ندوة نقاشية عن «البرامج الثقافية التلفزيونية في الإمارات»

مجلة مدارات ونقوش - العدد 32 - 33

 1,045 عدد المشاهدات

دبي – مدارات ونقوش

أجمع المشاركون في أمسية «البرامج الثقافية التلفزيونية في الإمارات»، التي نظَّمها مركز جمال بن حويرب للدراسات، على أنَّ البرامج الثقافية تحتاج إلى مزيد من الدعم والرعاية من قبل الجهات المعنية في القنوات التلفزيونية، نظراً لما تمثله من تأكيد وتطوير للوعي لدى فئات المجتمع كافة.

ووجَّهت الشاعرة والإعلامية الدكتورة بروين حبيب، وشريكها في الجلسة الشاعر والإعلامي عادل خزام، اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي التي وضعت الشأن الثقافي في آخر اهتماماتها، وسحبت البساط من تحت أقدام التلفزيون في أمور شتى.

في حين أكَّد المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، صحة ما قاله المحاضران، مطالباً بأن يكون هناك تواصل إيجابي بين المسؤولين في المحطات المرئية، وقادة التواصل الاجتماعي للتوافق على تنسيق العمل فيما يخدم قضايا المجتمع الثقافية والاجتماعية والصحية، وأن تكون العلاقة بين الطرفين تكاملية وإيجابية.

شهد الجلسة التي أدارها المستشار الإعلامي حسين درويش، جمع من الأدباء والمثقفين يتقدمهم عبدالغفار حسين، د. غانم السامرائي، د. شهاب غانم، د. خالد عبد الفتاح، المهندس رشاد بوخش، والكاتب محمد صالح بداه، والقنصل الجزائري العام في دبي محمد الدراجي، إضافة إلى لفيف من الإعلاميين والمهتمين.

20 عاماً ثقافة

بدأت الدكتورة بروين حبيب حديثها بالقول، إنَّ البرامج الثقافية التلفزيونية همٌّ يوميٌّ تعيشه باستمرار، رغم أنَّ خيار المرأة في الإعلام الثقافي صعبٌ جداً، مؤكدة أنَّ مُشاهِد البرامج الثقافية ذكيٌّ إلى درجة كبيرة.

وتحدثت بروين حبيب عن مشوارها مع العمل الثقافي والإعلامي الذي بدأته في تلفزيون البحرين في تسعينيات القرن الماضي، ومضت به قدماً مع تلفزيون الإمارات العربية المتحدة في دبي، منذ العام 1999، عندما جاءت بموجب عقد لمدة عام واحد، لكنها أكملت اليوم عامها العشرين، مشيرة إلى أنَّ دبي مدينة الفرص، وأنَّ العمل فيها يغري كلَّ متطلع إلى حياة كريمة ومستقرة.

شح الميزانيات

وتطرقت المحاضرة إلى البرامج الثقافية التي قدمتها في تلفزيون دبي عبر العقدين الماضيين، بدءاً من «نلتقي»، مروراً بـ«أهل المعرفة»، وصولاً إلى «حلو الكلام»، مؤكدة أنَّ ديدنها هو تلفزة الثقافة، رغم أنَّ البرامج الثقافية تعاني شحَّ الميزانيات المخصصة لها، بل إنها تأتي في «ذيل القائمة».

وقالت إنها من خلال البرامج الثقافية التي قدمتها، عرّفت المشاهدين إلى فطاحل وأعلام الشعر والفن والثقافة العربية، أمثال حنا مينة، محمود درويش، أدونيس، أسعد فضة، جواد الأسدي، شوقي بزيع، محمد علي شمس الدين، جمال الغيطاني، منى واصف، وعادل إمام وغيرهم كثير.

