أمسية تستحضر ذكرى عبدالله الطائي في مركز جمال بن حويرب للدراسات

مجالس

 1,365 عدد المشاهدات

مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي

أكد الكاتب العماني جهاد عبدالله الطائي أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، كان قائداً عروبياً ، عاشقاً للعلم والمعرفة ، مجلاًّ للعلماء ، وأنه ابتعث ما لا يقل عن 500 طالب خليجي وعربي للدراسة على نفقته الخاصة ، في العام 1968، أي بعد تسلمه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي بنحو عامين .
وأضاف أن والده عبد الله بن محمد الطائي الذي كان يعمل مستشاراً لحكومة أبوظبي نقل له هذه المعلومة قبل وفاته في شهر يوليو 1973.


جاء ذلك في جلسة نظمها مركز جمال بن حويرب للدراسات في دبي ، مساء الأول من أمس، تحدث فيها المستشار والباحث جمال بن حويرب رئيس المركز، وحضرها جمع من المثقفين والأدباء والإعلاميين.
قال بن حويرب في بداية: نتحدث اليوم عن علم من أعلام الخليج العربي، عماني الولادة ، لكنه عروبي الهوى بكل ما تعنيه الكلمة،  هو الأديب والشاعر والوزير السابق عبدالله محمد الطائي ، حيث نستمع إلى نجله الأستاذ جهاد الطائي ليحدثنا عن مسيرة العلم والثقافة والشعر والسياسة لدى والده.

 

عروبي المنشأ والهوى

بداية قال جهاد عبدالله الطائي تعتبر الكتابة عن شخصية أدبية وسياسية مثل عبدالله الطائي ( 1924-1973) ، كتابة عن مرحلة تاريخية بأكملها ، وذلك لتعدد مناحي إبداعه ، ولتأثره وأثره البالغ في الأوضاع السياسية وتحولاتها ، خاصة وأنها مرحلة تاريخية صعبة ، حافلة بالأحداث والوقائع لم يقف الأديب الراحل أمامها موقف المتفرج ، بل انخرط فيها مشاركاً ومؤثراً ، من خلال فكره وأدبه ، وفي هذه العجالة سنلقي الضوء على تاريخ عبدالله الطائي وفكره وأدبه .

جمال بن حويرب وجهاد الطائي ونخبة من الحضور في صورة جماعية

وأضاف … الراحل الأديب عبدالله الطائي ، رائد من رواد الأدب والثقافة والنضال في الخليج العربي ، كان فكره قومياً عروبياً ، متأثراً بفكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، رحمه الله تعالى .ولد بمدينة مسقط العمانية بتاريخ 15 يونيو 1924. لأسرة كريمة اشتهرت بحبها للعلم ومواجهة الظلم وقد أثرى الطائي موهبته في الشعر والنثر والكتابة بعد أن ابتعث إلى بغداد للدراسة في العام 1935 م ، ولمدة سبع سنوات ، وكان معه من المبتعثين كل من السيد ثويني بن شهاب، السيد فهر بن تيمور، الأستاذ حفيظ الغساني و الأستاذ أحمد الجمال، عليهم رحمة الله جميعاً.

 

تجارب إبداعية
وأضاف: لقد أثرى الراحل عبدالله الطائي الحركة الأدبية المعاصرة في الخليج العربي ، وعمل جاهداً بحكم تكوينه الثقافي المتقدم ، على تجديد الأدب العماني وإثرائه ، سواء من خلال ريادته في كتابته الرواية والقصة القصيرة والمسرح ، أو التحديث الأساسي الذي أجراه في الشعر العماني ، أو تأسيسه لكتابة فن المقالة ، وإعادة كتابته للتاريخ العماني عبر روح منهجية وعملية في كتابه المهم : ” تاريخ عمان السياسي”.
ويعد الطائي أباً روحياً لعدد كبير من التجارب الإبداعية ، ليس في عمان ، فحسب ، بل في منطقة الخليج العربي بأكملها ، سواء من خلال عمله كمدرس للغة العربية ، أو عبر نشاطه الميداني في الأندية واتحادات الكتاب والأدباء في البحرين والكويت التي ساهم بتأسيسها ، حيث وثق ذلك في كتابه ” الأدب المعاصر في الخليج العربي”.

