1,557 عدد المشاهدات
إعداد – حجاج سلامة
يقول سعادة الأستاذ فلاح محمد الأحبابي، رئيس نادي تراث الإمارات، ان دولة الامارات العربية المتحدة، نجحت في إبقاء جذوة التراث مشتعلة في قلوب الأبناء.. وانتقت بمهارة من لألىء الأجداد ومنجزهم المادي والمعنوي الأصيل، ما يُزين وجه حضارتها المعاصرة، ويكون وقود بناء، وشارة هوية مميزة.
ويشير ” الأحبابي ” إلى أنه ومن هذا المنطلق، اهتمت المؤسسات المعنية بالتراث بالحرف والصناعات التقليدية، وهي مفردات تراثية شديدة الحساسية – بحسب قوله – مارسها الناس من باب تلبية حوائجهم، وسقط منها بمرور الزمن ما سقط، وأصبح عسيرا على دول وحضارات استعادة ملامح ماضيها، من تلك الحرف والصناعات إلا تنظيراً.. وان دولة الإمارات انتبهت الى أهمية هذا العنصر في لحظة مبكرة.
وفي ذلك الإطار الذي أوجزته كلمات سعادة الأستاذ فلاح محمد الأحبابي، يأتي إنشاء مركز جمال بن حويرب للدراسات، والمتخصص في التراث والتاريخ ودراسات الخيول العربية، كأحد المؤسسات الإماراتية الفاعلة في مجال حماية وصون التراث، وربطه بالحاضر، وتوظيفه بشكل يسهم في ربط الأجيال الجديدة من الناشئة والشباب بتراث وطنهم، بجانب جعل ذلك التراث جزءً لا يتجزأ من الهوية الوطنية الإماراتية، والمركز هو واحد من تلك المشاريع والمبادرات والمساهمات الخاصة التي أطلقتها شخصيات إماراتية جعلت التراث وصونه والحفاظ عليه نصب أعينها وأولته جزءً كبيراً من اهتماماتها.
وقد تأسس مركز الأستاذ جمال بن حويرب للدراسات المعنية بالتراث والخيول، في دبي عام 2010، وذلك بهدف ” توثيق تاريخ المنطقة والخليج العربي، وليؤسس لحاضر ومستقبل مبنيين على فهم صحيح لحضارتنا وشعوبنا وتراثنا الزاخم بالإنجازات “.. وذلك ” استناداً إلى مخطوطات وأدلة أصلية، بداية عبر دراسات شاملة تنشر دورياً في موقع المركز الرئيسي وهو أحد أكبر المواقع الموثوقة والذي يضم العديد من الدراسات والمؤلفات في اللغة والتاريخ والتراث، بجانب العديد من الإصدارات الورقية ثم إصدار المجلة الخاصة في المركز إضافة إلى الندوات الحوارية والمحاضرات والاجتماعات الفكرية التي تعقد كل أسبوعين في المركز “.
– كما يهتم المركز بترجمة الكثير من الدراسات والمقالات المعنية بالتراث الإماراتي والخليجي والعربي لتمكين الباحثين الأجانب من التعرف على ذلك التراث، وذلك من خلال ترجمة %10 من مجلة مدارات ونقوش، في المركز باللغة الإنكليزية، وينضم للمركز الكثير من المهتمين بموروثنا وهويتنا الوطنية من غير الناطقين باللغة العربية.
– ويصف الأستاذ جمال بن حويرب، في أحاديثه المتعددة عن تلك التجربة، عملية تأسيس المركز بأنها ” مسؤولية ضخمة ومكلفة، لافتا إلى أن المراكز البحثية والثقافية وتوثيق التاريخ وأنه يجب أن يكون لها دعم وركيزة لتقديم المزيد من الإنجازات، وأشار إلى أنه لا يقصد دعم الحكومات فحسب، فالحكومات تقدم دعماً كبيراً للمراكز الثقافية والأدبية، ولكنه يشير – هنا – لدعم التجار وأصحاب المشاريع ” وذلك اسوة بالمجتمعات الأوروبية والأمريكية، حيث يقدم التجار هناك دعماً ومنحاً وتأسيساً لمكتبات وبناءً لمستشفيات داخل مجتمعاتهم، فنحن بحاجة لوعي كافٍ، ومسؤولية هؤلاء التجار لدعم وبناء أوطانهم.