مبادرة سامية

وتحدثت د. بروين عن مبادرة «تحدي القراءة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قائلة: هي مبادرة سامية، وغير عادية، حرَّكت الإدراك المعرفي والثقافي العربي، وجعلت من دبي جنة قراءة للصغار والكبار، مؤكدة أنَّ مبادرات سموه الأخرى مثل «صنّاع الأمل»، وغيرها ترقى إلى قمة المعرفة، والاهتمام بالإنسان، ليس في دولة الإمارات، فحسب، بل في العالم أجمع.

إشكاليات «الثقافية»

الشاعر والإعلامي عادل خزام عزا أسباب تراجع البرامج الثقافية إلى الضعف الفني، يضاف إليه إدراك المسؤول لأهمية هذه البرامج، مؤكداً وجود إشكالية فكرية، فلسفية، مادية وإدارية إزاء هذه المسألة. قائلاً: الدراسات في هذا المجال قليلة وشحيحة جداً، عربياً ودولياً، لكن ثمة دراسة للأمم المتحدة أعدتها «اليونسكو» في العام 1998 عن البرامج الثقافية في القنوات الأوروبية بعنوان «البرامج الثقافية على القنوات التلفزيونية الأوروبية العامة: نهج مقارن»، ومن بين ما جاء فيها من توصيات أنها كانت تسعى لوضع تصورات جديدة لمفهوم الوحدة الأوروبية، لكن طرأت إشكاليات عدة، كتلك التي نعاني منها، مثل التكنولوجيا، الإدارة، المال، الإعلان ودكتاتورية الجمهور.

وضرب أمثلة عن تراجع البرامج الثقافية على مستوى العالم (برنامج أبستروف) في فرنسا، والبرامج التي كنت تقدمها «بي. بي. سي4» الثقافية، قائلاً: إنَّ ذلك ربما يعود إلى طبيعة التحوُّلات الكبرى في عالم الميديا.

واستطرد: عربياً، نعاني الإشكالية ذاتها، ولم أجد سوى دراسة واحدة بعنوان «البرامج الثقافية في الفضائيات العربية»، مع التطبيق على برنامج (روافد) في العربية، رسالة ماجستير.

وأكد أنَّ هناك خطأً دارجاً بأنَّ الثقافة لا تجذب المشاهِد، لكن هذا المفهوم يمكن تغييره بذكر نماذج ناجحة في البرامج الثقافية المشغولة بصورة جيدة «إعداداً، ديكوراً، وتقديماً».

صورة جماعية للمشاركين في جلسة البرامج الثقافية التلفزيونية

أبعاد ثقافية

وتقدم خزام بالشكر الجزيل لجميع المؤسسات الثقافية في الدولة، وخصَّ بالذكر ندوة الثقافة والعلوم في دبي، على رعايتها لبرنامج «أبعاد ثقافية»، الذي يقدمه تلفزيون دبي منذ أكثر من عشر سنوات.

واختتم المحاضر متحدثاً عن رؤية حكومة الإمارات، وثقافة التنوير التي تسعى إلى غرسها في جميع أنحاء الدولة، مؤكداً أنَّ إمارات أبوظبي، دبي، والشارقة أصبحت ثلاث عواصم ثقافية كبيرة، وينبغي دعم هذه الرؤية ببرامج نوعية مميزة ومبتكرة.

بين الرياضة والثقافة

أكد المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أنَّ البرامج الثقافية التلفزيونية كانت تحظى باهتمام كبير لدى المشاهدين، ولها دور مهم في تثقيف المجتمع، وكان الناس يبحثون عن المشاركين في تلك البرامج للقائهم والاستفادة من خبراتهم. لكن كل ذلك تغيَّر مع دخول الفضائيات إلى حياتنا، فقلَّ الاهتمام بالبرامج الثقافية، يقابلها حظوة كبيرة واهتمام زائد بالبرامج الرياضية والمنوعات، التي خُصِّصَت لها ميزانياتٌ ضخمةٌ، بينما «الثقافية» لا تلقى إلا الفتات.