3,180 عدد المشاهدات
الكاتب: خليل البري
يوم السبت الموافق 29 حزيران/ يونيو 2019 وصلت الحرارة في مدينة العين إلى 48 درجة مئوية، لكن والحقُّ يقال، إنَّ ما خفَّف علينا من وطأتها، حفاوةُ الاستقبال وحسنُ التعامل اللذين قوبلنا بهما من ضبّاط مركز شرطة المربعة، وأخصُّ بالذكر النقيب علي أحمد حسين الحمادي، مدير فرع مكتبة الموروث في إدارة المراسم والعلاقات العامة في شرطة أبوظبي، والملازم أول علي سرحان الكعبي، مدير فرع المتاحف والمباني التراثية في الإدارة، والذي رافقنا في جولة داخل متحف المربعة شارحاً لنا تاريخه، وأقسامه وموجوداته، مضحياً بإجازته الأسبوعية بين أسرته.
وعندما شكرناه على موقفه الذي ينمُّ عن تفانٍ وإخلاصٍ وإحساسٍ بالمسؤولية قال: «لا شكر على واجب، وها أنتم أيضاً تجشَّمتم عناءَ السفر من دبي لتقوموا بواجبكم الإعلامي إزاء المجتمع».
مربعة زايد
قلعة المربعة أو «مربعة زايد» كما كانت تسمّى في فترة الخمسينيات من القرن الماضي؛ لأنَّ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، أمر ببنائها في العام 1948، خلال حكمه منطقة العين، وأشرف على بنائها المرحوم المهندس محمد أحمد البنا، وهي من الطوب الطيني ومحصنة، على شكل برج مربع ضخم يتكوَّن من طابقين، حيث تعدُّ أحد مواقع العين الثقافية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2011، وكانت تشكِّل موقعاً أساسياً للحماية، ومقراً إدارياً لمؤسَّسات المدينة، وبرجاً للمراقبة ومقراً للحرس.
وعملت فيها قوة من الساحل المتصالح بقيادة الرائد «ماكدونالد» عام 1953، واتُّخِذَت مقراً لإقامتهم، وكانت أيضاً مقراً لإقامة الدكتور «ديفيد هاريسون»، وهو طبيب من قوة الساحل المتصالح، حيث أقام معملاً لتحنيط الطيور في القلعة.
وحسب قول الملازم أول علي الكعبي، إنه في شهر نوفمبر عام 1959 استحدثت شرطة أبوظبي مركز شرطة في قلعة المربعة بالعين، وكان مختصاً بمتابعة الأمور الأمنية وضمَّ (20) فرداً يتبعون دائرة الشرطة في إماره أبوظبي. وظلَّ مبنى قلعة المربعة مقراً لإدارة شرطة العين حتى إخلائه عام 1985، ثمَّ بناء مركز وسط المدينة بالقرب من مبنى قلعة المربعة، تمَّ افتتاحه في العام 1989 من قِبَل الشيخ سعيد بن طحنون آل نهيان عضو المجلس التنفيذي، ووكيل دائرتي البلدية وتخطيط المدن بالعين آنذاك.
وفي العام 1994، أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه، بتحويل المبنى القديم لإدارة شرطة العين إلى متحف دائم.
محتوياتٌ ومعانٍ
عندما دلفنا إلى صالة المتحف برفقة الملازم أول الكعبي لفت نظرنا أنَّ الجدران الداخلية تزيَّنت بلون أزرق خفيف عليه ما يشبه الشعار، وعندما سألته عن ذلك قال: «هي ترمز إلى شعار شرطة أبوظبي». وكان هناك بضع جداريات رُسِمَت بدقة وإتقان، تضمُّ الأولى أقوالاً وصوراً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، تتعلَّق بالشرطة والأمن، والثانية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والثالثة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، والثالثة لسمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والرابعة لسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة العين، والخامسة للمرحوم الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان وزير الداخلية الأسبق، والسادسة للمغفور له الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، والسابعة خاصة بمدرسة الشرطة في أبوظبي.
