1,931 عدد المشاهدات
الكاتب: خليل البري
كثير من المراقبين والمتابعين، داخل الإمارات وخارجها، يعتقدون أنَّ المغفور له – بإذن الله تعالى – الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني نهضة دبي الحديثة، هو رجل اقتصاد وبناء من الطراز الأول، وهذا صحيح، ويظنون أنَّ اهتماماته بالرياضة وشؤونها، ربما تأتي في درجة ثانية، ولعمري هذا يحتاج إلى مزيد من التوضيح. كوني عاصرت الشيخ راشد، رحمه الله، لأكثر من خمسة عشر عاماً الأخيرة من عمره، وكتبت عنه في مجلة «أخبار دبي»، ومن بعدها صحيفة «البيان»، أقول لكل هؤلاء، وللتاريخ: إنَّ هذا الشيخ الباني، كان قائداً ملهماً، في الاقتصاد والبناء، في التخطيط والإدارة، في التعليم والرياضة، وفي معظم مناحي الحياة الحديثة.
أقول وقد مضى على كتابة هذا التحقيق الصحافي أكثر من 45 عاماً، أي نحو نصف قرن؛ إذ نشرناه في «أخبار دبي»، في العدد 29 تاريخ 15 يوليو/ تموز 1976، وتابعنا تنفيذه في العدد 42 الصادر في 21 أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته.
حيث يؤكد التحقيق أنَّ اهتمام الشيخ راشد بالشباب والرياضة وبناء الإنسان، لا يقل عن اهتمامه ببناء المساكن للمواطنين، وإنشاء الموانئ والمطارات والمدارس، وتوفير الطرقات المعبدة والمياه والكهرباء، في أنحاء الإمارة كافة، بغية توفير الحياة الكريمة وتحقيق السعادة لكل قاطنيها من مواطنين ومقيمين.
وكان، رحمه الله، حريصاً على حضور معظم المباريات الرياضية، سواء في كرة القدم، أو سواها، ومتابعاً شغوفاً لكل سباقات الخيل والهجن في دبي، وفي غيرها من إمارات الدولة.
420 مليوناً للرياضة
جاء في التحقيق الأول: «قرَّر سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي، تخصيص مبلغ (100) مليون درهم لإنشاء مدرجاتٍ ومبانٍ للأندية في دبي».
أعلن ذلك سمو الشيخ حمدان بن راشد، وزير المالية والصناعة، رئيس المجلس البلدي، في مؤتمر صحفي عقده صباح أمس بحضور معالي السيد راشد بن حميد وزير الشباب والرياضة، وممثلي الأندية سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم عن نادي الوصل، وسمو الشيخ مانع بن خليفة آل مكتوم عن نادي النصر، والسيد بطي بن بشر عن نادي الشباب، والسيد عبد الله الأنصاري عن النادي الأهلي، وهي الأندية التي ستستفيد من هذا الدعم للرياضة في دبي. وحضر المؤتمر كذلك السيد سعيد بن ناصر وكيل وزارة الشباب والرياضة، وعدد من رؤساء أجهزة الإعلام وممثلي الصحافة في دبي.
وذكر سمو الشيخ حمدان بن راشد أنَّ سمو الحاكم قرَّر في الوقت ذاته تخصيص مبلغ (320) مليون درهم لإنشاء مدينة رياضية في دبي، وهو المشروع الذي كانت بلدية دبي قد أجرت منافسة عالمية لتصميمه، وفازت به إحدى الشركات البريطانية.
وأعرب سموه عن الأمل في إتمام إنشاء هذه المدينة الرياضية، وكذلك المدرجات والمباني الخاصة بالأندية خلال سبعة وعشرين شهراً. وقال: إنَّ أسلوب تنفيذ المشاريع الخاصة بالأندية الرياضية لم يتم إقراره بعد؛ إذ إنَّ الحكومة قد تتولى بنفسها إقامة المنشآت المطلوبة، أو تعهد إلى مؤسَّسة متخصصة لتنفيذ هذه المشاريع، أو تفوِّض كلَّ نادٍ بتنفيذ المشروع الخاص به في حدود المبلغ المخصَّص له، وهو (25) مليون درهم، على أن يكون ذلك تحت الرقابة الحكومية.
