4,814 عدد المشاهدات
مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي
طالب المستشار التراثي في دائرة الثقافة والإعلام بعجمان علي محمد المطروشي بالحفاظ على الموروث الشعبي بصورة عامة واللهجة الإماراتية بخاصة قبل أن تندثر بفعل التغيرات الكبيرة والمتسارعة التي يشهدها المجتمع الإماراتي اليوم.
في حين قال سعادة المستشار والمؤرخ جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة: إن ابتعاد الجيل الجديد عن اللغة العربية، ولجوئه إلى ” الانجليزية ” يشكل تهديداً للأمن القومي.
جاء ذلك في أمسية تراثية رمضانية نظمها مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء الأحد الماضي، قدمه خلالها الشاعر والإعلامي حسين درويش بحضور عدد من الأدباء والمثقفين والإعلاميين يتقدمهم جمال بن حويرب والمستشاران الثقافيان رشاد بوخش وراشد بن هاشم، والأديب عادل المدفع والكاتبة ريم الكمالي، وعدد من الشخصيات الثقافية والعامة في المجتمع.
قال المحاضر..
يعتبر تطور اللغات واللهجات المنبثقة عنها ظاهرة ثقافية انسانية عامة ، وقد ظلت اللهجات في داخل شبه الجزيرة العربية – وهي موطن العرب الأصلي – عبر القرون أقرب اللهجات إلى اللغة الفصحى من حيث الألفاظ والتراكيب ، ولكن خلال القرن العشرين وخاصة في النصف الثاني منه حدثت تغيرات جذرية في جوانب الحياة المختلفة ، وانتقلت بلدان الخليج العربية ومنها الإمارات تدريجيا إلى الحياة الحديثة وتوجت تلك التغيرات بقيام اتحاد يضم الإمارات السبع في كيان واحد ، ولم يكن هناك مفر من أن يترك هذا التغير الكبير بصمته الدائرة على الموروث الشعبي ومن ضمنه اللهجة الدارجة تحت تأثير التحولات الداخلية والروافد الثقافية الخارجية القادمة من أنحاء العالم والتي ابرزها:
1-اختفاء الأنشطة الاقتصادية التقليدية .
٢- الهجرة الواسعة إلى الأقطار الخليجية الأخرى بحثا عن فرص عمل .
٣-دخول التعليم النظامي الحديث .
4- دخول الخدمات المدنية وتبني الحكومات المحلية للأنظمة الإدارية الحديثة .
5- انتشار وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.
٦- العمالة الآسيوية الوافدة.
٧- سيادة التعليم باللغة الإنجليزية.. وقد تأثر الموروث الثقافي عموما واللهجة المحلية بوجه خاص بكل تلك العوامل فاختفت ألوان من الثقافة التراثية كالأهازيج البحرية والألغاز الشعبية وتم تهجين بعض الفنون بالموسيقى والايقاعات وسادت اللهجة البيضاء وازداد غموض النصوص الشعرية القديمة بالنسبة للجيل الجديد وبالتالي تم العزوف عن تذوقها.
مظاهر التغير الاجتماعي
وأضاف المحاضر…من مظاهر تأثر هذا الموروث بالتغير الاجتماعي الذي عاشته الإمارات طيلة العقود الستة المنصرمة:
1-اختفاء بعض النظم الاجتماعية التي سادت في المجتمع التقليدي قديماً، ومن أبرزها:
أ-نظام القضاء العرفي القبلي كنظام قانوني.
ب-حرفة الغوص على اللؤلؤ كنظام اقتصادي.
ج-نظام الكتاتيب والتعليم شبه النظامي كنظام تربوي تعليمي.
2-دخول تطورات جذرية على كثير من العادات.
3-صمود التقاليد أكثر من العادات ، ومن أهم عوامل صمودها أن كثيراً منها نابع من تعاليم الإسلام فاكتسبت سنداً شرعياً ساعد على يقائها، ورغم أنها لبست ثوباً جديداً إلا أنه لم يغير من حقيقة جوهرها.
4- انحسار كثير من المعتقدات القديمة .
5-إعادة النظر في المعارف الشعبية الموروثة .
6- حدوث تحولات لغوية كبيرة في اللهجة المحلية.
وتحدث المحاضر عن انقراض الأهازيج الشعبية بفعل التغيرات الكبيرة والمتسارعة التي يشهدها المجتمع الإماراتي منذ نيف وستة عقود ، ومن أمثلتها في التراث الإماراتي:
-المهاواة على الطفل من جانب أمه لتنويمه.
-النهمات البحرية أثناء الخطيفة والرفية والتجديف ، وأثناء الصيد ، ثم عند رفع السفينة من البحر أو إعادتها إلى البحر بعد الانتهاء من صيانتها.
-حداء البدوي لناقته ، غناء الراعي وراء قطيعه ، غناء المزارع لثوره في الحقل.
-غناء المروٍي ( السَقَاء ) أثناء سحبه الماء من البئر، غناء دقاقي الحبوب في المنحاز الخشبي الكبير، غناء المرأة عند الطحن باستخدام الرحى الحجرية وغناء الأطفال عند هطول المطر.
وأكد المطروشي أن للأهازيج قيمة أدبية ووظيفة نفسية مهمة إذ تشكل وسيلة للترويح عن النفس ، وتثير الحماس للعمل ، وتعبر عن البهجة والتفاؤل والغبطة بنعم الله تعالى، وفي بعضها دفق من الحنان والعواطف الجياشة والشوق تجاه الأبناء والأسرة والأحبة .
غير أن هذا الفن اضمحل وتلاشى ولم نعد نسمعه ‘إلا في اللوحات الغنائية للأطفال على شاشات التلفاز.
وأردف…لعل من أسباب تلاشي هذا الفن الجميل:
-اختفاء الأنشطة التقليدية التي كانت تؤدى فيها الأهازيج.
-حلول العمالة الآسيوية الوافدة محل العمالة المواطنة.
-عامل التحول اللغوي في اللهجة الإماراتية.
وفي ختام الأمسية عقب المستشار جمال بن حويرب على أهم ما جاء في المحاضرة قائلا…نرى أن الجيل الجديد يعزف عن التحدث باللغة العربية ، ويفضل الكلام باللغة الانجليزية ، وهذا برأيي يشكا خطرا على الأمن القومي ، وعلى اللغة العربية والتقاليد والعادات. ودعا إلى جمع وتوثيق جميع اللهجات الإماراتية للمحافظة عليها من الاندثار.
وشارك في الحوار كل من عادل الرستماني وراشد بن هاشم ورشاد بوخش.
- محمد علي المطروشي في سطور
ـ من مواليد إمارة عجمان العام 1964
-بكالوريوس في التاريخ بكلية الآداب ، جامعة الإمارات عام 1989
-مدير إدارة متحف عجمان عام 1993-2010 م
-نائب مدير إدارة الثقافة والإعلام – عجمان.
-عضو مجلس إدارة النادي الوطني للثقافة والفنون.
-من أشهر مؤرخي الدولة في علم الأنساب.
من أبرز مؤلفاته:
-المواهب اللطيفة في الأنساب الشريفة.
-عناقيد ثقافية ، طبع العام 2008م.
ـالسنع مفخرة السلوك الإماراتي الرفيع.
-تاريخ التعليم التقليدي في مدينة عجمان منذ مطلع القرن العشرين.