مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عبق التاريخ وتراث الإنسان

مجلة مدارات ونقوش – العدد 6

 1,651 عدد المشاهدات

الكاتب: علي بن ذيب الأكلبي

يشع بنور المعرفة ويتضوع بعبق الأجداد في قلب الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية وقلبها النابض، يتبع لمؤسسة الملك فيصل الخيرية فهو منارة للعلم ومقصد للباحثين منذ تأسيسه ولا زال، وقد بدأت نشاطاته الراقية وغير التقليدية مبكراً فمكتبته الزاخرة بكنوز المعرفة أول جهة كانت تقدم خدمات الباحثين عن بعد، وكان الباحث يرسل طلبه بالبريد أو يتصل هاتفياً فيتم تقديم الخدمة له وتصله المواد التي يحتاجها في مكانه الذي هو فيه فمن خلال مكتبته المتميزة يقوم موظفو خدمة المراجع بطباعة قائمة ببليوغرافية بمصادر المعلومات التي يمتلكها المركز ذات الصلة بموضوع الباحث أو الباحثة ويتم إرسالها له ليختار من بينها ما يلائمه تحديداً ومن ثم يعيدها للمركز ليقوم بدوره بتزويد الباحث أو الباحثة بما اختار منها، وتتسع خدمات المكتبة خارج مقتنياتها لتقوم بالبحث لدى المكتبات الأخرى في المملكة أو في أي مكان خارجها.

مقتنيات خاصة ومعارض دائمة يتيحها المركز للجمهور
مقتنيات خاصة ومعارض دائمة يتيحها المركز للجمهور

ففي العام 1403هـ/ 1983م أُنشئ مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية كمبادرة من أبنائه البررة لمواصلة الرسالة النبيلة للملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، في نشر العلم والمعرفة، وقد اختط المركز منهجه العملي مستمداً معالمه مما أعلنه من قيم تمثلت في العمل على نشر المعرفة في أصقاع الدنيا، والمساهمة في دعم وتمكين البحث العلمي، إضافة إلى اهتمام المركز عبر أذرعه المعرفية في حفظ التراث الإنساني، إذ يجد الزائر والباحث في مقتنيات المركز اهتماماً خاصاً، وتركيزاً على زيادة الوعي والمعرفة بالتراث الوافر  للملك فيصل بن عبدالعزيز كهدف استراتيجي للمركز، بالإضافة إلى جهود المركز المستمرة لزيادة إنتاج البحث العلمي في العلوم الإنسانية بشكل خاص، وعنايته بالتراث الإسلامي والمحافظة عليه وتشجيع قيام الدراسات العلمية فيه، حيث يضم ضمن مقتنياته كماً كبيراً من المخطوطات، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الكتب النادرة والدراسات المتخصصة التي تناولت موضوعات إسلامية، سواء كان من قام بها من المسلمين أو من غيرهم، كما تجلت عناية المركز بالتراث الإسلامي في مظاهر شتى من بينها ترميم الوثائق والمخطوطات ومعالجتها، إذ يعد من المراكز القليلة على مستوى العالم التي تعتني بالمخطوطات وتقوم بمعالجتها وترميمها، ويساند المركز اليوم في كافة خدماته بنية تقنية وموقع إلكتروني متطور وثري يستطيع الباحث والزائر من خلاله الحصول على الكثير من الخدمات المعرفية وفق أفضل مستويات بوابات المعرفة وعبر أحدث محركات البحث وواجهات العرض على شبكة الإنترنت من خلال موقع المركز على الشبكة   https://www.kfcris.com/ar

