بن حويرب للدراسات يستضيف قلائد وتمائم العبودي المطالبة بإنشاء هيئة اتحادية للتراث والآثار والمتاحف

مجالس

 1,385 عدد المشاهدات

مركز جمال بن حويرب للدراسات – دبي

استضاف مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء الأول من أمس الباحث الإماراتي في التراث والآثار ناصر ابراهيم العبودي الذي فاز في الأسبوع الماضي

بجائزة سلطان العويس في المحور التاريخي عن بحثه ” القلائد والتمائم والتعاويذ الأثرية المكتشفة في دولة الإمارات في فترة الألف الثاني ق . م- فترة وادي سوق”.

 

سعادة جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ، رئيس المركز ، والذي فازبجائزة العويس عن أفضل برنامج تلفزيوني إذاعي ثقافي أو اجتماعي محلي ” الراوي” – تلفزيون دبي ، قدم ناصر العبودي للحضور وفي مقدمتهم أ. د. محمد عبد الرحيم العلماء أستاذ الفقه وأصوله بكلية القانون بجامعة الإمارات ، الباحث التراثي عبدالله جاسم المطيري ، المدير العام ، رئيس تحرير جريدة ” غلف نيوز ” عبدالحميد أحمد ، د. خالد الوزني المستشار في مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة ، د. يوسف شراب ، الباحث التراثي راشد بن هاشم ، الكاتب محمد صالح بداه ، والأديب عادل المدفع ، إضافة إلى جمع من المهتمين والإعلاميين وبخاصة من العنصر النسائي.

سعادة جمال بن حويرب والمحاضر الأستاذ ناصر حسين العبودي ونخبة من الحضور في صورة جماعية

رحب بن حويرب بالمحاضر قائلاً : سنقضي مع الأستاذ ناصر العبودي أمسية تراثية مميزة ، يسلط خلالها الضوء على القلائد والتمائم والتعاويذ الأثرية المكتشفة في الدولة ، التي فاز بحثه فيها بجائزة العويس الأسبوع الماضي ، والحقيقة أن كل أبحاثه مميزة ، وأعادت الكثير من الأفكار التراثية الخاطئة إلى طريقها الصحيح .

8 قطع متشابهة

بدأ العبودي حديثه قائلاً .. سنتناول في أمسيتنا هذه موضوعاً تراثياً مهماً هو في الحقيقة، بحث كبير يتركز على موضوع التعاويذ المكتشفة في إمارات ومدن عدة من العين إلى رأس الخيمة إلى الفجيرة إلى الشارقة. وأعتقد أن هذه الاكتشافات مهمة في دراستها، لأنها كانت في الماضي يكتنفها الغموض والأسرار والأسئلة، لذا حاولت أن أجيب عن بعض هذه الأسئلة بعد دراستها، ويبلغ عدد القطع الأثرية الثمينة التي أجريت عليها البحث حوالي 8 قطع. منها اثنتان في العين ” القطارة” ، و3 في رأس الخيمة ” ضاية” ، وواحدة في كل من الشارقة ” البحيص” ، والفجيرة ” بدية”، وأم القيوين ” تل أبرق”.

 

المحاضر ناصر حسين العبودي

وأكد المحاضر أن هذه المكتشفات تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد ، ولا علاقة لها بالدين أو المعتقدات الدينية ، ولم يكتشف مثلها في دول الجوار ، عمان أو السعودية أو البحرين ، ولكن يوجد شبيه لها في منطقة ” أور – جنوب العراق”.

وقد صنعت هذه التمائم من المعادن مثل الذهب والفضة والبرونز.

واستعرض العبودي بعضاً من صور هذه القطع الأثرية ، شارحاً بالتفصيل أشكالها ومم صنعت ، ومتى اكتشفت ، وإلام ترمز . مؤكداً أن كل هذه النماذج الفنية عثر عليها في قبور بالدولة تعود إلى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد للعصر المسمى ” وادي سوق”  في سلطنة عمان ، وجاءت بصورة قبور مستطيلة ، علماً أنه لم يعثر على أي نموذج منها في سلطنة عمان حتى الآن .

