2,220 عدد المشاهدات
دبي – مركز جمال بن حويرب للدراسات:
أكد الباحث والمستشار جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أن مكتبة دبي الرقمية التي لم يمضِ على إطلاقها سوى ثلاث سنوات أصبحت الأولى عربياً من حيث المحتوى والتنوع المعرفي؛ إذ ستضم نحو مليون عنوان في العام المقبل، من مائة ألف عنوان في 2018.
في أمسية معرفية نظمها مركز جمال بن حويرب للدراسات بعنوان «مكتبة دبي الرقمية منصة لحفظ وإتاحة التراث»، تحدث فيها الدكتور خالد عبد الفتاح محمد مدير المكتبة، وقدمه الشاعر والصحفي حسين درويش بحضور نخبة من الباحثين والمثقفين والمتخصصين والإعلاميين، يتقدمهم الباحث التراثي عبد الله بن جاسم المطيري، الكاتب والشاعر د. شهاب غانم، د. خالد الوزني المستشار السابق في المؤسسة، الكاتب والإعلامي د. شاكر نوري، الكاتب محمد صالح بداه والباحث التراثي راشد بن هاشم وآخرون.
وقال بن حويرب: إن من أهم ما يميز رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة هو إيمانها العميق بتطوير الإنسان، الذي يعد محور التنمية في كل المجالات. وتسعى الدولة من خلال بناء وتنمية رأس المال البشري نحو التميز واحتلال المراتب الأولى في كل مجالات التنمية على المستوى العالمي، بحيث تكون أنموذجاً بارزاً للنجاح والتميز.
وقد وضعت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة رؤية متكاملة لتطوير مكتبة دبي الرقمية، بحيث تكون المكتبة الرائدة عالمياً في إتاحة الوصول إلى مواد المعرفة من دون حدود، لتمثل نموذجاً فريداً لمكتبات المستقبل.
عصر المعرفة
وتحدث الدكتور خالد عبد الفتاح، مدير المكتبة، فقال: لقد سعت مكتبة دبي الرقمية منذ البداية نحو ترسيخ مبادئ النفاذ إلى المعرفة التي تعد المنطلق الأساسي لكل مبادرات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. وقد وضعت المؤسسة رؤية متكاملة لآفاق الوصول إلى المعلومات ومشاركة المعرفة، تعتمد في الأساس على أن المعرفة حق للجميع، وهي السلعة والمنتج والخدمة الأكثر أهمية في العصر الحالي الموسوم بعصر المعرفة.
ولعل أهم الآفاق الجديدة التي قدمتها مكتبة دبي الرقمية تشمل ثراء المحتوى الرقمي، حيث إن المكتبة تتميز بأنها من أكبر المكتبات العربية المفتوحة من حيث حجم المحتوى المتاح، الذي يبلغ أكثر من ربع مليون عنوان، تحتوي على ما يزيد على مليونين و600 ألف مادة رقمية مميزة، ما بين كتب وملخصات وصحف ومجلات ومقالات وبحوث ومواد تراثية تغطي كل مجالات المعرفة البشرية، في تنوع فريد ومميز، وبمعدلات نمو وزيادة سريعة، ولا سيما في مجال علوم الحاسوب والمعلومات، الأعمال العامة، العلوم الاجتماعية، العلوم التطبيقية، الأديان، الآداب، العلوم الطبيعية والرياضيات والتاريخ والجغرافيا العامة.
تميز وجودة
وأضاف الدكتور المحاضر: تتميز المكتبة في مجال المحتوى الرقمي من الناحية الكمية بالشراكات وآفاق التعاون المحلية والإقليمية والعالمية. وتتفرد في مجال الكتب العربية التي تشهد اهتماماً عالمياً غير مسبوق، إذ وضعت المكتبة منذ البداية ضمن أهدافها الاستراتيجية التميز والتفرد في جودة المحتوى العربي، بغرض سد الفجوة المعرفية والرقمية التي يواجهها القارئ العربي، ولخدمة اللغة العربية والقراء باللغة العربية في كل أنحاء العالم.
وقال: كانت كبيرةً للغاية سعادةُ بعض المؤسسات الأجنبية التي زرتها، إضافة إلى كثير من العرب وخاصة في الخارج، بوجود مكتبة عربية مفتوحة تتيح لهم الوصول إلى الكتب العربية، لتفرد المكتبة في مجالات التنمية البشرية وتنمية المؤسسات وقصص الأطفال التي تراعي القيم والأخلاق العربية.
واستطرد: كما أتاحت مكتبة دبي الرقمية حق الوصول إلى المعرفة من خلال منصتها المفتوحة لجميع المواطنين والمقيمين بدولة الإمارات، بحيث يتمكن أي إنسان على أرض دولة الإمارات من النفاذ إلى المعرفة بسهولة ومجاناً لكل المواطنين، مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لكل دور النشر المحلية والإقليمية والعالمية، كما أن المنصة أيضاً تدعم النفاذ إلى المعرفة على المستوى العالمي من خلال دعم مبادرات الوصول الحر إلى المعلومات والمحتوى المجاني، الذي يبلغ أكثر من 50% من المحتوى المتاح على المنصة.
