1,358 عدد المشاهدات
الكاتب: د. شهاب غانم
الشاعر الأستاذ الدكتور محمد عبده غانم شخصية عامة رئيسة في تاريخ اليمن المعاصر، فقد كُتبت حول حياته وشعره عدة أطروحات دكتوراه وماجستير في السودان ومصر واليمن، آخرها أطروحة دكتوراه نوقشت أخيراً في جامعة صنعاء بعنوان: «رؤية العالم في شعر محمد عبده غانم- دراسة بنيوية توليدية». كما كتبت عنه عدة كتب منها كتاب «صورة مدينتين: عدن وصنعاء في شعر محمد عبده غانم» الذي صدر عام 2008م، كما كُتبتْ عنه فصول كثيرة في كتب أدبية وتاريخية مختلفة ومئات المقالات.
ولد والدي محمد عبده غانم، رحمه الله، في عدن في جنوب اليمن في يناير 1912م، وتوفي في صنعاء في أغسطس 1994م. وكان والده السيد عبده غانم الهاشمي الحسني تاجراً ميسور الحال في مدينة التواهي، ميناء عدن الشهير، الذي كان حتى ستينيات القرن الماضي ثالث أهم ميناء في العالم. وكان السيد عبده غانم عضواً في المجلس التشريعي والكونترول، أي ما يعادل غرفة التجارة في عدن، ومؤسِّساً ورئيساً لنادي الإصلاح العربي الذي تأسس عام 1929م في مدينة التواهي، وكان يجيد الإنجليزية إلى جانب العربية، وعمل لفترة في شبابه مترجماً لدى الجيش البريطاني. وعندما طلب منه ابنه الأكبر، والدي، أن يبعثه على حسابه للدراسة في الجامعة الأمريكية ببيروت كأول طالب يلتحق بالتعليم الجامعي الحديث من عدن، بل الجزيرة العربية، وافق على مضض؛ فقد كان يحتاج إليه ليساعده في أعمال تجارته.
تفوق دراسي
وقد تخرَّج والدي عام 1936 في كلية الآداب في تلك الجامعة بشهادة بكالوريوس في الآداب بدرجة الشرف الأولى، وكان الأول على دفعته، كما كان بذلك أول خريج في الجزيرة العربية في جامعة حديثة، كما حصل على دبلوم التدريس. والتحق إثر ذلك بدائرة المعارف في عدن وعمل مدرساً، ثم ترقى إلى مفتش معارف، فضابط للمعارف، وأخيراً مديراً للمعارف، فكان بذلك يحتل أعلى منصب في الخدمة المدنية بين أبناء مستعمرة عدن، وعندما تقاعد مبكراً منحته الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا وسام قائد للإمبراطورية البريطانية. والتحق إثر ذلك لدراسة الدكتوراه كطالب خارجي في جامعة لندن وقبلته الجامعة، ولكنها حسب قوانينها لقبول الطلبة الخارجيين للدكتوراه اشترطت أن يحصل على البكالوريوس من جامعتها، فقبل التحدي ودخل امتحاناتها وحصل على مرتبة الشرف من الدرجة الأولى مجدداً عام 1963 (وكان الوحيد الذي يحصل عليها في تلك الدفعة)، وكان ذلك في السنة نفسها التي حصلت فيها أنا على البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة أبردين بإسكتلندا.
وأذكر بهذه المناسبة أنني التقيت بالمستشرق الشهير آر. بي. سارجنت في لندن في الستينيات من القرن الماضي، فأخبرني أنه كان المصحح لبعض أوراق والدي في ذلك الامتحان، وعجز عن أن يجد حتى غلطة واحدة فيها. وهذه الدقة في أعمال والدي هي إحدى سماته الرئيسة التي كان يبثها طوال حياته في أولاده، وأنا منهم، وفي تلاميذه، وأنا منهم. وأذكر أنه زارني في دبي بعد أن أكملت أطروحة الدكتوراه، ولكن قبل تقديمها، ولما سألني عنها استأذنته أن أقرأ عليه ملخصها في نحو 20 صفحة. وأخذت أقرؤها وهو معجب جداً بلغتي الإنجليزية وصياغتي ويثني عليها. وكانت هناك كلمة واحدة فقط لم أكن مطمئناً لها، فلما وصلت إليها أوقفني وطلب تعديلها.
وعلى الرغم من أنَّ والدي اضطر بعد ذلك للخضوع لعملية جراحية رئيسة لاستئصال سرطان في القولون، وأصيب بالهزال لعدة سنوات، فإنه أكمل أطروحة الدكتوراه في جامعة لندن في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية الشهيرة عن «شعر الغناء الصنعاني»، والتي نشرت في كتاب أعيد نشره 8 مرات على الأقل، وكتب عنه الدكتور شوقي ضيف قائلاً: «لا أعرف دراسة علمية جادة لأغاني بلد عربي تبلغ حق الإجادة والإتقان مبلغ هذه الرسالة».
