مراهنات لادبروكس وفوز مو يان الصيني بنوبل الأدب

مقالات متنوعة

 687 عدد المشاهدات

الكاتب: جمال بن حويرب

لا شكّ أنّ جائزة «نوبل» لها وقع كبيرٌ وتقديرٌ عظيم في نفوس العلماء والشعراء والأدباء وجميع من يقدّر هذه الجائزة من العالمين، وكان من أمر هذه الجائزة أن أوصى بها العالم الكيميائي ومخترع الديناميت ألفرد نوبل في سنة 1895م ثم قام بالتصديق عليها في المجلس السويدي النرويجي في 27 نوفمبر من نفس العام، ويقال إنّه شعر بالحزن الشديد والذنب بسبب اختراعه للديناميت الذي أراد به حفر المناجم في بدايته، ولكنه استخدم في الحروب بقسوة وأدّى إلى ارتفاع عدد ضحايا المعارك فكانت هذه الجائزة تكفيراً عن ذنبه كما ظنّ ورصد لها معظم ماله والذي بلغ يوم وفاته 30 مليون كورونا سويدية وأوصى أن تستثمر هذه الأموال لمنح خمس جوائز في مجال العلوم والأدب والسلام ، وقد أقيم أول حفل لهذه الجائزة العالمية سنة 1901م ومنذ ذلك الحين والعلماء يتسابقون إلى الفوز بها، ومن شاهد منكم منذ سنوات الفيلم الرائع «العقل الجميل» سيعلم كيف ينتظر العلماء في أمريكا هذه الجائزة بفارغ الصبر حتى وضعوا لها بعض التقاليد بينهم.

لم يفز من العرب بهذه الجائزة غير الأديب الروائي الراحل نجيب محفوظ في سنة 1988م ولم أذكر أحمد زويل وهو عربي الأصل ولكنه يحمل الجنسية الأمريكية وفاز أيضا على عمله في مجال العلوم وأنا أتحدّث هنا عن نوبل للأدب، وكم حاول الشاعر علي أحمد سعيد المعروف بـ”أدونيس” أن يفوز بها وكنت أظنه سيفوز العام الماضي لأنّ اسمه طُرح مراراً ولكنّه يخسر في كلّ مرّة ولعلّ هناك من يعرقل ترشحه لنوبل، وإذا لم يظفر بها الآن فمتى سيتحقق له هذا الحلم لأنّه بلغ من العمر عتيّا، وقد تكون تصريحاته ضد المقاومين السوريين أدت إلى عدم فوزه والله أعلم، لأنّهم منحوا اليمنية “توكّل كرمان” المولودة سنة 1979 جائزة نوبل بسبب جهودها في بلادها وحراكها الشعبي وكأنّي بأعضاء لجنة نوبل يتعمّدون اختيار الأشخاص الذين لهم جهود خاصة في مقاومة ظلم الطغاة أو الحكام بأية طريقة كانت كما فعلوا هذه السنة مع الروائي الصيني “مو يان”.
من فوائد نوبل أنها تعرفنا بأناس لم يخطروا على بال أحد، فلولا نوبل لم أعرف مو يان* إذ لم أقرأ له من قبل وأنا من الأصل لم أقرأ إلا قليلا في الآداب الصينية القديمة خاصة فيما يتعلق في أدب الرحلات والشعر، ولا أعرف كثيراً من أدبائها بسبب عزلة اللغة الصينية عنّا التي لا أعرف منها إلا كلمتين “شي شي” وتعني شكراً و “ني هاو” وتعني كيف حالك، وكذلك استمتع بالذهاب إلى سوق التنين الصيني في إمارة دبي لأنّه مبهر وعجيب حقاً، والصين وحدها في نظري التي يمكن أن تُسمّى بلاد العجائب التي لا تنتهي لأنّ حضارةَ أهلها متصلةٌ منذ آلاف السنين وليس كمثل الحضارات الأخرى التي انقطعت وحالت القرون بينها مثل الحضارة الفرعونية المصرية وغيرها، وقد تسألوني أيهّا الأعزاء من هو” مو يان” هذا وماذا عنيت بمراهنات لادبروكس؟!
أما عن شركة لادبروكس فهي شركة مراهنات بريطانية قديمة عُرفت بهذا الاسم من سنة 1902 وتملك محلات كثيرة لها في بريطانيا وإيرلندا وقد قامت بشراء جميع فنادق “هيلتون” خارج الولايات المتحدة من سنة 1999 حتى عام 2006 ، وتحتل مكانة خاصة عند المرشحين لجائزة نوبل فهي تضع قائمة الأقرب حظاً لنيلها وتبدأ المراهنات عليهم وهذا مما يثير عجبي الشديد لأنهم يراهنون على كل شيء حتى في الآداب والجوائز! وقد برز اسم الشاعر “أدونيس” عدة مرّات في قائمتهم من غير توفيق، وأنتم تعلمون حكم الإسلام في المراهنات ولا داعي أن أذكره لكم وبقي أن نختم ببعض المعلومات عن الصيني الفائز “مو يان”.
«غوان موييه» هو الاسم الحقيقي لـ«مو يان» الاسم المشهور له الذي يعني (لا تتكلم) وكأنّه اختار هذا الاسم المستعار ليسخر من مجتمعه الذي يكره النقد والاعتراض كما يقولون، وهو من مواليد سنة 1955 ، وقد ألف روايات كثيرة مثل: “جمهورية النبيذ”، ورواية “الحياة والموت ينهكاني” وكلها تجمع بين الخيال والواقع وهذا الأسلوب قرّبه من الفوز بالجائزة حتى فاز بها كما ذكرت اللجنة التي اختارته، وأقول: قد يكون خروج مو يان عن المألوف في وطنه، ونقده اللاذع الأدبي لحكومته له دور أيضا، لأنه ألف رواية جنسية أثارت خلافاً واسعاً في مجتمعه، وقد تكون هذه الرواية -التي لا أستطيع كتابة اسمها- هي المرجّحة له حقيقة، أو لأسبابٍ سياسية أخرى نجهلها.

نشر في البيان
بتاريخ: 18 أكتوبر 2012