ندوة الأستاذ عبدالغفار حسين في مركز جمال بن حويرب للدراسات

مجالس

 1,745 عدد المشاهدات

مركز جمال بن حويرب للدراسات

قال الكاتب والأديب عبدالغفار حسين: إن الأنشطة الثقافية، هي أكثر ما يقرب بين الشعوب، وبدون نقد أدبي جاد وإيجابي لن تكون هناك نهضة ثقافية، فالنقد بناء، والرأي الجيد إبداع.

 
 

في حين قال الباحث والكاتب جمال بن حويرب: إذا اختفى النقد من عالم الأدب، فإن البعض يكتب ما يشاء، دونما رقيب أو حسيب، فيتساوى الغث والسمين، القوي والضعيف، ويراوح الصغير في مكانه، دونما تطوير، أو الوصول إلى المستوى الأعلى.

جاء ذلك في جلسة حوارية ساخنة، نظمها مركز جمال بن حويرب، أخيراً، بعنوان: «ملامح من النقد الأدبي في الإمارات»، تحدث فيها عبد الغفار حسين، بحضور الباحث والأديب، وسفير الدولة السابق لدى المملكة الأردنية الهاشمية، بلال البدور، والدكتور صلاح القاسم، المستشار في هيئة الثقافة والفنون في دبي، والشاعر والأديب شهاب غانم، والكاتب الصحافي علي عبيد، رئيس دائرة الأخبار في تلفزيون دبي، والباحث التراثي رشاد بوخش، والدكتور خالد الوزني، المستشار في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وعدد من الإعلاميين والمثقفين والأدباء.

 

نقد أدبي

بدأ الحديث جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، رئيس المركز، مؤكداً أن هذه الجلسة الحوارية، لخدمة الحراك الأدبي والثقافي في دبي، ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يحدثنا الأستاذ عبد الغفار حسين عن موضوع مهم جداً، أحجم الكثير من الأدباء والمثقفين عن تناوله. كما أن سفارات الدولة، وقنصلياتها في الخارج، والتي يتجاوز عددها 153 سفارة وقنصلية، وتنشط في كل الجوانب السياسية والاقتصادية، وتحتفل بذكرى اليوم الوطني للدولة، بأبهى الحلل، لكننا لم نسمع لها نشاطاً واحداً في المجالات الثقافية والأدبية.

واستطرد بن حويرب: نجد أن بعض المثقفين والأدباء يقدمون على شرح القصائد، ويبرزون كل ما هو إيجابي، لكنهم يحجمون عن نقدها، أو تشريحها، لئلا يغضب أصحابها، علماً أنه ليس في النقد الإيجابي أي إساءة، بل على العكس، النقد يرفع من مستوى الأعمال والمقالات الثقافية والأدبية.

 

وأضاف بن حويرب: إذا اختفى النقد من عالم الأدب، فأقم على هذا الأدب مأتماً وعويلاً، لأن الكُتّاب والأدباء، عندئذ يكتبون ما يشاؤون، دونما رقيب أو حسيب، فيتساوى الغث والسمين، القوي والضعيف، ويراوح الصغير في مكانه، دونما تطوير، أو بلوغ المستوى الأعلى.

وقال بن حويرب: هناك كتب مليئة بالأخطاء التاريخية، ولم نقرأ كتاباً أو مقالاً، يتصدى لهذه الأخطاء، أو ينتقدها، لكن الأستاذ عبد الغفار حسين، له كتب في النقد، وكتابات نشرت في معظم صحف الإمارات، وسوف يحدثنا عن: «ملامح من النقد الأدبي في الدولة»

 

70 كتاباً
بدأ عبد الغفار حسين حديثه مخاطباً جمال بن حويرب، قائلاً: لقد أثرت موضوعاً مهماً، طالما فكرت فيه، هل هناك نقد أدبي في الإمارات؟ نعم كان هناك نقد، ومن الذين انبروا لمهمة النقد الأدبي، أساتذة عديدون، منهم: علي عبيد، د. شهاب غانم، بلال البدور، وجمال بن حويرب، وآخرون.