مسيرة حافلة
بعد ذلك عمل والدي في مرحلة قبيل استقلال عدن وبعد استقلالها لفترة قصيرة رئيساً لميناء عدن. ثمَّ عمل في جامعة الخرطوم مباشرة بدرجة بروفيسور ورئيساً لقسم اللغة العربية بين عامي 1974 و1977م، وكتب في تلك الفترة عدة قصائد جميلة تتعلق بالسودان يذكر في بعضها صديقه الحميم البروفيسور عبد الله الطيب، رحمه الله. ثم انتقل إلى جامعة صنعاء عميداً لكلية التربية وأستاذاً للأدب حتى 1980م، فمستشاراً ثقافياً بسفارة اليمن في الإمارات حتى 1984م، عاد بعدها للعمل عميداً للدراسات العليا بجامعة صنعاء وأستاذاً للأدب العربي حتى قبل رحيله بعام في 1994م، رحمه الله. وكان كلما حاول التقاعد قبل ذلك يقول رئيس الجامعة د. عبد العزيز المقالح، إنَّ الجامعة في حاجة إلى اسمه ضمن أساتذتها حتى ولو لم يحضر للعمل، ولكن كرامة والدي كانت تأبى عليه عدم الحضور.
صدر له عشرون كتاباً منها 7 دواوين شعرية، و5 مسرحيات شعرية، وعدة كتب نثرية، منها كتابان بالإنجليزية عن لغة عدن. وكنت أنا من جمع وأصدر ديوانه السابع والأخير وسميته «الأنامل الجافة» عام 1999م، بعد رحيله، وجمعتُ بعض دراساته النثرية وأصدرتها في كتاب عام 1999م، كما جمعت مسرحياته الشعرية الكاملة التي كانت قد صدرت متفرقة، وأصدرتها في كتاب عام 2009م عن المجمع الثقافي بأبوظبي.
ومن المهم أن أذكر هنا أنَّ والدي متعدد الجوانب والمواهب، فقد كان بجانب موهبته الضخمة في الشعر وتأليف المسرحيات الشعرية والتأليف الأدبي والأكاديمي يجيد العزف على العود، كما مارس الرسم، وبجانب إتقانه المتفوق للعربية والإنجليزية كان ملماً بالفرنسية، وله معرفة أولية ببعض اللغات الأخرى. وكانت له مقدرة متفوقة في فنون الإدارة؛ فإلى جانب إدارة وتطوير التربية والتعليم وإدارة ميناء عدن والكليات في الجامعات، كان رئيساً لنحو 6 جمعيات ونوادٍ ثقافية واجتماعية مثل نادي الأحداث بعدن ونادي صيرة للتنس الذي ظلَّ رئيساً له لعقود منذ تأسيسه وحتى هاجر والدي من عدن عام 1972. وكان والدي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي يحاول أن يصلح سيارته بنفسه مستعيناً بشقيقي قيس وبي، وكنا نحب ذلك ونمني النفس أن نصبح مهندسي سيارات ونمتلك ورشة سيارات.
عدنيٌّ يتحدَّث
وكان والدي محباً للسفر والرحلات، وقد ألف كتاب «عدنيّ يتحدث عن البلاد العربية والعالم» الذي كان في الأصل قد كتبه فصولاً لدروس الجغرافيا مقررة على تلاميذ الصف الرابع في المدسة الابتدائية، ومن الواضح أنه اعتمد جزئياً على ملاحظاته في أسفاره. وقد أخذنا معه عام 1947 م في إحدى الإجازات الصيفية الطويلة أنا ووالدتي وأشقائي إلى أرتيريا على طائرة دكوتا، وكانت أول رحلة جوية في حياتي وأنا دون السابعة. كما أخذنا في إجازات صيفية لاحقة إلى مختلف مناطق محميات عدن الغربية مثل مودية في دثينة والضالع، حيث كنا نقضي عدة أسابيع. وكان ذلك أحد أسباب حبي للأسفار فزرت في حياتي أكثر من خمسين دولة.
تأثير والدي التربوي
تزوَّج والدي عام 1937م بوالدتي السيدة منيرة ابنة رجل النهضة بعدن واليمن المحامي الصحفي البارز محمد علي لقمان، وهو الذي تربطه صداقة شخصية بكثير من رجال النهضة في عصره ومنهم المهاتما غاندي، الذي حاول لقمان أن يستفيد من تجربته الوطنية في تحرير عدن. وأنجبت والدتي عام 1939 أول أبناء غانم شقيقي قيس، وهو اليوم طبيب أعصاب شهير في كندا، وكان رئيساً لجمعية الأطباء في كندا لثلاث سنوات متتابعة، ورئيساً لرابطة الخريجين العرب يعاد انتخابه عشر سنوات متتابعة، ونال عدداً من الجوائز منها وسام «مارتن لوثر كنج»، كما نشر 4 روايات بالإنجليزية ثم ترجم بعضها إلى العربية، ونشر ديواناً شعرياً نصفه بالعربية والنصف الآخر قصائد كتبها بالإنجليزية.
