1,099 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
عندما عادت بي الذاكرة إلى سنة 1994 وتحديداً إلى اليوم الذي بدأت فيه حرب توحيد اليمن والقضاء على الدولة الشيوعية في (عدن) تذكرت مشاعر الفرح التي غمرتني بل قلتُ للإخوة إنّ هذا انتصار عظيم، حيث عادت اليمن مرةً أخرى دولةً واحدةً تصوم رمضان وتحتفل بالأعياد معاً وليس كما كان في العهد الماضي وتحت رايةٍ يمنيةٍ واحدةٍ .
ولم أنتبه حينئذٍ بأنّها حربٌ غربية بالوكالة على الشيوعية أيدتها الدول الغربية فسقط نائب الرئيس الجنوبي علي سالم البيض وهرب من أرضه بعد أن خُدع بفكرة الوحدة سنة 1990 واكتشفت أنه لم يكن يفرّق ما بين الوحدة الاندماجية التي ارتضاها لحكومته مع اليمن الشمالي جهلاً منه والحكومة الفيدرالية!.
هكذا تمكن الغرب من القضاء على معقل مهم للروس في الجزيرة العربية في يوليو من عام 94، ولكن الرئيس اليمني المنتصر لم يشعر أن هناك مؤامرة أخرى تُحاك ضده للقضاء على الحكم الجمهوري التي أرسى قواعده الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وقضى به على الملكية، فخرج علي صالح مزهواً بما تحقق له وقد ساندته جميع الأحزاب ومنها جماعة المتأخونين.
وفي هذه الأثناء كان حسين الحوثي في صعدة يجمع المؤيدين له بحجة الرجوع إلى فقه الإمامة الزيدية الجارودية المتطرفة، فبلغت إحدى مخيماتهم التعليمية عشرين ألف طالب، والذين تحولوا فيما بعد إلى تنظيم مسلّح كما فعل تماماً داعي دعاة الفاطميين في اليمن ابن حوشب حتى أسس دولته فيها كما سنرى بعد قليل.
اليمن في قبضة ابن حوشب الفاطمي
استقر الأمر لابن حوشب الكوفي الشيعي داعية محمد الحبيب في اليمن بعد أن استطاع بسخائه ودهائه أن يسيطر على مناطق كثيرة من اليمن بل أرسل دعاته إلى مكة والبحرين والهند والسند حتى قويت شوكته وأقنع جمعاً من قبائل كتامة البربرية بمذهبه وبهم استطاع عبيدالله بن محمد الحبيب تكوين دولته في المغرب.
يقول ابن خلدون: «ملك ابن حوشب صنعاء من بني يعفر وفرّق الدعاة في اليمن واليمامة والبحرين والسند والهند ومصر والمغرب»، قلتُ : لم تنتبه الدولة الزيادية لهذا الخطر لأنهم ينظرون إلى هؤلاء الدعاة بأنّهم دراويش زهّاد ومن يحيط بهم من تلاميذ هم من طلبة العلم.
ولكنّ الحقيقة التي تكررت كثيراً في التاريخ الإسلامي أنّ هذه المخيمات تتحول إلى معسكرات تدريب لتقويض العروش والاستيلاء على الدول كما فعل ابن حوشب في اليمن وفعل أيضاً داعيته أبو عبدالله المشرفي الشيعي في المغرب.
وقد بلغت أخباره ابن الأغلب صاحب القيروان في تونس «فأرسل إلى عامل أرض (ميلة) يسأله عن أمره فحقره وذكر أنه رجل يلبس الخشن، ويأمر بالعبادة والخير، فأعرض عنه»، كما يقول ابن خلدون.
وأقول : هذا سبب فتن المسلمين كلها أنهم يغفلون عن الشر والدعوات الهدّامة والحركات السياسية المتسترة بستار الدين والزهد حتى إذا قويت شوكتهم أكلوا الأخضر واليابس وملكوا دولاً عظيمة كأرض (مصر) كما فعل العبيديون الإسماعليون بعد ملك المغرب انتقلوا استولوا على أرض الكنانة لقرون، ومثلهم الصفويون الدراويش الذين تحولوا إلى أقوى جيش مسلح.
وفي العصر الحديث نرى الحوثيين الذين بدأ أمرهم بتعلم المذهب الجارودي الزيدي ولكنّ الحقيقة أنهم يريدون ملك اليمن وقد تحقق لهم مرادهم ولكن أسرع بكثير مما كان يُظنُّ، وفي أقل من اثنتين وعشرين سنة وبدعم واضح من الغرب للقضاء على قوة الجيش اليمني وتمزيقها وجعل المنطقة تفور من الفتن والمصائب.