وإنما المعثور عليه فقط في مواقع بدولة الإمارات العربية المتحدة ، ولا يوجد لها شبيه في البحرين ( دلمون) ، وشرق السعودية .

وقال المحاضر ، ربما البعض يتساءل ، أين صنعت هذه اللقى ، ومن أين جاءت المواد المصنوعة منها ؟؟

والجواب أن هناك من يقول أنها صنعت محلياً ، خاصة وأنه كان هناك خمسة مقالع للذهب في سلطنة عمان ، وقد صنعت عن طريق القالب أو الطرق ، وآخرون يرون أنها مستوردة من الخارج .

تشابه حضارات

وقال العبودي إن هذه التمائم المصنعة والتي اكتشفت في أراضي الدولة ، في المثلث الجغرافي الشمالي منها ، وفي المواقع قرب الجبال ، أو على سفوحها مثل ” ضاية وشمل في رأس الخيمة ، والبدية في الفجيرة . وفي الأراضي الرملية الصحراوية مثل القطارة في العين و” تل الأبرق” القريب لساحل الخليج العربي ، ليس هناك ما يؤكد انها مستوردة أو مصنعة محلياً!.

وأكد أن اكتشاف هذه اللقى يؤكد أن هذه المنطقة متأثرة وبصورة كبيرة مع حضارات الشرق الأدنى القديم للمنطقة المحصورة للخليج العربي ووادي الرافدين وبلاد فارس ومناطق شبه القارة الهندية وبكتيريا ( أفغانستان) حتى المناطق الشمالية من الخليج ، ما يدل على الاتصالات القديمة مع هذه المناطق البعيدة قياساً بالزمن السابق.

وأتى المحاضر على المواقع الأثرية المكتشفة في دبي ، موقع القصيص ، ساروق الحديد ، حتا والموقع الإسلامي في منطقة جميرا.

الآثار تستنبط التاريخ

وخلص ناصر العبودي إلى القول … نعم… بكل تأكيد. نحن ننطلق من الآثار في كتابة التاريخ القديم لمنطقة معينة وحضارة تلك المنطقة. الباحث يعود الى الوثائق المكتوبة لكتابة التاريخ لكن حين تنحسر الوثائق لأي سبب، ندخل في المجهول والغامض ولا نجد أمامنا سوى الآثار لتخبرنا او تقدم لنا المعلومات حول تلك الفترات البعيدة، لتضيء لنا تلك المجاهيل وتجلي لنا ما غمض علينا.

في الإمارات تزداد أهمية الآثار حيث نفتقر للوثائق المكتوبة عن تاريخ الإمارات القديم، فقبل مئتي سنة لا وجود لوثيقة ولا شيء مكتوب.
ومن هنا تتضح الأهمية البالغة للآثار في دولة مثل الإمارات وضرورة العناية بها عناية خاصة. وعلى سبيل المثال لقد اكتشفنا من خلال الحفريات واللقى التي عثر عليها أنه كانت لدينا علاقة مع وادي الرافدين، ووجدنا كتابات سومرية وأكدية في أم النار وبعض المناطق. واكتشفنا المسند الجنوبي الحميري في موقع “مليحة” بالشارقة و”الدور” في أم القيوين، كذلك وجدنا الخط الآرامي الذي يوجد في بلاد الشام، واكتشفنا خطوطا باليونانية. وهكذا تخبرنا الآثار أن هذه المنطقة كانت لها علاقات تجارية مع محيطها وتعرفنا الى نوعية التجارة التي كانت توجد بيننا وبين بلاد الرافدين، ومنطقة السند والجزيرة العربية، وما هي المواد التي كانت تستخدم في التجارة ونوعية التجارة الرائجة في مراحل تاريخية او حقب معينة.

