1,214 عدد المشاهدات
نقوش ومدارات ـ دبي
في إطار الجلسات نصف الشهرية التي يُنظمّها مركز جمال بن حويرب للدراسات في مقره بالجميرا، استضاف المركز الكاتب والباحث السعودي قاسم بن خلف الرويس، في ندوة بعنوان “عُمان في الصحافة العربية.. جريدة الشورى نموذجاً”، وتولّى المهندس رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني، تقديم المحاضر والتعريف به قبل الندوة التي جذبت جمعاً من الباحثين والمهتمين والإعلاميين.
بدأ المحاضر حديثه عن تأسيس جريدة “الشورى”، من قبل الصحافي الفلسطيني محمد علي الطاهر، المكنى بـ”أبو الحسن”، في العام 1924، في مصر التي كان يقيم بها، وتوقفت في 1931، تحت ضغط سلطات الاحتلال البريطاني، والحكومة المصرية.
وتحدث الرويس عن المعاناة التي واجهها الطاهر خلال مسيرته الصحافية الطويلة، وما تخللها من سجن وإبعاد وملاحقات، بدءاً من مصر، مروراً بدمشق، وانتهاء المطاف به في بيروت، حيث أقام بها معزّزاً مكرماً، وراح يكتب في صحف لبنان والمهجر، عن أحوال أمته من مشرقها إلى مغربها، إلى أن توفي في 22 أغسطس 1974م، تاركاً خلفه مجموعة من المؤلفات المطبوعة منها: “نظرات الشورى”، “أوراق مجموعة”، “معتقل هاكستب”، “ظلال السجن”، “خمسون عاماً في القضايا العربية”، و”عن ثورة فلسطين 1936”.
جريدة الشورى
وعن نشأة فكرة «الشورى» قال الرويس: إنَّ فكرة إصدار جريدة بدأت في ذهن محمد علي الطاهر، عندما وجد أنَّ مقالاته في الصحف تتعرض للحذف والشطب والرفض، حسب هوى الصحيفة سياسياً أو تجارياً، فقرَّر إصدار جريدة يبثُّ فيها ما يختلج في صدره نحو وطنه، ويبين فيها موقفه من دول الاستعمار، بكل حرية ويتحمل وحده مسؤولية ما يكتب فيها. وتمكَّن بعد مرور عام كامل من المتابعات والمراجعات لدى الدوائر المصرية من الحصول على ترخيص إصدار جريدة أسبوعية سمَّاها “الشورى” في القاهرة في العام 1924، وأصدر عددها الأول يوم الأربعاء 23 ربيع الأول 1343هـ، الموافق 22 أكتوبر 1924م، وقد علت الترويسة الآية الكريمة “وأمرهم شورى بينهم”.
وأضاف المحاضر: “لم ينقضِ العام الأول على صدور الجريدة، حتى انتشرت في أقطار الشرق والغرب، فتداولها القرّاء في الخليج والدول العربية والهند ، وسائر ولايات أمريكا، كما كانت تُقرأ في روسيا وألمانيا وسويسرا وإنجلترا”.
وكان الطاهر يعيد الفضل في نجاح جريدته في بداياتها إلى ما وجده من الرعاية والاهتمام من كبار الكتّاب العرب، وعلى رأسهم؛ شكيب أرسلان، أحمد زكي باشا، عبدالعزيز الثعالبي، سليمان الباروني، خليل السكاكيني، ومنصور فهمي، وغيرهم.. والذين تعهدوها بأقلامهم، ومنحوها ثقتهم، فاعتزت بهم. وكانت دار “الشورى” ملتقى رجال العلم والثقافة والسياسة والملاذ الذي يأنس فيه كل غريب نازح عن أوطانه المستعبدة أو المستعمرة.
واستطرد المحاضر أنه بتاريخ 5 أغسطس 1931، الموافق 21 ربيع أول 1350 هـ، وفي العدد 335، نشرت “الشورى”، تحت عنوان “الشورى وقانون المطبوعات الجديد”، أنها بسبب القيود والتعجيزات التي وضعها القانون الجديد، ستضطر إلى التوقف عن الصدور، ولبضعة أسابيع، ولكن كان التوقف أبدياً، إذ أصبح العدد 335 الأخير من هذه الجريدة التي استمرت سبع سنوات، كانت خلالها شوكة في حلوق المستعمرين، ومنبراً لكل الوطنيين.