وإنّ هناك تقاسماً للغنائم بين كل المشتركين في هذا الانقسام اليمني الخطير كالدول الغربية وإيران وروسيا، والخاسر الأول والأخير هم اليمنيون وأبناء الجزيرة العربية إذا لم تقم دول مجلس التعاون بعمل حلٍّ جذري وقوي لهذه المصيبة الحوثية.
هكذا تمكن الغرب من القضاء على معقل مهم للروس في الجزيرة العربية في يوليو من عام 94، ولكن الرئيس اليمني المنتصر لم يشعر أن هناك مؤامرة أخرى تُحاك ضده للقضاء على الحكم الجمهوري التي أرسى قواعده الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وقضى به على الملكية، فخرج علي صالح مزهواً بما تحقق له وقد ساندته جميع الأحزاب ومنها جماعة المتأخونين.
وفي هذه الأثناء كان حسين الحوثي في صعدة يجمع المؤيدين له بحجة الرجوع إلى فقه الإمامة الزيدية الجارودية المتطرفة، فبلغت إحدى مخيماتهم التعليمية عشرين ألف طالب، والذين تحولوا فيما بعد إلى تنظيم مسلّح كما فعل تماماً داعي دعاة الفاطميين في اليمن ابن حوشب حتى أسس دولته فيها كما سنرى بعد قليل.
اليمن في قبضة ابن حوشب الفاطمي
استقر الأمر لابن حوشب الكوفي الشيعي داعية محمد الحبيب في اليمن بعد أن استطاع بسخائه ودهائه أن يسيطر على مناطق كثيرة من اليمن بل أرسل دعاته إلى مكة والبحرين والهند والسند حتى قويت شوكته وأقنع جمعاً من قبائل كتامة البربرية بمذهبه وبهم استطاع عبيدالله بن محمد الحبيب تكوين دولته في المغرب.
يقول ابن خلدون: «ملك ابن حوشب صنعاء من بني يعفر وفرّق الدعاة في اليمن واليمامة والبحرين والسند والهند ومصر والمغرب»، قلتُ : لم تنتبه الدولة الزيادية لهذا الخطر لأنهم ينظرون إلى هؤلاء الدعاة بأنّهم دراويش زهّاد ومن يحيط بهم من تلاميذ هم من طلبة العلم.
ولكنّ الحقيقة التي تكررت كثيراً في التاريخ الإسلامي أنّ هذه المخيمات تتحول إلى معسكرات تدريب لتقويض العروش والاستيلاء على الدول كما فعل ابن حوشب في اليمن وفعل أيضاً داعيته أبو عبدالله المشرفي الشيعي في المغرب.
وقد بلغت أخباره ابن الأغلب صاحب القيروان في تونس «فأرسل إلى عامل أرض (ميلة) يسأله عن أمره فحقره وذكر أنه رجل يلبس الخشن، ويأمر بالعبادة والخير، فأعرض عنه»، كما يقول ابن خلدون.
وأقول : هذا سبب فتن المسلمين كلها أنهم يغفلون عن الشر والدعوات الهدّامة والحركات السياسية المتسترة بستار الدين والزهد حتى إذا قويت شوكتهم أكلوا الأخضر واليابس وملكوا دولاً عظيمة كأرض (مصر) كما فعل العبيديون الإسماعليون بعد ملك المغرب انتقلوا استولوا على أرض الكنانة لقرون، ومثلهم الصفويون الدراويش الذين تحولوا إلى أقوى جيش مسلح.
وفي العصر الحديث نرى الحوثيين الذين بدأ أمرهم بتعلم المذهب الجارودي الزيدي ولكنّ الحقيقة أنهم يريدون ملك اليمن وقد تحقق لهم مرادهم ولكن أسرع بكثير مما كان يُظنُّ، وفي أقل من اثنتين وعشرين سنة وبدعم واضح من الغرب للقضاء على قوة الجيش اليمني وتمزيقها وجعل المنطقة تفور من الفتن والمصائب.
وإنّ هناك تقاسماً للغنائم بين كل المشتركين في هذا الانقسام اليمني الخطير كالدول الغربية وإيران وروسيا، والخاسر الأول والأخير هم اليمنيون وأبناء الجزيرة العربية إذا لم تقم دول مجلس التعاون بعمل حلٍّ جذري وقوي لهذه المصيبة الحوثية.
نشر في البيان بتاريخ: 18 فبراير 2015