علّمتني الحياة «5»

مقالات متنوعة

 1,233 عدد المشاهدات

الكاتب: جمال بن حويرب

ما مرّ يومٌ عليّ إلا وقد ازددتُ علماً في الحياة، فأقوم بتقييد ما أشعر به وأكتشفه وأعرفه بعد فكرٍ وخبرةٍ، لأن التقييد أصل بقاء المعرفة، والحياة كتابُ تجارب نحتاج أن نستفيد منها لمستقبلنا ومستقبل من نحن مسؤولون عنهم، وأسأل الله لي ولكم السلامة والسعادة الدائمتين.

النجاح
– لقد رأيت المتنافسين على المراكز الأولى في كل ميدانٍ، وأسجّلُ نجاحاتهم وفشلهم طيلةَ حياتي، ولم أرَ ناجحاً مثل المستعدّ المتفائل.
– النجاحُ عملةٌ نادرةٌ ويمكن امتلاكها بعد النفاذ من سيوف المنافسين.
– منْ أراد من أبنائه النجاحَ فليحثّهم عليه من الصغر، وليشعرهم بقيمته وليُذقهم من حلاوته بمكافأتهم عليه.
– لن تدركوا النجاح إلا بالصبر والاستعداد له بما يناسبه، ولن تحافظوا عليه ما لم تثبّتوه بنجاحاتٍ أخرى.
– مِنَ الناس منْ حياته سلسلةُ نجاحٍ، ومنهم منْ حياته سلسلةُ فشل، ومنهم من يعتبر من فشلهِ لنجاحهِ، ومنهم من يفرح بنجاحه ويركن إليه ويكتفي، فينتهي الأمر به إلى فشل.
– قد نصلُ إلى قمّةِ النجاح، ولكنّ العواصف العاتية لا تُبقي هناك إلا النادرين.

– مرحلةُ ما بعد النجاحِ أصعبُ بكثيرٍ من مرحلة ما قبله.

سوء الفهم
– من الأخبار السيئة أنّ مجتمعاتنا العربية تواجه كثيراً من المشكلات ولكنّها ليست بالمعضلاتٍ، بل من الأخبار الطيبة أنّ حلها متوافر إذا صفت النوايا.
– سوء الفهم من الأسباب الرئيسة للفتن والقطيعة والإقالة والاستقالة والطلاق والشقاق والفراق، فلماذا لا نستخدم الدواء الشافي وهو موجود وسهل؟

– عندما تختلط الأمور على الإنسان فيتوهّم الأشياء على غير صورتها الحقيقية، حينئذٍ يفقد أقرب المناصرين له.

ثقة النفس

– قلتُ لأحد العلماء الكبار: فلانٌ ينتقدك ويخطّئ قولك في بعض المسائل، فأنشد وهو يبتسم:

وابنُ اللبونِ إذا ما لُزّ في قرَنٍ
لم يستطعْ صولةَ البُزلِ القناعيسِ

فعلمتُ أنّ العالم المتبحر في العلم الواثق من نفسه وقوله وعلمه، لا يهمّه نقد الجهّال وأنصاف المتعلمين.

– في سنة 1998 قال لي أحد كبار العلماء المختصين في مجال الآثار والتاريخ الألماني: قام مديرٌ لأحد المتاحف في “برلين” بكتابة مقالٍ قبل أسابيع ينتقدني، بسبب بعض الاكتشافات والاستنتاجات العلمية التي صرّحتُ بها للمجلات العلمية، فاتصلت به وقلت له: يا فلانٌ إنّك تحتاج إلى عشرين سنة حتى تصل إلى درجة منتقدٍ وندٍّ لي وأنت تعلم ذلك، فما كان من هذا المدير المنتقد إلا أن كتب اعتذاراً في نفس الجريدة عن مقاله. فعجبتُ من ثقة هذا العالم في نفسه، ومن عدم خجل الناقد من الاعتذار عندما تبيّن له الأمر!
– عرفتُ أناساً من الكرم والشهامة وسعة الصدر وقوة البأس والمنعة في قومهم ما يجعلني أعجب من حلمهم وعفوهم، بل رأيتهم يساعدون من يسيء إليهم بكل طيبة قلب.

– من غرائب الأمور قيام بعضهم بعداوة شخصٍ ما وهم لا يعرفونه ولا يدرون ما عمله ونيته، وبإمكانه أن يتسبب بما يسوؤهم ولكنّه نبيلٌ لا يؤذي المستضعفين.

حسن الظنّ
تفكّرتُ في الحديث القدسي المتفق عليه الذي رواه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه: ((أنا عند ظنّ عبدي بي))، فاختصر لي كلّ أحداث الدنيا وفلسفتها.


نشر في البيان

بتاريخ 12 أكتوبر 2012