3,347 عدد المشاهدات
خاص – مدارات و نقوش
مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، من الأشراف، وينتهي نسبة إلى علي زين العابدين. من مواليد 27 ديسمبر 1921 بمركز شبين الكوم محافظة المنوفية. كانت بدايات تعليمه في مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية، وانقطع عن الدراسة مدة ثلاث سنوات بسبب خلاف مع مدرّس اللغة العربية، إلى أن انتقل هذا المدرّس إلى مدرسة أخرى، فعاد مصطفى محمود لمتابعة الدراسة. ثمَّ انتقل إلى مدرسة طنطا الثانوية. عاش حياة مملوءة بالمحطات العلمية والأدبية الغزيرة بالتجارب الإنسانية والمعرفية التي أثرت الساحة العربية، خاصة برنامجه الذي تابعه ملايين العرب.
توفي والده عام 1939 بعد سنوات من الشلل. درس الطب وتخرج عام 1953 وتخصَّص في الأمراض الصدرية، ولكنه تفرَّغ للكتابة والبحث عام 1960. تزوج عام 1961 وانتهى الزواج بالطلاق عام 1973. رزق بولدين؛ أمل وأدهم. تزوج ثانية عام 1983 بالسيدة زينب حمدي ابنة الفنان حسين حمدي، التي كانت تعمل مأمورة ضرائب قبل أن تتولى مسؤولية إدارة مسجد محمود. وانتهى هذا الزواج أيضاً بالطلاق عام 1987.
تساؤلات الحياة
بدأ حياته التعليمية متفوقاً، وفي منزل والده أنشأ معملاً صغيراً يضع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثمَّ يقوم بتشريحها، وحين التحق بكلية الطب بجامعة فؤاد (القاهرة حالياً) ليحصل على بكالوريوس الطب من القصر العيني في ديسمبر عام 1952، اشتهر بـ«المشرحجي» نظراً لوقوفه طوال اليوم أمام أجساد الموتى، طارحاً التساؤلات على نفسه حول سر الحياة والموت وما بعدهما.
تخصَّص في الأمراض الصدرية، وقضى فترة النيابة طبيباً في مصحات (ألماظة) و(العباسية الصدرية)، والمستوصف الصدري لمصر القديمة حتى آخر سنة 1959م. استقال من العمل الحكومي وتفرّغ للكتابة في سنة 1960م. عمل بمجلات (روز اليوسف)، (صباح الخير)، (أخبار اليوم)، و(الأهرام). وقام برحلات إلى أمريكا وأوروبا وإلى غابات وصحارى إفريقيا.
له أكثر من 80 كتاباً في الرواية، والقصة القصيرة، والمسرحية، والسياسة، والأدب، والإسلاميات، وأربعمائة حلقة من (العلم والإيمان) للتلفزيون. مُثِّلَتْ له خمس مسرحيات على خشبة المسرح، وله فيلم أُخرِج للسينما هو (المستحيل)، وتُرجِمَت كتبه إلى الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والروسية، والكردية، والصربية.
حاصل على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1970م، والتقديرية سنة 1996م. ووسام الفنون والعلوم من الدرجة الأولى في عهد السادات، وفي عهد عبد الناصر، والميدالية الذهبية للرأي العام.
أنشأ جمعية مسجد محمود سنة 1975م، وأقام مسجد (محمود) وعيادات مسجد (محمود) التي بدأت العمل سنة 1978م، ثمَّ (المركز الطبي) بالإعلام، و(المركز الطبي) بالكوثر، ومستشفى (مصطفى محمود) في حي المهندسين في شارع جامعة الدول العربية في القاهرة، و(المركز الرمدي) لجراحات العيون في أبو الفِدا بالزمالك، وهي جميعها مراكز خيرية تعالج مئات الآلاف من المرضى سنوياً بأسعار مخفضة. له ميدان باسمه في محافظة الجيزة، حيث يضم مسجداً أسسه عام 1979 تحت اسم مسجد محمود، إضافة إلى مركز طبي لعلاج غير القادرين ومرصد فلكي، ومتحف للجيولوجيا.
عشق الكتابة
في الستينيات عشق مصطفى محمود الكتابة، ونشر عدة مقالات في مجلة (روز اليوسف) قبل إنهاء دراسته في الجامعة، وعبر عن عشقه للصحافة بترك الطب من أجلها، حيث أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قراراً بمنع الجمع بين وظيفتين، فقرر مصطفى محمود الذي كان يجمع بين عضوية نقابتي الأطباء والصحفيين، الاستغناء عن عضوية نقابة الأطباء والعمل بالصحافة.
ويروي العالم الراحل أنه تمَّ تقديمه إلى المحاكمة بناء على طلب من عبد الناصر، بعدما كتب سلسلة من المقالات جمعها في كتابه «الله والإنسان» واعتبروها قضية كفر، واكتفت المحكمة بمصادرة الكتاب دون أن توضِّح أسباب الحكم، وعقب رحيل عبد الناصر أبلغ الرئيس الراحل أنور السادات مصطفى محمود إعجابه بالكتاب، فطبعه من جديد تحت عنوان «حوار مع صديقي المُلحد»، وهو ما أثار الجدل ضده مجدداً، وتمَّ اتهامه بالإلحاد، كما أثارت مقالات أخرى له جدلاً كبيراً، وطالته اتهامات بإنكار الشفاعة والتشكيك في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية.
كان صديقاً شخصياً للرئيس السادات، ولم يحزن على أحد مثلما حزن على مصرعه، يقول في ذلك: «كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلاً ردّ مظالم كثيرة، وأتى بالنصر وساعد الجماعات الإسلامية؟! ومع ذلك قتلوه بأيديهم». وعندما عرض السادات عليه منصباً وزارياً رفض قائلاً: «أنا فشلت في إدارة أصغر مؤسَّسة وهي زواجي، فقد كنت مطلقاً لمرتين، فأنا أرفض السلطة بكل أشكالها».