لوحات ومقتنيات
وفي صالة رئيسة بالمتحف ثمة 20 لوحة موثقة بمقتنيات – أخبرنا الملازم علي الكعبي أنَّ المقتنيات المحلية تمَّ اكتشافها في مدافن الهيلي وبدع بن مسعود والقطارة – تلقي الأضواء على تاريخ تأسيس الشرطة في العالم القديم والحديث، وفق التالي:
· العصر الفرعوني
· التاريخ الأمني في فترة أم النار والعصر الحديدي (مدينة العين)
· الشرطة في الفترة الفيدية (الهندية)
· الشرطة في الصين
· الشرطة في الحضارة اليونانية
· الشرطة في الإمبراطورية الرومانية
· الشرطة في العصر الجاهلي
· الشرطة في عصر صدر الإسلام
· الشرطة في عهد الخلفاء الراشدين
· الشرطة في العصر الأموي (دمشق)
· الشرطة في الأندلس (عهد الإمارة الأموية)
· الشرطة في فرنسا (باريس)
· الفرسان (في شبه الجزيرة العربية)
· نظام حرس الشيوخ (المطارزية)
· قلعة المربعة
· تأسيس شرطة أبوظبي
· نشأة إدارة شرطة العين
· مبنى متحف شرطة المربعة
· متحف المربعة بقرار من الشيخ زايد
· مديرو شرطة العين
وهناك قسم لمقتنيات الشيخ زايد «الشرطية» أو ما يشابهها.
قاعة تاريخ شرطة أبوظبي
في قاعة خاصة يعرض متحف شرطة المربعة خمس حقب رئيسة لتطوُّر ونهضة شرطة أبوظبي، تشتمل على جميع المعدات من أسلحة وأزياء شرطة ومركبات مختلفة، كانت تستخدم منذ إنشاء شرطة أبوظبي، وجراء عدم إمكانية تحويل القلعة ذاتها إلى متحف، تحوَّل المبنى المجاور لها لمركز شرطة وسط المدينة ليكون متحفاً، وحرص القائمون على إنشائه على نقل جذوع النخيل التي كانت موجودة بالمربعة أثناء ترميمها لتزين بجمالها سقف ردهة المتحف.
وزينت ردهات المتحف البنادق القديمة لشرطة أبوظبي من بينها بندقية «بوفتيلة» التي تعدُّ من أقدم أنواع البنادق المستخدمة في الشرطة، وكذلك عرضت بندقية «رومي» وتتكوَّن من حديد وخشب وجلد غزال، وبندقية «شرفاء»، كما احتوى المعرض على أدوات قديمة جداً لمعدات صناعة وتعبئة البارود مثل «تلاحيح» عبارة عن وعاء متوسط الحجم من الجلد للبارود عليه نقوش مختلفة، و«صليوخ» أداة لإشعال البارود وهنالك قالب لصنع الرصاص.
واشتملت الساحة الخارجية على جناح معرض لسيارات الشرطة القديمة والحديثة وتضمُّ 18 سيارة، كما ضمَّ المعرض وثيقة تاريخية لشراء 4 سيارات لاندروفر في عام 1975 عُرِضَت منها سيارتان في المتحف، واحتوى معرض السيارات على صورة تعود لفترة نهاية السبعينيات للمغفور له اللواء الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان، الذي كان وزيراً للداخلية آنذاك، وهو يتفقَّد دورية تابعة لشرطة أبوظبي باللون الأخضر الباهت من نوع بورش، والتي استخدمت لمرافقة موكب ملكة المملكة المتحدة أثناء زيارتها لدولة الإمارات عام 1979.
ويحكي جناح معرض الأزياء الشرطية خمس حقب تاريخية؛ الأولى تبدأ من العام 1957 وحتى 1966، حيث أمر الشيخ شخبوط بإنشاء دائرة شرطة أبوظبي في إبريل من عام 1957، واحتوى المعرض على منظر جوي لإمارة أبوظبي في منتصف عام 1960 يظهر مبنى دائرة شرطة أبوظبي أمام قصر الحصن، وارتدت قوة الشرطة آنذاك قميصاً وبنطلوناً رملياً وغترة برتقالية وعقالاً أسودَ ثُبِّتَت بأعلاه قطعةٌ معدنيَّةٌ دائرية الشكل كُتِبَ عليها شرطة أبوظبي، حيث احتوى معرض هذه الفترة على جميع تلك الأزياء القديمة.
أمَّا الحقبة الثانية في جناح معرض أزياء الشرطة، والتي بدأت من 1966 إلى 1971، واتسمت بتأسيس مرحلة جديدة وتطوير كفاءة الشرطة، وضمَّت بطاقة قديمة لأحد أفراد الشرطة والزي الكامل والشعار الجديد وأول ظهور للدراجات النارية. والحقبة الثالثة من العام 1971 وحتى 1986 وأُنْشِئَت خلالها الشرطة النسائية، حيث عُرِضَ في الجناح شهادة تدريب لإحدى منتسبات الشرطة النسائية في عام 1978، وعُرِضَ حاسوبٌ قديمٌ تمَّ استخدامه في شرطة أبوظبي.
واستعرضت الحقبة الرابعة زيَّ الشرطة لتلك الفترة حتى عام 2017 مع الأسلحة الحديثة والمتطورة. أمّا الخامسة فقد خُصِّصَت للفترة الحالية والتي تبدأ منذ العام 2017.