 

الطائر المهاجر
استطرد المحاضر قائلاً: لعبت الحياة الشاقة التي عاشها الطائي ، دوراً مهماً في إثراء تجربته الإبداعية ، كان طائراً مهاجراً ، بسبب الظروف المعيشية والسياسية التي شهدتها بلاده . رحل أولً من عمان إلى العراق طلباً للعلم في الفترة مابين ” 1935- 1942م ” ، وهي الفترة التي تعتبر مرحلة تأسيس ثقافته الأولى ، حيث ترسخت لديه القناعات الوطنية والفكرية ، وبخاصة القومية العربية ، والاتجاهات الوطنية والتقدمية ، التي بدأت تنتشر في المشرق العربي ، آنذاك ، وكان من زملائه في بغداد ، حردان عبد الغفار التكريتي وصالح مهدي عماش ، ، رحمهما الله . ومن هنا نستطيع تتبع انتمائه الفكري القومي العربي ، وهو الانتماء الذي سيطر لاحقاً على تجربته الإبداعية والسياسية ، والتي ، مع الأسف ، لم تكتمل بسبب الموت المفاجئ ، وهو في التاسعة والأربعين من العمر.
وعندما عاد من بغداد إلى مسقط تم تعيينه معلماً في المدرسة السعيدية لمدة 7 سنوات ، حيث استقال ، وغادر إلى باكستان ، ليعمل فيها مدرساً للغة العربية ، حيث ساهمت تلك الفترة من حياته في انفتاحه على ثقافة جديدة ، ، إضافة إلى فكره العروبي ، ألا وهي الثقافة الهندية بمختلف روافدها ، وبخاصة الإسلامية المتمثلة في أشعار محمد إقبال ، والهندوسية المتمثلة في أشعار رابندت طاغور.
وعمل أيضا مذيعا بالقسم العربي في إذاعة باكستان. ولكنه لم يطل بها فعاد إلى البحرين خلال الفترة من عام 1950 إلى عام 1959، حيث عمل مدرسا في مدرسة الهداية الخليفية، كما عمل في دائرة الإعلام وساهم في إصدار مجلة صوت البحرين. وعندما تم افتتاح إذاعة البحرين العام 1955 ، بادر للعمل فيها في الفترة المسائية ، حيث قدّم العديد من البرامج الثقافية والأدبية ، كما أصبح أحد محرري المجلة التي أصدرتها إذاعة البحرين باسم ” هنا البحرين”، وكان له نشاط كبير، وملحوظ في الأندية والمجتمعات لا سيما ” نادي الخليفي الثقافي ” في المحرق ، وكان سكرتير اللجنة الثقافية لاتحاد أندية البحرين ، ومن أهم الكتّاب الذين أسهوا في استنهاض الأمة ، وأهل الخليج ، والبحرين ، خاصة، لمقاومة المستعمر البريطاني في المنطقة ، وأمام الضغوط البريطانية ، اضطر إلى مغادرة البحرين إلى الكويت
وفي الكويت بدأ الطائي حياة جديدة ، واصل فيها نشاطه الفكري والثقافي في الإذاعة الكويتية ، التي أثراها ببرامجه المختلفة في الثقافة والأدب والتاريخ ، والتي خصص جزءاً منها لتاريخ عمان وحضارتها ، والتي ضمّمن بعضها في المنهاج الدراسي الكويتي للصف الثاني عشر. كما شغل منصب رئيس تحرير مجلة الكويت ومنصب نائب رئيس تحرير مجلة العربي، كما ساهم في تأسيس رابطة الأدباء وعمل في تحرير مجلتها البيان، وأصبح عضوا في جمعية الخليج وجنوب الجزيرة العربية، والتي كانت تساهم في بناء المدارس والمستشفيات في إمارات ساحل عمان آنذاك. انتدب للعمل في مكتب دولة الكويت في دبي كنائب لرئيس المكتب خلال الفترة من عام 1962 إلى عام 1964.