برنامج تابعه الملايين
قدم الدكتور مصطفى نحو 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير «العلم والإيمان» الذي تحدث فيه عن معجزات الله في الكون، والذي كان يُذاع بصورة دورية مساء يوم الاثنين في الساعة التاسعة مساء على التلفزيون المصري، كما أنه أذيع على عدة قنوات عربية أخرى، واستمر منذ عام 1971 حتى عام 1997.
روى مصطفى محمود أنه عندما عرض على التلفزيون مشروع برنامج «العلم والإيمان»، وافق التلفزيون راصداً 30 جنيهاً للحلقة! وبذلك فشل المشروع منذ بدايته، إلا أن أحد رجال الأعمال علم بالموضوع، فأنتج البرنامج على نفقته الخاصة ليصبح من أشهر البرامج التلفزيونية وأوسعها انتشاراً على الإطلاق، ما زال الجميع يذكرون سهرة الاثنين الساعة التاسعة، ومقدمة الناي الحزينة في البرنامج، وافتتاحية مصطفى محمود (أهلاً بكم).
ورغم العقبات وضعف الإمكانات المادية في هذه الفترة، إلا أن البرنامج استمر على مدار 28 عاماً، ومن المفارقات التي كشفها أحد العاملين بالتلفزيون المصري أنَّ الدكتور مصطفى محمود كان يتقاضى 15 جنيهاً في الحلقة الواحدة، إذ كانت الميزانية التي رصدها التلفزيون للحلقة الواحدة 30 جنيهاً يتقاضى منها الدكتور مصطفى محمود النصف، وتمَّ تخصيص النصف الآخر لشراء المواد الفيلمية التي كان يستعين بها مقدم البرنامج في الحلقة. وواجهت البرنامج أزمة في عام 1976 بسبب نفاد الأفلام التي تتضمن اللقطات التي كان يستعين بها مصطفى محمود، مما جعله يسافر لإحضار شرائط جديدة، على نفقته الخاصة خوفاً من توقُّف البرنامج، إلى أن تحمّس أحد المنتجين في ذلك الوقت وتولى إنتاج البرنامج، ورصد 300 جنيه للحلقة الواحدة.
التكوين الفكري
عاش مصطفى محمود في مدينة طنطا إلى جوار مسجد السيد البدوي الذي يعدُّ أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر، مما ترك في نفسه أثراً واضحاً ظهر في توجهاته وأفكاره.
ولقد تحدث مصطفى محمود عن تكوينه الفكري وعن طفولته التي هي مفتاح ذلك التكوين، قائلاً: «لا أذكر من طفولتي إلا الأحلام التي كنت أتخيل فيها أني عالم ومخترع أو رحّال أو بطل من أبطال التاريخ، كما أذكر حبي للموسيقى وللشعر، وفي صباي تعلمت العزف على الناي، وفي شبابي درست العزف على العود، وكنت أكتب في أيام الدراسة الابتدائية الزجل والشعر، وفي الثانوية القصص والمقالات والمسرحيات وهويت العلوم، وأنشأت معملاً للكيمياء والبيولوجيا في بيتي، وكنت أحضر الغازات وأشرح الضفادع، نشرت لي أول قصة في مجلة الرسالة عام 1947، ثمَّ بعد ذلك نشرت القصة الثانية في جريدة المصري، ثمَّ اشتغلت في آخر ساعة وأخبار اليوم، وفي عام 1952 كنت أحد مؤسسي مجلة التحرير، وفي عام 1956 اشتغلت بمجلة روز اليوسف».
كانت حياته الأدبية خلال ثلاثين عاماً هجرة مستمرة نحو إدراك الحياة والبحث عن الحقيقة، وكان كل كتاب محطة على طريق هذا السفر الطويل.
تاريخ الإنتاج الفكري
تزامنت كل مجموعة أخرجها مصطفى محمود مع محطة أو مرحلة من مراحله الفكرية، وعن ذلك يقول: «… كانت المجموعة الأولى من الكتب التي صدرت لي فيما بين 1954 و1958 تمثِّل المرحلة العلمانية، وفيها قدمت كتبي: الله والإنسان، إبليس ومجموعة قصص، أكل عيش، وعنبر 7. وفي هذه القصص حاولت أن أصور المجتمع من منظور واقعي صرف، وكان موقفي من المسلَّمات الدينية هو موقف الشك والمناقشة.
وكانت المرحلة التالية هي بداية الشك، فقد اتضح لي عجز الفكر العلمي المادي عن أن يقدِّم تفسيراً مقنعاً للحياة والموت والإنسان والتاريخ. وفي هذه المرحلة وقفت أمام الموت منكراً ومستنكراً أن يكون الإنسان هو هذه الجثة التي أراها أمامي، وهو مجموعة عناصر الكربون والأيدروجين والأكسجين… إلى آخر العناصر العشرين التي تتألف منها طينتنا وترابنا؛ لا يمكن أن يكون الإنسان هو مجرد هذه الأحشاء الملفوفة في قرطاس من الجلد، وإنما الحقيقة الإنسانية لا بدَّ أن تكون مجتازة لكل هذا القالب المادي المحدود، وعلينا أن نبحث عن هذه الحقيقة فيما قبل الميلاد وفيما بعد الموت، وفي هذه المرحلة كتبت مؤلفاتي: لغز الموت – لغز الحياة ورواية المستحيل… وتكاد تبوح رواية المستحيل فيما بين سطورها بهذا العطش الصوفي والروح الرومانتيكية.
