7,816 عدد المشاهدات
الكاتبة: نجلاء فتحي – كاتبة مصرية
يتميَّز الحصان العربي بكونه أحد أعرق وأهم سلالات الخيل المعروفة على مستوى العالم، وأغلاها ثمناً؛ لجودة سلالاته على الإطلاق وحفاظه على أنسابها، ويتميَّز الحصان العربي بجمال الشكل ورشاقة الحركة والمهارة والذكاء، فيمتاز بشكل جمالي متناسق يجمع بين الصلابة والرقة.
تاريخ قديم
وفي مصر ارتبط المصري بالخيول منذ عهد الفراعنة، وعرف المصري القديم الخيل منذ العصر الحجري، وقد سجلت الرسوم الصخرية والحجرية صوراً للخيول توضِّح مدى ارتباط المصري بها، واهتمامه وتمجيده لها. كما عمل المصري القديم على التميز في العناية بالخيل لاعتماده عليها في خوض الحروب والمعارك، وفي جرّ العربات الحربية التي نقلها المصريون القدماء عن الهكسوس، وكذلك الاهتمام بطرق تربية الخيل في الإسطبلات الملكية، وبين القبائل كونها مصدراً للتباهي والفخر بينهم.
كما اهتمَّ المصريون القدماء بالسروج، وبرعوا في صناعتها وتفنّنوا فيها وفي ألوانها، وطُعِّم بعضها بالذهب والفضة للتفاخر بها، كدليل على الثراء. وفخامة السرج وألوانه الزاهية تلعب دوراً مهماً كذلك في شكل الخيل وحصوله على الألقاب في السباقات، وفي حلقات أدب الخيل (تدريب الخيل على رقص المزمار).
أدب الخيل
فالخيلُ كائنٌ محبٌّ للموسيقى، وخاصة الخيل العربي الأصيل، يطرب لسماع الموسيقى، لا سيما الطبول والمزامير التي تستخدم في رقصات الخيول والاستعراضات، كما في الأعراس والموالد في صعيد مصر، وهناك يحترف الكبير والصغير في التعامل مع الخيول على موسيقى المزمار.
وفي أدب الخيل يحتاج الحصان إلى فترة تدريب نحو 90 يوماً، أو أكثر من ذلك، ونجد أدب الخيل بارزاً في صعيد مصر، ويرتبط بعدة طقوس كالدورة، والمرماح، وهي طقوس تشتهر بها الموالد المصرية، ولا تزال تتوارثها الأجيال في مدن الصعيد مثل الأقصر وقنا وسوهاج وغيرها.
الدورة والمرماح
الدورة تنظم فيها مسيرات تجوب الشوارع، وتتقدمها الخيول، وقد يمتطيها البعض، وترافق تلك المسيرات فنون الاستعراض بالخيول التي يصاحبها التحطيب.
وطقس المرماح عبارة عن ساحة واسعة يخرج فيها شباب ورجال القبائل على ظهور الخيول، مستعرضين مهاراتهم في ركوب الخيل والرقص بها على موسيقى المزمار البلدي في هذه الحلقة.
وللمرماح مفاهيمه ومصطلحاته الخاصة به، كالتقطيع والصابية والأمشالاة. فالتقطيع يكون في بداية دخول الخيل إلى حلقة المرماح حين يستمع للمزمار البلدي مؤدياً حركاته الراقصة في مهارة ورشاقة مع تلك النغمات. وأما صابية الخيل فهي استعراض المهارة في ترويض الخيل، وتشبه الصابية إلى حد كبير سباقات الخيول، لكن ليس لها ذات القواعد، وفيها تبرز مهارات الخيل على إيقاعات الموسيقى التي يشتهر بها الصعيد في مصر، كالربابة والمزمار البلدي كذلك، ويمسك الفارس اللجام بيد، وعصاً مصنوعة من الزان بيده الأخرى.
وأما الأمشالاة فهي كالصابية، لكن فيها يلف الفارس بفرسه بالعصا الزان مع فارس آخر داخل الحلقة، ويدوران بسرعة فائقة.
وبالطبع يحتاج الفارس أو مدرب أدب الخيل إلى صفات ومهارات خاصة، ويجب أن يكون على علاقة طيبة بحصانه، فالخيل يرتبط بصاحبه الذي يعامله برفق، ويدربه بدون قسوة، ودون أن يتسبَّب له في ألم أو جروح، وتقوم العلاقة بين المدرب والحصان على التودُّد والانسجام بينهما، فهذا الكائن يتَّسم بالوفاء والإخلاص لصاحبه، بل والتضحية من أجله.
قواعد وأعراف
وفي أدب الخيل يقوم المدرب بتوجيه الحصان للقيام بحركات معينة تتناسب مع الموسيقى، وكل حركة للحصان يكون لها وقع مختلف في طرقها على الأرض، وعلى عازف الموسيقى في أدب الخيل أن يركز على حركة الحصان، ولا ينشز في العزف حتى لا ينعكس سلباً على حركة الحصان.
وكان للخيل نصيب في فنون أخرى كالفن السابع، وشارك في العديد من الأفلام، بل وكان بطلاً في بعض الأحيان مثل فيلم «مولد يا دنيا»، الذي شارك فيه الحصان شنكل، وأدى دوره بمهارة بعد تدريبه، حتى كان يراه المشاهد يبكي ويضحك أمام بطلي الفيلم عبد المنعم مدبولي وعفاف راضي.
بطل سينمائي
وكان الحصان شاهداً على بدايات قصص الحب التي اشتهرت بها الأفلام المصرية، وكان هو البطل كسبب بنيت عليه الأحداث، مثل فيلم «غرام الأسياد»، حيث ارتبطت سائسة الحصان بفارسه، وكذلك في فيلم «أحلام عمرنا».
وكما خاض الحصان الحروب والمعارك في الواقع، خاضها أيضاً في السينما وسط الكاميرات والإضاءات والشاريوهات وحركة الممثلين، كما في فيلم «الناصر صلاح الدين»، وفيلم «وإسلاماه» لفارس السينما المصرية أحمد مظهر، وغيرها العديد من الأفلام.
وكما شارك الخيل في السينما كان له دوره أيضاً في الغناء، فكتب له الشعراء الأغاني، وغنت له المطربة ليلى مراد «اتمختري يا خيل»، وشارك في الاستعراضات مثل استعراض «الأقصر بلدنا»، وغيره.