عُمان في “الشورى”
قال قاسم الرويس: إنَّ الصحيفة نشرت عن عمان ومسقط 186 خبراً ومادة، بلغت أوجها في العام 1929م الذي حوى أكبر نسبة من المواد المنشورة، تمثلت في 50 مادة، بنسبة 26,88%، لكنها تقلصت إلى أقل نسبة في العام 1930، حيث بلغت 12 مادة وخبراً فقط، وبنسبة 6,45%، فيما بلغ متوسط نشر المواد 26,65 مادة في السنة الواحدة. تركزت على النواحي السياسية، بحكم الحالة السياسية غير المستقرة في عمان وما جاورها، إضافة إلى السيطرة البريطانية على الخليج العربي بصورة عامة، كما نجد اهتماماً بالإصلاحات الاقتصادية والتنظيمات الإدارية، مع إشارات للأوضاع العلمية والثقافية في المناطق العمانية، كما نلاحظ توثيقاً لزيارات العمانيين وأسفارهم للخارج، وكذلك توثيقاً لزيارات بعض الشخصيات لعمان. وأضاف: اختلفت مصادر أخبار عمان وجهاتها، وإن كانت ترد غالباً من مراسليها في مسقط، ولكن كان للجريدة “4 صفحات” لمراسلين في الخليج (دبي، البحرين، بندر عباس والبصرة). ومن خارج الخليج (بومباي، كراتشي، القاهرة، بغداد، عدن وزنجبار). يزودونها بأخبار عمان إضافة إلى ما يصل الجريدة من رجالات العرب في الخليج، مصر، الحجاز، العراق والهند. كما كانت تنقل بعض الأخبار من الصحف الإنجليزية والهندية، والإيرانية والزنجبارية، والعراقية والشامية والمصرية. ومن شركات الصحافة، أو وكالات الأنباء وبخاصة تلك التي رمز لها بحرف “ص”، إضافة إلى مراسلات القرّاء.
واستطرد المحاضر: الملاحظ أنَّ السائد فيما كتب من مسقط وعمان، أو عنهما، من مقالات أو تعقيبات، باستثناء بعض الكتاب، كانت تنشر من دون توقيع، أو بأسماء مستعارة، خوفاً من ملاحقة سلطات الاستعمار البريطاني، ومن هذه الأسماء:
(خبير، عماني، مكاتب، العصامي، عابر سبيل، عماني عربي أزدي، عربي صميم، وطني غيور، عماني حر، عماني منصف). لدرجة أنَّ الجريدة استخدمت صيغاً أخرى لا تدلُّ على أنَّ مصدر هذا الخبر أو ذاك هو أحد مراسليها المعتمدين، مثل: “كتب إلينا من مسقط ” أو “كتب إلينا من خليج فارس” أو “اتصل بنا” أو “ورد إلينا” أو “حمل إلينا البريد من مسقط” أو “ورد إلينا من مكاتبنا في الخليج”. أو ما شابهها من صيغ لا تريد الجريدة أن تكشف عن مصادرها من خلالها.
واختتم المحاضر بالقول: إنَّ هذه المواد الصحافية التي بين أيدينا، سيجد فيها الباحث في تاريخ الخليج بصورة عامة، وتاريخ عمان خاصة، ما يساعده على سد بعض الثغرات، أو تحليل بعض الحوادث أو الاستدلال على بعض الأحوال، أو فتح آفاق لأبحاث ودراسات مفيدة، خاصة وأنها توثّق علاقات عمان والعمانيين بالصحافة العربية، واطلاعهم عليها، وتعاملهم معها، واشتراكهم فيها، ومراسلتهم لها للتعبير عن رأيهم، ونشر إبداعهم في مرحلة مبكرة.
قاسم الرويس في سطور
للكاتب والباحث السعودي قاسم خلف بن علي الرويس، المولود في محافظة الخرج عام 1969، 18 مؤلفاً، منها: بدويات وحضريات في الصحراء العربية، وثائق من تاريخ الدوادمي، مختارات من تاريخ الملك فيصل، شذرات من التاريخ السعودي، من أخبار الإمارات، ماذا في الكويت؟.. أوراق من عشرينيات القرن العشرين، سوانح أفكار لأمير البيان شكيب أرسلان، ومسائل الجوار والحماية عند البادية في الجزيرة العربية.
وتتركز اهتمامات الباحث الذي تخرج في كلية التربية بجامعة الملك سعود في العام 1993، بصورة عامة، على العناية بتاريخ الجزيرة العربية وآدابها وتراثها