بعض من كتب د. مصطفى محمود
وتستمر هذه المرحلة إلى أوائل الستينيات، وفي 1962 أهاجر هذه المرة بالقدم والجسد في محاولة لاستكشاف الحقيقة في الغابات الاستوائية العذراء… ويعقب ذلك رحلة أخرى إلى قلب الصحراء الكبرى في واحة غدامس… وتكون ثمرة هذه الرحلات ثلاثة كتب هي: الغابة – ومغامرة في الصحراء – وحكايات مسافر.
ثمَّ بعد ذلك تأتي المرحلة الرابعة التي أحاول أن أركب فيها سفينة العلم لأهاجر إلى ما وراء العلم في مغامرة لأكتب لوناً جديداً من أدب الرواية العلمية، فكانت العنكبوت والخروج من التابوت ورجل تحت الصفر، وآينشتين والنسبية.
ثمَّ تواكب هذه المرحلة وتأتي بعدها مرحلة أدبية قدمت فيها معظم أعمالي الدراسية، وفيها مسرحية الزلزال، ومسرحية الإنسان والظل، ومسرحية الإسكندر الأكبر ومجموعة قصص مثل رائحة الدم وشلة الأنس ورواية اجتماعية مثل الأفيون.
وفي آخر الستينيات أدخل عالم الأديان في سيرة طويلة تبدأ بالفدايات الهندية والبوذية والزرادشتية والنيوصوفية واليوجا، ثمَّ اليهودية والمسيحية والإسلام.. وأنتهي إلى شاطئ القرآن الكريم.. لأجد لكل ما كنت أبحث عنه من حلول لمشكلات أزلية.
وهكذا تأتي مرحلة التحول الكامل إلى الإيمان وتوالي مجموعة كتب الإسلاميات القرآن محاولة لفهم عصري: رحلتي من الشك إلى الإيمان – الله – محمد – الكنيسة – التوراة – الشيطان يحكم – الروح والجسد – حوار مع صديقي الملحد، وفي هذه المرحلة اتخذت موقفاً صريحاً مناهضاً ومضاداً للفكر الماركسي والفكر الشيوعي، وأقدم: الماركسية والإسلام – لماذا رفضت الماركسية أكذوبة اليسار الإسلامي، كما أناقش كل ألوان الغزو الفكري من وجودية إلى عبثية إلى فوضوية إلى مذاهب الرفض والتمرد واللامعقول.
ثمَّ بعد ذلك وفي أواخر السبعينيات تأتي مرحلة الصوفية فأقدم: الثلاثية الصوفية – السر الأعظم – رأيت الله – الوجود والعدم – وأسرار القرآن – القرآن كائن حي… ومجموعات قصص مثل نقطة الغليان وأناشيد الإثم والبراءة ومسرحيات مثل: الشيطان يسكن في بيتنا – الطوفان – ودراسات في الحب مثل عصر القرود ورواية سياسية مثل المسيح الدجال».
الأزمات
تعرَّض مصطفى محمود للكثير من الاتهامات بأنَّ أفكاره وآراءه متضاربة إلى حد التناقض، إلا أنه لا يرى ذلك، ويؤكد أنه ليس في موضع اتهام، وأن اعترافه بأنه كان على غير صواب في بعض مراحل حياته هو ضرب من ضروب الشجاعة والقدرة على نقد الذات، وهذا شيء يفتقر إليه الكثيرون ممن يصابون بالجحود والغرور.
ولقد تعرَّض مصطفى محمود للعديد من الأزمات الفكرية، كانت أولاها عندما قُدِّمَ للمحاكمة بسبب كتابه «الله والإنسان»، وطلب الرئيس عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناء على طلب الأزهر باعتبارها قضية كفر، إلا أنَّ المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب.
كذلك كانت أكبر أزماته الفكرية هي أزمة كتاب «الشفاعة» عندما قال: إنَّ الشفاعة الحقيقية غير التي يروِّج لها علماء الحديث. وحينها هوجم بشراسة، وصدر 14 كتاباً للرد على كتاب «الشفاعة» على رأسها كتاب الدكتور محمد فؤاد شاكر.
مما يثير الحزن والأسى أنَّ الدكتور مصطفى لم ينكر الشفاعة أصلاً، ولكنه رأى أنَّ لها ضوابطَ وأحكاماً، كما أنه اعتمد في ذلك على آراء علماء كبار أمثال الإمام محمد عبده.
الرحيل
رحل مصطفى محمود صباح السبت 31 أكتوبر 2009 عن عمر يناهز 88 عاماً بعد رحلة طويلة من الكتابة والتفكير والتأمل. وقد تمَّ تشييع الجنازة من مسجده بالمهندسين.
قالوا عنه:
أنيس منصور: «أوتي علماً غزيراً، وأسلوباً بليغاً، فإذا كتب في الطب فهو أديب جميل العبارة، وإذا كتب في الأدب فهو سريع قاطع العبارة.. إنه أبو حيان التوحيدي الجديد؛ فيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة».
مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين: «فقدت مصر مثقفاً كبيراً يمتلك تجربة إيمان عميقة، حرص خلالها على أن يقرن الفقه بالعلم، إضافة إلى كونه إماماً مهماً يدعو للإسلام بطريقة علمية».
جمعية مسجد مصطفى محمود
جمعية مسجد د. مصطفى محمود مشهرة برقم 2020 بمديرية غرب القاهرة للشؤون الاجتماعية طبقاً لأحكام القانون 153 لسنة 1999 بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية. تعمل في مجال المساعدات والخدمات الاجتماعية، والخدمات الثقافية والعلمية والدينية، والأنشطة الصحية، ورعاية الأسرة ورعاية الطفولة والأمومة.
