مركز الملك عبدالعزيز التاريخي .. رحلة في ذاكرة السنين

المستجدات ١ مجلة مدارات ونقوش - العدد 3

 1,522 عدد المشاهدات

الكاتب: د.علي بن ذيب الأكلبي

لا تكتمل الزيارة للرياض من دون المرور بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي، الذي يقع في قلب مدينة الرياض.. كيف لا والمركز يحكي فصولاً مهمَّة في عمر المملكة العربية السعودية ومراحل تؤرِّخ للكثير من الإنجازات في تاريخها المجيد، حيث تمَّ افتتاح هذا المركز في الخامس من شهر شوال عام 1419 هجرية، بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، وروعي في تصميمه المحافظة على عراقة المكان وتقديمه في ثوب معاصر.

يحوي المركز العديد من المعالم التي من أهمِّها دارة الملك عبدالعزيز، وتشتمل على مكتبة الدارة ومجلة الدارة، ومركز الوثائق والمعلومات، والمركز التاريخي الشفوي، وقسم للمخطوطات، ومركز أرشيف الصور والأفلام التاريخية، وقاعة الملك عبد العزيز التذكارية التي تعرض بعضاً من المقتنيات والسيارات الخاصة للملك عبدالعزيز، رحمه الله، وتشكِّل هذه الأقسام للدارة مركزاً ثقافيًّا متكاملاً، وتصدر الدارة عدداً كبيراً من الإصدارات العلمية التاريخية المتخصصة، وهي توثِّقُ للحاضر وتستشرفُ المستقبل، ومن ليس له ماضٍ، فكيف يكون له حاضر أو مستقبل.

كانت البيئة التي تمَّ تهيئتها لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي في المربع هدفاً مقصوداً، تمَّ إنجازها بدقة متناهية وتفاصيل رائعة آخذة في الاعتبار الأصالة والمعاصرة، حيث تجعل الزائر يعيش الأيام التي خلت في جوٍّ مفعمٍ بعبق وجمال المكان المدعوم بكل وسائل الراحة والمتعة والفائدة.

ويجد زوَّار مركز الملك عبدالعزيز التاريخي أنفاس المؤسِّس وأبنائه الكرام.. وفيه يستشعر قاصدوه قصة المسيرة السعودية التي تراها واضحة في جنبات المركز ومقتنياته وكنوزه الفكرية وطرازه المعماري.

وأرجو أن لا تنتهي رحلة الزائر من دون الاطلاع على إصدارات دارة الملك عبدالعزيز من الكتب المتخصصة في تاريخ الجزيرة العربية والتاريخ الإسلامي وتاريخ العهود السعودية، وصولاً للعهد الزاهر للمملكة العربية السعودية منذ وحَّدها جلالة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، مروراً بمراحل النماء والتطوير على يد الملوك من أبناء المؤسِّس، رحمهم الله، وحتى عهد ملك الحزم والعزم والفكر.. عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، الذي يعدُّ مهندس الإبداع والمشرف والمتابع لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي منذ إنشائه في نواته الأولى “دارة الملك عبدالعزيز” في العام 1392هـ وحتى يومنا الحالي.

وتجدر الإشارة إلى مجلة الدارة (مجلة علمية محكّمة تصدر كل ثلاثة أشهر) التي أخذت في نشر الدراسات والأبحاث التاريخية الرصينة التي تناولت تاريخ الجزيرة العربية والتاريخ الإسلامي وتاريخ السعودية، لتكون مرجعاً علميًّا ثريًّا في هذا المجال، حيث صدر العدد الأول في عام 1395.

وبطبيعة الحال، فإنَّ الزائر لمركز الملك عبدالعزيز لن يتجاوز المتحف الوطني الذي حوى الكثير من الآثار والمقتنيات الخاصة بالجزيرة العربية والتاريخ السعودي.

وتستمر الجولة للتوقُّف في فرع مكتبة الملك عبد العزيز العامة التي جاءت لتضيف لعناصر المركز ومكوناته رونقاً وحيويَّة بما تقدِّمه من مصادر معلومات مطبوعة، ومخطوطات وكتب نادرة، كما تتيح البحث في العديد من قواعد المعلومات الرقمية، وفيها تتوافر منطقة خاصة بالطفل من حيث تجهيزاتها ونوعية مقتنياتها، ويتصل بها قاعة الملك عبد العزيز للمحاضرات التي تزخر بالعديد من الفعاليات الثقافية والندوات والمؤتمرات العلمية على مدار العام.

وفي مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، يقع قصر المربع الذي كان يسكنه الملك عبدالعزيز، طيَّب الله ثراه، والذي يمثِّل قيمة تاريخية مهمة، والذي تمَّ المحافظة عليه بمادته التي تمَّ بناؤه بها، كما يضمُّ المركزُ القصرَ الأحمرَ الذي كان يسكنه جلالة الملك سعود، رحمه الله. وفي جامع الملك عبد العزيز الذي يقع في منطقة المركز، يمكن لمرتادي المركز تأدية الصلاة فيه، وسيجدون في شكله وتجهيزاته ما يشعرهم بعراقة المكان، وفي المتنزه العام بالمركز تقضي الأسر الزائرة أوقاتاً ممتعة، ويتنزهون في جنباته التي تزيَّنت بالكثير من الأشجار والنوافير المائية، ليكتسب المكان مزيداً من الجمال على حسنه وجماله، وهذه المكونات لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي، تستقطب الزوَّار من مختلف الجنسيات، فقد زاره الكثير من مختلف المستويات من زعماء الدول والمسؤولين والمثقفين والسياح.

ولهذا، فإنَّ التنوع الكبير لمكونات مركز الملك عبدالعزيز التاريخي تمثِّل ملاذاً ثقافيًّا وفكريًّا وسياحيًّا للكثير من الزوَّار. ومن لم يزره بعد، فلا يتأخر.