ويؤكد ” بن حويرب ” على أنه يشعر بالرضا الشخصي والمسؤولية في مواصلة هذه الجهود التي تحفظ تاريخنا وتمدّد جسور التواصل بين الأجيال للحفاظ على هويتنا وتراثنا وأفكارنا الأصيلة “.. وأنه في إطار ذلك حرص على إنشاء مكتبة خاصة كبيرة داخل المركز تضم العديد من الإصدارات الموثقة التي تضم مخطوطات وكتباً نادرة لموروثنا الثقافي لترسيخه للأجيال القادمة، والشباب والمهتمين والباحثين في هذه المجالات.
– ويطالب ” بن حويرب ” الأجيال الشابة بالاهتمام بتوثيق قصص وروايات أجدادهم، والاحتفاظ بها مع مكتبة صورهم الخاصية وما يحتفظون به من المرئيات المصورة والبطاقات القديمة، وأن يهتموا بجمع تاريخهم وحفظ كل ما يتعلق بإرثهم الاجتماعي والثقافي.
والأستاذ جمال بن حويرب، هو أحد الوجوه الثقافية الإماراتية المعروفة، وله العديد من المؤلفات منها ” المجد ” و ” أيادي سبأ ” و ” نقوش على جدران الحياة ” و ” الفاتنة ” و ” مجالس الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي ” و” تنبيه الغافلين “.
وللأستاذ جمال بن حويرب كتاب يحمل عنوان ” يوميات جمال بن حويرب “.. وتتنوع الموضوعات التي يتناولها هذا الكتاب ما بين معاناة الإنسان العربي وطموحاته، من التربية والتعليم إلى هموم البطالة، ومن الصحة إلى الشعر والنقد الأدبي، ومن التاريخ إلى الشبكات الاجتماعية والتراجم والفن وغيرها الكثير خطها قلم المؤلف في مائة وعشرين مقالة رشيقة اللغة، لماحة الرؤيا، تجذب القارئ وتمتعه من جهة وتثير لديه من جهة أخرى مخاوف وتساؤلات من النوع الذي يحرض الفكر ويثير الخيال ويطلق العنان للعقل.
وقد قام بتوثيق سيرة العشرات من الشخصيات في دولة الإمارات، وبلدان الخليج، والوطن العربي، من خلال مواسم عدة لبرنامج ” الراوي “.
يُذكر أن دولة الإمارات تزخر بإرث عربي وإسلامي كبير، نراه في عادات وتقاليد وسلوكيات شعبها، والآثار الإسلامية والعربية، التي بقيت شاهدة على تاريخ الدولة. أقامت دولة الإمارات المتاحف والفعاليات الثقافية للحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة. تعرف في هذه الصفحة على ملامح التاريخ الإسلامي والعربي، وجهود الدولة للحفاظ عليه.
وينعكس التراث الإماراتي في كافة التقاليد الموروثة الخاصة بنمط الحياة الاجتماعية، وثقافة الطعام، والزواج، والطقوس الدينية، والحرف اليدوية، والفنون الشعبية، ومرافقها المتعددة التي تجسد تاريخ المنطقة مثل القلاع، والحصون، والمساجد، ومرافئ الصيد، وأسواق السمك، وأرصفة بناء القوارب، ومراكز تدريب الصقور، وأسواق الذهب، وأسواق.
وتحرص الدولة، والدوائر الثقافية في حماية التراث وتقديمه للأجيال الجديدة، وذلك عبر تأسيس الكثير من المراكز والمؤسسات المعنية بالتراث الإماراتي، مثل نادى تراث الإمارات، ومعهد الشارقة للتراث، بجانب الجهود التي تُبذل في ذلك الإطار داخل الجامعات الإماراتية، مع ثراء المكتبة الإماراتية بالكثير من الكتب والمراجع والمخطوطات التراثية.. إضافة إلى تفرد الإمارات بالكثير من الدوريات المعنية بالتراث الوطني للدولة، وتراث العرب والمسلمين، ومن تلك الدوريات تبرز مجلة تراث، ومجلة مراود، ومجلة الموروث، بجانب الدوريات التي تصدرها المراكز التراثية الخاصة، مثل مركز جمعة الماجد، ومركز جمال بن حويرب.
المصدر: مجلة تراث
عدد سبتمبر 2021