“مساجد الصين” النشأة.. والتاريخ.. والحضارة

مجالس

 2,344 عدد المشاهدات

مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي

طالب الباحث والمؤرخ المستشار جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة بتعلم اللغة الصينية، وبتقوية الجانب البحثي مع الصين مؤكداً أن الأرشيف الصيني والمكتبات المنتشرة في أرجاء الصين تزخر بالكنوز التاريخية الإسلامية والعربية التي تتطلب منا البحث عنها وكشفها.

جاء ذلك في محاضرة استضاف فيها مركز جمال بن حويرب للدراسات الباحث والمستشار الصيني علي وانغ ، في ثاني أمسية له بعيد استئناف نشاطه إثر جائحة ” كورونا”. قدمه خلالها الدكتور حمادة هجرس بحضور عدد محدود من المهتمين والإعلاميين يتقدمهم الباحثان التراثيان عبدالله بن جاسم المطيري ورشاد بوخش ، الأديب عادل المدفع ، المستشار التراثي راشد بن هاشم ، الفنان والخطاط خالد الجلاف والإعلامي محمد صالح بداه .

الإسلام و الصين

قال المحاضر…دخل الإسلام إلى الصين عن طريق محورين: المحور البري الذي جاء إليها من الغرب ، وتمثل في فتح تركستان الشرقية في العصر الأموي ، في منطقة كاشغر ، وفي أواخر القرن الأول الهجري وصلت فتوحات (قتيبة بن مسلم الباهلي) الحدود الغربية للصين ، وعلى الرغم من أن الفتوحات الإسلامية لم تتوغل في أرض الصين ، إلا أن طريق القوافل بين غرب آسيا والصين كان له أثره في انتشار الإسلام عن طريق التجار في غربي الصين ، وعرف هذا بطريق الحرير، وكان من أسباب انتشار الاسلام حول المنطقة.

علي وانج أثناء المحاضرة

المحور الثاني هو المحور البحري، وتمثل في نقل الإسلام إلى جنوبي وشرقي الصين ، ففي نهاية عصر الخلفاء الراشدين ، وتحديداً في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وصل وفد من التابعين إلى الصين في سنة 21 هجرية ، ثم توالت البعثات الإسلامية على الصين حتى بلغت 28 بعثة في الفترة ما بين 31 هجرية -651 ميلادية و 184 هجرية – 800 ميلادية، وتوالت البعثات الدبلوماسية والتجارية على الصين عبر هذا المحور البحري ، وأخذ الإسلام ينتشر عبر الصين ابتداء من الساحل الجنوبي.

الإسلام في الصين

قال علي وانغ: تشير الإحصائيات الرسمية للحكومة الصينية إلى أن عدد المسلمين في الصين بحدود 24 مليون نسمة ، بينما تقول إحصائيات غير رسمية أن عددهم يتجاوز 120 مليون نسمة ، من 10 قوميات ، تشكل قومية هوي ( المكونة من أصول عربية وفارسية ) الغالبية ، وهم من قدماء الوافدين الذين جاءوا مع الفتح الإسلامي للصين ، وينتشرون في شينجيانغ ومقاطعات بي وخنان وشاندونغو” إقليم منغوليا ذي الحكم الحكم الذاتي”.

قومية سالار : تستوطن محافظة شيونهوا ذات الحكم الذاتي ولهم لغتهم الخاصة .

قومية دونغشيانغ : يقطنون في مقاطعة قانسو ، وهم من أصول منغولية وهم أول من اعتنق الإسلام من منغوليا.

قومية باوآن : يتواجدون أيضا في مقاطعة قانسو ، وهم فرع من المنغول ولغتهم من اصل اللغة المنغولية.

قومية القرغيز : وهم من أصول تركية جاءوا من قرغيزستان ، ولهم منطقة ذات حكم ذاتي في إطار مقاطعة شينجيانغ .

وقد تمكن المسلمون من الاندماج في المجتمع الصيني خلال فترة الحكم المغولي في الصين وحتى الآن، وعلى الرغم من اندماج العرب المسلمين في الصين مع كافة الفئات والشرائح والديانات المختلفة المنتشرة في المجتمع الصيني إلا أنهم تمكنوا من المحافظة على العادات والتقاليد الإسلاميّة والتمسك بشرائع الدين الإسلامي، الأمر الذي ساعدهم في تولي مناصب عالية ومهمة في عهد الدولة المغوليّة، بالإضافة إلى الظهور والانتشار السريع للفن الإسلاميّ في الصين، وحرص المسلمين على تثبيت أنفسهم في مختلف مناطق الصين من خلال المصاهرة من الأسر المسلمة في الصين من الصينيين والعرب وغيرهم من الأجانب.