فالجمعية ملاذ لآلاف الفقراء والمساكين من المرضى غير القادرين على العلاج، أو الأيتام الذين لا يجدون قوت يومهم، وكذلك الأرامل اللواتي تقطعت بهن السبل، سائلين عن تلك الجمعية التي امتدت مظلة خدماتها الاجتماعية لتشمل آلاف المحتاجين، وتزداد أنشطتها الخيرية خلال المناسبات، خاصة شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى عبر فروعها الخدمية في أكثر من مكان بالقاهرة. وهي ترسي أنبل صور التكافل والتراحم كإطعام الفقراء والمساكين وعلاج المرضى المحتاجين مجاناً من خلال أطباء متطوعين يقدمون للمرضى مستوى خدمة ربما يفوق في بعض الأحيان خدمات المستشفيات الاستثمارية.
ويعود تاريخ ذلك الصرح الخيري إلى 2 نوفمبر 1974 عندما أرسل الدكتور مصطفى محمود خطاباً من تونس إلى المهندس مختار حسين المقيم في ألمانيا يفيده بأنَّ معه أربعة آلاف جنيه، ويريد بناء مسجد بالقاهرة يحتوي عيادات طبية، واقترح مساعدته في ذلك، وقام المهندس مختار بعمل دراسة مبدئية مستعيناً بأحد المقاولين المصريين، تبين من خلالها أن كلفة إنشاء المسجد تصل إلى 150 ألف جنيه، إضافة إلى ثمن الأرض، ورد المهندس مختار بتاريخ 12 نوفمبر 1974 باستحالة تنفيذ رغبة دكتور مصطفى؛ لأنَّ ذلك يزيد على طاقتهما المالية، واقترح عليه القيام بعمل خيري صغير بمصر يناسب إمكاناتهم آنذاك.
وبعد أشهر من الترقب لبناء صرح خيري عملاق كان الفرج؛ ففي 28 يناير 1975 أرسل دكتور مصطفى محمود خطاباً للمهندس مختار يقول فيه بالحرف الآتي: حيث أنا في طريقي إلى استلام قطعة أرض مساحتها 2500 متر مربع في محافظة الجيزة في مكان رائع هو ميدان جامعة الدول العربية بالمهندسين، وقد وضعت المشروع على أساس أن يكون مسجداً متعدد الخدمات؛ أي مسجداً ملحقاً به قاعة محاضرات، وفصول دراسية، ووحدة علاجية، ومركز تدريب الفتيات على الحرف اليدوية، ومكتبة. وهناك 4 مهندسين يساعدونني في المشروع هم الإخوة: كمال سعد، وجلال سيد، وأحمد وصلاح درويش، وهم متخصصون في تصميم وبناء المساجد، واشترطوا أن يعملوا تطوعاً دون أجر، وانضم إليهم المهندس عبد السلام نظيف، وهو يعمل الآن الرسومات المطلوبة للرخصة.
معونات غذائية وكساء للمحتاجين
ويواصل الدكتور محمود في خطابه لصديقه بألمانيا: وقد أسميت المسجد «مسجد محمود» إحياء لذكرى الوالد -رحمه الله- الذي ربانا أحسن تربية، كما أنشأت جمعية باسم جمعية مسجد محمود، ومن أعضائها الدكتور عبد القادر حاتم نائب الرئيس السادات، والدكتور الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، والسيد أحمد عبد الآخر محافظ الجيزة، والسيد أحمد حسين مدير البنك الأهلي فرع النصر. والجمعية الآن في طريق الإشهار والتسجيل، وقد وضعت في البنك مبلغ 4000 جنيه مصري، وسوف أحاول أن أشترك بأكثر من ذلك، وأنا أنتظر مساهمة سخية منك -م. مختار- وممّن تعرفه، كما أصارحك وليس بيني وبينك سر، أن الـ 4000 جنيه هي كل مدخراتي.
وتوالت التبرعات من جهات كثيرة إلى أن تمَّ المشروع، وافتتح المسجد للصلاة عام 1979، واشتمل عندئذ على عيادتين صغيرتين في نفس المبنى، واحدة للأمراض الباطنية، والثانية عيادة أسنان، وتوالت التوسعات في الجمعية تدريجياً في الخدمات الطبية والاجتماعية، وكلها موجهة لخدمة المرضى والفقراء ومحدودي الدخل، وكان الدكتور مصطفى محمود يتابع المشروع الوليد بنفسه من خلال عيادة صغيرة يتناوب عليها ثلاثة أطباء حتى توسَّعت أنشطة الجمعية، حيث يضمُّ المسجد حالياً ثلاثة مراكز طبية ومستشفى يهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود، ويقصدها الكثير من أبناء مصر نظراً لسمعتها الطبية الجيدة، وقوافل طبية تتكون من 16 طبيباً، وبالمركز أربعة مراصد فلكية، ومتحف للجيولوجيا، ويضم أساتذة يعطون دروساً في الفلك، ويضم المتحف مجموعة من الصخور الجرانيتية، والفراشات المحنطة بأشكالها المتنوعة وبعض الكائنات البحرية.
