيق من تغريداتٍ لم يحسب أصحابها للقرّاء حساباً، وبعضها لا تفيد ولا تسمن ولكنّها تمضي كما يمضي غيرها من كلام الناس، وإنّي في هذا المقـال أريـد أن أقدّم لنفسي ولأعزائي بعض النصائح إذا كانوا من المولعين مثلي بـ«تويتر» وهي لا تعني أنّني على حق في كل ما سأذكره لكم ولكن خذوا منها ما وافق رأيكم واستحسنتموه وناقشوني فيما تظنون أنّه غير صحيح.
أول النهار
قال لي أحد الشباب المغرّدين: إنّه بلغ بي من إدمان «تويتر» أنّي أفتح حسابي وأقرأ ما فيه أول شيء في الصباح قبل ذكر الله والوضوء والصلاة، فقلت: له هذا إدمان غريبٌ وماذا تجني وتستفيد بعد أن تقرأ ما ورد في حسابك؟ قال: لا شيء، قلتُ: وماذا تجني من ذكر الله والصلاة؟ قال: الأجر العظيم، قلت: اجنِ الأجر العظيم الذي ينفعك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ثم اقرأ من «تويتر» ما تشاء وغرّد كيفما تهوى ولا تقدّم الواجب على أمرٍ لا فائدة منه، قال لي: لست وحدي في هذا بل أعرف كثيراً من أصحابي على نفس هذه العادة السيئة!.
أثناء قيادة السيارة
استخدام «تويتر» أثناء قيادة السيارات واستخدام الجوالات بشكل عام هذا مما ابتلى به الصغار والكبار ولا يكاد ينجو منه أحد إلا من رحم الله ولا حتى كاتب هذه النصائح، ولكني منذ فترة بدأت ألتزم بعدم الحديث ولا الكتابة في أثناء قيادتي للسيارة وإذا أردت الكتابة توقفت عند أول محطة بترول وكتبت ما أريد ثم انطلق، لأنّ هذا الأمر خطير للغاية وقد راح ضحيّته كثير من الناس، فالانتباه الانتباه أيها الأعزاء لأنّ «تويتر» وغيره من البرامج يمكن إدراكها أول وصولكم المنزل آمنين.
وقت العمل
وجدت مجموعة من المغردين لا يتوقفون عن التغريد أثناء عملهم، بل وجدت بعضهم يكثر منها وهذا لا يصحُّ أبداً، فلنقلل منها حتى ينتهي الدوام لأن مصالح الدولة والمراجعين لا تؤجل ويمكننا تأجيل «تويتر» وغيره لما بعد ذلك.
الاجتماع العائلي
كلما رآني والدي، حفظه الله، أرفع جوّالي قال لي: هذا اليوم اجتماع للعائلة فلماذا تشغل نفسك بـ«تويتر»، ولقاؤنا اليوم أهمّ بكثير من كل هذا، وإنّي لا أخفيكم أشعر بالإحراج وألوم نفسي كثيراً على فتحي لحسابي في «تويتر» من غير قصدٍ أثناء الاجتماع الأسبوعي للعائلة، حفظهم الله، والآن أتعودّ على ترك جوّالي في مكانٍ بعيدٍ عنّي لكي لا أضايق أحداً، فما رأيكم أن تفعلوا مثلي؟.
مقهى «تويتر» من أقوى وأعجب المقاهي الافتراضية في العالم وفيه تجتمع الجنسيات والألسن من غير حدودٍ عرقيةٍ ولا طبقية؛ فالحاكم والمحكوم فيه واحدٌ، ورئيس أكبر دولة مثل أوباما وأصغر موظفٍ في دولةٍ نائيةٍ أيضا يستويان في الاشتراك فيه، فهذا يكتب 140 حرفا وذلك مثله، وهو يكتب ما يراه مناسباً وذاكَ مثله لا يختلفان إلا بالمسمّى الوظيفي، والغريب في هذا الأمر أنّ هذا الذي يُسمّى عظيماً يستطيع أن يخاطبه هذا الذي يُسمّى صغيراً لا يأبه له ولا يُعرف ويعيش في إحدى الغابات الفقيرة في مكانٍ ما على وجه الأرض والعكس صحيحٌ.