أسعار رمزية
وتحدث الدكتور خالد عن آليات الوصول إلى المعرفة فقال: إنها تتمثل في توفير المحتوى غير المجاني بأسعار رمزية مدعومة من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وبالاتفاق مع دور النشر التي تسعى إلى خدمة المعرفة والوصول إلى أبعد الآفاق من خلال منصة مكتبة دبي الرقمية العالمية.
وضرب الدكتور خالد مثلاً على ذلك في كتابه الذي يحمل عنوان المحاضرة ويباع في الأسواق بثمانين درهماً، في حين يمكن شراؤه من المكتبة الرقمية بما لا يزيد على خمسة دولارات.
وأضاف: سعت مكتبة دبي الرقمية منذ اللحظة الأولى إلى التوافق مع تطبيقات الهاتف المحمول من خلال بناء منظومة تطبيقات ذكية تتوافق مع أنظمة «أندرويد» و«آي أو إس»، ويمكن تحميل التطبيقات من منصات «غوغل» و«أبل ستور». كما سعت أيضاً في تطويرها للواجهات الأمامية للويب أن تعمل وفقاً لمبدأ الهاتف المحمول أولاً Mobile First وهو نموذج التطوير في كل الواجهات التي تقوم مكتبة دبي الرقمية بتطويرها.
وأكد أن مكتبة دبي الرقمية وضعت رؤية متكاملة لمستقبل المكتبات الرقمية تعتمد على المشاركة بين كل أطراف منظومة المكتبات؛ بداية من المؤلف إلى المستخدم والمستفيد. وتعتمد تلك الرؤية المستقبلية على الربط بين عناصر المنظومة، التي تشمل المؤلف والناشر ومنتج المحتوى الرقمي وأدوات الإتاحة المتمثلة في المكتبات الرقمية.
وتعتمد آفاق التطوير المستقبلي على بناء بيئة تفاعلية متكاملة (الكل في واحد) بحيث تجمع تلك البيئة في طياتها مجموعة متكاملة من البوابات الفرعية تشمل إلى جانب بوابة المكتبة الرقمية، بوابة المؤلفين وبوابة للناشرين للمحتوى الرقمي، وبوابة المستفيدين، وبوابة إدارة الحقوق الرقمية، وبوابة المعايير وأدوات إنتاج المحتوى الرقمي.
تفاصيل مهمة
وتحدث الدكتور خالد عبد الفتاح عن توصيف المنظمة العربية للعلوم والثقافة «اليونسكو» لمفهوم التراث، كتراث ثقافي وبيئي وهجين، وأن منصة مكتبة دبي الرقمية تسعى إلى تحقيق هذا التوصيف العالمي من خلال استراتيجيتها التي وضعتها منذ انطلاقتها في العام 2016.
أما عن دور المكتبة الرقمية فيتلخص في (الحفظ- التنظيم – الإتاحة – الاستعمال- الاستشهاد- قياس الأثر المعرفي ثم الإدارة).
وتضم مكتبة دبي الرقمية عدة مكتبات؛ أهمها مكتبة زايد التي تم إطلاقها بالتزامن مع «عام زايد»، بهدف توثيق كلِّ ما كتب أو نشر عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، حيث يمكن لزوار المكتبة الدخول لرابط «مكتبة زايد» والاطلاع على جميع الكتب أو الفيديوهات الخاصة بالراحل الكبير، والتي يبلغ عددها 500 مادة مكتوبة ومُصوّرة، ويمكن للجهات والمؤسَّسات المشاركة كذلك في بناء «مكتبة زايد»، من خلال إضافة المواد والكتب التي تسلط الضوء على مسيرة القائد المؤسس.
وهناك المكتبة البارالمبية، الأدبية، التاريخية، مكتبة الفضاء، الطاقة ومكتبة «إي بوب» -“ePub”.
ورداً على التساؤل الذي طرحه على الحضور: لماذا نحتاج إلى المكتبات الرقمية؟ وعن معدلات نمو القارة الإلكترونية لدى القراء؟ أجاب الدكتور عبد الفتاح قائلاً: هي تلقي الضوء على تطور المجتمعات من بدائي إلى زراعي فصناعي، ثم مجتمع المعلومات وأخيراً مجتمع المعرفة. وتكمن أهمية الحفظ الرقمي في حماية المكتبات من الحرائق، ومن تلف المواد وصعوبة الترميم، وكذلك من السرقات والنهب، وفي حفظ الأصول والإتاحة العالمية للاستفادة من محتوياتها، وفي سهولة التهجير وإعادة الاستخدام.
واختتمت المحاضرة بحوارات قيمة أسهم فيها عدد من الحاضرين.
المحاضر في سطور
د. خالد عبد الفتاح محمد، مدير مكتبة دبي الرقمية وحلول المحتوى، أستاذ علوم المعلومات والمكتبات ومدير اتحاد المكتبات الجامعية المصرية بالمجلس الأعلى للجامعات.
*دكتوراه الفلسفة في المكتبات والمعلومات من جامعة بتسبرج في الولايات المتحدة الأمريكية – يناير 2004
*ماجستير في المكتبات والمعلومات من جامعة القاهرة عام 1999.
مؤلفاته: 25 بحثاً و6 كتب آخرها «تمثيل المعرفة واسترجاع المعلومات الرقمية» الصادر عن قنديل للطباعة والنشر والتوزيع – 2019.