7,771 عدد المشاهدات
شكَّلت العملات النقدية عبر الحقب التاريخية دلالة سيادية للإمبراطوريات والممالك، وفي الدولة الحديثة ظهرت العملة الوطنية كجزء من العناصر السيادية للتنظيم المالي وحركته وتداوله، وكانت الإمارات العربية المتحدة سبّاقة إلى إنشاء عملتها الخاصة بعد قيام دولة الاتحاد مباشرة، لتسهيل التعامل المالي الداخلي والخارجي، والتحوُّل من الارتباط والتعامل بعملات أخرى.
مع إنشاء مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي طُرِحَ الدرهم الإماراتي لأوَّل مرة في 19 مايو سنة 1973 بديلاً عن الدينار البحريني الذي استخدمته إمارة أبوظبي بديلاً عن الروبية منذ يوليو من عام 1966، وكان فرع المصرف الشرقي المحدود يمثِّل إمارة أبوظبي في مجلس نقد البحرين، وبديلاً أيضاً عن ريال قطر ودبي الذي أصدره مجلس نقد قطر ودبي بعد توقيع اتفاقية 21 مارس من عام 1966، واستخدم في دبي والإمارات الشمالية وتمَّ تعيين بنك دبي الوطني وكيلاً لمجلس نقد قطر ودبي، وقد استمرَّ الدينار البحريني وريال قطر ودبي مكتسبيْن الصفة الشرعية للتداول في دولة الإمارات حتى انتهت الصفة الشرعية لتداولها (الورقية والمعدنية) بقرار مجلس النقد في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1973 حيث انتهــى ريال قطر ودبي بتاريخ 18 سبتمبر وتبعه الدينار البحريني بتاريخ 18 نوفمبر من العام نفسه.
ميلاد الدرهم
لذلك يتأ كَّد لنا أنَّ بوادر إنشاء عملة محلية كانت واردة في إمارات الساحل المتصالح، بعد انهيار الروبية سنة 1966، حيث تمَّ اللجوء إلى استخدام عملات دول مجاورة، ومع قيام الدولة في الثاني من ديسمبر عام 1971، وبروز أهميتها الاقتصادية على المستوى الدولي بعد اكتشاف البترول، ظهرت أهمية أن يكون للإمارات نقدها الخاص؛ لكي تتمكَّنَ من ممارسة دورها الفعّال في الأوساط النقدية والمالية العالمية كذلك بعد سنوات من تداول إمارة أبوظبي للدينار البحريني لم يكن لأبوظبي أية أرباح تحصل عليها من مجلس النقد البحريني مع وجود حجم تداول للدينار البحريني في الإمارة يفوق كثيراً حجم تداوله في البحرين.
ولعمل خطة واضحة من قِبَل الأجهزة الاتحادية الوليدة بشأن التنظيم المالي، تمَّ تأسيس السلطة النقدية «مجلس النقد»، للإسراع في عملية إصدار العملة الوطنية، وذلك بموجب القانون الاتحادي رقم (2) الصادر بتاريخ 19 مايو عام 1973. وكانت أولى مهامه إصدار العملة الوطنية للدولة وهي الدرهم، لكي تتمكَّنَ الدولة من مسايرة خطوات التنمية الشاملة، والاضطلاع بمهامها في حقل التمويل الدولي، ولا سيما في ضوء تدفُّق إيرادات النفط.
وقد تمَّ طرح عملة «الدرهم» كوحدة أساسية لعملة الإمارات العربية المتحدة، للتداول ويقسَّم إلى 100 فلس. وبذلك لم يعد لريال قطر ودبي وكذلك الدينار البحريني أيُّ صفة قانونية؛ إذ كانت عملية إحلال الدرهم محل تلك العملات سريعة، ولا سيما في الأسابيع الأولى منها، حيث بلغ مجموع ما سجل من النقد البحريني والقطري ودبي خلال عمليات الاستبدال 12.9 مليون دينار بحريني، و131 مليون ريال قطر ودبي، وبلغ ما تمَّ إصداره من العملة الوطنية خلال عملية الاستبدال 260 مليون درهم.
وفي نهاية العام 1974 تمَّ زيادة العملة المتداولة بحيث بلغت 506 ملايين درهم. وقد قام كلٌّ من بنك أبوظبي الوطني وبنك دبي الوطني بمهمة الوكيل لمجلس النقد في الفترة الأولى وأثناء عملية تحويل العملة.
