1,874 عدد المشاهدات
بقلم: خالد علي العميرة
المظروف الجوي (الإيروغرام – Aerogramme) هو قطعة ورق رقيقة وخفيفة الوزن، قابلة للطي، ذات حواف مزودة بالصمغ تلتصق بمجرد ملامستها الماء. ومن المفترض أن تختصر هذه الورقة دور الظرف البريدي والرسالة التي بداخله في الوقت نفسه، فهي عبارة عن ورقة تُكْتَبُ الرسالة عليها، ثمَّ تتحوَّل بعد أن تُطْوَى هذه الورقة إلى مظروف يُرْسَلُ بوساطة خدمة البريد الجوي ولكن بأسعار تفضيلية.
لنلقي نظرة على تاريخ بداية ظهور المظاريف الجوية، واستعمالها في مكتب بريد الشارقة، وتوثيق المظاريف البريدية التي أصدرتها خصيصاً دائرة البريد في إمارة الشارقة.
بداية ظهور المظروف الجوي كانت في سنة 1923م، ولكن تحت مسمى (آيروميسيفا – AEROMISIVA)، (رسالة جوية – Air Letter Sheet) بوساطة دائرة بريد كولومبيا، ثمَّ المكسيك في سنة 1930م، ثمَّ تايلاند في سنة 1933، ولم تكن تحمل هذه المظاريف أيَّ تعرفة بريدية، لذلك كانت تضاف إليها طوابع بريدية لترسل بعد ذلك إلى وجهتها (الشكل 1). وفي 15 يوليو 1933، طرحت مصلحة بريد العراق أوَّل مظروف جوي في العالم يحمل تعرفة بريدية على شكل تصميم طابع يصور الملك فيصل الأول ويحمل القيمة 15 فلساً. احتوى هذا المظروف الجوي العبارة الإنجليزية (AIR MAIL LETTER CARD)، وبدأ بعد ذلك الإصدار استعمال مصطلح (رسالة جوية – Air Letter Sheet) بكثرة لغاية سنة 1952م، ففي هذه السنة أقر وبشكل إلزامي استعمال مصطلح “إيروغرام – Aerogramme” رسمياً في مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي الذي عُقِدَ في بروكسل، حيث جاء في معاهدة البريد العالمية المبرمة في بروكسل سنة 1952م، الآتي:
يتكوَّن “الإيروغرام” من ورقة مطوية بعناية و«مصمغة» ومقاساتها بهذا الوضع يجب أن تكون بنفس مقاسات التذكرة البريدية ويخصَّص الجزء الأمامي من الورقة التي تثبت بهذه الطريقة للعنوان كما يجب أن تحمل بصفة إجبارية العبارة المطبوعة “إيروغرام” وعبارة مماثلة لها بلغة بلد التصدير بصفة اختيارية، ويستطيع المرسل منه أن يستعمل جميع أجزاء الورقة باستثناء الجزء المخصَّص للعنوان – ويجب ألا يحتوي الإيروغرام علي شيء – أمّا الرسم فهو معادل على الأقل للرسم المقرَّر في بلاد التصدير على الخطاب غير المخلص عليه من الوزنة الأولى، وتحدد كل مصلحة شروط إنشاء وصنع وبيع الإيروغرام.
وفي تعريب مصطلح الإيروغرام، جاء في قاموس الاصطلاحات البريدية التي أقرَّتها المؤتمرات البريدية العربية المنعقدة في القاهرة (1955) وبغداد (1956) وطرابلس (1957)، أنها «بطاقة جوية مظروفة». ويلاحظ أنَّ مصطلح «بطاقة جوية مظروفة» عُدِّلَ إلى «رسالة جوية مظروفة» ويمكن مشاهدة هذه العبارة الأخيرة على مظاريف الشارقة الجوية الصادرة في سنة 1964م.
مكتب بريد الشارقة
في 10 يوليو من سنة 1963م، اُفْتُتِحَ أوَّل مكتب بريد في إمارة الشارقة، لتبدأ خدمة بريدية رسمية بعد مرور أكثر من نصف قرن على خدمة بريدية اعتمدت كلياً على مكتب بريد دبي5. كان من بين الحضور الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، يرافقه مساعد الوكيل السياسي البريطاني في دبي، مايكل دي بيرتون (Michael De Burton). وفي هذه الأثناء قام ناظر البريد يوسف سالم تادروس بإهداء الشيخ سلطان بن صقر القاسمي أول إصدار لطوابع الشارقة المتداولة في مكتب البريد. أول الإصدارات البريدية – المجموعة الاعتيادية الأولى – تكونت من 15 طابعاً بريدياً، تصور حاكم الإمارة، علمها، وموقعها على الخارطة، في تصميم موحد وفئات مختلفة. المجموعة من تصميم عبدالرحمن كوندي، وطباعة هاريسون وأبناؤه المحدودة. وبعد 4 أيام من طرح الإصدار الأول، أصدرت الإدارة البريدية تكملة المجموعة العادية الأولى في 19 يوليو 1963م، وهي مخصصة للبريد الجوي وتتكوَّن من 6 فئات بالتصاميم نفسها، مع إضافة رسم طائر وكلمة «بريد جوي».
