2,488 عدد المشاهدات
مثَّلت الكويت ومنذ السنوات الأولى لحكم الشيخ صباح الأول (1756-1762م)، ميناءً مهماً في شمال الخليج العربي للتجارة القادمة من الهند والمتوجهة إلى الشام، وكذلك محطة مهمة للمسافرين والقوافل التجارية الراغبة في عبور الصحراء والمتوجهة بتجارتها إلى حلب.
ومع تلك الأهمية المتزايدة والمكانة الاستراتيجية للكويت كمركز تجاري، خصوصاً في عهد الشيخ عبدالله الصباح، الحاكم الثاني للكويت، والذي امتد إلى 50 عاماً، الذي كان عهداً مزدهراً شهد انتعاشاً اقتصادياً، برزت الحاجة لخدمات بريدية تصل الحواضر في ذلك الوقت، فبدأت أولى الخدمات البريدية فيها سنة 1775م، بانتقال مركز الخدمة البريدية إلى الكويت بدلاً من الزبير، بسبب حصار الفرس لمدينة البصرة في ذلك العام، ونتيجة لذلك قامت علاقة مباشرة بين الكويت وشركة الهند الشرقية، وأصبحت الكويت موقعاً مهماً لتقديم الخدمات البريدية للبريد القادم من الهند والمتجه إلى غرب آسيا.
وعينــت حكومــة الكويت آنذاك سعاة للبريد لإنجاز هذا العمل. وكانوا ينقلون الرسائل من وإلى مصانع شركة الهند الشرقية بالبصرة باستخــدام الجمــال، ونقــل الرسائـــــــل من الكويت إلى الشام عن طريق رحلة تستغرق من 14 إلى 20 يوماً يطلق عليها “خدمة بريـد الصحـراء السريعة” أوDESERT EXPRESS ، وتعدُّ أوَّلَ رحلة بريدية معروفة ومسجلة تلك التي انطلقت من الكويت إلى حلب بتاريخ 15 يوليو سنة 1775.
وبسبب الحروب الإنجليزية الفرنسية في العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر نقلت الكويت، عن طريق أسطولها التجاري، الرسائل القادمة من حكومة الهند الإنجليزية والمتجهة إلى لندن؛ نظراً لعدم تعرُّض تلك السفن للتفتيش، وكانت تلك السفن تنقل الرسائل من الهند إلى الكويت ليتمَّ إرسالها من هناك إلى أوروبا عن طريق حلب.
ومع بداية عام 1862م، تمَّ إنشاء خدمة حديثة نسبياً أدت إلى دخول عصر تجاري وسياسي جديد في منطقة الخليج، حيث تمَّ إنشاء خط بواخر للأغراض البريدية لتسير بين بومباي والخليج، ما أدَّى إلى زيادة وتحسين مواصلات الخدمات البريدية.
أول مكتب بريد
وفي عام 1904م وافقت الحكومة البريطانية على اقتراح بإنشاء مكتب بريد في الكويت، وقرَّرت إلحاقه بمكتب المعتمد السياسي البريطاني. كما وافق الشيخ مبارك الصباح بتاريخ 28 فبراير 1904م على القرار، وعلى عدم السماح لأي دولة أخرى بفـتــح مكـتـب بريـد فـي الكـويت. ولكـن هـذا المكتـب لـم يتخذ الصــورة الرسمية إلا بتاريخ 21/1/1915م، حين تمَّ افتتاح مكتب البريد الهندي في الكويت، وكان مقرُّه في مبنى مقر المعتمد السياسي البريطاني الواقع في منطقة شرق.
ومع بداية فتح ذلك المكتب بدأت الرسائل المرسلة من الكويت إلى الخارج تحمل الختم المخصص للكويت، والذي يحمل اسمها بالتهجئة الفرنسية “KOWEIT”، كما تمَّ جلب كميات كبيرة من الطوابع الهندية لدفع رسوم البريد، وكانت تحمل صورة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا وإمبراطور الهند في ذلك الوقت، إضافة إلى طوابع تحمل صورة سلفه الملك إدوارد السابع.
وفـــي عام 1922م تـــمَّ تبديل التهجئة الفرنســـية للختــــم لتتحــــول إلــــى الإنـجـلـيــزية كما تكتب حالياً”KUWAIT” . وقد تنوعت الأختام من خاصة للبرقيات وأخرى للبريد المستحق وكذلك ختم خاص بالرقابة في أثناء الحرب العالمية الثانية وأختام البريد المسجل، وكان الختم يستخدم ليبيِّن مصدر الرسالة وتاريخ إرسالها.
