911 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
سألت الإخوة والأخوات في المقهى العالمي «تويتر» عن قانون «الطماطم» إذا سمعوا به أم لم يسمعوا، وقد وردتني كثير من الردود التي تغلب عليها الابتسامة بسبب اسم هذا القانون الغريب وأظنهم جميعا ضحكوا من هذه التسمية فماذا عساه أن يكون قانون يسمّى بقانون الطماطم؟!، وأقول لهم: لا بأس من ضحككم لأنه أضحكني أيضاً وقلت في نفسي: أضاقت الدنيا بما رحُبت بهؤلاء أصحاب المصطلحات وفيها كل ما يريدونه من الأسماء غير الطماطم والخيار والخس!.
حقّاً إنّ هذا ما يتبادر إلى ذهن أي شخصٍ منّا في أول الأمر لأنّنا لم نتعود على الأبحاث العلمية ولم نكتشف أسرار الحياة الطبيعية منذ قرون طويلة ولم نستفد من ظواهرها وتعودنا على كثرة الضحك من غير فائدة تذكر، وقد ذهبت الأجيال وأتت أجيال أخرى ونحن في نفس الحالة لا نتغير حتى قيض الله لنا رجالا قادة كباراً حفّزونا للعلم والمبادرة والإبداع والبحث دائماً عن المركز الأول من أمثال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، مؤسس حضارة دبي العالمية.
عندما سقطت التفاحة على رأس نيوتن منذ ما يزيد على ثلاثة قرون وهو جالس تحت شجرة، لم يكن يستظل بظلالها فقط وفجأة سقطت تفاحة فاكتشف مباشرة قانون الجاذبية كما يظن كثير من الدارسين بل كان نيوتن منهمكاً ومتعباً من كثرة انشغاله بدراسة قوانين الحركة العامة عن السرعة والقوى المسببة لها، فلما رأى سقوط التفاحة وتسارعها جهة الأرض وجد ضالته وأجاب عن أسئلته وأطلق قانون الجاذبية المشهور ووضع المعادلات الرياضية وحلها، والتي تدور كلها حول قوة الجاذبية.
المسألة إذن هي أبحاثٌ متواصلةٌ وأفكارٌ متراكمةٌ وأسئلة علمية كثيرة تفرض نفسها على أهل العلم ليبحثوا عن أجوبة لها، وهذه الأجوبة قد نجدها صدفة من بعض الظواهر الطبيعية ونستدل بها على حياتنا ومجتمعنا وإدارتنا وعلومنا ومخترعاتنا ومكتشفاتنا، فالطبيعة من حولنا تحتّمُ علينا أن نفهمها ونستفيد منها ونؤسس منها ما يفيد حاضرنا ومستقبلنا ولو كانت تفاحة تسقط ملايين المرات أمام أعيننا أو نوعا من الخضروات كالطماطم الذي أضحكنا أن نلقّب به إحدى القواعد التي يستفاد منها في علوم الإدارة.
في كتاب «المؤثرون» للشريكين جون نيفينجر وماثيو كوت وهما يدرّسان في كلية هارفرد للأعمال وقامت مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم* باختصاره ضمن مبادرة «كتاب في دقائق» وقد جاء فيه :
«تعمل صفة الدفء (الاطمئنان من شخص ما والارتياح له) على أساسٍ نطلق عليه اسم «قاعدة أو قانون الطماطم» فمثلما يمكن لليلةٍ باردةٍ واحدة أن تدمّر حقل طماطم بأكمله، كذلك قد تتسبب واقعة واحدة تظهر فيها عدم مبالاتك بأنك لا تشارك شخصاً آخر مصالحه أو لا تبدي اهتماماً بما يشعر مما يجعل إعادة بث الشعور بالدفء (الاطمئنان) بينكما أمراً صعباً، إذا تصرفت بلا مبالاة ولو لمرة واحدة فإن الانطباع السلبي سيلتصق بالأذهان، أما المقدرة فتعمل بطريقة معاكسة فإذا أظهرت مقدرتك وأكدتها لمرة واحدة فمن شأنها أن تثبّت قدميك كشخص مقتدر ومؤثر».
وعلى هذا فقانون الطماطم ليس كما اعتقدنا بأنه من ضمن تشكيلة (سلطة اليوم) بل هو قانون أخذ منه العلماء فائدة بأن عدم المبالاة وبرودنا وعدم اهتمامنا قد يفسد علاقتنا بمن يثق بنا، كما فعلت برودة ليلة واحدة بالطماطم، ولهذا نحتاج دائما في الإدارة أن نوازن بين الدفء والمقدرة ولا نفرّط أو نفرط فيهما.
نشر في البيان