وفي أثناء الحرب العالمية نزحت الأسرة مؤقتاً إلى مدينة الحوطة بسلطنة لحج بالقرب من عدن، وذلك هرباً من قصف الطيران الإيطالي، وولدت هناك في أكتوبر 1940م، بل سميت تلك السنة شعبياً «سنة الهربة». ثم عدنا لنسكن في منزل جدي السيد عبده غانم في التواهي ميناء عدن، والشارع الرئيس أمام المنزل اليوم يحمل اسم والدي، كما يحمل الشارع الجانبي اسم جدي. وكنا في طفولتنا أنا وأشقائي نقضي الصباح في كثير من الأيام في الطابق الثالث، حيث يسكن جدي لنلعب مع أصغر أعمامي وعماتي وعدد من أطفال الأسرة الكتشينة والداما والدومينو و«الكيروم» بل و«الشبدليه». وفي ذلك المنزل رأيت في طفولتي عدداً من الشعراء المعروفين في شمال اليمن يزورون والدي مثل محمد محمود الزبيري والشيخ أحمد نعمان وزيد الموشكي وأحمد بن محمد الشامي.
وفي أحد أيام 1945 طلبت مني والدتي أن أدخل غرفة والدي وأقول له «أهنئك» ولم أكن أعرف تلك الكلمة من قبل، وأخبرتني أمي أنها بمناسبة فوزه بالمسابقة الشعرية العالمية التي أقامتها هيئة الإذاعة البريطانية، وكان والدي قد نال قبلها جائزة في كل عام من أعوام الحرب. وكانت تلك أول مرة أسمع كلمة شِعر. وكان والدي قد ألف أبياتاً ودرَّب شقيقي قيس على أن ينشدها ليهتم بي كشقيقه الأصغر أذكر منها فقط هذا البيت:
أخي شهاب سندي
وساعدي في البلد
وقد فهمت أنَّ الشعر شيء على غرار تلك الأنشودة.
وفي أحد الأيام، بينما كنا نلعب الكرة أمام منزل جدي مع أطفال الحارة وقعت على ركبتي على حجر حاد كنا نتخذه علامة على أحد طرفي الهدف أو «الجول»، فانشق الجلد واللحم أمام الركبة وجرى الدم غزيراً فأصابني هلع شديد، وحملني شقيقي وعمتي عائشة التي كانت تلعب معنا إلى الطابق الثاني في المنزل وكانت تلك شقتنا، وأيقظت والدتي المرعوبة والدي من قيلولته. ولكنه لم يرتبك ولم يأخذني إلى المستوصف أو المستشفى، بل غسل الجرح ودقَّ بعض حبات السلفا ووضع المسحوق على الجرح وضمده. وقد أخذ الجرح عدة أسابيع ليلتئم، وكان والدي يجدد الضماد من حين لآخر. وكان والدي قبل أن يدرس الآداب في الجامعة قد درس الطب لمدة عام بنجاح، ولكن والده أراده أن يقطع دراسته لطول مدتها فحولها والدي إلى الآداب الأقصر مدة، واحتسبت له السنة التي كان قد أمضاها في الجامعة، ووافق والده على مضض.
جزيرة صيره
في عام 1947 انتقل والدي مع زوجته وأطفاله إلى منزل حكومي بقرب البحر في مدينة كريتر بعدن، وكان الموقع رومانسياً يواجه جزيرة صيره وعليها قلعتها التاريخية الشهيرة. وكانت معنا أختي عزة التي أصبحت أول خريجة ثمَّ أول دكتورة وأول بروفيسورة في اليمن، وهي زوجة وزير الخارجية الأسبق د. أبو بكر القربي. وكان والدي عادة يناديها وهي ما زالت في الثالثة من العمر «دكتورة عزة» ولعلَّ ذلك كان أحد أساليبه في تربية أطفاله ليوحي لهم بعلو الهمة، وكان يهمه بشكل خاص تعليم المرأة. وكان معنا أيضاً شقيقنا الأصغر في ذلك الحين الذي أصبح المحامي د. عصام، رحمه الله، وهو مؤلف نحو عشرين كتاباً.