مساجد الصين

يوجد في الصين نحو 35 ألف مسجد، منها 24100 مسجد في مقاطعة شينجيانج وحدها. بينما يوجد في العاصمة بكين 70 مسجداً. وقد بنيت المساجد في الصين وفق هندسة معمارية تنقسم إلى نظامين: أحدهما مسجد بهيكل خشبي يعكس الطراز المعماري الصيني التقليدي الذي ينتمي إلى الهندسة الإسلامية مع اللمسة التراثية الصينية.

والآخر مبني على الطراز المعماري العربي القائم على المواد المحلية .

وقد تم بناء وإعادة بناء أغلب المساجد الصينية القائمة منذ عهد سلالة تانغ وسونغ ويوان ومينغ وتشينغ.

وتتميز المساجد التي بنيت في عهد سلالة مينغ بخصائص صينية مميزة من حيث التصميم العام والشكل المعماري والزخرفة الاسلامية مع بعض اللمسات التراثية الصينية . وخلال حكم سلالة تشينغ تم الانتهاء من ترميمات المساجد في الصين.

والغالبية العظمى من المساجد الموجودة في الصين حاليا تم إنشاؤها أو إعادة بنائها بعد عهد سلالة يوان،  وتتميز مساجد سلالة مينغ بخصائص صينية من حيث التخطيط المعماري العام ، والهندسة المعمارية ، والزخارف ، وتزيين الحدائق .

وتمثل سلالة تشينغ فترة النهضة لتطوير المعمار الإسلامي في الصين، .إذ تم تشكيل الطراز المعماري الفريد للمساجد الصينية بالكامل في هذه الفترة.

وتتميز هذه المساجد ذات الطراز المعماري الصيني التقليدي بخصائص التصميم المعماري الشامل لأغلبية المساجد الصينية ، إذ تستخدم نظام مجمع الوحدات السكنية الصينية التقليدية ) سخه يوان ( ، حيث أن الساحات ترتبط ببعضها ، وتشكل مجموعة كاملة ، ولكل باحة وظائفها الفريدة وخصائصها الفنية ، ومنها مسجد شیآن في شارع خواجيه.

مساجد الطراز الصيني

يتميز النظام الهندسي والأسلوب المعماري للمساجد وفق الطراز الصيني بأن حرم المسجد بشكل عام يتمتع بخصائص صينية تراثية . تتجلى هذه الميزات بشكل بارز في المباني الرئيسية: البوابة والمئذنة وقاعة الصلاة ، وكذلك نظام البوابات فمنذ عهد سلالة مينغ ، كانت البوابات المقوسة ذات الطراز العربي نادرة في الصين آنذاك ، وقد تم استبدالها ببوابات على الطراز الصيني. وتمتاز المساجد بالزخرفة المعمارية الصينية والعربية تعتبر الزخارف المعمارية الملونة جزءا مهما من الفن المعماري للمساجد الصينية وأحد السمات المميزة للمساجد الصينية .وتشتهر العديد من المساجد التراثية في الصين بفنونها الرائعة ، مثل مسجد خاجيه في شيان.

وأضاف هناك أيضا العديد من المساجد التي يغلب عليها الطراز العربي . ويتم توزيع هذه المساجد في منطقة شينجيانغ الويغورية ؛ أما في المناطق الأخرى ، فهي بعض المساجد القديمة في الفترة المبكرة أو المساجد المبنية حديثا في السنوات الأخيرة ، حيث تم بناؤها بصورة عامة  في الزاوية اليمنى من المكان.

أهمية تاريخية

لقد أثبتت هذه المساجد أهميتها التاريخية المتمثلة في کنوزها الفنية الثقافية من حيث الهندسة المعمارية الصينية القديمة المتمثلة بهياكل المساجد الفريدة من نوعها والمنحوتات الحجرية الإسلامية الرائعة ، وفي الوقت ذاته هي أيضا شواهد تاريخية على التأثير المتبادل بين الثقافتين الصينية والعربية.

واستطرد علي وانغ …يوجد بعض المساجد الحديثة المعاصرة بنيت وفق الطراز الأوروبي ، وقد شيدت معظم مساجد هذا الشكل في فترة متأخرة نسبيا . مثل مسجد التتار في هاربين ، المعروف أيضا باسم المسجد التركي ..تم بناؤه عام 1901 واكتمل عام 1906 .

وقال المحاضر …بعض المساجد مهما كانت كبيرة أو صغيرة ، تولي اهتماما كبيرا بزخرفة أبراج البوابة ، حيث تمتلئ البوابات بالكتابات العربية، أو مصنوعة من الطوب على شكل قوس مدبب ، وهو أمر فريد ومميز. أما برج البوابة فهو مرتفع ، له مئذنة دائرية على كل جانب ، وهما متصلان بالبوابة ما يجعله مهيبا .