وبالنسبة لي، لدي حالياً نحو 70 كتاباً، أقوم بقراءتها بتمعن، لأعد لها النقد الأدبي الملائم، وقد أصدرت أخيراً كتاباً نقدياً، لحوالي 20 كتاباً، في مختلف المجالات والفنون، وقد نفد من السوق، وأعد حالياً لإصدار كتاب آ خر في ذات الاتجاه.

 

وأضاف: لا يخفاكم أنني أكتب – خلال شهر رمضان – مقالات نقدية في صحيفة الخليج. وهذا النقد عرضني لمضايقات، وخلق لي عداوات، وبعضهم شن علي هجوماً شديداً، لم أطقه، لأنه تجاوز الحدود. فما كان مني إلا أن زرتهم في مكاتبهم، ومجالسهم، وناقشتهم حول غضبهم من نقدي لأعمالهم، وبينت لهم أنه بدون النقد الجاد والإيجابي لن يرقى الأدب، وأن نقدي موجه لأعمالهم الأدبية، وليس لشخصهم، وبالتالي فأنا حريص على تطوير أعمالهم، ولولا ذلك لما أقدمت على نقدهم.

 

النقد في الإمارات
قال المحاضر: لو استطلعنا الساحة الأدبية في الإمارات اليوم، لوجدناها تمر بأسوأ حالاتها النقدية، على عكس ما كانت عليه قبل سنوات… لم أقرأ اليوم – مطلقاً- دراسة نقدية عن الأدب في الدولة، لا أدري إن كان هناك أكاديميون، يقومون بهذا النقد، لكني لم أقرأ لهم شيئاً من هذا القبيل.

وتحدث عن تاريخ النقد في الإمارات قائلاً: بدأ النقد بالشعر الفصيح، سالم بن علي العويس، الذي يتميز بأنه شاعر سياسي واجتماعي، إذ نظم قصائد عدة ينتقد فيها غواصين ونواخذة، عندما رأى في الخيران سفناً وقوارب، خاوية على عروشها، لا تقوم بواجبها في الصيد رغم أن مهنة الصيد والغوص، تعتبر تجارة رابحة، وليست خاسرة.

 

وأضاف عبد الغفار حسين: ثم قرأت سجالات أدبية بين أحمد بن علي العويس وكاتب عراقي يدعى علي الحلي، كان يكتب في جريدة «صوت البحرين»، التي كانت تصدر في خمسينيات القرن الماضي في العاصمة البحرينية «المنامة». العويس، المعتد بشعره، كان يكتب باسم مستعار يدافع فيه عن أمير الشعراء أحمد شوقي، لكن الحلي كان يهاجمه، فحصل بينهما سجال أدبي. وقد كتب الأستاذ بلال البدور مقالاً حول هذا الموضوع.

واستطرد المحاضر: في مرحلة الستينيات من القرن الماضي، «1963»، تحامل على دبي وحكامها، بالنقد غير الموضوعي، كاتب بحريني يدعى علي السيار، فتنطعت له بمقالة تم نشرها في النشرة الرسمية للحكومة، والتي كان يشرف عليها المرحوم سيف الأشرم، فنّدت فيها ادعاءات السيار غير الصحيحة.

وعندما قرأ المغفور له -بإذن الله – الشيخ راشد بن سعيد، المقالة، طلب مني دعوة علي السيار إلى دبي، ليطلع بنفسه على ما يجري فيها. وعندما جاء إلى دبي، واطلع عن كثب على مجريات الأمور، غيّر رأيه، وكتب أكثر من مقال يثني فيه على دبي، وعلى الشيخ راشد، رحمه الله تعالى.