البسطاء أولى بالرعاية المتقدمة
وحرص الدكتور مصطفى محمود على تقديم الخدمة الطبية للبسطاء بأعلى مستوى طبي، حيث قام بتزويد المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للجمعية بكل ما هو جديد في عالم الطب وتوفيره بسعر الكُلفة، وأدخل الرنين المغناطيسي للمستشفى الخيري في ميدان لبنان، والذي كان يضم أحدث أجهزة الأشعة المقطعية قبل أن تدخل كثيراً من المستشفيات الاستثمارية، وكان يحرص على تطوير أساليب العمل الخيري والقائمين عليه، وكان يغرس في وجدان فريق العمل الطبي من المتطوعين في العمل الخيري ما جاء به الإسلام من دعوات لعمل الخير والسباق لإغاثة الملهوف والعطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين، وكان دائماً يقول: إنَّ آيات الفقراء والمساكين في القرآن الكريم لم ترتبط بكونهم مسلمين، ولا بدَّ أن يستفيد من خدمات الجمعية الإنسان المحتاج، وكان دائم الترديد لقول الله تعالى: {يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَه بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]
مائدة الخير
وتتنوع الأعمال الخيرية في الجمعية ما بين مساعدة وصدقة تسدُّ الحاجة الفورية، وقد يكون في صورة مشروع جماعي، يحلُّ مشكلة فئة من المحتاجين، وقد يكون بمنح جزء من الوقت والجهد من طبيب يقضي ساعات معينة كلَّ أسبوع، في المستشفيات التابعة للجمعية ليقابل المرضى في المستشفى أو المستوصف الخيري، ويقوم بفحصهم أو علاجهم بغير مقابل، إلا ابتغاء وجه الله، كما هناك تبرعات وصدقات عبارة عن صدقة جارية، وهي صورة (الوقف الخيري) الذي يحبس أصله وتسبَّل ثمرته للخير، حيث أجاز بعض الفقهاء وقف النقود تشجيعاً على البرِّ، وتوسيعاً لدائرة الخير.
مساعدات رمضانية
وخلال شهر رمضان المبارك يتزين ميدان مصطفى محمود بموائد الرحمن للمارة بجانب توزيع الوجبات الساخنة لصائمين قد يحل عليهم أذان المغرب في الطريق أو العمل، أو أم لأيتام تأخذ إفطار أسرتها المتعفّفة ليتناولوه طعاماً حلالاً شهياً؛ فمشروع مائدة رمضان تقوم بإعداد 20 ألف وجبة يومياً خلال شهر رمضان، تحتوي على ما لذ وطاب من الطعام كاللحوم والأسماك والدواجن والخضروات، إضافة للعصائر والمشروبات الرمضانية، وكان الدكتور مصطفى محمود سباقاً بتنفيذ التجربة، التي لم تكن تطبق في أوائل السبعينيات إلا في جامع الحسين بالقاهرة، وحيث إن كثيراً من المحتاجين يجلسون مبكراً على الموائد، ومنعاً لحرج طول الانتظار حتى انطلاق مدفع الإفطار، يقوم دعاة وأئمة في المسجد بإعداد مسابقات دينية من باب الدعوة ومنح جوائز تشجيعية وإعداد برامج للتوعية الدينية من خلال علماء وشيوخ متخصصين في مجال الدعوة، وبذلك يقدمون لهم غذاءً للروح والجسد لتعظيم الاستفادة.
وتحرص جمعية محمود من خلال «بنك الطعام» على توزيع آلاف الوجبات الساخنة، تصل لمحتاجيها في منازلهم وأماكن عملهم، من مقر الجمعية بشكل يومي طوال شهر رمضان، هذا إضافة إلى توزيع آلاف الوجبات على روّاد طوارئ المستشفيات خاصة قصر العيني، وكذلك أفراد الأمن والمرور الذين تمنعهم ظروف عملهم من الإفطار مع ذويهم، وللحفاظ على سلامة هذه الوجبات تمت الاستعانة بماكينات تغليف ذات تقنية عالية تمنع تسرب الهواء لمنع إفساد الوجبات. وتقديراً لظروف بعض الأسر المتعفّفة يتم توزيع آلاف الوجبات على المنازل، وتقوم بعض الجمعيات الأهلية بالمساعدة على توصيلها إلى مستحقيها.
المعاشات الشهرية
وتقوم الجمعية ببعض الأنشطة الثابتة مثل المعاشات الشهرية لأكثر من 8500 أسرة من أيتام أو عجّز، أو أصحاب مرض مزمن كالسرطان والكلى والصدر والقلب، وكل منهم له ملف خاص في الحاسب الآلي يشرح ويفسّر لماذا تمَّ إدراجه في كشوف المعاشات، وهناك أيضاً متابعة للأنشطة الموسمية، ففي الشتاء يتم توزيع البطانيات، كما هناك قوافل الخير إلى المحرومين في المناطق النائية، حيث يتمُّ تقديم خدمات طبية واجتماعية ودينية وثقافية لهم من قبل متطوعين يبذلون أقصى الجهد ابتغاء مرضاة الله فيما ينفقون من مال أو جهد.
كما تقوم الجمعية بإحياء سنة الأضحية المؤكدة وكيلاً عن الراغبين والمتبرعين، وتقوم بتوزيع لحومها على الفقراء والمساكين، ويمكن للمتبرع الحصول على جزء محدد من الأضحية إذا رغب في ذلك، ويتم التسليم من مقر اللجنة بجمعية مسجد محمود، مساء أول أيام العيد، ويتم التعاقد المبكر على شراء الأضاحي من مصادر جيدة مع وجود عنصري الخبرة والإشراف البيطري. وقامت الجمعية باستئجار مجازر تابعة للحكومة، وتمَّ التعاقد مع كوادر فنية للذبح والسلخ والتقطيع والتعبئة واستعمال إمكانيات المذبح وطاقمه البيطري للإشراف على الذبح وختم اللحوم، وتشمل خطة توزيع لحوم الأضاحي دراسة أماكن الجمعيات الأهلية المتعاونة مع جمعية محمود، وتقوم بتقديم كشوف بأسماء فقراء المنطقة لتسليمها أكياس اللحوم تحت إشراف لجنة الخدمات الاجتماعية. كذلك تقوم الجمعية بتوفير المساعدات للفتيات اليتامى اللواتي يتزوجن، بأن تقدم لهن ما ينقصهن من أجهزة كهربائية وأدوات منزلية.
