4,292 عدد المشاهدات
السؤال الأول: ما معنى العقال؟ ومتى أصبح من لباس العرب؟ وهل عرفته الأمم الأخرى؟
م.ح – الإمارات
الجواب: العقال معروف عند العرب وهو حبل يستخدمه الراعي لعقل الإبل لكي لا تذهب بعيداً عنه وتستطيع الحركة به لكن بصعوبة وكان من عادة الأعراب أن يضع عقال ناقته على عمامته لأن العرب عرفوا بالعمائم على مر العصور حتى شاع بينهم فتح العمامة لتصبح مثل خمار المرأة ويضعون فوقه العقال لكي يثبت التي نسميها اليوم ”غترة“ أو ” الشماغ“ كما نشاهده اليوم في ثياب أهل الخليج العربي ما عدا سلطنة عمان فلا يزالون يلتزمون بلبس العمامة. هذا هو المعنى الشائع ولكن وجدت بحثاً طريفاً ومهماً للأب أنستاس الكرملي نشره في “المقتطف” عام 1941 عن تاريخ العقال وقد استشهد فيه بنصوص قديمة قبل بعثة المسيح عليه الصلاة والسلام ، يقول الكرملي : “بين الأدباء المعاصرين، والمؤرخين، والباحثين، مطارحات ومطالعات، ومجادلات لا تحصى تتعلق بالكوفية والعقال، ووجودهما عند العرب في سابق العهد. وقد ذهب أغلب هؤلاء الأفاضل إلى أن وجودهما لا يتجاوز ثلاثة قرون في أبعد تقدير، وألفى بعضهم هذه المدة طويلة، فقدرها بـ200 عام في الأكثر. وجرى حديث طويل بيني وبين أحمد زكي باشا ـــ رحمه الله ـــ في حزيران (يونيو) عام 1921، فكان يؤكد أن 300 عام هي أبعد مدة يمكن أن تقدر بوجودهما عند الأعراب. ثم استفاض حديث آخر بيني وبين الشيخ أحمد الإسكندري ـــ رحمه الله ـــ وطائفة من أصفياء مجمع فؤاد الأول للغة العربية كعلي بك الجارم وأحمد بك العوامري وغيرهما، ومحصل كلامهم لا يخرج عن هذه الفكرة. ومن العبث ذكر تفاصيل هذا الحديث الذي جرى في عام 1937. وأما رأيي فقد كان دائما مخالفا لآراء هؤلاء المحققين والأدباء المؤرخين، إذ كنت أقول إن الكوفية والعقال، هما من ملابس الرأس عند العرب، وكانا معروفين عندهم منذ أقدم الأزمنة، أي قبل الإسلام وبعده، إلى عهدنا هذا. وليس الاسم هو المهم في هذا الموضوع، إنما المهم الشيء نفسه ووجوده بين جمهور الناس، إذ الأسماء تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والقبائل، كما هو الأمر في أسامي أشياء كثيرة كالأسد، والجمل، والناقة، والخمر، والسيف، إلى ما لا يعد ولا يحد من الأعيان والجواهر. ومثل هذا الأمر يجري في جميع لغات الدنيا” ، ثم تابع الكرملي استشهاده فنقل نصا من العهد القديم ذُكر فيه العقال قبل المسيح بـ 900 سنة جاء فيه: “فقال له عبيده: إنا سمعنا أن ملوك آل إسرائيل هم ملوك رحمة. فلنشدد الآن مسوحا على متوننا ونجعل حبالا على رؤوسنا ونخرج إلى ملك إسرائيل لعله يستبقي نفسك. فشدوا مسوحا على متونهم، وحبالا على رؤوسهم. وجاؤوا ملك إسرائيل“ قولهم: “حبالا على رؤوسهم” فيه دلالة على العُقُل التي تُلبس اليوم ومن هذا الشاهد النفيس نعرف أن لبس العقال قديم جداً عند الآرميين وكانوا بدواً رحّلا مثل بدواة الأعراب وكانوا قبل المسيح بتسعمائة سنة.
ثم ساق الأب أنستاس شواهد أخرى فذكر التصاوير القديمة فقال : “وقد ظهر في الآثار التي وجدت في ديارنا العراقية تصاوير وتماثيل منها بالعقال وحده ومنها بالصماد أو الكوفية وحدها، ومنها بالكوفية المثبتة على الرأس بالعقال. وعلى من يشك في صحة كلامنا، أن يزور دار هذه التحف أو ما يشابهها في دور التحف الغربية كباريس، ولندن وبرلين وغيرها، أو أن يراجع بعض الكتب المصورة التاريخية الجامعة لمثل هذه النفائس الأثرية التي تبحث عن العراق، أو الشام، أو فلسطين، ففيها ما يغني عما يود أن يشاهده في البلاد نفسها، إذ يرى بعيني رأسه تماثيل من عهد حموراب، أي منذ زهاء خمسة آلاف سنة وعلى رؤوسها العقل والكوفيات أو العصائب والصمد، أو أحد الاثنين دون الآخر”.