حان موعد التحاقي بالمدرسة الابتدائية عام 1947 وكان والدي، مفتش أو ضابط المعارف في ذلك الحين قد طلب من مدير مدرسة السيلة الأستاذ محمد باقر أن يسجلني للالتحاق بالصف الأول الابتدائي، ولم يذهب بنفسه للتسجيل، ومع الأسف نسي المدير فعل ذلك، فلما ذهبت مع شقيقي إلى مدرسة السيلة وأنا في حالة تطلع وفرح دخل شقيقي السنة الثالثة، أما أنا فلم أكن مسجلاً ولم أدخل المدرسة. وأسقط في يد أبي ويد مدير المدرسة الذي اقترح حلاً للمشكلة، ولكن والدي رفضه لأنه يخرق قانون عدد الأطفال في الفصل، وهو المسؤول عن المعارف، فقد كان العدد مكتملاً، فقرر أن يدرسني العام الأول بنفسه في المنزل. وكانت تجربة لها ما لها وعليها ما عليها، فقد كان والدي رحمه الله شديداً معي وأنا لم أبلغ السابعة، ولكنني تلقيت تعليماً فردياً من معلم هو الأكثر تأهيلاً في كل نظام التربية والتعليم في عدن حينذاك. وأذكر أنَّ والدي عندما كان يعلمني سياقة السيارة عام 1958 وأنا في الثامنة عشرة من العمر، وبعد أن علمني عدة دروس مفيدة كانت سبباً في عدم دهسي طفلاً جرى أمام السيارة خلال أحد الدروس، قال لي إنَّ الأب عادة لا يكون معلماً مثالياً لأبنائه لأنه يتوقَّع منهم أكثر من طاقتهم، وطلب من شخص آخر أن يواصل معي دروس السياقة.
المرتبة الثانية
في عام 1948 عدت لمدرسة السيلة في العام الدراسي الجديد، وأجرى لي نائب مدير المدرسة اختباراً فوجدني متفوقاً وكان هناك متسع في الصف الثاني في عدد التلاميذ فأدخلت فيه ووضعت بجانب الطفل الأول في الصف في درج مشترك. وفي نهاية العام كنت أظنني سأكون الأول على الفصل، ولكنني كنت الثاني وجاء زميلي في الدرج في المرتبة الأولى، وهو اليوم العلامة الشهير البروفيسور د. محمد علي البار، وظللنا أصدقاء طوال العمر، وكتب مقدمتين لكتابين من كتبي؛ أحدهما كتاب الفاتحة الذي كتبته مع نجلي د. وضاح، كما كتبت مقدمة لأحد كتب د. البار الضخمة عن عدن، وهو مؤلف قرابة مائة كتاب. وقد قفز البار سنة بعد ذلك ولم يقبل والدي أن أقفز معه لأنني أصغر منه بعام فصرت الأول على الفصل. أما البار فبعد أن قفز سنة كان مرة أخرى الأول على صفه الجديد لنبوغه.
تبادل القصائد
ظللت أطلع والدي على تجاربي كلما استطعت طوال حياته، ولكن بعد أن قوي عودي في مجال الشعر كان يقول لي إنه يخشى أن يخرب قصائدي إذا لمسها بتصحيحاته. وكان هو أيضاً يعرض عليّ قصائده كلما التقينا في الإمارات أو السودان أو اليمن أو لبنان أو بريطانيا، ويستفيد قليلاً من رأيي، بينما كنت أستفيد كثيراً من رأيه. وقد راجعت معه ديوانه الرابع «في موكب الحياة»، فقد أطلعني عليه عام 1973 في بيروت قبل نشره، وهو من أجمل دواوينه، ويحوي قصائد شهيرة مثل «في الستين» و«بلا وكر». أما هو فقد اطلع على مسودة عدد من دواويني الأولى قبل نشرها، وهو الذي اقترح تعديل عنوان أحد دواويني إلى «شواظ في العتمة».
وقد أهدى لي «أعماله الشعرية» الكاملة عندما نشرتها دار العودة، كما أهديته أول كتاب لي، وهو ديواني الأول «بين شط وآخر»، وعدداً من كتبي التالية. وقد جمعت ما بقي من شعره ونشرته في ديوانه السابع «الأنامل الجافة» الذي اخترت عنوانه، كما جمعت مسرحياته المنشورة الخمس وقدمت لها، ونشرها المجمع الثقافي في أبوظبي في مجلد واحد جميل، بفضل اهتمام الأستاذ جمعة القبيسي. كما جمعت عدداً من دراساته المنشورة في المجلات العلمية في مجلد نشرته ندوة الثقافة والعلوم في دبي. ونشرت عن شعر والدي فصولاً في عدد من كتبي النثرية، ثم جمعت مختارات من شعره مع مختارات من كلمات أغانيه في مجلد واحد، وكتبت مقدمة مسهبة للكتاب الجميل الذي نشره مركز جمال بن حويرب للدراسات.