أضحية بلا مقابل
وترعى الجمعية مشروعاً خيرياً يكفل توفير الأضحية للأسر بلا مقابل، وهو مشروع القرض الحسن الدوار، حيث يبدأ المشروع باختيار أسر فقيرة ليس لها عائل، وبإمدادها بالخراف الصغيرة وتقوم هذه الأسرة بتربيتها ورعايتها لفترة تقترب من 3 أشهر، ثم تقوم الجمعية بعد ذلك بشرائها مرة أخرى من الأسرة بثمن السوق، وهذا المبلغ يخصم من قسمة القرض، وهذا المشروع يوفر للأسرة مورداً تحتاجه، كما أنَّ رأسمال المشروع يعود مرة أخرى ليتم استثماره وتشغيله في مشروعات أخرى لأسر أخرى، وقد تحقق ذلك للعديد من الأسر في الواحات وسيوة والوادي الجديد، إضافة إلى الأضحية.
لقد رسخ الدكتور مصطفى محمود قاعدة الابتكار وتطوير أدوات العمل الخيري، وكان لا يدخر جهداً في السفر إلى أقصى أطراف الوطن لمساعدة المحتاجين، حيث سافر في مشروع قوافل الخير إلى الواحات البحرية وسيوة وسيدي براني، ولم يكفّ عن رحلات الخير حتى أقعده المرض في 2006، انقطع بعدها عن المتابعة المباشرة لأداء الجمعية، إلا أن الجمعية التي تحمل اسمه لا تزال تواصل العطاء في إدخال البهجة في نفوس آلاف الأسر مع دخول المدارس والمواسم المختلفة تأكيداً لقيم التكافل الاجتماعي.
تاريخ الجمعية
كان دستور الجمعية منذ البداية هو تقديم أعلى مستوى من الخدمة الطبية بأقل كلفة، والاستعانة بأعلى الكفاءات الطبية والكوادر الجامعية من الأساتذة والمدرسين بكليات طب القاهرة وعين شمس والأزهر.
وبدأ النشاط الطبي في الجمعية صغيراً، فكان أول ما تمَّ إنشاؤه عام 1979 معملاً متواضعاً للتحاليل الطبية وعيادات معدودة هي الباطنة والعيون والأسنان، وكان ذلك بجانب صرح المسجد، ثمَّ قدر لهذا النشاط النمو والتطور نتيجة لتركيز الجمعية اهتمامها على هذا النشاط لدوره الإيجابي في خدمة المريض والمحتاج.
صرح أسِّس على حب الخير
تمَّ تطوير المشروع الخيري الذي أسَّسه الدكتور مصطفى محمود ليلبّي حاجات أكبر عدد من المحتاجين والمعوزين، فبعد أن زاد عدد المرضى حتى بلغ 250 ألف مريض في السنة، أصبحت الحاجة ملحّة إلى استحداث منشآت جديدة، أو شراء أجهزة طبية متطورة وحديثة، أو إدخال تخصصات جديدة في الطب لم تكن موجودة من قبل، وتدعيم الخدمة بكل ما هو حديث بإحلاله بدلاً من القديم، وصيانة الموجود من خلال شركات متخصصة؛ وأيضاً عدم الوقوف عند حد معين في تقديم هذه الخدمة الطبية، بل التطلع الدائم إلى كل جديد يتوصل إليه العلم لتحسين الخدمة. وهكذا تطورت البداية البسيطة من مجرد عمل متواضع وعيادات لا تكاد تعدّ على أصابع اليد الواحدة إلى مدينة طبية متكاملة مركزها مسجد محمود بوحداته العلاجية المتعددة، ثمَّ المركز الطبي بعمارة الكوثر، وهو الركن الثاني بشارع جامعة الدول العربية، ثمَّ الركن الثالث وهو مستشفى محمود في شارع النيل الأبيض بميدان لبنان بالمهندسين.
المرحلة الأولى عام 1979
وبدأت هذه المرحلة منذ نحو أربعين عاماً، وكانت الكلفة الإجمالية لإنشائها تقدر بنحو خمسين ألف جنيه، وكانت متمثلة في المعمل وعيادات الباطنية والعيون والأسنان، وكان النشاط ينحصر في نطاق هذه التخصصات بجانب عدد محدود من التحاليل الطبية. وكان لا بدَّ من التوسُّع وإنشاء مبنى يقدم خدمات أكثر تكاملاً، وكان لا بدَّ من تصميم المبنى الجديد بحيث يستوعب أجهزة الأشعة والأمواج فوق الصوتية وعيادة القلب ومعمل السمعيات والعيادات المختلفة باستراحاتها ومستلزماتها.
المرحلة الثانية عام 1983
وهكذا تمَّ إنشاء مبنى الأشعة الذي يتكوَّن من ثلاثة أدوار؛ الدور الأول خُصِّصَ للأشعة العادية والأشعة فوق الصوتية والاستقبال، والدور الثاني لباقي التخصُّصات والعيادات الطبية مثل الصدرية، الباطنية والجراحة، وغرفة قياسات السمع، وعيادات القلب والمسالك البولية، والأنف والأذن والحنجرة، والعيون، أما الدور الثالث فقد خُصِّصَ لقاعة الندوات والمحاضرات الطبية، وقد صُمِّمَت على أحدث الأساليب في إنشاء القاعات وزُوِّدَت بالأجهزة السمعية والبصرية والسينما والفيديو، كما روعي في إنشائها العازل الصوتي والفن المعماري والتكييف المركزي، كما زُوِّدَت بالأجهزة الإلكترونية الحديثة والشرائط العلمية التي يتمُّ تشغيلها عن طريق أجهزة السينما والفيديو وأيضاً أجهزة العرض البصري لمشاهدة الشرائح الثابتة. وتتسع القاعة لنحو 100 مقعد. وجُهِّزَت هذه القاعة بهذا الأسلوب لخدمة النشاط الثقافي والطبي، حيث يجتمع أطباء الجمعية على فترات لمناقشة ما يستجد على الساحة الطبية من الأبحاث كل في تخصصه حتى يمكن الاستفادة من هذه الأبحاث ومعرفة الأمراض المنتشرة وسبل العلاج المتطورة، هذا إضافة إلى متابعة كل جديد يظهر في عالم الطب والدواء، كما يجري استخدام القاعة في الندوات الدينية والمحاضرات العامة وفي الاجتماعات الدورية لجمعيات الفلك والجيولوجيا والأحياء المائية، وهي بعض النشاطات الثقافية بالمسجد.
