2,281 عدد المشاهدات
مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي
بمناسبة الذكرى 49 لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ويوم الشهيد نظم مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء أمس الأول من أمسية وطنية مميزة بعنوان “خطوات قيام الاتحاد” تحدث فيها الدكتور سيف بن عبود البدواوي عن خطوات ومراحل قيام الاتحاد ، بدءً من المشاورات الأولى مروراً بقرار انسحاب بريطانيا من المنطقة ثم فشل قيام الاتحاد التساعي ، وقيام الدولة بست إمارات ، وانضمام إمارة رأس الخيمة إليها في العام التالي ، لتكتمل بذلك مساعي الحكام ، وتطلعات الشعب بقيام دولة المحبة والسلام ، دولة الرفاه والتسامح .
قدم المحاضر المستشار عبدالله بن جاسم المطيري ، بحضور سعادة ذياب الرشيدي القنصل العام الكويتي في دبي وجمع من المهتمين والأدباء والشخصيات العامة.
المشاورات الأولى
قال الدكتور البدواوي في الثامن من يناير 1968 زار جروني روبرترتس، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية دول الخليج العربية ليخبر حكامها عن نية بريطانيا سحب قواتها من المنطقة في آخر مارس 1971. ورغم أن القرار لم يعلن بعد إلا أن الوزير أخبر الحكام بأن رئيس الوزراء لحكومة العمال ( 1964-1970) هارولد ولسون، سوف يعلن القرار الأسبوع القادم، أي بتاريخ 16 يناير 1968.
وتساءل …كيف كانت ردة فعل الحكام؟ وكيف بدأت المشاورات الأولى لتشكيل لبنة الإتحاد؟ ما هي الآراء المطروحة؟
قرار الإنسحاب
قال المحاضر بدأ التأثر واضحاً على جروني روبرتس، عندما زار الشيخ زايد ليبلغه عن قرار بريطانيا الانسحاب من المنطقة ، خاصة وأنه كان زاره في نوفمبر 1967 وقدم لسموه تعهدات بأن بريطانيا لا تنوي الإنسحاب من المنطقة وأنها باقية ما دام وجودها كان ضروريا لحفظ الأمن فيها ، وأنه أخبر الشيخ زايد حينها بأنه لا توجد نية لترك المنطقة مطلقا. وأضاف بأنه جاء الآن ليعلم سموه بأن بريطانيا واجهت صعوبات إقتصادية وأن الحكومة قررت ترشيد الإنفاق . ومن بينها سحب القوات الخارجية. أي أن القرار لسحب القوات بنهاية مارس 1971 سوف يعلن خلال اسبوع.
وأضاف .. بتاريخ 9 يناير 1968، وصل وزير الدولة البريطاني، جروني روبرتس، إلى أبوظبي بعد أن قابل الشيخ عيسى بن حمد آل خليفة في البحرين، والشيخ أحمد بن علي آل ثاني في دبي، وكذلك الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بتاريخ 8 يناير 1968. كان الوفد ويضم وزير الدولة جروني روبرتس، برئاسة السير ستيورات كروفرد، المقيم السياسي في البحرين، يرافقه وفد من الخارجية البريطانية.
قرار زايد
كان الشيخ زايد “رحمه الله” متفهما للأمر ، وأنه يدرك بأن وجود بريطانيا أمر مؤقت، وأن اليوم الذي ستنسحب فيه من المنطقة كان وشيكا، ولكن الذي أزعجه من الموضوع ليس قرار الانسحاب ، بل الطريقة التي تمت بشأن القرار قبل أن يتم ترتيب الأوضاع بين الإمارات المختلفة .
وأضاف المحاضر: كان الشيخ زايد يريد من بريطانيا أن تساعده في الوصول إلى نظام يجمع الإمارات ، ويوحدها ، لإدراكه أن جميع سكان الإمارات لديهم الرغبة في الوحدة، وأنه سمع ذلك ليس فقط من الحكام بل من الناس كافة. وأن الوفود التي ما انفكت تزور الشيخ زايد خلال الفترة السابقة كلها تطلب من سموه أن يعمل على حماية المنطقة ، لأن الأعداء يتربصون بالإمارات من كل صوب ، وإيران لها طموحات توسعية وكذلك بعض دول الجوار. بناء على ذلك اقترح الشيخ زايد على الوزير أن يخبر حكومته بأن تعمل على ألّا تترك الخليج العربي في فوضى قبل إنسحابها ، وعليها أن تساعد في إستقرار المنطقة لكي تستطيع التطور والتنمية.
ردود الفعل
كانت ردود فعل الإمارات الأخرى متباينة على قرار الانسحاب خاصة وأن الوضع في الخليج غير مستقر وقد تتحول المنطقة إلى وضع مشابه للجنوب العربي. وكان أكثر الحكام إنفعالا الشيخ أحمد بن علي آل ثاني الذي قال للوزير جروني:
بما أن قرار الانسحاب اتخذ ، فما فائدة التشاور معنا إذن؟؟.
كان قلق الشيخ خالد بن محمد القاسمي (حاكم الشارقة 1966-1972) بادياً ، حيث إجتمع به الوفد البريطاني منفصلا بعد الإجتماع مع بقية حكام الإمارات الشمالية، وتم بحث مصير المعسكرات والمعدات البريطانية الأخرى كمطار المحطة، ومعسكر المرقاب، ومعسكر القوات الجوية البريطانية؟ كذلك نوه الشيخ خالد بن محمد القاسمي حول ضرورة التشاور مع الكويت والمملكة العربية السعوية والنظر في إمكانية جمع دول الخليج العربية مع بعض. فأعرب له الوزير عن نيته لزيارة كل من الكويت والمملكة العربية السعوية، غير أنه لا يرى إمكانية اتحاد يشمل الكويت والسعودية لأنهم قطعوا شوطا طويلا كدول مستقلة.