بعد مرور عام على افتتاح مكتب بريد الشارقة وإصدار أولى المجموعات في 10 يوليو 1963م، تقرَّر طرح مظاريف جوية مخصَّصة لدائرة بريد الشارقة ويحمل فيها تصميم الطابع جميع تفاصيل إصدار 19 يوليو 1963م، خلال الفترة التي سبقت إصدار مظاريف الشارقة الجوية، استعملت مظاريف جوية بريطانية لا تحمل أيَّ تعرفة بريدية ومخصَّصة لوضع الطابع عليها، شاع استعمالها منذ افتتاح مكتب البريد في سنة 1963 ولغاية أغسطس 1964 (الشكل 1). ومن الملاحظ أنَّ هذه المظاريف استعملت فقط بوساطة ناظر بريد الشارقة، ودائماً ما تحمل ختم دائرة بريد الشارقة: «حكومة الشارقة وملحقاتها، مديرية البريد العامة، الرقم، التاريخ» يستعمل باللون البنفسجي أو الأخضر، ويحمل أحياناً توقيع ناظر البريد. يلاحظ كذلك الاكتفاء بوضع الختم في الموضع المخصَّص لطابع البريد مع عدم إضافة أي طوابع بريدية كونها للاستعمال الرسمي الخاص بدائرة بريد الشارقة. أقدم استعمال مسجل لهذا النوع من المظاريف في 10 سبتمبر 1963، في حين أنَّ آخر استعمال كان في 10 أغسطس 1964م.
الإصدار الأول:
لمظاريف الشارقة الجوية – إصدار الشيخ صقر بن سلطان القاسمي
طرح الإصدار الأول لمظاريف الشارقة الجوية في 6 أغسطس 1964م، واحتوى على ثلاث فئات، هي 20 بيزة – أخضر مخصَّصة للمظاريف المرسلة للخليج، 30 بيزة – أزرق للمظاريف المرسلة لبعض الأقطار العربية، و40 بيزة – أحمر لبقية دول العالم، (الشكل 2، 3، 4).
المظاريف الجوية طبعت على ورق أزرق فاتح اللون يحمل علامة مائية تحمل العبارة «البريد الجوي الإمبراطوري» باللغة الإنجليزية فقط «Imperial Air Mail»، وقسم بوساطة خطوط منقطة إلى سبعة أقسام في الجهة الأمامية، وقسم وحيد ذي مساحة كبيرة لكتابة الرسالة في الخلف. احتوت الأقسام السبعة في الجهة الأمامية على قسم رئيس أول (الرقم 1) يحمل تصميم الطابع في أعلى جهة اليمين، والكتابة «الشارقة وملحقاتها» في أعلى جهة المنتصف، والكتابة باللغة العربية «رسالة جوية مظروفة»، وبالإنجليزية الكتابة «BY AIR MAIL، PAR AVION، AIR LETTER، AEROGRAMME» في أعلى جهة الشمال. كما احتوت هذه الجهة على أربعة خطوط لكتابة عنوان المرسل إليه. أمّا القسم الرئيس الثاني (الرقم 2) فَخُصِّصَ لكتابة عنوان مرسل المظروف الجوي، واحتوى على الكتابة باللغة العربية «اسم المرسل وعنوانه» في أعلى جهة اليمين، والتحذير «إذا وضع أي شيء بداخلها ترسل هذه الرسالة بالبريد السطحي» في أسفل الجهة نفسها. في حين كُتِبَت هذه العبارات نفسها باللغة الإنجليزية في أعلى جهة الشمال والتحذير في أسفل هذه الجهة نفسها. كما وضعت أربعة خطوط منقطة في منتصف هذه الجهة لكتابة اسم وعنوان المرسل. وأربعة أقسام لا تحوي أيَّ تفاصيل (قسمان في جهة اليمين وآخران في جهة الشمال – الأرقام 3، 4، 5، 6) خصّصت كمساحة إضافية في حال الحاجة إليها لتكملة كتابة الرسالة، تثنى بعد ذلك لغلق المظروف. القسم الأخير (الرقم 7) ويقع أعلى الجهة الأمامية وهو القسم الأقل مساحة ويحوي مادة تصبح لاصقة عند ملامستها للماء وتعمل على إغلاق الظرف بإحكام.