وقد تكلف إنشاء هذا المبنى وإعداده نحو 190 ألف جنيه، وتكلف تجهيزه نحو 950 ألف جنيه، كما تمَّ تجهيز استراحة خلف المبنى لانتظار المرضى قبل ميعاد الكشف، وقد روعي في هذه الاستراحة وسائل التغطية والحماية شتاء والتهوية صيفاً، كما زرعت على جانبيها حديقة خضراء بها مجموعة من نباتات الصبار النادرة وأشجار للزينة، وأُنْشِئَت خلال تلك الفترة عيادتان جديدتان خلف مبنى الأشعة؛ إحداهما للعظام والثانية للعلاج الطبيعي، وتمَّ تدبير مكان لعلاج الأورام والأطفال في مبنى المعمل وعمل التنسيق اللازم لاستيعاب أكبر قدر ممكن في تخصُّصات الطب المختلفة. كما تمَّ إنشاء وحدة لغسل الكلى وإمدادها بعدد من الكلى الصناعية وتجهيزها بمركز لتنقية المياه، وبلغت كُلَف إنشائها حينذاك نحو 150 ألف جنيه.
المرحلة الثالثة 1986
وإيماناً من الجمعية بمبدأ التطوير والأخذ بكل جديد في طرق العلاج والتشخيص، كان لا بَّد من التفكير في إدخال نظام الفحص المقطعي بالكمبيوتر؛ ولهذا قررت الجمعية إنشاء مبنى آخر بجانب المسجد، وهو مبنى للفحص بالأشعة المقطعية بالكمبيوتر وقاعة للعلاج الطبيعي، ويتكوَّن من ثلاثة أدوار. وبلغت كُلَفُ إنشائه نحو 160 ألف جنيه، وكُلَفُ تجهيزه مليوناً ونصف مليون من الجنيهات، وخُصِّصَ الدور الأول للفحص المقطعي، وخُصِّصَ الدور الثاني بالكامل للعلاج الطبيعي والروماتيزم وشلل الأطفال وأمراض الغضروف، وهو عبارة عن صالة كبيرة وغرفة للساونا والعلاج بالتدليك المائي، إضافة إلى غرفة استراحة وانتظار. وجميع أجهزة الجري والتسلق والتجديف والتمرينات الرياضية، إضافة إلى جهاز النبض المغناطيسي، وغرفة خاصة لقياس خريطة المجال البصري بالكمبيوتر. أمّا الدور الثالث فقد خُصِّصَ فيه حجرتان للجراحات الصغيرة وجراحات اليوم الواحد، وحجرة ثالثة لعيادة الجلدية والأشعة فوق البنفسج وحجرة خاصة بالتعقيم، وعيادة للمناظير. واستدعى الأمر إدخال نظام الكمبيوتر في الحسابات المالية والإدارة والأرشيف؛ لضبط وتنظيم الإنفاق. وكان آخرُ ما أُنْشِئَ في هذا المبنى مركزاً للعلاج بالإبر الصينية.
المرحلة الرابعة 1989
تزايد فيها الإقبال على العيادات؛ حتى أصبح عدد المترددين سنوياً 250 ألف مريض، وأصبح لزاماً أن تبحث الجمعية عن مكان خارجها. واهتدت الجمعية بفضل من الله إلى عمارات جديدة أنشأتها وزارة الأوقاف بشارع جامعة الدول العربية، وهي عمارة الكوثر، واستطاعت أن تشتري 7 شقق قامت بتعديلها وتجهيزها لتكون مركزاً للأشعة، وعيادة للأمواج فوق الصوتية، وعيادات الأنف والأذن والحنجرة والعيون والعظام والمناظير والمسالك والباطنة والجراحة والكلى وأمراض النساء، إضافة إلى مركز لجراحات اليوم الواحد وتكلف المبنى والتجهيز نحو المليون جنيه، وتمَّ افتتاحه في أول عام 1989.
المرحلة الخامسة 1989
وتمَّ فيها إنشاء (مستشفى محمود) بميدان لبنان 24 شارع النيل الأبيض بالمهندسين على مساحة 460 متراً، والمبنى كان في الأصل عمارة من خمسة أدوار تمَّ تعديلها وإضافة دورين إضافيين ليصبح مستشفى من سبعة أدوار. وتمَّ اعتماد التسخين بنظام شمسي كهربائي، والإدارة والحسابات بنظام كمبيوتر متعدد الشاشات. كما أنه قد تمَّ تخصيص جناح لعلاج الفشل الكلوي، وهو جناح مستقل مجهز بعدد سبع ماكينات آلية صناعية ونظام تنقية وترشيح للمياه. وتجرى بالمستشفى جميع الجراحات الصغرى والكبرى في جميع التخصصات.