أما الشيخ صقر بن محمد القاسمي، حاكم رأس الخيمة (1948-2010) الذي كان الناطق الرسمي عن بقية الحكام خلال لقاء الوزير البريطاني، فقال بأنه والحكام الآخرون سوف يجتمعون في أم القيوين بتاريخ 13 يناير للتشاور في الخطوات القادمة التي عليهم اتخاذها بالتعاون مع الدول العربية الأخرى.
اتفاقية دبي
لبت جميع الإمارات، بالإضافة إلى كل من البحرين وقطر، دعوة الشيخ زايد للانضمام إلى إتفاقية السميح ، حيث اجتمع الحكام في دبي من تاريخ 25-27، فبراير 1968. وكانت النتيجة سارة للجميع حيث تم التوقيع على ما عرف ب” اتفاقية دبي” لتشكيل إتحاد تساعي بين إمارات الخليج العربي.
غير أن ” اتفاقية دبي”، لم يكتب لها النجاح، لأن قطر والبحرين انسحبتا منها، واختارت كل منهما طريق الاستقلال منفردة.
الإتحاد السداسي
في يونيو 1971 بدأت عملية توحيد الإمارات السبع ، وذلك بعد فشل المحاولة الأخيرة التي قام بها الوفد الظبياني في مايو من نفس العام. فقد كان الشيخ زايد في زيارة لأروبا ، وهناك قابل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي صارحه بنية قطر في إعلان الإستقلال في شهر سبتمبر، وكذلك البحرين قبلها في شهر أغسطس. من أجل ذلك قام الشيخ زايد برحلة إلى بريطانيا، بعد أن ناقش مع مستشاريه الخطوات المطلوبة وبخاصة أحمد خليفة السويدي. وفي لندن عقدت اجتماعات عدة بين الشيخ زايد ومستشاريه، بالإضافة إلى مهدي التاجر مستشار الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم، مع وزارة الخارجية البريطانية موضحا لهم الصورة وما آلت إليه جهود الإتحاد التساعي ، وأنه يسعى حثيثا لجمع كلمة ما تبقى من الحكام والراغبين منهم في الوحدة معه. وبعد عودته إلى أبوظبي في 19 يونيو 1971، أعلن أحمد خليفة السويدي بكل ثقة بأن الأيام القليلة القادمة تبشر بتحقيق أمل أبناء الإمارات في الوحدة التي طال انتظارهم لها.
اتحاد الإمارات السبع
أكد المحاضر أن الشيخ زايد أقدم على خطوات جريئة عدة ، لا تترك مجالا للشك بأنه جاد في الإتحاد مهما كان عدد الإمارات الراغبة في الانضمام إليه. من تلك الخطوات :
أولا- توجيه دعوة إلى حكام الإمارات لزيارة أبوظبي لمناقشة ما استجد من أمر.
ثانيا- تشكيل مجلس وزراء في أبوظبي برئاسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
ثالثا- أصدر مرسوما أميريا بتشكيل مجلس استشاري لإمارة أبوظبي يضم خمسين عضوا من الشخصيات البارزة في الإمارة.
وفي 2 ديسمبر 1971 أعلن عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة ، بست إمارات ، وفي 10 فبراير 1972 انضمت إمارة رأس الخيمة ليكتمل العقد ، ولتصبح الإمارات اليوم من أكثر الدول أمناً ورخاءً في خضم الصراعات الدائرة في العالم.
واختتم المحاضر محاضرته الشيقة قائلاً: الآن يقطف شعب دولة الإمارات جهود زايد وراشد وإخوانهما المؤسسين الأوائل ثماراً يانعة ، جعلت من الإمارات واحة أمن وسعادة وتسامح وازدهار ورخاء ، بفضل قيادتها الرشيدة والحكيمة.
وفي نهاية المحاضرة تحدث سعادة ذياب الرشيدي قنصل عام الكويت في دبي ، مؤكداً على وحدة اللحمة الخليجية ، ومشيداً بمواقف الإمارات التي لا تنسى إلى جانب شقيقتها دولة الكويت ، وبخاصة أيام محنة الغزو العراقي للكويت .
إضاءة:
المحاضر في سطور
*دكتوراه في العلوم الاجتماعية من مركز الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية/ جامعة درهام/بريطانيا
*عمل استاذاً في جامعة الشارقة وجامعة عجمان وجامعة برستون
*حصل على العديد من الجوائز والتكريمات وشهادات التقدير داخل الإمارات وخارجها
*نشر عشرات البحوث العلمية في العديد من المجلات المختصة
*وضع عشرات الدراسات التدريبية والتعليمية وتم نشرها في الحوليات الصادرة عن اكاديميات عسكرية ومؤسسات تعليمية.
*نشر عشرات التقارير الموثقة عن منطقة الخليج في الكثير من المجلات الصدارة عن الجامعات ومراكز البحوث.
*مؤلف كتب بريطانيا والخليج العربي: سنوات الانسحاب. عمان: مكتبة الفلاح، 2007
*مؤلف كتاب “مجلس حكام الإمارات المتصالحة 1952-1971 “. رأس الخيمة، مركز رأس الخيمة للبحوث والدراسات 2009
*مؤلف كتاب “المسح الاقتصادي للإمارات المتصالحة” 2019 . نادي الإمارات للتراث. أبوظبي.
*مؤلف كتاب “وقفات في تاريخ الإمارات”. نادي الإمارات للتراث 2020 . أبوظبي.