وثائق ومخطوطات
وتعتني مكتبة المركز بحفظ العديد من الوثائق والمخطوطات الهامة والنادرة كما تقتني الكتب ومصادر المعلومات الأخرى القديم منها والحديث مما له صلة في مجالات اهتمام المركز والتي تتاح في شكليها المطبوع والإلكتروني وفق سياسة الاستخدام التي يعمل بها المركز، بالإضافة إلى عنايته باقتناء رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه حتى غدت مكتبته واحدة من أهم جهات إيداع الرسائل العلمية، كما يقوم المركز بأعمال النشر العلمي المتخصص، ويضم عددا من الوحدات التي تسعى لتحقيق اهدافه ومنها: وحدة دراسات الذاكرة السعودية، ووحدة الدراسات السعودية في مجالات التاريخ والتراث والثقافة السعودية وماله صلة بالجزيرة العربية منذ عصور ما قبل الإسلام، ووحدة الدراسات الآسيوية ووحدة دراسات المغرب العربي، ووحدة الاقتصاد السياسي، ووحدة الفكر السياسي المعاصر ووحدة الدراسات الأمنية حديثة النشأة التي انضمت لوحدات المركز في عام 2018م وتسعى لتقديم أبحاث علمية أصيلة ورصينة وقراءات تحليلية متخصصة في المجال الأمني.
كما يضم المركز معرض الفيصل «شاهد وشهيد» والذي أنشيء بموافقةٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وافتتح المعرض في غرة جمادى الأولى سنة 1429هـ/ 6 مايو 2008م. ويهدف لتعريف الناس بالملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، ومراحل مهمة مختلفة من حياته، ثم استشهاده،  بوصفه نموذجاً للقائد التاريخي الفذ، كما يحكي المعرض العديد من الجوانب المشرقة من حياته وكفاحه ومنجزاته، رحمه الله، كما يعرض كثيراً من المعلومات الموثّقة والمدعمة بالصور عن الملك فيصل، والأفلام الوثائقية ذات القيمة التاريخية.

 

مقتنيات
ويشتمل المعرض على أهم مقتنيات الملك الفيصل الخاصة، وصور لأبرز مراحل حياته منذ الولادة حتى الاستشهاد، إضافةً إلى عددٍ من المخطوطات والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو التي توثّق تاريخ الفيصل ومآثره الكبيرة في خدمة أمته العربية والإسلامية، وكذلك مجموعة من خطبه الشهيرة، وعدد من الوثائق المكتوبة والمرئية والصوتية التي تبرز مواقفه إزاء القضايا المحلية والإقليمية والدولية على مستوى الوطن والمنطقة والعالم.
ويضم المركز متحفاً للفن الإسلامي يشتمل على نماذج من الفن الإسلامي عبر العصور الإسلامية، وقد أراد المركز من خلال إنشاء المتحف الإسهام في التعريف بالجوانب المشرقة للحضارة الإسلامية في الأزمان السالفة وفي النطاقات المكانية التي مرت بها. كما يهدف إلى حفز الأجيال المسلمة إلى استلهام تاريخها، والوعي بحضارة أمتها، وربط مستقبلها بماضيها.

 ويشتمل المركز على قاعة الملك فيصل التذكارية التي أُنشئت عام 1406هـ/ 1986م في بداية احتفالات مؤسسة الملك فيصل الخيرية بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشائها وإحياءً لذكرى الملك فيصل، رحمه الله، وإبرازاً لجوانبه القيادية، ومآثره، وإنجازاته، وأسلوب حياته، وتهتمّ بإبراز مختلف جوانب حياة الملك فيصل منذ نشأته وطفولته إلى استشهاده من خلال الصور واللوحات والمقتنيات الشخصية، وتعرض القاعة جانباً من رحلات الملك فيصل إلى دول العالم المختلفة، وتعكس حبّه للصحراء واصطياد الصقور، كما تضيء على أهم إنجازاته الوطنية، وتتناول استشهاده رحمه الله عام 1975م.

إصدارات

ويصدر عن المركز العديد من الإصدارات التي من أهمها: مجلة الدراسات اللغوية، وهي مجلة فصلية محكمة لنشر الأبحاث التي تعنى بدراسة النحو والصرف واللغويات والعروض، ومجلة الفيصل الثقافية وهي مجلة ثقافية عامة، ومجلة الفيصل العلمية وهي مجلة علمية عربية تصدر بالتعاون بين مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية صدر منها عدة أعداد في مجالات طبية تطبيقية
كما يشتمل المركز على دارة آل فيصل والتي أُنشئت في (1432هــ/ 2011م) وتسعى الدارة إلى جمع كل ما يتعلق بالملك فيصل؛ من الخطب والكلمات والمؤتمرات الصحفية التي صدرت عنه طوال مسيرته في خدمة الدين والوطن وفي مراحل مختلفة من حياته.
وتحتفظ خزانة الدارة بمجموعة من الصور والوثائق والمواد السمعية والبصرية التي توثق جهود أبناء وبنات الملك فيصل في خدمة الدين والوطن، وتمثِّل جزءاً لا يتجزَّأ من تاريخ المملكة العربية السعودية.
إن مركزاً مثل مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لمفخرة لكل عربي ومسلم وهو من واحدة من أعمال الخير أعمال الملك فيصل التي بره بها أبنائه بعد موته، فلا ينقطع عنه ريعها من الحسنات، مصداقاً لحديث خير البشر في الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال، «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، رواه مسلم.