وجه إماراتي

وأكد المحاضر .. لدينا الآن وجه إماراتي موجود على صدفة، يعود الى 2500 عام قبل الميلاد، لقد قدمت لنا مواقع مليحة وهيلي وأم النار والدور ومواقع اخرى في رأس الخيمة معلومات كثيرة وغزيرة عن منطقة الخليج. تل الأبرق الذي يقع بين الشارقة وأم القيوين، على سبيل المثال، كشف لنا وجود علاقات بيننا وبين الهند تعود الى ما يقارب ألفي سنة قبل الميلاد .
ويؤكد موقع البحايص (البحيص) أنه قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد كان على هذه الأرض بشر، وسكان لهم تاريخ عريق وعلاقات مع من حولهم. نحن لا نقول إنه كانت لدينا حضارة تضاهي حضارة وادي الرافدين أو السند أو فارس أو اليمن، لكننا بتنا واثقين أن بلادنا كانت تقع في صلب طرق التجارة العالمية في العالم القديم.

في الخمسينيات من القرن الماضي كانت هذه الأرض منسية، فيها بعض تجارة الخيران (خور دبي، الشارقة، أبوظبي) ولم يكن لها ثقل اقتصادي أو تجاري. لكن هذا لا ينفي أن جلفار (في القرن 14) ـ وهذه بالمناسبة واحدة من دراساتي المتخصصة ـ كان لديها ثقل تجاري كمدينة مهمة في الخليج لها علاقات مع آسيا أكثر من مدن اخرى كثيرة في قطر والبحرين والكويت. إذن، لكي نستكشف العمق الحضاري والتأثير الحضاري علينا أن نشتغل، بمعنى أن نبحث وننقب ونولي هذا الحقل ما يستحقه من أهمية. نحن بحاجة الى بحث علمي، مركز علمي، باحثين متخصصين، دارسين، متدربين، أعمال تنقيب، وقبل ذلك كله نحتاج الى قانون يحمي هذه المواقع.

 وفي ختام الجلسة دخل المحاضر في حوارات مجيباً على أسئلة الحضور التي شارك فيها كل من د. محمد عبدالرحيم العلماء الذي تساءل عما إذا كان هناك من رابط بين المواقع الأثرية المكتشفة في الدولة .

وعبدالحميد أحمد الذي قال للمحاضر … لقد أثرت كثيراً من الأسئلة ، لكنك لم تجب عليها ، وهذا من طبائع الباحثين الذين يتركون الباب مفتوحاً لغيرهم.

أما عبدالله المطيري فقد طالب بإنشاء هيئة وطنية اتحادية للتراث والآثار والمتاحف. في حين أشار راشد بن هاشم إلى أوجه التشابه بين اللقى المكتشفة في الدولة وأمثالها في مصر.

بينما وجه د. يوسف شراب أربع ملاحظات عن التميز بين القلائد والتمائم .

 وشارك عدد من الحاضرات في النقاشات.

 

تكريم المحاضر بدرع المركز من طرف سعادة جمال بن حويرب

 

ناصر حسين العبودي


 ولد عام 1955 في الشارقة
نال شهادة بكالوريوس الآثار القديمة – جامعة بغداد عام 1977
مؤلفاته:
 كتاب أثار الشارقة عام 1978م ، إصدار وزارة الإعلام والثقافة – أبو ظبي (الطبعة الثالثة
).
– كتاب الأزياء الشعبية الرجالية في دولة الإمارات عام 1987م ، إصدار مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية / قطر (الطبعة الثالثة).
– كتاب دراسات في آثار وتراث دولة الإمارات عام 1990م ، إصدار المجمع الثقافي بأبوظبي .
– كتاب مسجد البدية عام 1992م، إصدار مركز بحوث التاريخ والتراث الشعبي بجامعة الإمارات (الطبعة الثانية).
– كتاب ترميم برج المقطع بأبوظبي عام 2000 ، دراسة في تاريخه وطريقة ترميم البرج (الطبعة الثانية).
كتاب ترميم سوق العرصة – الشارقة (تحت الطبع).)
– كتاب “حقيقة قصر الزباء” رأس الخيمة إصدار البيان – دبي ، يونيو 2001 ، ونشر على حلقات بجريدة البيان بدبي عام 2000م (الطبعة الثانية).
– كتاب صفحات من آثار وتراث الإمارات العربية المتحدة ، إصدار مركز زايد للتراث والتاريخ العين (أبوظبي) 2002 م (الطبعة الثانية).

 

– باحث وخبير آثار مميز في مجال الآثار والتراث الحضاري لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.