مما جعل علماء الاجتماع في حيرةٍ من أمرهم ولا يتمكنوا حتى الآن أن يكتبوا عن هذه الحالة التي يشاهدونها ويراقبونها، وقد بلغت قوة هذه الشبكات الاجتماعية وعلى رأسها “فيس بوك” و«تويتر» أنها ساهمت بكل كفاءة في إزالة حكومات أثناء ما يقال له الربيع العربي ونشاهده اليوم بقوة في حركة “احتلوا وول ستريت” في أميركا، والأعجب من هذا كله أنّها قد تحدد مصير الرئيس القادم لأميركا حيث اكتسح الرئيس الحالي منافسه في الواقع الافتراضي بشكلٍ كبير، وهذا إن دلّ فهو يدلُّ على ذكاءٍ بالغٍ من “باراك” لأنه منذ اليوم الأول في رئاسته أولى الشبكات الاجتماعية اهتماما خاصاً حتى أصبح الخامس عالميا في كثرة المتابعين بعددٍ يصل إلى 17 مليونا.
لا يمكننا نحن العرب أن نغفل دور هذه الشبكات في التواصل العالمي خاصة «تويتر»، ولا يمكننا أيضا أن نتجاهل اهتمام الجيل الجديد به حتى جرّ معه الأجيال القديمة والأقدم منها التي لم تستخدم التقنية طيلة حياتها، حتى صرنا نراهم اليوم ينافسون الأجيال الناشئة في استخدامها، وقد نشأت بسبب ظهور «تويتر» المفاجيء بعض العادات الطيبة مثل التواصي بالخير ونشر الأذكار والنصائح المفيدة وتناقل الخبرات والمعرفة، وكذلك ظهرت بعض العادات السلبية وهي قليلة ويمكننا أن نصححها بكل سهولةٍ إذا أردنا تصحيحها ومن أهمّها فيما أظنه:
تحديد المواقع
كم تصيبني الدهشة بل أشعر بالخوف كثيراً على بعض البنات الصغار اللاتي لا يعرفن من الحياة إلا قليلا، ولم يجدن من يوجههنّ في حياتهن فتكتب بكلّ براءة: “أنا سأذهب إلى مكان كذا أو أنا الآن في مقهى كذا” فتعرّض نفسها للخطر وهي تظنّها تسليةً ومتعة مع صديقاتها، ولهذا حذّرت كثيراً في تغريداتي بقولى: «انتبه..هناك من يراقبك في تويتر» وكنت أقصد هذا الأمر وغيره، وعلى أولياء الأمور أن يُحذّروا أبناءهم لكي لا يحددّوا مواقعهم، وإذا أرادوا ذكر المكان الذي كانوا فيه فلا بأس أن يكون بعد خروجهم منه، وتحذيري هذا عام يشمل كلّ أحدٍ وخاصة كبار المسؤولين الذين يغرّدون بكثرة، وقديما قيل: “من مأمنه يُؤتى الحذِر”.
أسماء الأسر والصور
بعض المغرّدين لا يتوقف عن إرسال صُوَره في كلّ مكان يكون فيه فيصاب من يتابعه بالضجر فيتركه، وهذا مزعج جدا وإنّما ليرسل المرء ما يراه مفيداً للناس خاصة لمن له متابعون ومحبون، فليس من النافع مثلاً إرسال صور الأكلات المختلفة على مائدته أو في كل مطعمٍ يأكل فيه، وكذلك نشاطاته المختلفة الخاصة به، وإنما ليرسل للناس ما يدهشهم من صورٍ للطبيعة أو فيديو يستفيدون منه وهكذا، وكذلك أقترح على الأخوات الكريمات تجنّب ذكر أسماء أسرهنّ في حساباتهن إلا إذا كنّ من الشخصيات العامة لكي لا يقع أحد أقربائهن في حرج أو تقع تحت ظلمِ مكيدةٍ ما من المفسدين، وقد اشتكى لي هذا الأمر بعض من أعرفهم، بل قد أفضى في بعض الأحيان إلى مشاكل جمّةٍ (كثيرة) وتذكّروا أنّ مراعاة المجتمع الذي نعيش فيه وعاداته لا يمكن الغفلة عنها.
الحديث في الخاص
كل الشبكات الاجتماعية تتيح الرسائل الخاصة التي لا يطلّع عليها غير أصحابها، ولهذا يجب أخذ الحيطة من فتح هذا الباب، وإذا استخدمه المغرّد فعليه أن يلزم الحذر، فهناك برامج تسمح للمخترقين القراصنة الدخول في حسابك عن طريقه بل لديهم القدرة على الدخول في الجهاز وأخذ ملفاتك وتصويرك إذا أمكنهم ذلك، وكم من أختٍ عفيفةٍ شريفةٍ تعرضّت للابتزاز بسبب غفلتها وعدم تفكيرها أنّ هناك من يقدر أن يلج إلى جوّالها أو حاسبها الآلي. هذا وحفظكم الله ورعاكم أينما كنتم. آمين
نشر في صحيفة البيان
بتاريخ 20 أكتوبر 2012