قلت: من كلام الأب أنستاس الكرملي نعرف يقينا أن لبس العقال قديم جداً قبل الإسلام عند الآرميين والعرب ثم استقر عند العرب وهذا يفسر لنا في وجود العقل في الأفلام التي تُنتج عن حياة المسيح عليه السلام، ولا شك أن متابعة الأبحاث ستظهر لنا كثيراً مما خفي عنّا.
السؤال الثاني: هل فن ”الليوا“ من تراث الأمارات وأهالي الجزيرة العربية؟
إسماعيل محمد – الإمارات
الجواب: “الليوا“ نوع من أنواع العروض الفلكلورية القادمة من أدغال إفريقيا، ولا يُعرف متى ولا كيف دخل إلى الإمارات، وقد يكون وصل أولاً إلى سلطنة عُمان حيث كانت سواحل إفريقيا خاضعة للحكم العماني قديماً، وخلال تلك الفترة انتقل كثير من الناس إلى سواحلنا العربية وانتقلت معهم عاداتهم وتقاليدهم وفنونهم الغنائية. وقد قرأتُ أنّ “الليوا” تعني الشرب في لغة الساحل الشرقي الإفريقي، وذلك لأنّهم يجتمعون فيشربون ويرقصون هذه الرقصة.
هذا وتقوم بعض الجهات الحكومية عندنا بتأصيل هذا الفن الإفريقي الذي يسمّى “الليوا” وتقوم بإدراجه في تراثنا الإماراتي في كلّ مناسبة داخليّة أو خارجيّة حتى صار الأمر ضربة لازبٍ، ممّا جعل الناس تُصاب بالدهشة من كثرة الاهتمام به وأنا أحدهم، وأكثر ما أثار حفيظتي أن أرى هذه الفِرَق في إحدى الدول المتقدمة وهي ترقص “الليوا” في منظرٍ غريبٍ وعجيب، وهم يلبسون العقال، فزادوا الطين بِلّةً، وهم في العادة لا تراهم محلياً يلبسونه فمن أمرهم بلبسه في الخارج!
إنّ عجبي هذا قد وجدته في كثير من التغريدات الإمارتية في “تويتر” وفي المنتديات، وسمعته في المجالس حتّى في سلطنة عمان الشقيقة، فقد وجدت عندهم من ينتقده بل أحدهم كتب قصيدة قوية عندما رأى الناس يؤصّلون “الليوا” في التراث العماني، وهو الشاعر القاضي محمد بن شامس البطاشي رحمه الله، إذ يقول:
إن كنتَ تبحــثُ عن تُـراث عمــانِ
وشعارها المعروف في الأزمــــانِ
سلْ عن “جُلندى” والمهنّا المرتضى
وعن ابن كعبٍ سلْ وعنْ غســــّانِ
والصلت إذ أزجى الخمـــــيس إلى
الحبوش كمثل أسد الغيلِ والعقـبانِ
فاستنقذوا منهم “سقطرى” بعدما
مُنيت بظـلمٍ مفظــعٍ وهـــــوانِ
وبعد أن ذكر تاريخ عمان ومفاخرها، قال يذكر “الليوا” وغيره من الفنون والعادات مما جُلب إلى عمان وليس من تراثها:
هــذا تراثُ عمـــان لا “الليـوا” ولا
“النيروز” و”الزار” الخسيسُ الشانِ
وخلاصة الجواب أن فن “الليوا” من الفنون الأفريقية التي لا تمت بصلة إلى تراث الخليج العربي.
السؤال الثالث: ما معنى اسم “بان” وأصل الاسم؟
ش. السوافي – السعودية
الجواب: هذا الاسم مأخوذ من شجر “البان” وهو جمع مفرده “بانة”، شجر رشيق طويل سبط القوام ليّن تُشبّه به الجميلات في الطول واللين ومنه أخذ الاسم بعد أن كان وصفاً لهن وحُق الاسم أن يقال “بانة” مفرداً ولكن بسبب شيوع الجمع في الأشعار اشتق منه المعاصرون هذا الاسم وظنوا البان مفرداً وليس جمعاً ولم يعلموا أنّ “البان” مذكّر و”البانة” مؤنثة يقول قيس بن الخطيم:
حوراءُ جيداءُ يستضاءُ بها
كأنها خوط بانةٍ قَصِفُ
ومثل صنيعهم هذا قولهم: كتبتُ باليراع يظنونه مفرداً بمعنى القلم واليراع جمع مفرده يراعة وقد شاع اليراع في شعر المتأخرين كبارهم وصغارهم ولم ينتبهوا إلى الخطأ.