وقد علق وزير الشباب والرياضة السيد راشد بن حميد على هذه القرارات، فأعرب باسم شباب دولة الإمارات عن شكره لسمو الشيخ راشد بن سعيد على تخصيصه هذه المبالغ لنهضة الرياضة وتطورها في البلاد.
وقال: إنَّ هذا الدعم الكبير من شأنه أن يمكِّن الوزارة من تنفيذ برنامجها للنهوض بالرياضة في البلاد خلال ثلاث سنوات فقط بدلاً من خمس سنوات، كما كان مقرراً من قبل.
وقال: إنَّ هذا الدعم الكبير من سمو الشيخ راشد إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على مدى اهتمام سموه ببناء المواطن إلى جانب بناء الوطن. وستقوم وزارة الشباب بالتعاون مع بلدية دبي بتخصيص المواقع التي ستقام عليها المنشآت الرياضية في المدينة، بحيث يأتي التوزيع الجغرافي ملبياً لحاجة المدينة بأسرها. وكذلك ستتعاون الوزارة والبلدية في إجراء مسابقة لإعداد تصاميم هذه المنشآت الرياضية وفق أحدث الأسس المستجيبة لكافة احتياجات الأندية.
وأشار معالي وزير الشباب إلى المشاريع الرياضية الأخرى الجاري تنفيذها في البلاد، فذكر أنَّ الوزارة أنشأت ثلاثة أندية في أبوظبي، وقد بلغت تكاليف المرحلة الأولى لمباني هذه الأندية التي ستتم خلال الشهرين المقبلين مليوناً ونصف مليون درهم.
وستباشر الوزارة بعد ذلك تنفيذ المرحلة الثانية، وتبلغ تكاليفها نحو (30) مليون درهم. وتقرر كذلك إنشاء مجمعين للرياضة في الشارقة تبلغ تكاليف كل منهما نحو (20) مليون درهم.
دعم النشاط الرياضي
وتحدث سمو الشيخ أحمد بن راشد، بوصفه الرئيس الفخري لنادي الوصل، باسم الأندية، قائلاً: إنَّ قرار سمو الشيخ راشد بن سعيد تخصيص مبلغ 25 مليون درهم لكل نادٍ في دبي من شأنه أن يجعل هذه الأندية تقف على أرجلها وتمضي في أداء رسالتها نحو المجتمع.
وكذلك فإنَّ هذا القرار من شأنه أن يدعم النشاط الرياضي في البلاد كافة، لما يتيحه من مجال أمام وزارة الرياضة لتوجيه إمكاناتها لخدمة الشباب.
أما سمو الشيخ مانع بن خليفة فتحدث باسم نادي النصر، وأعرب عن سعادته لمساواة القرار بين الأندية بغض النظر عن حجمها الحالي. وقال: إنَّ كلَّ نادٍ مخلص لرسالته ويهمه دائماً أن يرى إلى جانبه منافسين أقوياء، فبذلك وحده يتصاعد التنافس وتكون النتيجة نهضة شاملة للرياضة.
التحقيق الثاني
في هذا التحقيق الذي نشرته «أخبار دبي» في العدد 42 الصادر يوم 21 أكتوبر 1976م، نتابع تنفيذ الأمر السامي للمغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، القاضي بتخصيص مبلغ 420 مليون درهم، لإنشاء مدينة رياضية، وأربعة مجمعات رياضية في دبي، لتخدم شباب الإمارة بصورة عامة، ورياضييها بخاصة.
جاء في التحقيق:
«في كل يوم يرتفع في دبي أكثر من بناء شامخ ليضمَّ العدد المتزايد من المصالح متعددة الأغراض. وعلى فترات متلاحقة يفاجئ صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، حاكم دبي، الناس، بتوقيعه على اتفاقيات لإقامة مشاريع اقتصادية كبرى من شأنها تغيير وجه هذا البلد ليصبح وطناً نابضاً بالحياة والازدهار.