الطوابع
كانت الطوابع المستخدمة عند بدء نشاط مكتب البريد الهندي في الكويت عام 1915م هي الطوابع الهندية نفسها المستخدمة في الهند، وكانت قيمتها تدفع بالروبية الهندية، وهي العملة التي كانت سائدة بالكويت إلى تاريخ الاستقلال سنة 1961م. ومن أقدم الطوابع المستخدمة بالكويت الطابع الذي يحمل صورة الملك إدوارد السابع، والطابع الذي يحمل صورة الملك جورج الخامس.
وفي الأوَّل من إبريل صدرت أول مجموعة طوابع باسم الكويت بالتهجئة الإنجليزية على الطوابع الهندية المراد استعمالها في الكويت، لتطرح للبيع والاستعمال العام، واستمرَّ استخدام هذه الطوابع حتى عام 1948م.
بريد بري
عُدَّ مكتب المعتمد البريطاني بالكويت منذ افتتاحه مكتب البريد (غير الرسمي) الذي كان الناس يتسلمون منه رسائلهم القادمة من الخارج، ويسلمون الرسائل باليد إلى أحد موظفيه. وكان الناس يشترون الطوابع عن طريق أقربائهم وأصدقائهم الذين كانوا يسافرون إلى الهند وبوشهر ويجلبونها لهم من هناك.
وقد استمرت هذه الخدمة (غير الرسمية) نحو إحدى عشرة سنة (1904-1915) إلى أن تمَّ افتتاح المكتب رسمياً في يناير عام 1915.
وفي سنة 1927م أمكن تسيير أول سيارة إلى البصرة عن طريق المطلاع وصفوان، وبذلك أصبح البريد ينقل عن طريق البر بين الكويت والبصرة.
بريد جوي
تمَّ افتتاح خط بريد جوي بين بغداد والقاهرة عندما بدأت الخطوط الملكية البريطانية في المرور بهذا الخط ابتداءً من أول يناير عام 1927م، وقد تمَّ نقل الكثير من الرسائل من الكويت إلى الدول المختلفة عبر هذا الخط، حيث كان يتم إرسال الرسائل الصادرة والواردة من الكويت عن طريق قارب تابع لمكتب المعتمد السياسي البريطاني من الكويت إلى البصرة.
وفي ديسمبر من عام 1932م أصبحت الكويت إحدى المحطات التابعة للتوسعة لخط بريد البصرة إلى كراتشي، والذي كان يقوم بنقل البريد من كراتشي إلى لندن وبالعكس مروراً بالشارقة والبحرين والبصرة.
وابتداءً من عام 1933م أصبح البريد الجوي من الكويت وإليها منتظماً، حيث كانت الطائرات القادمة تهبط خارج السور ليتم تسلم الرسائل والطرود القادمة إلى الكويت منها وتسليمها الرسائل الصادرة من الكويت.
وقد عمل الكويتيون في مكتب البريد الهندي منذ عام 1919م، عند تأسيسه، حيث اشتغل بعضهم سعاة للبريد في البداية، وارتقوا بالرتب إلى أن وصل بعضهم إلى مراكز إدارية عليا.
نفط الكويت
بدأت شركة نفط الكويت بإدارة مكتب البريد الخاص بها والكائن في شارع فهد السالم منذ عام 1946م، بعد أن توسعت أعمال التنقيب عن النفط والإنتاج والتصدير، ما أدَّى إلى زيادة عدد الموظفين التابعين لها بصورة كبيرة وانتشار مكاتبها ومراكز أعمالها في جميع أنحاء الكويت. وكان هذا المكتب مستقلاً عن مكتب البريد الهندي الذي كان يدير شؤون البريد في الكويت ممثلاً للحكومة البريطانية، وقد تمَّ نقل مكتب بريد الشركة إلى الأحمدي في نهاية الأربعينيات.
وفي الأول من مايو 1950م، أصبح هذا المكتب تابعاً لمكتب البريد البريطاني الذي تسلَّم مسؤولية إدارة البريد في الكويت من البريد الهندي ابتداءً من الأول من إبريل عام 1948م، لكنه استمرَّ تحت إدارة شركة نفط الكويت التي أصبحت تديره بالوكالة عن البريد البريطاني.
طوابع وطنية
كانت هناك عدة محاولات ترجع إلى عام 1947م لإصدار طوابع وطنية للكويت، وبالفعل تمَّ إصدار طوابع تذكارية في شهر فبراير من الأعوام 1947م، 1948م، 1949م، 1950م بمناسبة ذكرى عيد الجلوس للمغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح.
ولم تكن هذه الطوابع تحمل قيمة معينة. كما أنها لم تستخدم لتحصيل رسوم البريد، على الرغم من أنها كانت تلصق على الرسائل الصادرة من الكويت إلى الخارج بجانب الطوابع البريدية، وقد تمت طباعة هذه الطوابع في مصر.
كما كانت هناك طوابع مالية صدرت في الفترة نفسها من الأربعينيات وكانت تُسْتَخْدَمُ لتحصيل الرسوم المالية للحكومة، وكانت تحمل صورة المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح أيضاً.