رموز ودلالات
صدرت من الدرهم الإماراتي مجموعة من الطبعات الورقية والمعدنية خلال العقود الأربعة الماضية، وتظهر هذه الأوراق والقطع تفاصيل عدة مستوحاة من التراث والتاريخ الإماراتي وجمالياته؛ ففي فئة 1000 درهم إماراتي الذي صدرت أولاً في 3 أغسطس عام 1976 بقياس «175 ملم في 75ملم» وكانت تظهر في وجهها الخلفي قلعة الجاهلي في العين وحصن الفهيدي في دبي ثم تمَّ إصدراها في عام 2000، وهي قطعة ورقية من قياس «163 ملم في 70 ملم»، يظهر الوجه الأمامي لهذه الورقة النقدية قصر الحصن في أبوظبي، في إشارة لهذا الصرح المعماري والتاريخي، بينما يظهر الوجه الخلفي كورنيش العاصمة أبوظبي.
إضافة إلى ورقة من فئة 500 درهم إصدار 8 سبتمبر 1989 وأعيد إصدارها عام 2000، قياسها «159 ملم في 68 ملم» ويظهر الوجه الأمامي لها رأس صقر، وهو من الموروث الإماراتي، ويظهر الوجه الخلفي مسجد جميرا الكبير في إمارة دبي، بينما يبرز على الورقة النقدية من فئة 200 درهم إماراتي إصدار 30 نوفمبر 1989 يبرز على وجهها الأمامي بناء المحكمة الشرعية ومدينة زايد الرياضية في أبوظبي، ويظهر الوجه الخلفي بناء المقر الرئيس لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في أبوظبي، وهي من قياس «157 ملم في 67 ملم».
أما الورقة النقدية من فئة 100 درهم إماراتي، فتمَّ إصدراها أولاً من مجلس النقد في 19 مايو عام 1973 بقياس«165 ملم في 72,5 ملم» ويظهر في وجهها الخلفي منطقة الرمس في رأس الخيمة، وكان لون الورقة أخضر ثمَّ تمَّ إصدارها من المصرف المركزي بلون أحمر في 20 نوفمبر 1982 بقياسات«155 ملم في 66 ملم»، ويظهر الوجه الأمامي من هذه الورقة حصن الفهيدي التاريخي في دبي، والوجه الخلفي بناء مركز التجارة العالمي في دبي، في دلالة على المستقبل والنشاط الاقتصادي.
ويظهر الوجه الأمامي للورقة النقدية من فئة 50 درهماً التي تمَّ إصدارها في 19 مايو 1973 بقياس «160 ملم في 70ملم» بلون أحمر فاتح، ويظهر في وجهها الخلفي قصر حاكم عجمان ثمَّ في 20 نوفمبر 1982 تمَّ إصدارها مرة أخرى وتظهر في وجهها الأمامي رأس مها عربي، والوجه الخلفي صورة حصن الجاهلي في مدينة العين، وهي من قياس «151ملم في 64 ملم»، أمّا الورقة من فئة 20 درهماً إماراتياً، فطبعت بقياس «149 ملم في 63 ملم»، ويظهر الوجه الأمامي لها نادي خور دبي للغولف ونادي اليخوت في دبي، بينما رُسِمَ على الوجه الخلفي مركبٌ شراعي.
بينما حملت ورقة 10 دراهم منظراً من الجو لإمارة أم القوين في إصدارها الأول في 19 مايو 1973 بقياس «160 ملم في 70 ملم» ثمَّ في إصدراها الحديث في 1 سبتمبر 1982 بقياس «147 ملم في 62 ملم» ويظهر الوجه الأمامي صورة خنجر من الإمارات العربية المتحدة، والوجه الخلفي صورة مزرعة نموذجية، أمّا الورقة من فئة 5 دراهم إماراتية فأظهرت في إصدارها الأول قلعة الفجيرة عام 1973 أمّا في إصدارها الحديث عام 1982 فيظهر السوق المركزي في الشارقة على الوجه الأمامي، وعلى الوجه الخلفي مسجد سالم المطوع في خورفكان التابعة لإمارة الشارقة مع منظر طبيعي، وجاءت بقياس «157 ملم في 67 ملم» باللون الأخضر .
أمّا بخصوص المضمون الشكلي لقطع الدرهم الإماراتي المعدنية، فقد حملت قطعة الدرهم على وجه اسم دولة الإمارات العربية المتحدة، والوجه الآخر دلة قهوة وتاريخ الإصدار الأول سنة 1973 ثمَّ الإصدار الثاني عام 1995، ويتكوَّن الدرهم من 100 فلس، وحملت فئات الفلس قطع (50 و 25 و 10 و5) أيضاً صوراً من موروث ونهضة الإمارات.
وتوجد مسكوكات تذكارية للدرهم الإماراتي، فضية وذهبية، ليست للتداول العام ولكنها للاقتناء، ويطبعها مصرف الإمارات المركزي من وقت إلى آخر بمناسبة الاحتفالات الوطنية، والاحتفاء بالرموز والفعاليات الخاصة، كما تجسِّد المعالم التراثية والقيم الفنية من خلال زخارفها ونقوشها