المرحلة السادسة
وفيها اشترت الجمعية قطعتي الأرض الملاصقتين للمستشفى بمساحات 460 متراً عن يمين و460 متراً عن شمال المبنى، وذلك للتوسعات القادمة في خطة خمسية تمتد من 1990 إلى 1995، وفيها بفضل الله وتوفيقه تمَّ بناء القطعة الأولى في نهاية عام 1991 لتكون مبنى ملحقاً وملاصقاً للمستشفى ومتصلاً به في مجمع طبي جراحي تكون فيه ست غرف عمليات وعناية مركزة وحضانات أطفال وأقسام ولادة، إضافة إلى ثلاثة أدوار مخصصة كمركز للطب البديل، هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، تشمل تخصُّصات العلاج بالمغناطيس والعلاج بالأعشاب والعلاج بالإبر الصينية.
المرحلة السابعة
بدأ بناء القطعة الأولى في أواخر عام 1991 وتمَّ تسليم المبنى بجميع التوسُّعات في أواخر عام 1992 ليصبح المستشفى سعة مائة سرير شاملة أقسام الطب البديل والعلاج الطبيعي ومعامل الأعشاب وقسماً جديداً للهندسة الوراثية والأمراض الوراثية.
المرحلة الثامنة
إنشاء المركز الطبي لمسجد محمود بمدينة الإعلام، على أن يتمَّ افتتاحه في أواخر 1992، ويشمل عيادات متخصصة في جميع الفروع الطبية مع تجهيزات حديثة للفحص على نمط مركز الكوثر لتخفيف الضغط على المراكز الطبية الأخرى.. ولضمان راحة المريض وتوفير الوقت الكافي للفحص.
المرحلة التاسعة
تمَّ إنهاء الملحق الأول لمستشفى محمود، حيث استكملت سبع غرف عمليات، وزادت السعة إلى 120 سريراً.
المرحلة العاشرة
تمَّ افتتاح المركز الطبي للإعلام في 15 سبتمبر 1992، وقد تمَّ تجهيز هذا المركز بكلفة مليوني جنيه، ويحتوي على غرفتي عمليات وغرفتي إفاقة للجراحات الصغيرة، وعيادة أسنان مجهزة على أعلى مستوى، وعيادات في جميع التخصُّصات، ووحدتي أشعة عادية وموجات صوتية، ومعمل تحاليل طبية، وأُنْشِئَت بالمركز مطبعة خاصة بمطبوعات الجمعيـة.
المرحلة الحادية عشرة
وفيها تمَّ إنشاء وافتتاح وحدة الرنين المغناطيسي والليزر 1993 لمسايرة التطور العلمي ومواكبة كل جديد، خاصة في مجال التشخيص بالأشعة، وذلك ببناء مبنى خلف المسجد من 3 أدوار خُصِّصَ الدور الأول لوحدة الرنين المغناطيسي، والثاني بوحدة للكمبيوتر خاصة بتقارير أشعة الرنين والأشعة بالكمبيوتر وحجرة لأطباء الأشعة، والثالث لوحدة أشعة الليزر والموجات الصوتية للعيون. وقد بلغت الكلفة الإجمالية لبناء هذا المبنى ما يزيد على 5 ملايين جنيه، وراعت الجمعية بالنسبة إلى أسعار أشعة الرنين أن تكون مخفضة.
المرحلة الثانية عشرة
وحدة العلاج بالأعشاب. ولاستيعاب عدد المرضى المترددين تمَّ إنشاء مبنى على جزء من حديقة المسجد الخلفية مكوَّن من 3 أدوار، خُصِّصَ الدور الأول لتوسعة عيادات العظام والأسنان، وغرفة تحميض أفلام الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي والموجات الصوتية للبطن والحوض، وخُصِّصَ الدور الثاني لإدارة المخازن ووحدة كمبيوتر لجنة الخدمات وحجرتين للموجات الصوتية على القلب، وحجرة لرسم القلب بالمجهود واستراحة للمرضى. أما الدور الثالث فقد خُصِّصَ بالكامل لوحدة العلاج بالأعشاب الصينية، ثمَّ تمَّ تزويده بجهاز لعلاج جلطات الشرايين التاجية للمخ.
المرحلة الثالثة عشرة
تمَّ فيها دمج جمعية مسجد الرحمن بشارع أبو المعاطي بالعجوزة خلف مسرح البالون، مع جمعية مسجد محمود في سبتمبر 1995، وهو عبارة عن قطعة أرض مساحتها 1000 متر مربع عليها بعض الإنشاءات (نقطة شرطة، كشك مجمع الأهرام، مسجد صغير «زاوية»).
المرحلة الرابعة عشرة
تمَّ خلال هذه المرحلة استئجار الدور الأرضي أسفل مسجد الرحمن الكائن بشارع أبو الفدا بالزمالك من وزارة الأوقاف، وذلك بإيجار سنوي قدره 25 ألف جنيه، فضلاً عن أنه يتمُّ تأسيس المكان وتجهيزه بالأجهزة الحديثة في طب وجراحات العيون ليخدم قطاعاً كبيراً في هذا التخصص، وقد تكلف 4 ملايين جنيه، وتمَّ افتتاحه في أوائل عام 1998.
المرحلة الخامسة عشرة
مدينة مصطفى محمود الطبية: في 30 نوفمبر 1999 تمَّ تخصيص 26 ألف متر من أرض 6 أكتوبر لتجهيز مستشفى وعيادات متطورة وأجهزة أشعة مقطعية وسونار ورنين مغناطيسي، وغرف عمليات وإنشاء مشروع مهم وجديد بالنسبة إلى مصر، وهو طب الشيخوخة، وهو فرع جديد ومهم من فروع الطب. وله مركز في الدول المتقدمة ولم يكن هناك مثيل لهذه المراكز في مصر رغم شدة الحاجة إليها.
المرحلة السادسة عشرة
ملحق مستشفى محمود: بدأ الإنشاء عام 2001 وبدأ العمل عام 2006، ويحتوي على تسعة أدوار.