2,419 عدد المشاهدات
مركز جمال بن حويرب للدراسات
في إطار جلساته نصف الشهرية المتوالية استضاف مركز جمال بن حويرب للدراسات في دبي مؤخراً ندوة عن ” تغريبة بني هلال بين الحقيقة والخيال” تحدث خلالها الكاتب والباحث والشاعر والأديب السعودي سعد عبدالله الحافي عن التغريبة التي أصبحت مصدر إلهام لكثير من الرواة في معظم البلدان العربية، وذلك بحضور كوكبة من المثقفين والباحثين والأدباء والإعلاميين
بداية “قال المستشار جمال بن حويرب رئيس المركز نتحدث اليوم عن قبيلة تواجدت في الجزيرة العربية ، وانتقلت إلى بلاد المغرب في ظروف غامضة . تحدث عنها الرواة قصصاً مختلفة ، في مصر وبلاد الشام والعراق واليمن وشمال افريقيا ، لكل قصته ، قد تختلف بشكلها وتفاصيلها ، لكنها تجمع كلها على أن هذه القبيلة تركت أثراً كبيراً في التاريخ والثقافة والأدب العربي.
ثم بدأ المحاضر سعد الحافي حديثه متسائلاً ، من هم بنو هلال؟
هم بنو هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . وهم قبائل بدوية لها تاريخ معروف.
ومن الشائع لدى سكان الجزيرة العربية ارتباط كل ما هو قديم بقبيلة بني هلال ، حتى أنه مازال هناك الكثير ممن يرون أنهم من قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما ضخم الجانب الأسطوري في الحديث عن بني هلال ، وكأنهم أمة لم تترك شبراً في أرض الجزيرة العربية إلاٌ وطأته أقدامهم ، وكانت لهم فيه قصة! وهذا لاشك يخالف الواقع . وفي هذا المجال يقول الشيخ العلاٌمة حمد الجاسر” رحمه الله ” إن العامة ينسبون كل أثر قديم إلى بني هلال ، كما كان العرب القدماء ينسبون كل قديم إلى عاد . والواقع أن بني هلال لم يمتازوا على غيرهم من حيث القوة والعمران ، بحيث تكون لهم آثار عمرانية باقية”.
ثم تحدث المحاضر عن منازل بني هلال قبل التغريبة مستشهداً بقول لابن خلدون ” كان بنو عامر بن صعصعة كلهم بنجد ، وبنو هلال بن عامر في بسائط الطائف ما بينه وبين جبل غزوان”. ثم إن الأصمعي ذكر في القرن الثاني الهجري أن جلٌ بني هلال في الحجاز ، كما جاء فيي تاريخ الطبري.
معارك وأعلام
واستطرد الحافي.. في الجاهلية نجد أن بني هلال اشتركوا مع قبيلتهم هوازن في حروب ومعارك في نجد والحجاز ، مثل يوم النباع والرقم ويوم حاجر والخنان والرحرحان وشعب جبلة وحروب الفجار وغيرها ، وآخرها في يوم حنين. ومن بني هلال أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث ، ولبابة الكبرى أم عبدالله بن عباس ، ولبابة الصغرى أم خالد بن الوليد . وكذلك منهم الشاعر والفارس حميد بن ثور الهلالي.حقيقة هجرتهم
وتابع الحافي محاضرته: تحفظ لنا كتب التاريخ مسيرتهم إلى شمال أفريقيا ، بدءاً من أحداثهم مع الشريف شكر أبو الفتوح ، زوج الجازية أخت حسن ابن سرحان ، الذي تولى إمارة مكة في 430 هجرية . يقول ابن خلدون ” وهم متفقون على الخبر عن حال هذه الجازية والشريف خلفاً عن سلف ، وجيلاً عن جيل “. ثم يذكر ابن فهد في ” إتحاف الورى سنة 440 هجرية ” وفيها كان بمكة غلاء وبلاء ” ، ويستمر ذكر الغلاء والجوع حتى سنة 450 هجرية ، وخلال هذه السنوات كانت هجرة بني هلال إلى شمال إفريقيا. ويقول شاعرهم:
هذي ثمان سنين ما لاح بارق
ولا مزنة غرا ولا بذار
وفي بداية وصولهم إلى إفريقيا كان عددهم قليلاً، لا يتجاوز ثلاثة آلاف فارس ـ واستمر تزايدهم حتى بلغ في السنة التالية سبعة آلاف وخمسمائة فارس . وفي أول رمضان من العام 449 هجرية دخل بنوا هلال القيروان.
ولعل من أهم مآثر بني هلال أنهم ربطوا المغرب العربي ببقية العالم العربي لغة وشعباً ، ذلك أن العرب هناك ، كان عددهم قليلاً ، قبل وصول الهلاليين ، ومستقرين في الحواضر الكبرى كتونس والقيروان ، وكانت اللغة الغالبة على السكان هي الأمازيغية ، وجاء الهلاليون بأعدادهم الهائلة وانتشروا في جميع أصقاع المغرب العربي، وعربوا البلاد فأصبح المغرب العربي عربيا خالصا من حيث اللغة ومن حيث كثرة السكان العرب والأمازيغ المستعربين بحيث ينتشر العرب في غالبية مناطق برقة وطرابلس وفزان ليبيا كما يشكلون جزءا من سكان الجزائر اليوم.
سعد عبدالله الحافي في سطور
رئيس تحرير مجلة الحرس الوطني. -رئيس لجنة الأدب الشعبي بمهرجان الجنادرية. -شاعر وباحث في التاريخ والأدب الشعبي. -فائز بجائزة ومنحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. -عضوالمجلس العلمي لموسوعة الملك عبد العزيز في الشعر العربي.كاتب مقال أسبوعي في جريدة الرياض، أكثر من 500 مقال ودراسة منشورة تختص بالأدب الشعبي -من مؤلفاته كتاب بنو هلال القصة والأشعار: دراسة مقارنة، كتاب الديوان الأول للشعر الشعبي: الشعر البدوي منذ ألف سنة ، كتاب راشد الخلاوي شاعر القرن الثامن الهجري ، كتاب اللغز الشعري من امرئ القيس إلى محمد بن راشد آل مكتوم : بحث تأصيلي.