ولكن راشد بن سعيد لم يأمر هذه المرة ببناء عمارة تجارية، ولم يوقِّع اتفاقاً لمشروع صناعي، بل أمر ببناء أربعة مجمعات رياضية بعد أن أمر بإنشاء مدينة رياضية في دبي، لبناء ورعاية الإنسان في هذا البلد، ليواكب بناء البشر، بناء الحجر».
اتفاقية الإنشاء
في يوم السبت الماضي، وبأمر من صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد، وبتوجيه من سمو الشيخ حمدان بن راشد، وزير المالية والصناعة، رئيس المجلس البلدي في دبي، وقَّع سعادة أحمد الموسى مدير مكتب سمو الحاكم اتفاقاً مع الشركة الكندية «رونالد نيكولز» لبناء أربعة مجمعات رياضية في دبي، تبلغ تكاليفها نحو (108 ملايين درهم). وتخصص هذه المجمعات للأندية الرياضية الناشطة في دبي وهي النصر، الأهلي، الوصل، والشباب. وذلك إضافة إلى المدينة الرياضية التي تحدثنا عنها سابقاً.
ويضمُّ كلٌّ من هذه المجمعات إستاداً رياضياً، كما يضمُّ مبنى النشاطات الداخلية للنادي. وتنص اتفاقية إنشاء المجمعات على مباشرة العمل خلال أسبوع. وقد شهد توقيع اتفاق المجمعات الرياضية سمو الشيخ مانع بن خليفة آل مكتوم، الذي تابع إنشاء هذه المجمعات منذ نشوء فكرتها، والمهندس قاسم سلطان المساعد الفني لمدير بلدية دبي، والمهندس سعد الله رئیس مهندسي التخطيط في البلدية.
وأعرب سمو الشيخ مانع لدى توقيع الاتفاق عن الامتنان البالغ الذي تشعر به الأسرة الرياضية نحو هذا المشروع قائلاً: «إنَّ سمو الأب الكبير الشيخ راشد قد شمل برعايته في هذه المأثرة لا أبناء دبي فحسب، بل وأبناء دولة الإمارات بأسرها، فأيُّ خير يصيب أبناء دبي هو خير يصيب شبابنا كله في هذه الدولة الفتية الناهضة. وستكون المجمعات الرياضية في دبي قاعدة لبناء الجسم السليم للمواطن، تعمِّق حبَّه لبلاده وفداءَه لها، وتنمِّيه التنمية الصحيحة وتوجِّهه التوجيه القويم».
وأضاف سموه: «إنني باسم شباب دولة الإمارات يسعدني أن أتقدَّمَ كذلك إلى سمو الشيخ حمدان بن راشد، ببالغ الشكر والتقدير والامتنان، وأعرب لهما عن أنَّ هذه الخطوة الحميدة من شأنها أن تزيد شبابنا عطاءً، وأنها ستمكن أجيالنا الصاعدة من رفع اسم بلدنا الحبيب في عالم الرياضة، ولا سيما في هذا العصر الذي أصبحت فيه الرياضة عنواناً لتقدم الشعوب وتطورها».
المجمَّعات تخدم المجتمع بأسره
المهندس قاسم سلطان قال: إنَّ هذا العمل الضخم لا يقل في أهميته عن أيِّ عمل صناعي أو تجاري يقام في الدولة؛ ذلك أنَّ هذه المجمعات الرياضية ستوفِّر ما يحتاج إليه شباب الإمارات عامة، ودبي بخاصة من خدمات اجتماعية وثقافية. وفي رأيي فإنَّ هذه المجمعات لن تخدم الشباب فحسب، بل تخدم المجتمع بأسره كونها تهتم بأجياله الصاعدة.
وبالنسبة لبلدية دبي فإنها، رغم وجود مهندس استشاري للمشروع، فإنها لن تتوانى عن تقديم أيِّ تعاون أو مشورة يحتاج إليها المشروع، ويصدر سمو الشيخ حمدان توجيهاته بشأنها. وذكر السيد رونالد نیکولز، صاحب الشركة التي ناب عنها في التوقيع على هذه الاتفاقية، أنَّ هذا هو أول مشروع للشركة في الشرق الأوسط، مؤكداً أنَّ مستوى العمل سيحوز رضا كلِّ ذي علاقة نظراً لأنَّ الشركة تمتلك خبرة عالية في هذا المجال.