 

مستشار في أبوظبي

في العام 1968، أي بعد أكثر من ثماني سنوات قضاها في الكويت ، دعاه المغفور له بإذن الله تعالى ، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، حاكم أبوظبي، رحمه الله، للعمل مستشاراً له، فغادر الكويت، بعد مسيرة حافلة بالعطاء.
خلال الفترة من عام 1968 إلى عام 1970، عمل مستشارا في الديوان الأميري للشيخ زايد ، حيث أصبح محل ثقته ، فقلّده الكثير من المناصب التي ساهم من خلال تواجده بها في تطور الإمارة وازدهارها ، ومنها أنه كان مسؤولا عن العلاقات الخارجية للإمارة، ونائبا لرئاسة الإعلام فضلا عن كونه مستشارا للتربية والتعليم، وساهم بإنشاء الجهاز الإعلامي في أبوظبي من إذاعة وتلفزيون بالإضافة إلى جريدة الاتحاد.
وبعد تولي السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في سلطنة عمان، تم ترشيحه عن طريق السيد طارق بن تيمور آل سعيد رئيس الوزراء لتولي حقيبة وزارتي الإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل بالوكالة .
وإليه يعود الفضل في تنظيم الإذاعة العمانية ، وإعداد هياكلها ، وترتيب إدارتها ، ومن أهم مآثره في تلك الفترة نشيد ” صوت النهضة ، الذي أصبح أيقونة أساسية لجميع الأعمال الوطنية وأروعها حتى يومنا هذا.

من مؤلفاته
«ملائكة الجبل الأخضر»، 1963
«الشراع الكبير»، 1981
النتاجات الأخرى:
«الفجر الزاحف» ديوان شعر
«وداعًا أيها الليل الطويل» ديوان شعر
«حادي القافلة» ديوان شعر
الأدب المعاصر في الخليج العربي
دراسات عن الخليج العربي
شعراء معاصرون
«تاريخ عمان السياسي»، 2008
المغلغل – قصة

 

نقاشات

وفي نهاية الجلسة دار حوار مطول بين المحاضر والحضور ، منهم من يعرف الطائي معرفة شخصية ، مثل الأديب عبد الغفار حسين وراشد بن هاشم ، ومنهم من تساءل فيما إذا كان الراحل قام بترجمة أشعار محمد إقبال وطاغور إلى العربية ، مثل الشاعر شهاب غانم ، وقد أجمع الجميع على أن الراحل عبدالله الطائي ، كان مثقفاً عروبياً شاملاً ، وفي مختلف التجاهات والنواحي ، وحول شخصية الطائي، قال جمال بن حويرب، إنه من الشخصيات الجديرة بتسليط الضوء على مسيرتها الحافلة في مجالات الشعر والأدب والإعلام، خاصة وأنه كان أديباً متنوع الإنتاجات التي أثرت المكتبة العربية، فتضمنت أعماله القصة القصيرة والرواية التاريخية، إلى جانب كتابة المقالات والمسرحيات والشعر. كما أنجز الطائي كتبا مهمة تناولت الجوانب الأدبية والاجتماعية والفكرية في منطقة الخليج العربي.

إضاءة
المحاضر جهاد عبدالله الطائي، تخرج من كلية القانون في جامعة الإمارات العام 1982 ، محام مخول أمام المحكمة العليا في عمان، ومحكم لدى اللجنة القانونية لمجلس التعاون الخليجي في المنامة، مستشار قانوني لدى وزارات عمانية منها وزارة الدفاع، وكان قائماً بالأعمال لدى السفارة العمانية في باريس.