إلى ولدي مع التحيّة ..بمناسبة اليوم الوطني (1-2)

مقالات متنوعة

 964 عدد المشاهدات

الكاتب: جمال بن حويرب 

ولدي الحبيب..هذه رسالة أرسلها لك من أعماق قلبي، الحريص عليك وعلى حاضرك ومستقبلك، فقد بلغت اليوم عُمُراً تستطيع فيه أن تميّز الصواب من الخطأ، وأصبحت تفرّق بين الحقّ والباطل والنافع والضار، فلم تعد ذلك الطفل الصغير الذي لا يعرف الخير من الشر ولا يستطيع أن يدبّر أمـور حياته إلا بمساعدتي ومساعدة والدته، إنّك اليوم تسير بخطواتٍ ثابتةٍ وحثيثةٍ إلى مقرّ قيادة حياتك بنفسك من غير تدخّلٍ من أحدٍ ولا يشاركك الرأي عقلٌ غير عقلك، ومن تريد أخذ مشورته عندما تشاء، ها أنت ذا طفقتَ تستقلُّ عنّي كأنّك لم تحتج إليّ في يومٍ ولم أحملك على ساعديّ لحظةً، الآن أنتَ أنتَ وأنا أنا سيّانِ سوى بقاء منزلة الوالد الذي حرث وربّى وقد حفظها الدين وأكّدت عليها الفطرة وامتزجت بها العادات المتوارثة عبر القرون.

 ولـدي الحـبيب.. لقد نشأنا في هذه الأرض الطيبة ولم يكن فيها شيء يذكر، فقد كنّا في ضعفٍ عجيبٍ من كلّ النواحي العلمية والاقتصادية والعمرانية والتقنية وغيرها، لا نملك إلا شيئا قليلا ممّا يمكن أن نسميه اليوم “حضارةً “، وذلك إن قمنا بمقارنتها بدول الجوار، ولكنّها في تلك الأيام لا تُقارن أبداً بالدول المتقدمة.

 فقد كنّا لا نظهر أصلاً على خارطة الدنيا، ولا أحد يعرفنا غير المستعمر الذي جثم على صدورنا زمنا طويلا لـم يبنِ فيه مدرسةً ولا جامعةً ولم يخطّط شارعاً ولم يضع حجراً واحداً في سبيل رفعة شعوب هذه المنطقة، حتّى جاء اليوم الذي جمع الله قلوب حكّام وشعوب هذه البلاد الطيبة فقاموا بإنشاء أول اتحاد عربي ناجح رغم الظروف الصعبة والأهوال وكثرة المتربّصين بنا من كلّ مكان، ولكنّ الله أعان قلوبهم وألّف بينها وأصبحنا دولةً واحدةً بعد طول فرقةٍ وتباينٍ فانطلق الاتحـاد مثل النهر المتدفق يجري في شرايين أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة فما يمرٌّ ببقعةٍ إلا أحياها وأعاد أشجارها بعد طول محلٍ فاخضرّت وربت كأنّها لم تكن من قبل أراضي قاحلةً لا ثمرَ فيها ولا ماء.
ولدي الحبيب.. إنّ اتفاق الوالد الموحّد الشيخ “زايد” وأخيه الوالد الباني الشـيخ “راشـد” في سيح “السديرة” في 18 فبراير 1968 وهي منطقة تقـع في منتصف الطريق إلى إمارة “أبوظبي”، كانت بداية انطلاق حُلُمٍ مبهـر وصعب جداً لم يكن يتوّقع أحدٌ أن يتحقّق لولا توفيق الله ثم بعزم رجالٍ صدقوا فيما عاهدوا الله عليه فحقّقوه بالصدق والتضحيات حتى اجتمعوا في 2 ديسمبر من عام 1971 وأعلنوا ذلك اليوم الاتحاد الخالد، وأنت لـم تـزل في مجاهل الغيب، لقد أسّسوا في ذلك اليوم كلّ هذه الحضارة العظيمة التي ننعم بها ونعيشها وتعيشها يا ولدي الحبيب.. وللمقالة بقيّة.

 نشر في «البيان»
بتاريخ: 05 ديسمبر 2012