محمد بن راشد الشخصية الثقافية العالمية 3-3

مقالات متنوعة

 1,017 عدد المشاهدات

الكاتب: جمال بن حويرب

حديثنا عن الأعلام يجعل المتحدث أو الكاتب في سعةٍ من أمره فكيف إذا تحدثنا عن شخصية قائدٍ بهر العالم بإنجازاته وأسعد شعبه بعزمه وفكره وتجديده وتطويره في كلّ مجالٍ من مجالات الحياة، حيث نجده حاضراً فيها بقوة فمن مساعدات إنسانية وأعمال اقتصادية إلى مساهمات جليلة في مجال المعرفة والعلم والصحة ومشاركات رياضية عالمية في الفروسية التي عشقها منذ طفولته ومقولاتٍ ملهمةٍ لكل من يستمع إليها وإبداعات ثقافية من شعر ونثر ومؤلفات ومقالات ودعم منقطع النظير لكل أنشطة الثقافة محلياً وعالمياً جعلت من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رمز عصره وفريد دهره وكل جائزةٍ تتشرف عندما تمنح له، وأصدق ما يمكن أن أنشده هنا هو قول أبي محسّد المتنبي:

خذ ما تراهُ ودعْ قولاً سمعت بهِ
     في طلعةِ البدر ما يغنيكَ عن زحلِ
وقد وجدت مجال القولِ ذا سعةٍ
     فإنْ وجدتَ لساناً قائلاً فقلِ

قلتُ مرةً لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ــ حفظه الله ــ وهو في بداية كتابته الشعر: لكتابة الشعر الجيّد تحتاج إلى حفظ أشعار الأولين، فرد علي مباشرة وقال: لا أحتاج إليها فأنا أحفظ أشعار أبي، فقلتُ : ديوان والدك يكفيك لأنّه يحوي الشعر الجزل والحكمة وكل فنون الشعر الجميلة التي بلغ فيها الغاية، وبعد مرور السنوات علمت أنّه اختار الاختيار الأمثل فهذا هو «فزاع» يبهر العرب بشعره المتجدد وقوة إلقائه ــ رعاه الله ــ ولا أظنّ أحداً من جيله اليوم يستطيع مجاراته جزالةً وسبكاً واختياراً للمفردات وقنصاً للمعاني الشاردة، ولا عجب أن نقرأ قصائد مجاراة بينه وبين والده مثل قصيدة (الجار للجار) لفزاع ومجاراتها لوالده بعنوان (الدار للدار) التي يقول في مطلعها:

روح المعاني من رياض الرياحين
     أهدت لنا طيب الأغاني والأشعار
تطرب لها السمّار باحلى التلاحين
     وتحتار وش منها تخلّي وتختار

وفي هذه القصيدة وصف ومدح كبير للشيخ حمدان من والده حفظهما الله لنا ولشعب الإمارات آمين.

ولا أخفيكم سراً بأنّي منذ طفولتي وأنا أعشق العلم وقرأت كثيراً من الكتب وأقرض الشعر ولكنّ حياتي كلها تغيرت عندما التحقت بالعمل عند «أبي راشد» فقد حثني على العلم الأكاديمي والبحث وشجعني أن أزيد من قراءاتي لكثرة أسئلته التي معظمها من نوع الاختبار، وجعلني أيضاً أقوّي من مستوى شعري لأنه ناقد خبير ويجعل أكبر شاعرٍ يرتبك أمامه خشيةً من الخطأ، وإنْ أنسَ لا أنسى ذلك الشاعر الذي شبّه الخيل بالكلاب السلوقية فقال له ناقداً: الخيل لا تشبه بما شبّهت، ثم بعد أشهرٍ من هذا الموقف فتحت كتاب الحيوان للجاحظ وإذ تقع عيني على أول شيء فيه فذكر: أن الخيل تشبّه بكثير من الأشياء حتى الإنسان إلا الكلاب فلا تشبّه بها، وقد خصص فصلاً لهذا الموضوع، ولو أحدثكم أيها الأعزاء عن هذه القصص التي عشتها بنفسي فإنني سأطيل عليكم، ولهذا دائماً أردد بأننا محظوظون بوجود هذا الحاكم العادل الحكيم المثقف الداعم لكل ما هو جميل ومفيد وجديد لأمتنا العربية والإسلامية.
وأقول إنّ تكريم الشيخ محمد بن راشد في هذا العام 2015 وحصوله على شخصية العام الثقافية من لجنة جائزة الشيخ زايد للكتاب تكريم صادف أهله، ولو أني أقول بإنّ الجوائز كلها دون مستوى الشيخ محمد بن راشد ودون ما حققه وقدمه للإنسانية، ولكنّ هذه الجائزة تختلف فهي جائزة تحمل اسم والده الشيخ زايد ــ طيب الله ثراه ــ ومقدمة من أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ـ حفظه الله ورعاه ــ ويكفي تصريح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ــ حفظه الله ــ بهذه المناسبة حيث قال: «إن اختيار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصية العام الثقافية في جائزة الشيخ زايد للكتاب هو تكريم لرؤية وعطاء قائد حرص على تسجيل اسم الإمارات بأحرف من ذهب في سجل التاريخ وعلى تعزيز اسم الدولة على الساحة العالمية فحقق النجاح تلو النجاح والإنجاز تلو الإنجاز في شتى مجالات التنمية والمعرفة والثقافة وغيرها».

نشر في البيان بتاريخ: 20 أبريل 2015