ظهرت عينات محدودة من هذه المظاريف ملغاة بختم الشارقة النوع الأول وبجانبه ختم تذكاري مخصّص لمظاريف اليوم الأول للإصدار ويحمل شعار حكومة الشارقة، ويمكن ملاحظة استعمال اللون الأخضر لختم هذه المظاريف بوساطة ختم الإلغاء وختم اليوم الأول للإصدار (الشكل 4). أقدم استعمال لعينة حقيقية (لم ترسل بوساطة الهواة) من المظاريف تمَّ توثيقها في شهر نوفمبر 1964م، وهي مظروف يحمل فئة 20 بيزة (أخضر) أضيف إليه طابع من إصدار الشارقة الأول (إصدار 10 يوليو 1963م) فئة 10 بيزات لتستكمل التعرفة البريدية بختم الشارقة الأول بتاريخ 21 نوفمبر 1964م.
الإصدار الثاني :
لمظاريف الشارقة الجوية – إصدار توشيح الصورة
بعد تولي الشيخ خالد بن محمد القاسمي مقاليد الحكم في إمارة الشارقة في 24 يونيو 1965م، تقرَّر توشيح كمية من المظاريف السابقة بخطوط عريضة على صورة الشيخ صقر بن سلطان القاسمي لترمز إلى تغيُّر الحاكم. ظهر هذا التوشيح في بادئ الأمر على الإصدارات البريدية في شهر يوليو من سنة 1965م، في حين تأخر ظهوره على المظاريف البريدية إلى سنة 1966م. فبعد توشيح المظاريف البريدية بخطوط عريضة باللون البنفسجي (الشكل 5)، أعيد تداولها في مكتب بريد الشارقة في 22 مارس 1966م.
الإصدار الثالث:
المظاريف الشارقة الجوية – إصدار تغيير القيمة
بعد قرار حكومة الشارقة الارتباط بنقد قطر ودبي (الدرهم والريال)، والذي كان منتظراً أن يدخل حيِّزَ التنفيذ في شهر سبتمبر 1966م، رأى أن يحل النقد السعودي (القرش والريال) مؤقتاً فظهر التوشيح على عدد من إصدارات طوابع الشارقة بدءاً من شهر يوليو 1966م، واستمر استعماله لغاية طرح النقد الجديد (عملة قطر ودبي) في شهر سبتمبر 1966م، حيث قامت دائرة البريد بإعادة توشيح العديد من الإصدارات البريدية بفئات الدرهم والريال وطرحها من جديد في مكتب البريد.
فيما يخص المظاريف البريدية الجوية، قامت دائرة البريد بتوشيح الكمية المتبقية من مظاريف الشارقة الجوية التي تحمل فئة 20 بيزة بفئة 40 درهماً، وهي التعرفة البريدية المخصصة للمظاريف الجوية لجميع دول العالم، إضافة إلى توشيح صورة الشيخ صقر بن سلطان القاسمي في الطابع بثلاثة خطوط لترمز إلى تغيُّر الحاكم. ويلاحظ أنَّ هناك إصدارين من المظروف الجوي المغير القيمة، الأول وهو أكثر شيوعاً ووثق استعمال حقيقي له في سنة 1968م، وهو عبارة عن ثلاثة خطوط أفقية تغطي القيمة القديمة تعلوها الكتابة «40 درهماً – 40 Dh» باللون الأسود (الشكل 6، و8)، في حين اختلف الثاني في توشيح القيمة وشكل الخطوط لتغطية القيمة القديمة حيث جاءت الخطوط بشكل عمودي، مع طبع القيمة الجديدة على النحو الآتي «40 درهماً – 40 Dh». باللون الأسود. ويعدُّ هذا النوع آخر إصدار لمظروف جوي تطرحه دائرة بريد الشارقة في مكتب البريد (الشكل 7).
مظاريف «أبسلي – APSLEY» الجوية
كان آخر مظروف جوي تصدره دائرة بريد الشارقة هو المظروف الجوي مغير القيمة في سنة 1967م، ولذلك كان من الطبيعي أن تقوم الدائرة بتوفير البديل المناسب – مظاريف «أبسلي» الجوية – والتي لا تحمل أيَّ قيمة بريدية، ويتطلب إضافة طوابع بريدية عليها تتناسب مع المنطقة البريدية المرسل إليها المظروف. بدأ استعمال مظاريف أبسلي لأول مرة في دائرة بريد دبي منذ سنة 1966م، ويغلب الظن أنَّ مصدر دائرة بريد الشارقة من هذه المظاريف هو من دبي (الشكل 9).