وأكد أن الفنون الزخرفية الأويغورية التي تتمثل في مساجد منطقة شينجيانغ الويغورية تعد فريدا من نوعه . ويتجلى هذا النوع من الفن في جميع مباني المساجد . .تشمل تقنيات أدائها بشكل أساسي نحت الخشب ، والطوب ، والنقش المجصص والرسم بالألوان .

 ونشأ فن الزخرفة في المساجد في منطقة شينجيانغ الويغورية من الممارسات الحياتية للسكان المحليين . لطالما اعتاد الأويغور على زراعة أشجارالفاكهة وزراعة الزهور في الأحواش ، ومن الطبيعي أن ينعكس أسلوب الحياة هذا في الزخرفة في المسجد . بالإضافة إلى ذلك ، تأثرالأويغور بشكل كبير بالبوذية والنسطورية والشامانية والمانوية عبر التاريخ ، كما استخدمت أساليب الزخرفة المعمارية لهذه الديانات واستيعابها من قبل الحرفيين الأويغور الذين اعتنقوا الإسلام .

لذلك فإن الحياة الفنية الزخرفية للمساجد في منطقة شينجيانغ الأويغورية رائعة جدا ، ما يجعل الناس يشعرون بقوة بأن شعب الأويغور يحب الحياة ويحب الطبيعة .

وأضاف المحاضر نستطيع القول ان بناء هذا النوع من المساجد هو نتاج التبادل الفكري بين الثقافات الصينية والعربية. وهي تختلف اختلافا كبيرا عن المعابد البوذية والمعابد الطاوية والمعابد الكونفوشيوسية والكنائس المسيحية والمباني الأخرى ؛ كما أنها تختلف عن المباني الإسلامية الأجنبية ، حيث تظهر أسلوبا صينيا مميزا وطرازا صينيا .

وتثري هذه المساجد في جميع أنحاء الصين سلسلة مزدهرة للثقافة المعمارية الصينية والثقافة المعمارية العالمية . وتعكس حكمة الشعب من جميع القوميات ، وتعتبر شهادة على العلاقات الودية بين الشعب الصيني والشعوب العربية.

وتطرق المحاضر إلى أول مسجد بني في الصين ، وإلى العرقيات الإسلامية التي ساهمت ببناء المساجد ، وإلى  أهم 23 مسجداً في الصين وأماكن تواجدها . واختتمت الأمسية بعدد من الأسئلة أجاب عليها المحاضر.

خالد الجلاف يكرم علي وانج بدرع المركز

أهم المساجد في الصين:

1- مسجد هوايشنغ في قوانغتشو قيل إنه بني في عهد أسرة تانغ (618-907م) وهو يحمل اسم مسجد “المنارة” أيضا ويعتبر أقدم مسجد في الصين

2- مسجد تشينغجينغ في تشيوانتشو تم بناؤه بين عامي 1009 و1010م على الأقل

3- مسجد العنقاء في هانغتشو قيل إنه بني في أسرة تانغ (618-907م) ودمر في عام 1203م وأعيد بناؤه في عام 1281م

4 – مسجد الكركي في يانغتشو قيل إنه تم بناؤه بين عامي 1265 و1274م

5 – مسجد نيوجيه ببكين بني في عام 996م حسب ما ورد في ( تاريخ قانغشانغ).

6 – مسجد هوايديان في شنتشيو بمقاطعة خنان بني في عام 1273م

7- مسجد سونغجيانغ بشانغهاي بني عام 1295م

8- جامع جينان الجنوبي بني في عام 1295م

9- مسجد دينغتشو بمقاطعة خبي بني في عام 1343م

10- مسجد دونغسي ببكين بني في عام 1356م

11- جامع جينينغ الشرقي بمقاطعة شاندونغ بني بين عامي 1368و1398م

12- جامع بوتشن بمقاطعة خبي بني بين عامي 1368و1398م

13- مسجد جينغجيوه في نانجينغ بني في عام 1388م

14- جامع كايفنغ الشرقي بمقاطعة خنان بني في بداية أسرة مينغ ((1367-1644م

15- مسجد زقاق هواجيوه بمدينة شيآن بني في عام 1392م. ولكن هناك أقوالا مختلفة

16- جامع عيد كاه في شينجيانغ بني في أواسط القرن الخامس عشر

17- جامع كوتشار في شينجيانغ بني في القرن السادس عشر

18- مسجد أمين في شينجيانغ بني في عام 1778م

19- جامع دونغقوان في مدينة شينينغ بني بعد انتصار ثورة 1911م

20- مسجد شياوتاويوان في شانغهاي بني في عام 1917م

21- مسجد تايبيه بني في عام 1960م

22- جامع نانقوان بمدينة ينتشوان بني في عام 1981م

23- مسجد دونغقوان الشرقي في محافظة تساوشيان بمقاطعة شاندونغ بني في عام 1985م