 

مجلة أخبار دبي

أضاف عبد الغفار حسين: جاءت مجلة «أخبار دبي»، التي صدرت في منتصف يناير 1965، لتضيف زخماً نقدياً إلى ساحة الصحافة والأدب في الدولة، فقد كانت تهتم إلى جانب الأخبار المحلية والعربية والدولية، بالموضوعات الجماهيرية، وتنتقد مواطن التقصير سواء في دبي، أو باقي الإمارات، وانتقدت بجرأة مشاريع البلدية، وأوجه التقصير في الخدمات التي تقدمها مختلف دوائر ووزارات الدولة.
وعندما صدر قرار إغلاقها في نهاية العام 1979، ليتسنى إصدار جريدة «البيان» بترخيصها، حزنت، ولا زلت حزيناً على إغلاقها، لأنه بخروجها من الساحة، خسرنا موقعاً إعلامياً مهماً كان يكتب فيه كثير من الأقلام المخضرمة، في مجالات السياسة والفكر والثقافة والرياضة، «وأنا واحد منهم»، وكان يشهد سجالات في النقد الأدبي والفكري، وفي مجال التخطيط والخدمات المختلفة.

 

مناقشات

وعلق جمال بن حويرب على ما طرحه المحاضر، قائلاً: أشارك الأستاذ عبد الغفار الرأي، بأن النقد الأدبي في الساحة الإماراتية، وصل إلى درجة خطيرة من الانحدار، كونه اهتم بالإطراء والمديح، ما أفقد الكتابة جمالياتها ورونقها.

وأضاف: سابقاً كان الناس لا يجرؤون على الكتابة ما لم يكونوا مؤهلين لذلك، لأنهم يخشون من النقد، لكن اليوم، الساحة مزدحمة بشتى الكتابات الغثة والضعيفة، لأن أصحابها يدركون أنه ليس هناك من ينتقد أعمالهم. وقال: في فرنسا، مثلاً، يخشى الكاتب أن يصدر كتاباً ما لم يكن على مستوى رفيع، خشية نقد الأدباء له.

وعلق بلال البدور قائلاً: الناس في الإمارات لا تتقبل النقد، وهذا يشكل علة حقيقية، لكن هناك حقيقة لا يمكن إخفاؤها، أن من بيدهم أمور الصحافة، لم ينصفوا النقد. معظم الكتابات كانت تتم في جلسات سمر خاصة، ومعظم الأسماء التي كانت تكتب في تلك الفترة اختفت من الساحة، لأن إنتاجها كان غثاً، ولم يتعرض للنقد الحقيقي، فلو كان هناك نقد، لكان الوضع على غير ما هو عليه اليوم.

وعلق الدكتور شهاب غانم، فقال: هناك ثلاثة أنواع للنقد هي، النقد الأكاديمي، الإبداعي والانطباعي، ونحن نمارس النقدين الأول والثالث، أما النقد الإبداعي فهو بعيد عن ساحتنا، لأن مجتمع الإمارات أكثر حساسية إزاء النقد، فالناس تعرف بعضها، ولعل القصة التي حدثت مع الأستاذ عبد الغفار خير دليل على ذلك.

 

وختم: نحن بحاجة إلى ممارسة النقد الإبداعي بحرية وشجاعة، للارتقاء بمستوى الساحة الأدبية والثقافية في البلاد.

وتدخل الكاتب علي عبيد، فقال: لا شك أن النقد الأدبي في الإمارات بحاجة إلى عمق أكثر، لأن من يكتب في هذا المجال لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، وكان للصحافة الأدبية حضور أكبر، لكن حالياً هناك إحجام من الكتاب عن تداول النقد، ما أدى إلى تراجع الصحافة الأدبية، وهذا برأيي من مسؤولية الصحف والكتّاب.

وأتمنى أن يكون هناك دراسة شاملة حول النقد الأدبي، تشجع على النهوض بالواقع الثقافي والأدبي، في إطار من النقد الحقيقي.

 

صناعة رابحة

أما رشاد بوخش فقال: لدي سؤال وملاحظة، أما السؤال فهو، لماذا لا نعيد إصدار مجلة «أخبار دبي»، مرة أخرى، وكلنا نعلم أهمية ذلك على الساحة الإعلامية والأدبية والثقافية في البلاد.

والملاحظة تتلخص في وجود شباب يكتبون، فلو نقدناهم، قد يخرجون من الساحة فنفقدهم، ما لم نبين لهم أهمية النقد الإيجابي للارتقاء بمستواهم، وما هو الفرق بين النقد والتشهير. وأن يكون هناك ميزان بينهما، نظراً لأهمية الموضوع وحساسيته.